التاريخ الأسود خلال فترة جمع الأحاديث

عبد الله في الثلاثاء ٠٧ - سبتمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

التاريخ الأسود  خلال فترة جمع الأحاديث

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

من خلال مناقشاتى مع من يؤمنون بكتاب الله و أشياء أخرى معه كالأحاديث نجد انهم يحسنون الظن برواة الأحاديث ويزكوهم عن أى سهو أو خطأ ورغم كل التعارضات فى الأحاديث  مع ما قاله لنا الرحمن فى كتابه الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا خلفه تجدهم يتحايلون ويأولون الآيات بغير مراد الله ليس لأى شيئ ولكن لتتفق مع ما يؤمنون به من أحاديث . وحتى الأحاديث التى تتعارض مع بعضها البعض تجد أيضاً لديهم من المبررات و التفاسير التى تجعلهم يغضون أعينهم عن الحقيقة .

ان مدى تعلقهم بالأحاديث جعلهم يؤمنون بأن كل من روى الأحاديث هو من الذين سيدخلهم الله الجنة بغير حساب وإن كل المسلمون الأوائل هم خلفاء الرسول محمد عليه السلام وهم ملائكة تمشى على الأرض فى صورة بشر. رغم كل ما ذكره الله فى كتابه الحكيم من تحذيرات من إتباع أى شيئ غير كلامه الذى أرسله لنا عن طريق خاتم الرسل والمتمثل فى القرآن الكريم فقط.

وحيث انهم يقدسون كتب التراث التى يعبدونها من دون الله ولا يهتمون كثيراً بما أنزله الله فى كتابه الحكيم  فليس هناك جدوى من محاورتهم بالقرآن و ذكر الآيات التى تبين أنهم على ضلال وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.

وهذا البحث الذى سوف أقدمه لكم على جزئين ولربما أمتد لأكثر من ذلك أعتمدت فيه على مصادر أخرى غير كتاب الله لعل وعسى ان يهتدى أحدهم ويفكر قليلاً فيمن يعتقدون فيهم العصمة و الإيمان ويقتدوا بهم. وكل المصادر التى فى هذا البحث هى كتب معتمده لديهم سواء كانوا من أهل السنه أو شيعة.

وفى الجزء الأول من هذا البحث سنستعرض بعض الأحداث التاريخيه التى حدثت من سنة 35هجرية أى قبل الشروع فى جمع الأحاديث وسينتهى هذا الجزء بنهاية الدولة الأمويه التى انتهت فى سنة 130 هجرية أى قبل أكثر من ستون عاماً قيل ولادة جامع أشهر وأصح كتاب بعد كتاب الله وهو البخارى.

وأرجوا من القارئ العزيز المحترم ان يبدى إهتمام بالتواريخ حتى يعلم حال المسلمين فى هذه الأيام وهل بعد كل هذه الأحداث وسفك الدماء والكذب و المكائد هل يعقل أن ينقل عن هؤلاء أحاديث سمعت عن الرسول ونعتقد بمصداقيتها ونتحدى بها كلام الله سبحانه و تعالى.

قد تكون هذه الأحداث التاريخية معروفة للجميع ولكن أظن ان جمعناها فى بحث واحد وسلسلناها قد يستطيع العقل أن يتصور مدى بشاعة هذه الحقبة الزمنيه فى التاريخ الإسلامى ومدى أثرها على المسلمين حتى وقتنا الحالى وان كانت كل حادثة منفردة من هذه الحوادث كافية لتكتب فيها كتب كثيرة ولكن نلخص اهم ما فيها لمن أراد ان يتدبر و يعرف حقيقة الوضع بعد وفاة الرسول عليه السلام. ولعدم الإطالة عليكم سنبدأ من بداية أحداث الفتنة الأولى:

 

فتنة مقتل عثمان:

فتنة مقتل عثمان هي أولى الفتن التي وقعت في الدولة الإسلامية، وتعرف كذلك بالفتنة الأولى. أدت إلى مقتل الخليفة عثمان بن عفانفي سنة 35 هـ، ثم أدت لاضطرابات واسعة في الدولة الإسلامية طوال خلافة علي بن أبي طالب.

في شـوال سنة (35) من الهجرة النبوية، رجعت الفرقة التي أتت من مصروادعوا أن كتابا بقتل زعماء أهل مصر وجدوه مع البريد، وأنكر عثمان الكتاب، لكنهم حاصروه في داره عشرين أو أربعين يوماً ومنعوه من الصلاة بالمسجد بل ومن الماء. وكان الصحابة قادرون على التخلص منهم، ولكن عثمان أمرهم بعدم القتال وشدّد عليهم في ذلك.

أورد ابن حجرمن طريق كنانة مولى صفية بنت حيي قال: «قد خرج من الدار أربعة نفر من قريش مضروبين محمولين، كانو يدرؤون عن عثمان». فذكر الحسن بن عليوعبد الله بن الزبيروابن حاطبومروان بن الحكم. قلت: «فهل تدمّى (أي تلطخ وتلوث) محمد بن أبي بكرمن دمه بشيء؟». قال: «معاذ الله! دخل عليه فقال له عثمان: لست بصاحبي. وكلمه بكلام فخرج ولم يرز (أي لم يُصِب) من دمه بشيء». قلت: «فمن قتله؟». قال: «رجل من أهل مصر يقال له جبلة[، فجعل يقول: «أنا قاتل نعثل» (يقصد عثمان). قلت: «فأين عثمان يومئذ؟». قال: «في الدار» . وقال كنانة كذلك: «رأيت قاتل عثمان في الدار رجلاً أسود من أهل مصر يقال له جبلة، باسط يديه، يقول: أنا قاتل نعثل». وعن أبي سعيد مولى أبي أسيد الأنصاريقال: «دخل عليه رجل من بني سدوس يقال له الموت الأسود، فخنقه. وخنقه قبل أن يضرب بالسيف، فقال: والله ما رأيت شيئاً ألين من خناقه، لقد خنقته حتى رأيت نفسه مثل الجان تردد في جسده» .

عمرو بن الحمق بن الكاهن. صحب النبي صلى الله عليه وسلم ونزل الكوفة وشهد مع علي رضي الله عنه مشاهده وكان فيمن سار إلى عثمان وأعان على قتله ((الطبقات الكبرى ج: 6 ص: 25))

وممن ساهم في قتله قتيرة بن حمران، والغافقي بن حرب, وسودان بن حمران, وكنانة بن بشر بن عتاب. وقد ثبت يقيناً أن أحداً من الصحابة لم يرض بما حلّ لعثمان، فضلاً أن يكون قد أعان على قتله. فقد ثبت عن الحسن البصريوهو شاهد عيان كان عمره وقتها أربع عشرة سنة– عندما سُئِل «أكان فيمن قتل عثمان أحد من المهاجرين والأنصار؟». فقال: «لا! كانو أعلاجاً من أهل مصر». وكذلك الثابت الصحيح عن قيس بن أبي حازم أن الذين قتلو عثمان ليس فيهم من الصحابة أحد.

