ليس دفاعا عن اسرائيل

آحمد صبحي منصور في الأحد ٠٦ - أغسطس - ٢٠٠٦ ١٢:٠٠ صباحاً

1 ـ فى مقال الاسبوع الماضى " من الحضيض الى أسفل السافلين .. احزن يا قلبى " قلت : "نشرت الجزيرة يوم الأربعاء السابع من ديسمبر 2005 خبرين من مصر واسرائيل . نحللهما لنتعرف على بعض ملامح الحضيض الذى وصلنا اليه.الخبر الأول نقلته الجزيرة بالصوت والصورة عن جولة الاعادة فى المرحلة الأخيرة لانتخابات مجلس الشعب المصرية وقد قام البوليس المصرى بضرب الجماهير المصرية بالرصاص والقنابل لأنها توجهت للادلاء بصوتها وممارسة حقها الانتخابى الذى يمليه القانون..." " وموجز الخبر الثانى فى الجزيرة ان اسرائيل فى معرض الرد على عملية نتانيا ـ التى قتل فيه الفلسطينيون عشوائيا بعض المدنيين ـ قامت بتوجيه صاروخ من طائرة على سيارة بعض لجان المقاومة الفلسطينية فقتلته وتسبب تدمير السيارة فى جرح بعض الصبية.
ان المستبد هو العدو الحقيقى لشعبه ووطنه وأمته. وطبقا لهذا العداء تعامل حسنى مبارك مع المصريين بالرصاص ناسيا أنه المسئول عن حمايتهم وخدمتهم. هذا أيضا يؤكد أن اسرائيل أكثر رفقا باعدائها العرب من الحكام العرب ، وهذا يدخل بنا على تحليل الخبر الثانى. الاقتتال مستمر بين الجيش الاسرائيلى ـ وهو أكفأ جيش فى الشرق الأوسط ـ وبين المنظمات الفلسطينية ما ظهر منها وما بطن. يحاول الفلسطينيون الوصول بالانتحاريين الى أى تجمع بشرى من الاسرائيليين فى شارع أو سوق أو مقهى أو مطعم ليفجروه قتلا عشوائيا للمدنيين، ولا يخلو أن يكون بينهم أطفال ونساء وشيوخ. لا ترد اسرائيل بالقتل العشوائى ، ولو فعلت لقضت طائراتها فى ضربة واحدة على مئات الألوف فى قطاع غزة وحده وهو من أكثر مناطق العالم ازدحاما بالسكان . اسرائيل لا تقتل الفلسطينيين عشوائيا كما يفعل الانتحاريون الفلسطينيون أو كما يفعل بوليس حسنى مبارك بالمصريين. انها تحاول ما استطاعت قتل الجناة المطلوبين فقط دون أن تصيب الآخرين، وليس هذا سهلا. لذا فانها تستغل مخابراتها وعملاءها الفلسطينيين أنفسهم، وهم الذين يتتبعون الهدف المراد اصطياده لوضع جهاز على سيارته دون ان يعلم ، حتى اذا أطلقت الطائرة الاسرائيلية صاروخها استقر فى السيارة المرادة. كل هذه الدقة وكل هذا العناء فى التجنيد والتسلل تفعله اسرائيل لهدف واحد هو أن تصيب الجانى وحده دون غيره. لكن يظل ذلك متعذرا بسبب شدة الزحام فى المدن الفلسطينية خصوصا قطاع غزة ، وغالبا يترتب على تفجير السيارة جرح أو قتل بعض المارة داخل الشوارع والأسواق المزدحمة. اين ما تفعله اسرائيل مع أعدائها بالمقارنة بالنظام البوليسى لحسنى مبارك وقتله المصريين المسالمين عشوائيا فى الطرقات ؟ كل جريمتهم أنهم أرادوا اختيار من يمثلهم فى الانتخابات . ليس قصدى الدفاع عن اسرائيل ولكن اثبات حقيقة مسكوت عنها هى أن اسرائيل أكثر تحضرا من النظم الاستبدادية العربية فيما يخص التعامل مع العدو، هذا اذا افترضنا أن المواطن المصرى العادى عدو للنظام الحاكم ، فما بالك اذا كان ذلك المواطن المصرى ضعيفا قليل الحيلة يقال له اذهب الى الانتخابات لتنتخب من تشاء فيتشجع ويذهب ليفاجأ بالرصاص يستقبله لاحتمال أنه سيختار من لا يرضى عنهم النظام؟ أقصد أيضا التذكير بحقيقة قرآنية مهجورة ، هى أن نقول الحق حتى لو كان فى صالح عدونا ،أو ضد أنفسنا أو ضد أقاربنا وهى وصايا قرآنية تؤسس للاصلاح الدينى والاجتماعى والسياسى والاقتصادى، فبدون التمسك بالصدق فى القول وشهادة الحق بكل موضوعية لا يمكن ان يقام اصلاح من أى نوع . ". انتهى..
