لماذا الحزن يا سارة ..؟!

اسامة يس في الأحد ١٧ - أكتوبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

أبت ذات الوشاح الأسود إلا البكاء الدائم، حين كانت تمسح الحزن بكفها الرقيق، كان قلبي ينخلع، لم أكن اعرف عنها شيئاً، حين قالت أمي: " عروسة بنت ناس كويسين ، إياك تفرط فيها" ابتسمت كعادتي، فالسباقات الطيبات كن كذلك، ولم تفلح واحدة منهن في أن تجذبني إليها، لكن سارة كانت مختلفة، اقسم أنها كانت مختلفة، فذاك الحزن العميق البادي على وجها الملائكي يذيب القلب رقة، وتود لو طوقتها بقلبك، ولو احتضنتها بعينيك، في أول لقاء قلت: لم تبهرني فتاة من قبل. صمتت طويلًا ثم ابتسمت وقالت : لعلك لم تبهرهن أيضًا، ولما بدا على وجهي شبه غضب مكظوم قالت في رقة : البادي أظلم.

ويوم وضعت طفلنا الأول أحمد كاد عقلي يطير من الفرحة، ويوم مات بكت سارة ودام الأنين شهورًا وشهورا، ويوم رزقنا بنور أصرت أمي أن تعلق على صدرها حجابًا نزعته عنها سارة وضمتها وراحت تبكي احمد.

 أمي قالت: " مراتك غاوية نكد". لكن يوم ماتت نور انفجرت أمي في البكاء، وراحت سارة في غيبوبة حزن دائم.

في اللقاء الثاني : تأكد لي أن الروح التي سرت داخلي كانت حقيقية، فقلت : لكني انبهرت حين رأيتك . وتم الزواج.

أمي قالت: سارة ممسوسة؛ لذلك فهي دائمة الحزن ولا يعيش لها طفل. قالت ذلك حين مات طفلنا الثالث، ولم تذرف أمي دمعة وقتها. أعلم أنها كانت حزينة أعلم أني أصبت بتبلد من هول الصدمة.

 بعد ذلك أبت سارة أن تنجب أبت حتى أن أمسها نعم حدث ذلك، وقالت أمي: نادية عروسة مناسبة. وقال الطبيب : إن أي صدمة أخرى لسارة تعني الموت. وقالت أمي إذًا هددها فقط علها تستجيب، ويوم أن احتضنتها ذابت داخلي ثم صرخت ودفعتني بقوة : وبكت نعم بكت ورحت أمسح الحزن عن عينيها؛ لكنها أبت إلا البكاء الدائم . والغريب أني لم أسألها يومًا عن سر حزنها العميق منذ البداية، لكن الشيخ قال لي: إذا انكشف السر فلن تنجذب، وإذا لم تنجذب فلن تنبهر، وإذا لم تنبهر لن تتزوج سارة، وإذا لم تتزوج سارة فلن تنجب طفلًا وطفله وطفلًا وطفلة ثم يموتوا . .  وصحوت صارخًا: لقد قال وطفلة يا سارة، أقسم لقد عدهم أربعة،  فقالت باكية وقال أيضاً: ثم يموتوا .

اجمالي القراءات 10283