اقتحم المتآمرون داره من الخلف (من دار أبي حَزْم الأنصاري) وهجموا عليه وهو يقرأ القرآن وأكبت عليه زوجه نائلة لتحميه بنفسها لكنهم ضربوها بالسيف فقطعت أصابعها، وتمكنوا منه فسال دمه على المصحف ومات شهيدا في صبيحة عيد الأضحى سنة 35 هـ، ودفن بالبقيع. وكانت هذه شرارة نشوب فتن وحروب أخرى مثل حرب الجملومعركة صفينوبداية ظهور الخوارج.

موقعة الجمل:

موقعة الجمل هي معركة وقعت في البصرةعام 36 هـ بين قوات أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب والجيش الذي يقوده الصحابيان طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام بالإضافة إلى عائشةالتي قيل أنها ذهبت مع جيش المدينة في هودج من حديد على ظهر جمل، وسميت المعركة بالجمل نسبة إلى هذا الجمل.

أسباب خروج الجيشين:

بعد حدوث الفتنة ومقتل عثمان بن عفان، بايع كبار الصحابةالإمام علي بن أبي طالب لخلافة المسلمين، وانتقل إلى الكوفة ونقل عاصمة الخلافة إلى هناك، وبعدها انتظر بعض الصحابة أن يقتص الإمام من قتلة عثمان، لكنه أجل هذا الأمر.

سبب الخروج وفق منظور أهل السنة:

يرى أهل السنة أن علي بن أبي طالب لم يكن قادراً على تنفيذ القصاص في قتلة عثمان مع علمه بأعيانهم، وذلك لأنهم سيطروا على مقاليد الأمور في المدينة النبوية، وشكلوا فئة قوية ومسلحة كان من الصعب القضاء عليها. لذلك فضل الانتظار ليتحين الفرصة المناسبة للقصاص، ولكن بعض الصحابة وعلى رأسهم طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام رفضوا هذا التباطؤ في تنفيذ القصاص ولما مضت أربعة أشهر على بيعة علي دون أن ينفذ القصاص خرج طلحة والزبير إلى مكة، والتقوا عائشة التي كانت عائدة من أداء فريضة الحج، واتفق رأيهم على الخروج إلى البصرةليلتقوا بمن فيها من الخيل والرجال، ليس لهم غرض في القتال، وذلك تمهيداً للقبض على قتلة عثمان، وإنفاذ القصاص فيهم.

سبب الخروج وفق منظور الشيعة :

يرى الشيعة أن علي بن أبي طالب أجل الحكم بالقصاص لسببين:

  1. الإنتظار حتى تهدأ الفتنة؛ لم يكن الإمام قادراً على تنفيذ القصاص في قتلة عثمان لعدم علمه بأعيانهم، لذلك فضل الانتظار لتبيان لقتله.
  2. أخذ البيعة من أهالي الأمصار وعزل الولاة وتعيين ولاة جددوذلك لتقليل سخط الناس على بعض الولاة حيث اتهم اهل الشام ومصر الولاة بالعمل لمصالح شخصية على حساب مصالح الناس وعدم الحفاظ على سنة النبي، فأراد الإمام بذلك احقاق الحق وتهدئة النفوس واعادة الامور إلى نصابها.

ويفسر الشيعة خروج طلحة والزبير بأنهما بايعا الإمام طمعا في منصب وهو مالم ينالاه لذلك خرجا عليه واتخذا من القصاص لمقتل عثمان حجة لعزله عن الخلافة أو قتله، اما عائشة فهي من حرض الناس على قتل عثمان فهي من قالت: "اقتلوا نعثلاً (عثمان) فقد كفر"، وهي التي اثارت الحرب وحرضت طلحة والزبير واخبرتهم بأن الإمام علي هو من قتله أو سهل مقتله

مواقف كل من ادعى الطلب بدم عثمان وبان لا عداوة له مع علي بن ابي طالب:

  • أولا: طلحة بن عبيد الله: روي ابن أبي الحديد المادئني في شرحه لكتاب نهج البلاغة أن طلحة الذي انحاز لعثمان واختاره للخلافه هو اليوم يحرض الناس على قتل عثمان ورفض طلب علي أن يمنع الناس عنه، وعندما أتى البعض بجثة عثمان لدفنه أقعد لهم ناس يرمونهم بالحجارة فلم يستطيعوا دفنه في مقابر المسلمين، فدفن في (حش كوكب) كانت اليهود تدفن اليهود فيه موتاهم.
  • ثانيا: الزبير بن العوام: كان للزبير بن عوام ما لطلحة من ذكر في خصوص هذه المعركة وقتال علي بن ابي طالب ، وحول موقفه من حصار عثمان ففي شرح الأخبار للقاضي الإسماعيلي النعمان المغربي:1/344 (أنه روي عن الزبير أنه قيل له إن عثمان محصور وإنه قد منع الماء ! فقال:﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ﴾«‌34‏:54»). فحين وصل علي إلى البصره خاطب جيش طلحة والزبير وعائشة بأن أرسل لهم مرسالا حاملا للقرآن لحفظ دماء المسلمين الا انهم رفضوا ذلك وقتلوا من حمل اليهم القرآن ويذكر الذهبي قائلا :«إنَّ أوَّل قتيل كان يومئذٍ مسلم الجُهني، أمره عليٌّ عليه السلام فحمل مصحفاً، فطاف به على القوم يدعوهم إلى كتاب الله، فقُتل »، ويذكر الطبري بانه بعد هذه الحادثه نادى علي بن ابي طالب الزبير بن عوام وذكره قائلا " يا زبير اتذكر يوم مررت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني غنم فنظر إلي فضحك وضحكت اليه، فقلت:لا يدع ابن ابي طالب زهوه ،فقال لك رسول الله : صه ،انه ليس به زهو ولتقاتلنه وأنت ظالم له"
    • ويروي ابن أبي الحديد في شرحه لكتاب نهج البلاغةأن علي بن ابي طالبدعي على الزبير بن العوامفي إحدي خطبه قائلا: «اللهم إن الزبير قطع رحمى، ونكث بيعتى، وظاهر على عدوى، فاكفنيه اليوم بما شئت.»
    • ما قاله الامام علي عند مقابلته للزبير في ساحة المعركة: "أتطلب مني دم عثمان وانت قاتله".
  • طلحة والزبير معا: ويقول عالم الدين محمد باقر المحمودي في مؤلفه نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة أن الإمام علي بن أبي طالب ذكر الأسباب الحقيقيه لانقلاب طلحة والزبير عليه، فيقول:«كان طلحة يرجو اليمن، والزبير يرجو العراق، فلما علما اني غير موليهما استأذناني للعمرة يريدان الغدر، فأتيا عائشة واستخفاها مع كل شي في نفسها علـيُّ،..... وقادهما عبد الله بن عامر إلى البصره، وضمن لهما الأموال والرجال،.... واعانهم عليُّ يعلى بن منبه بأصوع الدنانير،... ثم أتو البصره وأهلها مجتمعون على بيعتي وطاعتي وبها شيعتي »
  • ثالثا: عائشة بنت أبي بكر: يرى الشيعة في أن حرب عائشه ضد الامام علي هي نتيجه كرهها له لعدة أسباب على رأسها موقف الامام علي منها يوم حادثة الإفك حيث أشار على الرسول بطلاقها.
    • كرهها لعلي بن أبي طالب وفرحها بوفاته حيث انها لما سمعت بموت علي بن ابي طالب سجدت شكرا لله.
    • ويروي ابن أبي الحديدفي شرحه لكتاب نهج البلاغةأن عائشة كانت من أشد المحرضين علي عثمان والداعين إلي قتله، فيذكر ابن أبي الحديد قائلا :« جائت عائشة وحفصة ودخلتا على عثمان أيام خلافته وطلبتا منه ان يقسم لهما ارثهما من رسول الله (ص)وكان عثمانمتكئاً فاستوى جالسا وقال لعائشة: أنت وهذه الجالسة جئتما بأعرابي يتطهر ببوله وشهدتما أن رسول الله (ص) قال : نحن معشر الانبياء لا نورث فاذا كان الرسول حقيقه لا يورث فماذا تطلبان بعد هذا؟ واذا كان الرسول يورث لماذا منعتم فاطمة حقها؟ فخرجت من عنده غاضبة وقالت :اقتلوا نعثلا فقد كفر.»
  • رابعا: معاوية بن أبي سفيان: ويذكر محمد باقر المحمودي في نهج السعادة أن لمعاوية الدور في تشجيع أهل الجمل على مقاتلة علي بن أبي طالب رغبتا في الملك والجاه وينقل رسالة معاوية التي خاطب بها الزبير بن العوام قائلا :«فإني قد بايعت لك أهل الشام فأجابوا واستوسقوا كما يستوسق الجلب، فدونك الكوفة والبصرة، لا يسبقك إليها ابن أبي طالب، فإنه لا شي بعد هذين المصريين، وقد بايعت لطلحة بن عبيد الله من بعدك، فأظهرا الطلب بدم عثمان، واعدوا الناس إلى ذلك، وليكن منكما الجد والتشمير، أظفركما الله وخذل مناوئكما»