2 ـ جاءتنى رسائل كثيرة بعضها غاضب وبعضها عاتب . أرد فقط هنا على العاتبين تقديرا لأسلوبهم المتحضر فى الحوار. ملخص ما قالوه : ان اسرائيل تطلق النار عشوائيا وتقتل اتقتل الأطفال والمدنيين ، وتعتقلهم وتعذبهم ، وأن البلدوزرات الاسرائيلية تهدم بيوتهم ومزارعهم وتطلق النيران على عمارة سكنية يسكنها أحد " المجاهدين "فتقتل 13 من السكان. وان من أصفهم بالمدنيين الاسرائيليين هم جنود فى ملابس مدنية ، وكلهم جاءوا من الخارج وغاصبون للوطن الفلسطينى ، وأنه لا يليق بى أن أدافع عن التطبيع ودعاته بينما أتجاهل المجاهدين وحقهم الاسلامى فى الدفاع الشرعى عن أنفسهم ووطنهم.
3 ـ من السهل الرد اجمالا بأننى لا أتعرض أساسا فى هذه المقالة للصراع الفلسطينى الاسرائيلى ،. ولكننى فى اطار العنوان وتأكيد الحضيض الذى وصل اليه نظام حسنى مبارك قمت فقط بالتعليق على خبرين حدثا فى نفس اليوم وجاءا متتابعين فى نشرة الجزيرة ، وبالتأمل فى الخبرين وتحليلهما فلا بد من الاعتراف بأن اسرائيل أكثر رحمة بأعدائها الفلسطينين من النظام المصرى فى تعامله مع المصريين ، مع اختلاف الوضعية فى الحالتين. ونبهت الى حقيقة قرآنية تأمر بمراعاة العدل فى القول وشهادة الصدق حتى فى حق العدو ، وهذا هو الطريق لاصلاح المسلمين بالاسلام.
4 ـ ومن السهل أيضا الرد على تفصيلات احتجاجهم :
* صحيح ان اسرائيل كانت ترد عشوائيا وكل ما ذكره المحتجون كان الاعلام المرئى يعرضه على العالم ولا سبيل لانكاره أو الدفاع عنه ، ولكن الصحيح أيضا انه بعد ما حدث فى جنين من قتل وهدم تحت مرأى من العالم واستنكار فان السياسة الاسرائيلية بقيادة شارون نفسه بدأت تتراجع فى اسلوب مواجهة الفلسطينيين ، وهذا ما نشهده الان ليس فقط من ترصد المطلوب لهم فقط ولكن أيضا لحقن الدماء بالانسحاب من غزة المكتظة بالسكان والتى يتكاثر فيها الضحايا فى أى عملية عسكرية.هذا التطور الايجابى والذى أنقذ وينقذ حياة الكثيرين من الفلسطينين الأبرياء ـ ماذا نتعامل معه؟ هل نتجاهله ونرد عليه بالجحود فنيسر لاسرائيل التراجع عنه ، وهى العنصر الأقوى ؟ أم نحييه ونشيد به ليستمر ويتطور؟ ان الهدف الأول والأخير لكل عربى هو حماية الأبرياء من الفلسطينين، وهذا يحتم عليه أن يشيد بالسياسة الاسرائيلية الجديدة حرصا على حياة الفلسطينيين أنفسهم.
بالنسبة لى كداعية مسلم للسلام فاننى أشد الناس حرصا على كل حياة بشرية مسالمة من أى جنس أو لون ، لأن المسلم فى ملتى واعتقادى هو كل انسان مسالم مهما كانت عقيدته أو ثقافته أو لونه وعنصره.
