إن الشرك لظلم عظيم
ماذا تفعل لو جاءك رسول الله عليه السلام في زيارة الأسبوع القادم .؟

رضا عبد الرحمن على في الثلاثاء ١٩ - أكتوبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

ماذا تفعل لو جاءك رسول الله عليه السلام في زيارة الأسبوع القادم .؟


 

كان هذا السؤال هو محور إحدى حلقات برنامج (حياتنا) الذي أذيع يوم الجمعة الموافق 4/6/2010 على قناة دريم 2 ، وقد تمحورت كل الحوارات والمداخلات والاتصالات الهاتفية في محاولات بائسة لوجود إجابة لهذا التساؤل الوهمي الخرافي ، الذي يمكن توضيحه أكثر للقارئ ، وهو: ماذا تفعل يا مسلم لو علمت أن خاتم الأنبياء والمرسلين عليهم جميعا السلام سوف يقوم بزيارتك في بيتك الأسبوع القادم.؟ ، ومن خلال ردود أفعال مقدم البرنامج وضيف البرنامج وكل من شارك عبر الهاتف على هذا التساؤل اتضح جليا لكل إنسان عاقل حالة الانفصام الشخصي التي يعانى منها معظم المسلمين في هذا الزمان والتي تعكس نوع من الشرك العقيدي الذي يعانى منه معظم المسلمين وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.


 ولمزيد من التوضيح والبيان أذكر بعض ما قاله المسلمون عبر الاتصال الهاتفي والذي يعكس بكل وضوح حالة الانفصام التي أعنيها ويوضح أيضا وقوع معظم المسلمين في نوع من الشرك العقيدي الواضح بتحويل خاتم الأنبياء إلى إله يعبد مع الله جلا وعلا الذي يملك كل شيء وليس كمثله شيء ، والذي يعلم سرنا وجهرنا ومعنا أينما كنا وأينما نكون ونعلم ما نخفي وما نعلن دون الحاجة لأن يأتينا في زيارة الأسبوع القادم أو العام القادم أو القرن القادم ،وهذا هو الفارق بين الإله الخالق العظيم وبين البشر الذين يموتون وتفنى أجسادهم.

تعليقات بعض المسلمين:
(( قال أحدهم: سوف أبدأ في إصلاح نفسي ، وسوف أكون في غاية الحرج والكسوف من رسول الله ، ((وقال أخر: سأكون في قمة السعادة ولكن كيف سأواجه رسول الله وكلى أخطاء وذنوب )) ، وقال ثالث: ماذا أعددت لهذه المقابلة مقابلة رسول الله وكلى سيئات))وكأن لقاء رسول الله الذي لن يحدث في هذه الدنيا أكبر عند المسلمين من يوم الحساب الذي سيحاسب فيه رسول الله كباقي البشر أمام الله وسيسأل مثل باقي البشر شأنه شأن جميع الأنبياء والرسل يقول تعالى (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ )الزمر:69 ،
وعلى الرغم من أن موضوع زيارة الرسول لنا في هذه الدنيا من الأمور المستحيلة ، ولكن رغم هذا عاش معظم المسلمين حالة الوهم الكبيرة التي ظهرت في إجاباتهم على هذا التساؤل ، وهذه الحالة الخيالية التي يتقمصها كل مسلم وهى تعبير منطقي جدا يظهر انفصال العالم الإسلامي عن الدين الحقيقي الذي انزله الله جل وعلا على الرسول وأمره بتبليغه للمسلمين ، وهذه السطحية الدينية التي يعانى منها المجتمع المسلم في كل مكان هي سبب مناقشة مثل هذا الموضوع وجعله شبه حقيقة يتوهم فيها كل إنسان أن خاتم الأنبياء سوف يزوره الأسبوع القادم في بيته ومن خلال انسجامه داخل المشهد يقع في شرك واضح بالله دون أن يدرى بحيث يجعل مقابلة الرسول هي مشكلة المشاكل بالنسبة له وكيف سيواجه ويقابل الرسول وهو في هذه الحالة المتدنية من التدين والسلوك والخلق ، وتناسوا جميعا مقابلة الخالق القدير المحيي المميت ، ولم يخطر ببال أحد حتى مذيع البرنامج وضيفه أن يضعوا مقابلة المولى جل وعلى في مقارنة مع مقابلة الرسول حتى من باب تذكير المشاهد أن هناك إله سنقابله جميعا يوم الحساب أو لتوضيح الفارق بين مقابلة البشر ومقابلة الله جل في علاه ، بمعنى أن يقول أحدهما إذا كنا نخشى ونخجل من مقابلة الرسول فكيف سنقابل من خلق الرسول ، ولكن مع الأسف انشغل الجميع بشيء واحد يمثل من وجهة نظري محاولات بائسة للرد على هذا السؤال الغير عقلاني والغير منطقي ، والذي يعكس حالة من الانفصال التام عن الدين دين الله القرآن الكريم.