ما حدث في البصرة:

من منظور السنة:

وصل أصحاب الجمل إلى البصرة، ولم يكن لهم غرض في القتال، بل أرادوا جمع الكلمة والقصاص من قتلة عثمان بن عفان، والاتفاق مع علي بن أبي طالبفي الكيفية التي يمكن بها تنفيذ القصاص، في مكان بعيد عن المدينة المنورةالتي صارت في تلك الأيام معقلاً لقتلة عثمان وأنصارهم. وكان في البصرة نفر من دعاة الفتنة، الذين خرجوا على عثمان بن عفان. فعمل هؤلاء النفر من دعاة الفتنة على التحريض ضد أصحاب الجمل. فقرر عثمان بن حنيف(والي البصرة من قبل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب)، أن يمنع أصحاب الجمل من دخول البصرة. وأرسل إليهم حكيم بن جبلة(أحد قتلة أمير المؤمنين عثمان بن عفان) من أجل ذلك. فقام طلحة ثم الزبير يخطبان في أنصار المعسكرين، فأيدهما أصحاب الجمل، ورفضهما أصحاب عثمان بن حنيف، ثم قامت أم المؤمنين عائشة تخطب في المعسكرين، فثبت معها أصحاب الجمل، وإنحازت إليها فرقة من أصحاب عثمان بن حنيف، وبقيت فرقة أخرى مع ابن جبلة. وإختلف الفريقان وكثر بينهما اللغط، ثم تراموا بالحجارة. ثم قام حكيم بن جبلة، بتأجيج الفتنة والدعوة إلى القتال، وقام بسب أم المؤمنين عائشة، وقتل كل من أنكر عليه ذلك، هذا ودعاة أصحاب الجمل يدعون إلى الكف عن القتال. فلما لم يستجب حكيم بن جبلةوأنصاره لدعوى الكف عن القتال، كر عليهم أصحاب الجمل، فقتل حكيم بن جبلة. ثم إصطلح أصحاب الجمل مع عثمان بن حنيفعلى أن تكون دار الإمارة والمسجد الجامع وبيت المال في يد ابن حنيف، وينزل أصحاب الجمل في أي مكان يريدونه من البصرة. وقيل أن حكيم بن جبلةقتل بعد هذا الصلح لما أظهر المعارضة.

من منظور الشيعة (الجمل الصغرى):

ويذكر ضامن بن شدقم بن علي الحسيني المدني في كتابه موقعة الجمل قائلا: «لقد أصر الناكثون على التمادي في غيهم، حتى صار النكث والغدر سجية ملازمة لهم اينما حلوا، وشعارا يجمعون حوله الانتهازيين والسفهاء وأصحاب السوء، فهم لم يكتفوا بخيانة امير المؤمنين عليه السلام حتي غروا بعثمان بن حنيف، وقد كان الأخيرة قد وقع اتفاقا للصلح بينهم على شروط اتفقوا عليها.... فخرج طلحة والزبير وأصحابهما حتى أتوا دار الامارة وعثمان بن حنيف غافل عنهم، وعلى الباب السبابجة يحرسون بيوت الاموال وكانوا قوما من الزط قد استبصروا وأئتمنهم عثمان على بيت المال ودار الامارة، فأكب عليهم القوم وأخذوهم من اربع جوانبهم ووضعوا فيهم السيف فقتلوا منهم اربعين رجلا صبرا ! يتولى منهم ذلك الزبير خاصة، ثم هجموا على عثمان فأوثقوه رباطا وعمدوا إلى لحيته ـ وكان شيخا كثّ اللحية ـ فنتفوها حتى لم يبق منها شيء، وقال طلحة : عذبوا الفاسق وانتفوا شعر حاجبيه واشفار عينيه واوثقوه بالحديد»

وقال الشيخ المفيد : اصيب من عبد القيس – يوم الجمل الصغرى- خمسمائة شيخ مخضوب من شيعة أمير المؤمنين، سوى من أصيب من سائر الناس وقتلوا كذلك أربعين رجلا من السبابجة صبرا ،يتولى منهم ذلك الزبير خاصة. والسبابجةهم حراس بيت مال المسلمين في البصره وهم قوم من السند

ويذكر محمد باقر المحمودي في نهج السعادةأن علي قال عن أصحاب الجمل: «نكثوا بيعتي، واخرجو ابن حنيفع املي بعد الضرب المبرح والعقوبة الشديده، وقتلوا السبابجة ومثلوا بحكيم بن جبلة العبدي، وقتلوا رجالاً صالحين، ثم تتبعوا منهم من نجا يأخذونهم في كل حائط وتحت كل رابية، ثم يأتون بهم فيضربون رقابهم صبرا، مالهم قاتلهم الله أنّى يؤفكون.»

