قراءة في متغيرات البيئة

محمد هيثم اسلامبولي في الإثنين ٢٧ - سبتمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

قراءة في متغيرات البيئة

      لم يعد خافياً على أحد أن ما يحصل في الأرض من أزمات وكوارث ابتداء من أواخر القرن العشرين وحتى بدايات القرن الواحد والعشرين، حيث تسارعت سلسلة  من المتغيرات البيئية هنا وهنا من انحباس حراري وذوبان جبال الجليد القطبي  وزلازل وبراكين وفيضانات وانجرافات طينية ، وما إن تهدأ كارثة حتى تثور غيرها ( قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء) (156 الأعراف)  حتى أننا نقول ماقيل من قبل (وانأ لا ندري أشر أر&ie;ريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا) (الجن 10)فكانت أكبر كارثة في باكستان ، وهي دولة نووية  كثيفة السكان تعيش غالبية الناس فيها تحت خط الفقر، ومنذ بدء انفصالها عن دولة الأم الهند صاحبها الاضطراب السياسي والاجتماعي ، حتى أن المراقبين لخريطة الكوارث في العالم اعتبروا كارثة باكستان عين الزوبعة الكارثية في الأرض، وكان جدول الأضرار كالتالي حيث تلف (32) مليون هكتار من الأراضي ، واختفاء بعض القرى بالانجرافات الطينية، وانهيار (1.5) مليون منزل، وشرد (20) مليون، وجرح (2000) شخص، وقتل (1500) شخص ؛ والخسائر لا تحصى وإحصاء ما جرى ليس دقيق وما سنعرفه غداً أعظم ، ولا ننسى أثر تواجد القطب الأوحد على بعض من أراضيها منذ سنين أو ما يسمى بأعور الدجال لكونه لا يرى إلاّ مصالحه ومصالح الصهيونية والمسيحية المتصهينة، فهو يقوم بقصف المدنيين بشبهة مطاردة الإرهابيين ، والغريب انه يقدم المعونة بيد وبالأخرى يقذف بطائراته من غير طيار مناطق أخرى ؛ إذاً ما حصل في باكستان اكبر من اكبر الكوارث التي حصلت وهذا يدل على أنها اصطدمت بسنن التاريخ في مسلكها فأخذها الله تعالى بالآيات ( وما نرسل بالآيات إلا تخويفا) (59 الإسراء) وكل من المجتمعات الأخرى نالت حظها من ذلك  قال تعالى (فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباَ ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) (العنكبوت 39)فما جرى من متغيرات في العالم عامة وباكستان خاصة يستدعي القراءة المعمقة من خلال ربط ما يجري في البيئة بما يجري على الأرض لان قوانين الكون تسير بخط متوازي مع خط سنن التاريخ ، فعندما تنقطع ماء السماء تغور ماء الآبار وكذلك عندما تنقطع المجتمعات عن ماء الوحي والهداية السماوية ينضب مناخ الإصلاح البيئي والذي الإنسان أحد أهم عناصر البيئة بل أهمها قال تعالى (ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين) (52 هود)  وقوله (وألو استقاموا على الطريقة لسقيناهم ماء غدقاً) (16 الجن)  وعلى ذلك يجب النظر إلى ما حصل داخل باكستان منذ فترة قيامها والى اليوم ، فمثلا إذا كانت باكستان عين الكارثة على الأرض اليوم فهل انبعاث رجل فيها مثل الإمام ميرزا غلام احمد له علاقة بذلك (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) (15 الإسراء)( وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون ) (94 الأعراف) لقد كانت علاقة المجتمع به علاقة ظالمة إلى أقصى حد بل لم تعرف البشرية موقف همجي قط أكثر من موقف الحكومات الباكستانية المتعاقبة وخاصة الأخيرة على الجماعة الأحمدية  القاديانية حتى انه لا توجد جماعة معارضة في الأرض اليوم تعرضت ما تعرضت له الجماعة ولم يكن ردها إلا الصبر رغم حرمانهم من ابسط الحقوق المدنية من ممارسة التحية أو ذكر الله أو تزيين بيوتهم ببضع آيات أو تسمية مكان الصلاة مسجداً كل هذا وأكثر محرم عليهم بالقانون الباكستاني إضافة إلى غض النظر عن الاعتداء عليهم حتى القتل، وبالمقابل الجماعة لا يصدر منها إلا المسالمة واحتساب الأجر على الله عز وجل وعلى اثر ذلك هاجرت أفراد كثيرة خارج باكستان هروبا بنفسها وقد مارست باكستان الحصار وتشويه الجماعة حتى خارج أرضها ففي السعودية عام 1984صدر في احد مؤتمرات علماء المسلمين فتوى بتكفير الجماعة واعتبارها خارجة عن ملة الإسلام ، ومنذ فترة خرجت على الفضائيات علماء كذبة تدعي أن لهم كتاب غير كتاب الله وكعبة غير بيت الله في مكة وبان ميرزا غلام احمد نبي بديل عن خاتم النبيين محمد (ص) إلى غير ذلك من سوء الظن، علماً مازال الحصار والتعتيم ممارس من قبل سائر دول العالم ومن يدخل (النت ) يرى حتى مواقع بعض المسيحية تهاجم المسيح ميرزا غلام احمد، وتستتر بمقالات الإسلاميين وتكتب أن له كتاب وحج خاص، ويلغي الجهاد ويحرف تفسير الإنجيل ويكره عيسى بن مريم ولا يؤمن بمقامه في السماء وبأنه ينزل في آخر الزمان، ويدعي انه نبي بعد محمد وجميع طوائف المسلمين يكفرونه؛ وأما القنوات الإخبارية فهي تسوق بعض صور اضطهادهم على استحياء مع شيء من التدليس على الناس كقولهم فئة متطرفة أو أنها جماعة تحج في غير مكة إلى ما هنالك من تلبيسات وتلفيقات كقولهم طائفة قاديانية لها معابد خاصة إيهاما للسامعين بأنهم وثنيون ويتعاونون مع أي استعمار لقولهم بسقوط الجهاد . قال تعالى (يستعجلونك بالعذاب وان جهنم لمحيطة بالكافرين يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون) (العنكبوت 53)فلا عجب من المجتمع الغربي وعلى رأسهم أمريكا، الدعم السخي أثناء الكارثة الباكستانية مع إقرارهم بفساد القائمين على البلد ، فلأنهم يدركون اثر الكوارث على المجتمعات في إحياء النزعة الروحية؛ لان من المقرر في علم الاجتماع ألتغييري أن مصادر وأسباب التغيير أربعة لكل منها شروطها.