*ويقول المعترضون أن المدنيين الاسرائيليين الذين أقول انه لا يجب الاعتداء عليهم هم عسكريون فى ملابس مدنية ، واذن يجب قتالهم. وأقول وهل القتلى من الأطفال والعجائز هم أيضا عسكريون؟ وهل يجوز القتل عشوائيا فى الأسواق والفنادق والمقاهى والمواصلات "لاحتمال " ان يكون بين الضحايا شخص عسكرى يرتدى ملابس مدنية؟ ولو افترضنا وجود بعض جنود اسرائليين مدججين بالاسلحة بجوار شخص واحد فقط مدنى برىء هل يصح نسفهم جميعا والتضحية بالبرىء؟ الاسلام يقول : "لا "، المتطرفون يقولون نعم طبقا لفتوى التترس التى تجيز "للمجاهد " فى عقيدتهم ان يأخذ المسلمين الأبرياء ترسا أو درعا بشريا يحتمى بهم ويعرضهم للقتل، أو يقتلهم فى سبيل ان يقتل الآخرين معهم . طبقا لشريعة التترس فان الارهابيين الفلسطينيين يقتلون الاسرائيليين عشوائيا ثم يختبئون ويتجولون فى الزحام الفلسطينى يحتمون به ويتخذونه دروعا بشرية يتترسون به . ليست شجاعة أو رجولة أو وطنية أن تقتل نساء وأطفال عدوك ثم تحتمى بنسائك واطفالك وتتسبب فى قتلهم بينما يجب عليك أن تحميهم لا أن تعرضهم للخطر. ودائما فالارهابى الذى يقتل المدنيين من أعدائه لا يلبث أن يقتل المدنيين من قومه اما مباشرة واما بطريق غير مباشر.
لقد انسحبت اسرائيل من غزة لتنهى مسلسل الدماء بالفعل ورد الفعل ، أى بالهجوم الفلسطينى والانتقام الاسرائيلى أو الهجوم الاسرائيلى والانتقام الفلسطينى. ورأينا أن الهجوم الفلسطينى يتركز دائما على قتل المدنيين أو ما يعرف بجريمة الارهاب وهو ليس جهادا على وجه الاطلاق. بعد الانسحاب الاسرائيلى من غزة استمر الهجوم الفلسطينى على اسرائيل , وأولئك المهاجمون يعرفون أن اسرائيل لا بد أن تنتقم ، بل يعرفون ان التطور الاسرائيلى فى الرد سيكون بقتل الجناة فقط ، وهنا يحشرون أنفسهم فى عمق التكاثف السكانى ليتكاثر الضحايا ويتم احراج اسرائيل واتهامها بقتل ضحايا أبرياء. أولئك هم الارهابيون حقا ، هم القتلة لأبناء جلدتهم قبل أن يكونوا قتلة للآخرين.
أقول ارهابيون عامدا متعمدا لأن الارهاب هو قتل الابرياء عمدا ، وأولئك يقتلون عن عمد وتصميم ليس فقط المدنيين الاسرائيليين بل أيضا أهاليهم من الفلسطينيين . تلك هى العقيدة الأساسية للوهابية فى قتل الجميع ، كانوا يفعلونها فى المجازر التى ارتكبوها فى الجزيرة العربية والشام والعراق أثناء الدولة السعودية الأولى والثانية ، ثم الدولة السعودية الثالثة والمعاصرة ، التى ارتكبت من المذابح الكثير وزاد ضحاياها من المسلمين على نصف المليون . والسنيون الوهابيون يمارسون الآن نفس المذابح ؛ يفجرون المساكن والأسواق والمساجد ووسائل المواصلات عشوائيا داخل الجزيرة العربية والعراق والأردن ومصر واندونيسيا وأسبانيا وأمريكا وكل بقعة فى الأرض تنالها أيديهم. ومع ذلك نسميهم مجاهدين ونصف اجرامهم فى الخطف وذبح الرهائن بأنه مقاومة.
ان قتل انسان مسالم واحد أفظع جريمة فى الاسلام. جزاؤه الخلود فى جهنم وعذاب هائل وغضب الله تعالى عليه ولعنه ، وتحديد هذا الانسان المسالم الضحية المقتول هو ببساطة كل من يلقى اليك السلام بغض النظر عن اعتقاده وملته حتى لو كان فى ميدان المعركة (النساء :93 ـ 94 )
نتجاهل ما يفعله الارهابيون الحقيقيون ونعتبرهم مجاهدين ، ونركز فقط على أخطاء أمريكا واسرائيل . اذا اخطأت اسرائيل وقتلت مدنيا فلسطينيا أقمنا الدنيا ولم نقعدها ، واذا تحسبت اسرائيل فى الانتقام بحيث لا تصيب الا الأبرياء وتفوت الفرصة على الجناة المتترسين بالمدنيين فاننا نتجاهل هذا التطور الاخلاقى بل نعتب أو نهاجم من يشيد به حرصا على دماء الفلسطينيين الأبرياء التى تضيع هدرا بفعل الارهابيين الفلسطينيين .
* ويقول آخر اننى أتجاهل حق الفلسطينيين المجاهدين فى الدفاع عن أرضهم وأنفسهم.