ويذكر أيضا أن عليادعى على اصحاب الجمل قائلا :«اللهم اقتلهم بمن قتلوا من شيعتي، وعجل لهم النقمة، وبما صنعوا بخليفتي»

رأي ثالث:

يقول الشاعر المسيحي جورج جرداق: «دخل جيش عائشةالبصرةفي ليلة باردة وقتلوا قوما من البصريين في المسجد، ودخلوا دار عثمان بن حنيفعامل الإمام علي على البصرة، فأساؤوا اليه وحقروه وضربوه وأمعنوا في الإساءة والتحقير والضرب وهو من اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم – فأخبر طلحة والزبير عائشة فما كان منها إلا أن امرت به تقول ((اقتلوه)) فاستعظمت احدى النساء هذا الأمر وقالت لعائشة : نشدتك الله يا ام المؤمنين في عثمان بن حنيفوفي صحبته لرسول الله ! فبدلت عائشة أمرها قائلة (احبسوه ولا تقتلوه)، وأمر أحد الرؤساء في جيش عائشة قائلا ((اضربوه وانتفوا شعر لحيته))فضربوه ضربا موجعا كثيرا ونتفوا شعر لحيته ورأسه وحاجبيه وأشفار عينيه ثم حبسوه.»

وقال أيضا : «فهناك جماعة ألبوا الناس على علي بن أبي طالب، وأقبلوا بهم إلى احدى عواصمه فأهانوا عامله عليها ونتفوا لحيته وضربوه وحبسوه وأخرجوه، ونكلوا بأنصاره ومحبيه وقتلوهم شر قتلة، وهم لا ماخذ لهم على هؤلاء القتلى، ولا على امامهم الغائب، وقسموا الأرزاق على ذويهم وهي من حق الجماعة دون تمييز وتفريق »

وصول علي إلى البصرة:

اتفاق سلمي (وفق منظور أهل السنة)

بعد أن وصل الإمام علي إلى البصرة، مكث فيها ثلاثة أيام والرسل بينه وبين طلحة والزبير وعائشة، فأرسل القعقاع بن عمرواليهم فقال للسيدة عائشة :"أي أماه، ما أقدمك هذا البلد؟" فقالت:"أي بني الإصلاح بين الناس". فسعى القعقاع بن عمروبين الفريقين بالصلح، وإستقر الأمر على ذلك. وقرر الفريقان الكف عن القتال والتشاور في أمر قتلة عثمان بن عفان. وقرر علي بن أبي طالبأن يرحل في اليوم الذي يليه على ألا يرتحل معه أحد من قتلة عثمان. فاجتمع رؤوس السبئية ومثيرو الفتنة، وشعروا أن هذا الصلح سينتهي بتوقيع القصاص عليهم. فخافوا على أنفسهم، وقرروا أن ينشبوا الحرب بين الجيشين، ويثيروا الناس ويوقعوا القتال بينهما فيفلتوا بهذا بفعلتهم.

قال ابن كثيرفي البداية والنهاية:

«(فرجع إلى علي فأخبره، فأعجبه ذلك، وأشرف القوم على الصلح، كره ذلك من كرهه، ورضيه من رضيه، وأرسلت عائشة إلى علي تعلمه أنها إنما جاءت للصلح، ففرح هؤلاء وهؤلاء، وقام علي في الناس خطيباً، فذكر الجاهلية وشقاءها وأعمالها، وذكر الإسلام وسعادة أهله بالألفة والجماعة، وأن الله جمعهم بعد نبيه صلى الله عليه وسلم على الخليفة أبي بكر الصديق، ثم بعده على عمر بن الخطاب، ثم على عثمان، ثم حدث هذا الحدث الذي جرى على الأمة، أقوام طلبوا الدنيا وحسدوا من أنعم الله عليه بها، وعلى الفضيلة التي منَّ الله بها، وأرادوا رد الإسلام والأشياء على أدبارها، والله بالغ أمره، ثم قال: ألا إني مرتحل غدا فارتحلوا، ولا يرتحل معي أحد أعان على قتل عثمان بشيء من أمور الناس، فلما قال هذا اجتمع من رؤوسهم جماعة كـالأشتر النخعي، وشريح بن أوفى، وعبد الله بن سبأ المعروف بابن السوداء... وغيرهم في ألفين وخمسمائة، وليس فيهم صحابي ولله الحمد، فقالوا: ما هذا الرأي؟ وعلي والله أعلم بكتاب الله ممن يطلب قتلة عثمان، وأقرب إلى العمل بذلك، وقد قال ما سمعتم، غداً يجمع عليكم الناس، وإنما يريد القوم كلهم أنتم، فكيف بكم وعددكم قليل في كثرتهم.

فقال الأشتر: قد عرفنا رأي طلحة والزبير فينا، وأما رأي علي فلم نعرفه إلا اليوم، فإن كان قد اصطلح معهم، فإنما اصطلح على دمائنا... ثم قال ابن السوداء قبحه الله: يا قوم إن عيركم في خلطة الناس، فإذا التقى الناس فانشبوا الحربوالقتال بين الناس، ولا تدعوهم يجتمعون...) » – ابن كثير، البداية والنهاية

و جاء في تاريخ الطبري : (لمّا تم الصلح بين علي وطلحة والزبير وعائشة رضوان الله عليهم أجمعين خطب علي رضوان الله عليه عشية ذلك اليوم في الناس وذكر الإسلام وسعادة أهله بالألفة والجماعة وأن الله جمعهم بعد نبيه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم على الخليفة أبا بكر ثم بعده عمر بن الخطاب ثم على عثمان ثم حدث هذا الحدث الذي جرّه قتلة عثمان وقال: " ألا وإني راحلٌ غداً فارتحلوا ولايرتحلنّ غداً أحدٌ أعان على عثمان بشيءٍ في شيءٍ من أمور الناس وليُغْن السفهاء عني أنفسهم) ".

انكار الصلح بوجود علي وانكار وجود طرف ثالث (وفق منظور الشيعة)

ينكر الشيعة وجود طرف ثالث كمثل قتلة عثمان ونحوهم في اثارة الحرب، ولهم مصادرهم ولهم مآخذ كثيره على قدوم اهل الجمل، وكتأكيد على عدم وجود طرف ثالث في الحرب فيروى انه بعد معركة الجمل بفترة سأل احد الرجال علي بن أبي طالب في مسجد الكوفة قائلا : يا أمير المؤمنين أرأيت القتلى حول عائشة وطلحة والزبير علام قتلوا ؟ فأجاب علي بن أبي طالب قائلا : قتلوا بما قتلوا شيعتي وعمالي، وقتلوا أخا ربيعة العبديفي عصابة من المسلمين، فقالوا : انا لا ننكث كما نكثتم، ولا نغدر كما غدرتم، فوثبوا عليهم فقتلوهم، فسألتهم أن يدفعوا لي قتلة اخواني أقتلهم بهم، ثم كتاب الله حكم بيني وبينهم، فأبوا عليّ، وقاتلوني-وفي اعناقهم بيعتي ودماء قريب من ألف رجل من شيعتي.