اعلم جيدا أن معظم المسلمين يؤمنون بهذا الكلام إيمانا قطعيا وحتى لا يتهمني أحد أنني اتهم أحدا  بعينه وشخصه بالشرك أو اظلم معظم المسلمين بكلامي هذا فقد استدل ضيف البرنامج وبعض المشاركين عبر الهاتف بحديث يثبتون فيه شركهم بالله جل وعلا وهو حديث (( أن أعمال البشر تعرض على الرسول وهو يعلم الصالح من المفسد)) وللرد على هذا الكلام الذي يعتمد على أدلة ظنية الثبوت نرد بكلام الله جل وعلا الذي حفظه إلى يوم القيامة لنوضح لمعظم المسلمين أن خاتم الأنبياء والمرسلين أمره ربه جل وعلا في حياته أن يعترف أنه لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ، وأنه لا يعلم الغيب هذا وهو حي يرزق ، فهل سيعلم كل هذا وهو ميت في قبره يقول تعالى ((قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ))الأعراف:188 ، فهو عليه السلام لا يستطيع دفع السوء عن نفسه وهو حي ، يقول تعالى (قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ )يونس: 49 ، وأنه عليه السلام غير مسئول عن أعمالنا ونحن أيضا لن نـُسأل عن أعماله يقول تعالى (قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ )سـبأ:25.


هذا من ناحية خاتم النبيين عليهم جميعا السلام ، والأهم من هذا هو التجاهل التام لرب العالمين ، هذا التجاهل الصارخ الذي وقع فيه معظم المسلمين حين يتعاملون بهذه الطريقة مع خاتم النبيين متناسين أن الله جل وعلا هو من خلقهم وخلق خاتم النبيين وأن الله جل وعلا سيحاسبهم كما سيحاسب خاتم النبيين ، وأن الله سبحانه وتعالى موجود معنا في كل لحظة وفي كل همسة وفي كل طرفة عين وأنه جل وعلا يعلم ما في السموات وما في الأرض يقول تعالى(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)المجادلة:7


وهو أيضا سبحانه وتعالى يعلم ما نسر وما نعلن وما نفعل ويعلم ما تخفى صدورنا
(وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ )الأنعام:3
(يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)التغابن:4


ولو ارتفعت أصواتنا أو خفتت أو همست سيعلمها الله )إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ )الأنبياء:110
(وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) الملك:13
حتى ما نفكر فيه وما يدور في نفوسنا يعلمه الله
(إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا)الأحزاب:54


وسيحاسبنا به ربنا جل وعلا لأنه سبحانه وحده يعلم ماذا نريد وفيما نفكر
(لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)البقرة:284
ربنا جل وعلا يعلم كل هذا دون الحاجة لزيارتنا الأسبوع القادم أو العام القادم ، لأنه على كل شيء قدير ، وهذا الفارق الكبير بين قدرة البشر وبين قدرة وعظمة خالق جميع البشر


فمن خلال ردود أفعال هؤلاء على هذا السؤال يتضح أنهم لا يفكرون ولو للحظه واحده أن من خلقهم وخلق الرسول هو الله جلا وعلا وأنه سبحانه وتعالى الأوْلى بالطاعة والتقديس والخوف منه ، وأنه مطلع وعالم بتقصيرهم وذنوبهم وسيئاتهم ، وأن عليه سبحانه وتعالى حاسبهم وليس للرسول شأن في هذا ، لا في الدنيا ولا في الآخرة لأن القرآن يقرر ويؤكد أن خاتم النبيين سيكون خصما لنا يوم القيامة يقول تعالى (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ)الزمر: 31:30 ، إن تناقض عقيدة هؤلاء مع آيات الله جل وعلا ، يبين لكل من يعتقد أن خاتم النبيين سيكون شريكا في حسابهم و أنه سيدافع عنهم أمام الله ،أن القرآن الكريم يقرر ويؤكد أنه سيكون خصما لهم يوم القيامة ، فمن نصدق إذن .؟


وهذا دليل على أن معظم المسلمين الآن يُشركون بالله حيث أنهم يعانون الخوف والقلق من مقابلة الرسول فجأة وهم غارقون في السيئات مع أن الله العلى القدير معهم في كل لحظه فلماذا لا يتوبون ولا يخجلون من أنفسهم على خطاياهم ويبادرون بالتوبة خوفا من الله لأنه جل وعلا هو الأولى بالخوف والطاعة ، ولكنهم أظهروا ما في نفوسهم أنهم لا علاقة لهم برب العالمين ولا علاقة لهم بيوم الدين (يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ )الانفطار:19..

أخيرا :

متى نستعد للقاء الله؟


 

اجمالي القراءات 12346