بيوت الله
لماذا تـُغـلق أبواب المساجد .؟

رضا عبد الرحمن على في الأحد ١٤ - نوفمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

لماذا تـُغـلق أبواب المساجد .؟

 

  إن لله جل وعلا بيوتا أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، ومن هذه البيوت المساجد وهي ضمن بيوت الله جل وعلا على الأرض التي نعيش عليها ، ولكن معظم المسلمين الذين يجاهدون في بناء بيوت لله أو مساجد لله ، فسرعان ما يُحكمون سيطرتهم عليها ، وذلك بضمها لوزارة وتعيين عمال يقومون بغلق هذه المساجد بعد انقضاء الصلوات أو الفروض ، وتحويلها لمؤسسات حكومية ينطبق عليها قانون العهدة المستديمة والمستهلكة ، ومن الطبيعي أن أسأل هؤلاء وأقول : هل من حق أي إنسان أن يجعل لبيت من بيوت الله أبوابا يتحكم في فتحها وغلقها مجموعة من البشر.؟ ، وأقول : هل يجوز لأي إنسان أن يفرض سلطته وسلطانه على بيت من بيوت الله.؟ ، ويغلق ويفتح أبوابها حسب ما يشاء وما يريد هو .؟ .

المساجد هي بيوت الله جل وعلا كما يدعون عند بناءها ، وأعتقد أنه ليس من حق أي إنسان على وجه الأرض أن يحمل مفتاح لباب مسجد ، ويجب أن تبقى هذه المساجد مفتوحة على مدار الساعة ، يدخلها من يشاء من الناس وقتما يشاء  للصلاة أو الراحة أو قضاء الحاجة ، إذا كنا نؤمن بآيات القرآن الكريم التي  تجعل هذه البيوت ضمن بيوت الله ، والآيات الأخرى التي تتحدث عن (ابن السبيل) ، لأننا وبفضل سوء أحوالنا وقسوة قلوبنا وجهلنا بالدين أصبحنا لا نفكر ولا نهتم بعابر السبيل الذي وصى عليه ربنا جل وعلا وجعل التصدق عليه فريضة يقول تعالى (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)التوبة:60، ومن النادر جدا هذه الأيام أن يفتح إنسان بيته لعابر سبيل مهما كان متعبا أو كان في أمس الحاجة للراحة والمساعدة والصدقة ، فإذا كنا نريد وجه الله فلابد من التفكير في ابن السبيل وفي حقه علينا يقول تعالى ((فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)الروم:38، لكن البعد عن الدين وعن تعاليم وحقائق وآيات القرآن الكريم هو سبب تخلفنا وسبب سلوكياتنا الخاطئة التي تخالف آيات القرآن الكريم وحقائقه الواضحة الجلية ، وفي آية عظيمة يجمع فيها ربنا جل وعلا صفات المتقين ، ويجعل من ضمنها إيتاء المال لابن السبيل يقول تعالى ((لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)البقرة:177.

لكن رغم هذا نجد التناقض الغريب والعجيب في معظم البلاد الإسلامية ، حيث يقوم عامل المسجد أو صاحب المسجد بغلق الباب بعد انقضاء الصلاة وانصراف الناس فماذا يفعل ابن السبيل إذا نزل ببلد إسلامي تـُغلق فيه أبواب البيوت والمساجد.؟.

ومن الطبيعي أن يعترض البعض ويقول تـُغلق أبواب المساجد خوفا من السرقة ، وهنا يكون العذر أقبح من الذنب لأنه يفترض أننا نعيش في بلاد إسلامية ويفترض أيضا أن ينعم أهل هذه البلاد بالمساواة والعدل في توزيع الحقوق بين الناس ، وكذلك يفترض أن يكون أهل هذه البلاد من صفاتهم الأمانة وتتجلى الأمانة وتظهر وتتحقق في أبهى صورها حين ترتبط ببيت من بيوت الله جل وعلا ، والخوف من تعرض المساجد للسرقة يـُظهر لنا حقيقة هامة جدا هي حالة الظلم الاجتماعي والجهل الكبير في إنفاق المال في الدول الإسلامية بوجه عام ، فرغم انتشار الفقر والفقراء في هذه الدول إلا أننا نشاهد التنافس يزداد في بناء وتشييد المساجد الضخمة الفخمة التي ينفق عليها الملايين والمليارات ، ويرجع هذا لأن الدول الإسلامية ترتبط بالإسلام بأسمائها  أكثر من ارتباطها وانتمائها وتطبيقها لجوهر الإسلام ومضمونه وقيمه العليا ومبادئه فنجد هذه السلوكيات الخارجة والشاذة تتحكم وتسيطر على نظام الحياة فيها ، لدرجة أصبحت هذه الدول لا يؤتمن فيها الناس على بيوت الله جل وعلا ، فيكون الأفضل غلق أبوابها في وجه ابن السبيل ..

اجمالي القراءات 15448