وكذلك يروى عن علي بن أبي طالب في حديث له عما فعله اصحاب الجمل بأهالي البصرةقائلا : فقدموا – طلحة والزبير وعائشة- على عمالي وخزان بيت مال المسلمين الذي في يدي، وعلى أهل مصر كلهم في طاعتي وعلى بيعتي، فشتتوا كلمتهم وأفسدوا علي جماعتهم، ووثبوا على شيعتي، فقتلوا طائفة منهم غدرا، طائفة منهم عضوا على أسيافهم، فضاربوا بها حتى لقو الله صادقين .

فوالله لو لم يصيبوا منهم الا رجلا واحدا متعمدين لقتله لحل لي به قتل ذلك الجيش بأسره، فدع ما أنهم قتلوا من المسلمين أكثر من العدة التي دخلوا بيها عليهم، وقد أدال الله منهم، فبعداً للقوم الظالمين .

بدء القتال:

 

وفق منظور أهل السنة

بات كلا الفريقين فرحين بالاتفاق السلمي الذي تم، وفي اليوم التالي ومع طلوع الفجر، نفذ السبئيةخطتهم، وفي هذا قال ابن كثيرفي البداية والنهاية: (وبات الناس بخير ليلة، وبات قتلة عثمان بشر ليلة، وباتوا يتشاورن، وأجمعوا على أن يثيروا الحرب من الغلس، فنهضوا من قبل طلوع الفجر، وهم قريب من ألفي رجل، فانصرف كل فريق إلى قراباتهم، فهجموا عليهم بالسيوف، فثارت كل طائفة إلى قومهم ليمنعوهم، وقام الناس من منامهم إلى السلاح، فقالوا: طرقتنا أهل الكوفة ليلاً، وبيتونا وغدروا بنا، وظنوا أن هذا عن ملأ من أصحاب علي، فبلغ الأمر علياً فقال: ما للناس؟ فقالوا: بيتنا أهل البصرة، فثار كل فريق إلى سلاحه، ولبسوا اللأمة، وركبوا الخيول، ولا يشعر أحد منهم بما وقع الأمر عليه في نفس الأمر، وكان أمر الله قدراً مقدراً، وقامت على الحرب على ساق وقدم، وتبارز الفرسان، وجالت الشجعان، فنشبت الحرب، وتواقف الفريقان، وقد اجتمع مع علي عشرون ألفاً، والتف على عائشة ومن معها نحوا من ثلاثين ألفاً، فإنا لله وإنا إليه راجعون، والسابئة أصحاب ابن السوداء قبحه الله لا يفترون عن القتل، ومنادي علي ينادي: ألا كفوا ألا كفوا، فلا يسمع أحد...)

و كان الإمام علي يتألم كثيراً مما يحدث من إراقة دماء المسلمين فروى ابن ابي شيبةفي مصنفهبسند صحيح عن الحسن بن عليقال: "لقد رأيته - يعني علياً - حين اشتد القتال يلوذ بي ويقول: يا حسن، لوددت أني مت قبل هذا بعشرين حجة أو سنة". وكان علي يتوجّع على قتلى الفريقين ويقول: " ياليتني متّ قبل هذا اليوم بعشرين سنة".وروى ابن ابي شيبة بإسناده إلى حبيب بن أبي ثابت أن عليّاً قال يوم الجمل : " اللهم ليس هذا أردتُ اللهم ليس هذا أردتُ".

نتائج المعركة

رواية أهل السنة

إنتهى القتال وقد قتل طلحة بن عبيد اللهبعد أن أصابه سهم في ركبته - وقيل في نحره -، ولا يعترف السنة بالروايات التي ذكرت أن مروان بن الحكم هو قاتل طلحة، لأنها روايات باطلة لم يصح بها إسناد. وقد حزن أمير المؤمنين علي كثيراً لمقتله فحين رآه مقتولاً جعل يمسح التراب عن وجهه ويقول: " عزيزٌ عليّ أبا محمد أن أراك مجندلاً تحت نجوم السماء ثم قال: " إلى الله أشكوا عُجري وبُجري وبكى عليه هو وأصحابُه "

و قتل الزبير بن العوام ولمّا جاء قاتل الزبير لعله يجدُ حظْوةً ومعه سيفه الذي سلبه منه ليُقدّمه هديّة لأمير المؤمنين حزن عليه حُزْناً شديداً وأمسك السيف بيده وقال: " طالما جلّى به الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال :بشر قاتل بن صفية النار ولم يأذن له بالدخول عليه"

أما عن السيدة عائشة فقد قال رسول الله لعلي: ((سيكون بينك وبين عائشة أمر، قال عليّ فأنا أشقاهم يا رسول الله، قال: لا ولكن إذا كان ذلك فاردها إلى مأمنها)) ، قال الإمام أبوبكر بن العربيالمالكي: ولما ظهر علي، جاء إلى أم المؤمنين، فقال: (غفر الله لك) قالت: (ولك، ما أردتُ إلا الإصلاح). ثم أنزلها دار عبد الله بن خلف وهي أعظم دار في البصرةعلى سنية بنت الحارث أم طلحة الطلحات، وزارها ورحبت به وبايعته وجلس عندها. فقال رجل: يا أمير المؤمنين إن بالباب رجلين ينالان من عائشة، فأمر القعقاع بن عمروأن يجلد كل منهما مئة جلدة وأن يجردهما من ثيابهما ففعل. ثم ردها إلى المدينة معززة مكرمة كما أمر الرسول.

رواية الشيعة

روى أبو مخنف أن من قتل من الطرفين سبعة عشر الفاً. انتهت المعركة بهزيمة أصحاب الجمل ومقتل الزبير، وطلحة (الذي قتله مروان بن الحكم بان ضربه بسهم رغم أنهما يقاتلان في صف واحد ضد علي بن أبي طالب) ، وأعطى علي بن ابي طالب الأمان ولم يؤذ احدا ممن ألقى السلاح، وعند قدوم بعض الرجال مطالبين بالغنيمه (اي عائشة) فأجابهم قائلا من يقبل أن يسبي أمه!! وذلك حيث ان كل زوجات الرسول هن أمهات للمؤمنين. وقد جهز علي بن أبي طالب عائشة بكل حاجتها من دواب للركوب والزاد والمتاع وسير معها كل من نجى من القتل من الذين قدموا معها وارسل معها 40 امرأة من نساء البصرة المعروفات وسير معها اخاها محمد بن أبي بكر.