وأقول أن المجتمع الدولى ـ من خلال الأمم المتحدة ـ هو الشرعية الدولية والتى لا مفر من الاعتراف بها. دولة اسرائيل الآن حقيقة قانونية وشرعية تعترف بها معظم دول العالم ومنها اكبر دولة عربية والسلطة الفلسطينية ذاتها، والشرعية الدولية بالاتفاق مع اسرائيل أقامت سلطة فلسطينية تمهد لاقامة دولة فلسطينية . وطالما اعترفت السلطة الفلسطينية باسرائيل فلا بد من التخلى عن الشعارات الجوفاء مثل القاء اسرائيل فى البحر ومقولة ان الصراع صراع وجود وليس صراع حدود. ففى ظل هذه الشعارات الحنجورية تخلف العرب وانهزموا وخسروا وكسبت اسرائيل ووصلت فى سنة 1967 من القنطرة فى مصر الى القنيطرة فى سوريا، ثم بالضغط الدولى والشرعية الدولية وحرب التحريك فى اكتوبر 1973 وبالمفاوضات برعاية أمريكا استعادت مصر سيناء وتحمل السادات الكثير من حمق عرفات الى أن اقتنع عرفات بعد فوات الأوان واعترف بحق اسرائيل فى الوجود والأمن فلحق بمؤخرة قطار المفاوضات وحصل بصعوبة على السلطة الفلسطينية فى الضفة والقطاع . وهناك مفاوضات قادمة حول باقى الملفات من القدس وحق العودة.. الخ ..
المشكلة الحقيقية هى فى الشعارات القديمة التى لا تزال تؤمن بها حماس والجهاد وغيرها ، والتى ترفع لواء الحرب على اسرائيل للقضاء النهائى عليها. فى سبيل هذا الوهم تتعطل عملية اقامة الدولة الفلسطينية. والسلطة الفلسطينية الشرعية التى جاءت بانتخابات فلسطينية حرة ونزيهة ـ لم تعرفها حتى الآن مصر المحروسة ـ تقف عاجزة عن ضبط أمورها، لا تستطيع كبح "الفلتان الأمنى" وهو عبارة مهذبة تعبر عن عمليات ارهابية تقوم بها حماس وأخواتها فى الداخل الفلسطينى وضد السلطة الفلسطينية ذاتها.والسلطة بضعفها وفسادها واقعة بين ضغط المجتمع الدولى واسرائيل من ناحية وبين حماس وأخواتها من ناحية أخرى. لو افترضنا ان عمليات حماس العسكرية تتوجه نحو العسكريين فقط ولا تصيب المدنيين الاسرائيليين فانها ليست فى صالح الشعب الفلسطينى وليست من المقاومة فى شىء لأنها تعطل تحول السلطة الفلسطينية الى دولة فلسطينية فى مقابل حلم مستحيل يتخيل دولة فلسطينية مكان اسرائيل .
لم يستطع الفلسطينيون طوال تاريخهم فى العصرين الوسيط والحديث قبل الفتح العربى وبعده انشاء دولة فلسطينية لهم خاصة بهم ، كانوا دائما شعبا خاضعا لقوة كبرى من داخل الاقليم ( مصر ، العرب المسلمون ـ العثمانيون ) أو كانوا خاضعين لقوة كبرى أوربية ( اليونان ـ الرومان ـ الانجليز ) اذا كان هذا حالهم فى الماضى البعيد والقريب ، فهل بعد اقامة اسرائيل قانونيا وعمليا وبعد توطيدها لتصبح أكبر قوة فى الشرق الأوسط ومساعدة أوربا وأمريكا لها يمكن ان نتحدث عن القاء اسرائيل فى البحر، خصوصا وأن العجز العربى وصل الى الحضيض وهو مرشح بظهور حماس والجهاد والأخوان المسلمين للوصول الى قاع " أسفل السافلين " ؟
ان السياسة هى لغة الواقع وليست لغة الأخلاق والأمنيات وما ينبغى أن يكون.
ومن تخلفنا العقلى أن نتحدث فى السياسة بمنهج الأخلاق والينبغيات "أى ما ينبغى أن يكون " فيتحول حديثنا الى آهات استجداء تستوجب الشفقة حينا والسخرية أحيانا. ثم فى الاخلاق والدين نقول كفرا ومنكرا من القول وزورا ونرتكب القتل العشوائى ونسميه جهادا ونقتل أهالينا بالتترس ونشوه اسلامنا بالوهابية والتخلف.