1-     التغيير في البيئة يؤدي إلى الاستبدال الاجتماعي

(إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون ) العنكبوت 33(وان تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) (38 محمد)(ويستخلف ربي قوما غيركم ولا تضروه شيئا)(57  هود)

2-     الانفتاح على الثقافات المختلفة يؤدي إلى التغيير

(لا إكراه في الدين ) ( البقرة 256)(وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) (29 الكهف)

3-     التغير الثقافي يجلب متغيرات أخرى على مكونات المجتمع

(قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) (9 الزمر)

4-     تغيير المبدأ والثقافة يؤدي إلى التغيير الاجتماعي.

(ذلك بأن الله لم يك مغير نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) (الأنفال 52)ففي علم الزراعة الغطاء الأخضر يجلب المطر من السماء، وكذا سلوك الناس الاجتماعي يجلب رحمة الله أو عذابه ؛ فالتغيير في كتاب الله ليس فردي بل اجتماعي والعقوبة في الدنيا جماعية لا ينجو منها الصالحين في المجتمعات الظالمة الذين استنفذوا مدة الإمهال الرباني فاستحقوا العذاب جميعاً قال تعالى (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب ) (25 الأنفال)  فنلاحظ أن التغيير يكون أحياناً بسبب وعي الجماهير، وأحياناً يكون نتيجة كوارث بغير وعي من الجماهير؛ وقد حزق الاستعمار ومن خلال علومه ودراساته التاريخية التراكمية أسباب انحطاط الأمم ونهوضها حتى تبلور لديه أسس علم التغيير الاجتماعي وعليه امتلك القدرة على قياس الأجواء الاجتماعية كما يقيس الطقس وكذا قياس الزعماء وتدريبهم كما يدربون السباع في السيرك وكذا قياس توترات الجماعة وإجراء عمليات التعديل ونسبة مستوى الذكاء في كل جماعة ومعرفة ردات الفعل الافتراضية ومن ثم إمكانية تعديل الفكر والسلوك والسيطرة والتسخير؛ من هنا كانت الحرب الاستباقية في أفغانستان وصناعة الحرب ضد الإرهاب لعرقلة ظاهرة بعث الإسلام في العالم وباكستان التي خرجت منها الجماعة الاحمدية (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) (9الصف)وإذا ما ربطنا أخيراً ما صدر في أمريكا من كتب حول الحرب الثالثة تحت قيادة المهدي المنتظر من باب النظرة المستقبلية ؛ كتبرير لوجودهم في العراق أيضاً فهم لا يعلمون الغيب ولكن الحيطة واجبة، حتى انه لا يوجد بلد عربي إلا وبه مهدي حيث كان نصيب أكثرهم  الفشل في مهمته، فهو إما بالسجن أو فار إلى داخل السفارات الأجنبية وقد برز من بينهم في العراق احمد الحسن؛ وفي اليمن ناصر محمد ؛ وكلاهما يهدف تشويش الناس عن حقيقة النهضة، وصرف الأنظار إلى الاستعمار هنا وهناك أو إلى مذاهب متعصبة لا إنسانية؛ مما يظن بهم  صناعة استخبارات خارجية ؛وكل هذا لعلم الاستعمار بأنه آن الأوان لأفول حضارة المادة وبزوغ حضارة  الروح وان الحضارة  سوف تنتقل من شرق إلى الغرب ولسوف تستعيد أوروبا نضارتها على يد آسيا وان شكلي الإنسانية سيلتحمان أخيراً معاً لتسير المادة بالروح بعد أن تم فصل المادة عن الروح قرون طويلة فكان على الاستعمار إبطاء عملية التغيير وتأجيلها ما استطاع بالمكر والخداع  (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون) ( يوسف 21) وختاماً هل الأرض التي وقعت عليها اكبر كارثة هي آية ترشد وتبصر الناس جميعاً إلى أن منقذ البشرية قادم منها أيضاً بالأمن والسلام  وهكذا سنة الله يولد الحي من الميت ،فهل نحن على قدر من الاستشعار الحضاري نستطيع أن نعرف ما هي الأفكار الفاعلة المنتشرة على سطح الأرض والقادمة لتكوين الإنسان الحديث وما هو دورنا وموقفنا منها وهل لنا دور فاعل أم سوف يلفنا النسيان فنقول (لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير) (الملك 10) وفي هذا الشأن قال الإمام ميرزا غلام احمد القادياني ومن هذا المثال يمكن أن نفهم أن الله تعالى حين يرى أن عباده الصالحين موشكون على الهلاك بأيدي أرباب الباطل وان الفساد في ازدياد فانه يتخذ تدابير ملائمة إما من السماء وإما من الأرض إنقاذ لأوليائه وحسماً للفساد فانه كما هو حكيم كذلك هو رحيم والحمد لله رب العالمين (وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون) ( العنكبوت  24)              محمد هيثم اسلامبولي  192010

اجمالي القراءات 12005