ويرى الشيعة أن هذه الحرب حملت الكثير من النتائج السلبية على المسلمين فيتحدث الأستاذ محمد جواد مغنيةعن آثار التي ترتبت على حرب الجمل قائلا:

«لولا حرب الجمل لما كانت حرب صفّين والنهروان، ولا مذبحة كربلاء، ووقعة الحرّة، ولا رُميت الكعبة المكرَّمة بالمنجنيق أكثر من مرَّة، ولا كانت الحرب بين الزبيريّين والأُمويّين، ولا بين الأُمويّين والعباسيّين، ولما افترق المسلمون إلى سُنَّة وشيعة، ولما وجد بينهم جواسيس وعملاء يعملون على التفريق والشتات، ولما صارت الخلافة الإسلامية ملكاً يتوارثها الصبيان، ويتلاعب بها الخدم والنسوان.

لقد جمعت حرب الجمل جميع الرذائل والنقائص، لأنَّها السبب لضعف المسلمين وإذلالهم، واستعبادهم وغصب بلادهم، فلقد كانت أوَّل فتنةٍ ألقت بأس المسلمين بينهم، يقتل بعضهم بعضاً، بعد أن كانوا قوَّةً على أعدائهم، كما فسحت المجال لما تلاها من الفتن والحروب الداخلية التي أودت بكيان المسلمين ووحدتهم، ومهَّدت لحكم الترك والديلم والصليبيِّين وغيرهم. وباختصار لولا فتنة الجمل لاجتمع أهل الأرض على الإسلام ».

 

وقعة صفين:

وقعة صفين هي المعركة التي وقعت بين جيش علي بن أبي طالبوجيش معاوية بن أبي سفيانفي سنه 39 هجرية. وحصلت بعد معركة الجمل.

أسبابها:

طالب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب معاوية بالبيعةبعدما عزله وعين واليه للشام سهل بن حنيف، فيما رفض معاوية العزل وطالب عليا ً بالقصاص أولاً من قتلة عثمان. وأصر علي على أخد البيعة منه وعزله. ومع احتدام الموقف توجه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى الشام مع جيشه (عدده 120 ألفا) لقتال معاوية والذي بدوره أرسل جيش من دمشق(عدده 90 ألفا) أقام في صفين وتقابل الجيشان هناك وقام بينهما قتال شديد كان يستمر يوميا من بعد صلاة الفجر إلى نصف الليل وقتل فيه ما بقارب 70 ألفا.

نتائج المعركة:

ووضعت الحرب أوزارها عندما لاحت إمارات هزيمة جيش معاوية فطلب جيش معاوية بحيلة من عمرو بن العاص التحاكم إلى كتاب الله ورفعوا القرآن على الرماح ، وقبل بذلك علي على اكراه من جماعة كبيرة في جيشه. اختار علي بن أبي طالب عبدالله بن عباس حكمًا لأهل الكوفة ولكن الكوفيين عارضوا رأيه واختاروا أبو موسى الأشعري فقبل علي بأبي موسى على إكراه أيضًا. وقد اختار معاوية عمرو بن العاص حكمًا لأهل الشام ، اتفق الحكمين على عزل علي ومعاوية ومعاودة الأمر شورى بين المسلمين على أن يصعد أبوموسى الأشعري المنبر أولًا ويعلن ذلك على الملأ، فصعد أبوموسى المنبر وعزل عليًا ومعاوية ثم صعد بعده عمرو بن العاص المنبر وخلع عليًا وثبت معاوية فدب الخلاف بينهما وقام جماعة من الكوفيين بتكفير علي لأنه قبل رأيهم بالتحكيم وادعوا أن لو كان عليًا عادل في رأيه لما قبل باجباره على التحكيم! وعرفت هده الجماعة لاحقًا بـ الخوارج. وخاض علي فيما بعد معركه شديدة مع الخوارج سميت بمعركة النهروان.

موقعة نهروان:

معركة النهروان إحدى المعارك الإسلامية الداخلية المبكرة، وقعت عام 39 للهجرة (حوالي سنة 659 م)، بين علي بن أبي طالب وبين الخوارج، والنهروان موقع بين بغداد وحلوان. وكانت المعركة واحدة من نتائج معركة صفين بين علي ومعاوية بن أبي سفيان، والتي انتهت بالاتفاق على التحكيم بعد رفع المصاحف على أسنة الرماح إشارة إلى ضرورة التحاكم إلى كتاب الله، وحينها رفض الخوارج هذا الاتفاق ورفعوا شعارهم الشهير : لا حكم إلا حكم الله وهو الشعار الذي قال عنه علي بن أبي طالب : كلمة حق أريد بها باطل. وانتهت المعركة بانتصار جيش علي عليهم.

معركة كربلاء:

معركة كربلاءوتسمى أيضاً واقعة الطف هي ملحمة وقعت على ثلاثة أيام وختمت في 10 محرم سنة 61 للهجرة والذي يوافق 12 أكتوبر 680م، وكانت بين الحسين بن علي بن أبي طالب ابن بنت الرسول محمد بن عبد الله، الذي أصبح المسلمون يطلقون عليه لقب "سيد الشهداء" بعد انتهاء المعركة، ومعه أهل بيته وأصحابه، وجيش تابع ليزيد بن معاوية.

تعتبر واقعة الطف من أكثر المعارك جدلاً في التاريخ الإسلامي فقد كان لنتائج وتفاصيل المعركة آثار سياسيةونفسية وعقائدية لا تزال موضع جدل إلى الفترة المعاصرة، حيث تعتبر هذه المعركة أبرز حادثة من بين سلسلة من الوقائع التي كان لها دور محوري في صياغة طبيعة العلاقة بين السنةوالشيعةعبر التاريخ وأصبحت معركة كربلاء وتفاصيلها الدقيقة رمزا للشيعة ومن أهم مرتكزاتهم الثقافية وأصبح يوم 10 محرمأو يوم عاشوراء، يوم وقوع المعركة، رمزاً من قبل الشيعة "لثورة المظلوم على الظالم ويوم انتصار الدم على السيف".

رغم قلة أهمية هذه المعركة من الناحية العسكرية حيث إعتبرها البعض من محاولة تمرّد فاشلة قام بها الحسين إلا أن هذه المعركة تركت آثاراً سياسيةوفكرية ودينيةهامة. حيث أصبح شعار "يا لثارات الحسين" عاملاً مركزياً في تبلور الثقافة الشيعية وأصبحت المعركة وتفاصيلها ونتائجها تمثل قيمة روحانيةذات معاني كبيرة لدى الشيعةالذين يعتبرون معركة كربلاء ثورة سياسية ضد الظلم. بينما أصبح مدفن الحسـين في كربلاءمكاناً مقدساً لدى الشيعة يزوره مؤمنوهم، مع ما يرافق ذلك من ترديد لأدعية خاصة أثناء كل زيارة لقبره. أدى مقتل الحسين إلى نشوء سلسلة من المؤلفات الدينية والخطب والوعظ والأدعية الخاصة التي لها علاقة بحادثة مقتله وألفت عشرات المؤلفات لوصف حادثة مقتله.