وطبقا لهذا التخلف نسميه جهادا ذلك الارهاب الذى يعرقل حصول الفلسطينيين على دولتهم المشروعة. ضمان أمن اسرائيل هو شرط اقامة الدولة الفلسطينية الذى فرضه المجتمع الدولى. هنا تقوم حماس وأخواتها بالهجوم على اسرائيل ، وعادة ما كان يحدث هذا الهجوم عند اقتراب الوصول الى حل ما فى أكوام التعقيدات التى تملأ ملف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية, وبهذا أفشل الارهاب مفاوضات كثيرة وعطل و لا يزال يعطل اقامة الدولة الفلسطينية.
*الجهاد الحقيقى لحماس واخواتها ان تتحول لأحزاب سياسية تثرى الديمقراطية الفلسطينية الوليدة وتجعلها رائدا للعرب جميعا فى الاصلاح السياسى. يتطلب هذا ان تقوم حماس وأخواتها بالتخلى عن الهدف المستحيل ـ وهو تدمير الدولة الاسرائيلية انصياعا للشرعية الدولية و اعترافا بالواقع السياسى ـ ثم تتخلى طواعية عن عسكرتها وسلاحها ليكون السلاح والجنود تابعين فقط للسلطة الفلسطينية .الا ان حماس واخواتها تأخذ كل ما تريد عسكريا وسياسيا، تحتفظ بجيشها وتدخل الانتخابات البلدية والتشريعية وتكسب هنا وهناك فى ظل الغيبوبة ومناخ التخلف العقلى السائد وفساد السلطة وعجز الأنظمة العربية.
أقولها من الآن : ستتطور عمليات الفلتان الأمنى فى الداخل الفلسطينى وتتكاثر العمليات الارهابية لحماس واخوتها داخل الضفة والقطاع ، وربما تحقق حماس واخواتها الغرض الأقصى وهو الوصول بالنضال الفلسطينى الى نقطة الصفر وازالة السلطة الفلسطينية ، وعندها لا بد لاسرائيل أن تستعيد الضفة والقطاع حرصا على أمنها.
أقولها من الآن :لاقامة الدولة الفلسطينية لا بد من نزع سلاح الفصائل الفلسطينية واحتكار السلطة الفلسطينية للقوة العسكرية فى مجال سيطرتها لأنها المسئولة امام مواطنيها وأمام العالم .ويظل من حق تلك الفصائل ان تتحول الى أحزاب سياسية تناضل سياسيا وسلميا شأن بقية الأحزاب .ان الشعب الفلسطينى أفضل الشعوب العربية تعليما وحيوية ونشاطا ، والفلسطينيون خارج فلسطين هم الأكثر انتماءا لوطنهم والأقدر على مساعدته اذا قامت فيه دولة حقيقية، والديمقراطية الفلسطينية متقدمة بمراحل عن بقية الأنظمة العربية. تتركز المشاكل فى ضعف السلطة الفلسطينية وفسادها ووجود جيش حماس والجهاد خارج قبضة السلطة. لا بد من حماية السلطة الفلسطينية واصلاحها، وهذا ما يمكن أن تقوم به حماس وغيرها اذا تحولت الى أحزاب سياسية فقط . ممكن بالديمقراطية أن تصل حماس الى السلطة وفق التداول السلمى الديمقراطى للسلطة. وبهذا التحول السياسى تساعد حماس فى انشاء دولة فلسطينية حقيقية وليس مجرد سلطة هشة تتقاذفها الرياح وتنهال عليها الاتهامات. الأولى بحماس أن تسلم سلاحها وأن تنخرط فى الجهاد الأكبر حماية للشعب الفلسطينى وأملا فى اقامة دولته ورخائها.
كما أقولها الآن : لاقامة دولة لبنانية حقيقية ـ وليست دولة عشائرية طائفية ـ لا بد من نزع سلاح الفلسطينيين فى لبنان ونزع سلاح حزب الله ، ومن حق كل مجموعة لبنانية أن تكون حزبا وفق القانون اللبنانى ، ولكن ليس من حق أى حزب ـ تحت أى حجة ـ ان يؤلف جيشا عسكريا داخل الدولة ، فهذه فوضى لا تستقيم مع وجود دولة ، أى دولة.
أن من أسرع الطرق لانهيار الدول وجود جيش فى دولة خارج عن سلطة الدولة ونظامها السياسى. هذه حقيقة بسيطة ومفهومة ..
5 ـ فى النهاية فلا بد من اعادة التأكيد على أن هذا المقال ليس للدفاع عن اسرائيل ، ولو أريد الدفاع عنها لقلت ذلك بالفم المليان ، ولكنه لتوعية الأغلبية من العربان الذين لا يفهمون الا فى النسوان.






اجمالي القراءات 18294