قبل المعركة:

استنادا لبعض المصادر التاريخية فإن الخلافة استقرت لمعاوية بن أبي سفيانبعد تنازل الحسن بن علي بن أبي طالبعن الخلافة وقيامه مع أخوه الحسين بمبايعة معاوية. ويعتقد البعض أن مجموعة من العوامل أدت إلى تنازل الحسن لمعاوية منها:

  • تقديرات الحسن لموقف أهل البيتالذي كان في موضع لايحسد عليه بعد اغتيال علي بن أبي طالب.
  • محاولة لحقن الدماء وتوحيد الكلمة بعد سلسلة من الصراعات الداخلية بين المسلمين ابتداء من فتنة مقتل عثمانإلى معركة الجملومعركة صفينوقد أثنى الكثير على هذه المبادرة وسمي العام الذي تم فيه الصلح "عام الجماعة"
  • مبادرة الصلح والتنازل كانت مشروطة بعودة طريقة الخلافة إلى نظام الشورى بعد موت معاوية.

أعقب هذا الصلح فترة من العلاقات الهادئة بين أعداء الأمس في معركة صفين ولما مات الحسن ظل أخوه الحسين ملتزما ببنود الصلح بل إن الحسين اشترك في الجيش الذي بعثه معاوية لغزو القسطنطينية بقيادة ابنه "يزيد" في سنة 49 هـ.

عندما قام معاوية وهو على قيد الحياة بترشيح ابنه "يزيد بن معاوية" للخلافة من بعده قوبل هذا القرار بردود فعل تراوحت بين الاندهاش والاستغراب إلى الشجب والاستنكار فقد كان هذا في نظر البعض نقطة تحول في التاريخ الإسلامي من خلال توريث الحكم وعدم الالتزام بنظام الشورى الذي كان متبعا في اختيار الخلفاء السابقين وكان العديد من كبار الصحابة لايزالون على قيد الحياة واعتبر البعض اختيار يزيد للخلافة يستند على عامل توريث الحكم فقط وليس على خبرات المرشح الدينية والفقهية. وبدأت بوادر تيار معارض لقرار معاوية بتوريث الحكم تركز بالحسين بن علي، وعبد الله بن الزبيروعبد الله بن عمر بن الخطاب. عند وفاة معاوية بن أبي سفيانأصبح إبنه يزيد بن معاويةخليفة ولكن تنصيبه جوبه بمعارضة من قبل بعض المسلمين وكانت خلافة يزيد التي دامت ثلاث سنوات وصلة حروب متصلة، ففي عهده حدثت معركة كربلاء ثم حدثت ثورة في المدينة إنتهت بوقعة الحرةونهبت المدينة. كما سار مسلم بن عقبة المري إلى مكةلقتال عبد الله بن الزبيروأصيبت الكعبةبالمنجنيقات. حاول يزيد بطريقة أو بأخرى إضفاء الشرعية على تنصيبه كخليفة فقام بإرسال رسالة إلى والي المدينة المنورةيطلب فيها أخذ البيعة من الحسين الذي كان من المعارضين لخلافة يزيد إلا أن الحسين رفض أن يبايع "يزيد" وغادر المدينة سرًا إلى مكةواعتصم بها، منتظرًا ما تسفر عنه الأحداث.

وصلت أنباء رفض الحسين مبايعة يزيد واعتصامه في مكة إلى الكوفةالتي كانت أحد معاقل القوة لشيعة علي بن أبي طالبوبرزت تيارات في الكوفة تؤمن أن الفرصة قد حانت لأن يتولى الخلافة الحسين بن علي واتفقوا على أن يكتبوا للحسين يحثونه على القدوم إليهم، ليسلموا له الأمر، ويبايعوه بالخلافة. بعد تلقيه العديد من الرسائل من أهل الكوفة قرر الحسين أن يستطلع الأمر فقام بإرسال ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب ليكشف له حقيقة الأمر. عندما وصل مسلم إلى الكوفة شعر بجو من التأييد لفكرة خلافة الحسين بن علي ومعارضة لخلافة يزيد بن معاوية وحسب بعض المصادر الشيعية فإن 18,000 شخص بايعوا الحسين ليكون الخليفة وقام مسلم بإرسال رسالة إلى الحسين يعجل فيها قدومه. حسب ما تذكر المصادر التاريخية، ان مجيء آل البيت بزعامة الحسين كان بدعوة من أهل الكوفة. قام أصحاب واقارب واتباع الحسين بأسداء النصيحة له بعدم الذهاب إلى ولاية الكوفة ومنهم عبد الله بن عباسوعبد الله بن جعفر بن ابي طالبوأبو سعيد الخدريوعمرة بنت عبد الرحمن، حيث حذر أبو سعيد الخدريمن إعطاء الخصم الذريعة بالخروج عن الطاعة لولي الأمر مانصه "غلبني الحسين على الخروج وقد قلت له، اتق الله والزم بيتك، ولاتخرج على امامك" إستنادا على تاريخ الإسلام للذهبي ج 2 ص 342. وكذلك عمرة بنت عبد الرحمن، نفس المصدر ص 343. ولكن الحسين وإستنادا إلى الطبريج 4 ص 292 "كان مصراً إصراراً كبيراً على الخروج"، كما أسدى له ابن عباس النصح برأي آخر مهم، "فان أبيت إلا أن تخرج فسر إلى اليمنفان بها حصوناً وشعاباً ولأبيك بها أنصار (الشيخ الخضري، محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية).

لكن هذا الخبر وصل بسرعة إلى الخليفة الأموي الجديد الذي قام على الفور بعزل والي الكوفة النعمان بن بشيربتهمة تساهله مع الإضطرابات التي تهدد الدولة الأموية وقام الخليفة يزيد بتنصيب والٍ آخر كان أكثر حزماً اسمه عبيد الله بن زيادالذي وحسب المصادر الشيعية قام بتهديد رؤساء العشائر والقبائل في منطقة الكوفة بإعطائهم خيارين إما بسحب دعمهم للحسين أو انتظار قدوم جيش الدولة الأموية ليبيدهم على بكرة أبيهم. وكان تهديد الوالي الجديد فعالاً فبدأ الناس يتفرّقون عن مبعوث الحسين، مسلم بن عقيل شيئاً فشيئاً لينتهى الأمر بقتله وإختلفت المصادر في طريقة قتله فبعضها تحدث عن إلقائه من أعلى قصر الإمارة وبعضها الآخر عن سحله في الأسواق وأخرى عن ضرب عنقه. بغض النظر عن هذه الروايات فإن هناك إجماع على مقتله وعدم معرفة الحسين بمقتله عند خروجه من مكة إلى الكوفة بناءً على الرسالة القديمة التي إستلمها قبل تغير موازين القوى في الكوفة.

وقائع المعركة:

استمر الحسين وقواته بالمسير إلى أن اعترضهم الجيش الأمويفي صحراءكانت تسمى الطف واتجه نحو الحسين جيش قوامه 30000 مقاتل يقوده عمر بن سعدالذي كان ابن سعد بن أبي وقاصووصل هذا الجيش الأموي بالقرب من خيام الحسين وأتباعه في يوم الخميس التاسع من شهر محرم. في اليوم التالي عبأ عمر بن سعد رجاله وفرسانه فوضع على ميمنة الجيش عمر بن الحجاج وعلى ميسرته شمر بن ذي الجوشنوعلى الخيل عروة بن قيس وكانت قوات الحسين تتألف من 32 فارسا و 40 راجلا من المشاة وأعطى رايته أخاه العباس بن عليوقبل أن تبدأ المعركة لجأ جيش ابن زياد إلى منع الماء عن الحسين وصحبه، فلبثوا أياماً يعانون العطش.

بدأ رماة الجيش الأموي يمطرون الحسين وأصحابه بوابل من السهام وأصيب الكثير من أصحاب الحسين ثم اشتد القتال ودارت رحى الحرب وغطى الغبار أرجاء الميدان واستمر القتال ساعة من النهار ولما انجلت الغبرة كان هناك خمسين صريعا من أصحاب الحسين واستمرت رحى الحرب تدور في ميدان كربلاءوأصحاب الحسين يتساقطون الواحد تلو الآخر واستمر الهجوم والزحف نحو من بقي مع الحسين وأحاطوا بهم من جهات متعددة وتم حرق الخيامفراح من بقي من أصحاب الحسين وأهل بيته ينازلون جيش عمر بن سعد ويتساقطون الواحد تلو الآخر، ومنهم: ولده علي الأكبر، أخوته، عبد الله، عثمان، جعفر، محمد، أبناء أخيه الحسن أبو بكر القاسم، الحسن المثنى، ابن أخته زينب، عون بن عبد الله بن جعفر الطيار، آل عقيل: عبد الله بن مسلم، عبد الرحمن بن عقيل، جعفر بن عقيل، محمد بن مسلم بن عقيل، عبد الله بن عقيل.

بدأت اللحظات الأخيرة من المعركة عندما ركب الحسين جواده يتقدمه أخوه العباس بن علي بن أبي طالب حامل اللواء. إلا أن العباس ذهب إلى بحر العلقمي وهو جزء من نهر الفرات ليأخذ الماء إلى الحسين واصحابه ولكن العباس لم يستطع ان يشرب شربة ماء واحدة إثاراً لأخوه الحسين وسرعان ما وقع صريعا من جنود العدو ولم يبق في الميدان سوى الحسين الذي أصيب بسهم فاستقر السهم في نحره، وراحت ضربات الرماحوالسيوف تمطر جسده، وحسب رواية الشيعة فإن شمر بن ذي جوشنقام بفصل رأس الحسين عن جسده بضربة سيفكما وانهم جعلو خيلا ً تسمى بخيل الاعوجي تمشي وتسير فوق جسد الحسين بن علي وكان ذلك في يوم الجمعة من عاشوراءفي المحرم سنة إحدى وستين من الهجرة وله من العمر 56 سنة. ولم ينج من القتل إلا علي بن الحسين، فحفظ نسل أبيه من بعده.

بعد المعركة:

هناك الكثير من التضارب حول التفاصيل الدقيقة لوقائع المعركة وماحدث بعد المعركة ولايوجد مصادر محايدة يمكن الاعتماد عليها ولكن هناك إجماع على أن رأس الحسين قد قطع وتم إرساله مع نساء أهل بيت الحسين إلى الشام إلى بلاط يزيد بن معاوية فبعض المصادر تشير إلى أنه أهان نساء آل بيتالرسول محمد بن عبد اللهوأنهن أخذن إلى الشام مسبيات وأُهِنّ هناك ولكن هناك مصادر أخرى على لسان ابن تيميةتقول نصا "إن يزيد بن معاوية لم يأمر بقتل الحسين باتفاق أهل النقل، ولكن كتب إلى ابن زياد أن يمنعه عن ولاية العراق، ولما بلغ يزيد قتل الحسين أظهر التوجع على ذلك، وظهر البكاء في داره ولم يسب لهم حريما بل أكرم بيته وأجازهم حتى ردهم إلى بلادهم" وهذه الرواية يرفضها الشيعةوبعض من أهل السنة.

هنالك أيضا جدل أزلي حول من كان المسؤول عن قتل الحسين، ففي نظر الشيعة والذي يوافق بعض المؤرخين من أهل السنةمثل ابن كثيرفي البداية والنهاية، وابن الأثيرفي الكامل، وابن خلدون في العبر والإمام الذهبي في تاريخ الإسلام فإن يزيد لم يكن ملتزما بمبادئ الإسلام في طريقة حياته وحكمه وكان هو المسؤول الأول عن مقتل الحسين.

أما موقف يزيد المعادي لآل البيت، فهنالك واقعة تنفي ذلك طرحا لمختلف الاراء فيذكر الطبريأن يزيدا أرسل رسالة إلى عبد الله بن زيادقائلا "بلغني أن الحسين بن علي قد توجه إلى العراق، فضع المناظر (العيون أو المراقبون) والمسالح (جيوش تحمي الطرقات) واحترس على الظن وخذ على التهمة غير لا تقتل إلا من قاتلك". وقيل أيضا أنه اهتم بأهل بيت الحسين وحزن على استشهاده.

النقطة الأخرى المثيرة للجدل هي الموضع الذي دفن به رأس الحسين بن علي فهنالك العديد من الآراء حول هذا الموضوع منها:

  • أن الرأس دفن مع الجسد في كربلاءوهو مع عليه جمهور الشيعة حيث الاعتقاد بأن الرأس عاد مع السيدة زينب إلى كربلاء بعد أربعين يوما من المقتل أي يوم 20 صفر وهو يوم الأربعين الذي يجدد فيه الشيعة حزنهم.
  • أن موضع الرأس بالشام وهو على حسب بعض الروايات التي تذكر أن الأمويين ظلوا محتفظين بالرأس يتفاخرون به أمام الزائرين حتى أتى عمر بن عبد العزيزوقرر دفن الرأس واكرامه، كما ذكر الذهبيفي الحوادث من غير وجه أن الرأس قدم به على يزيد ". وما زال المقام هناك إلى اليوم يزار.
  • أن موضع الرأس بعسقلانوهذا الرأي امتداد للرأي الثاني حيث لو صح الثاني من الممكن أن يصح الثالث والرابع، تروي بعض الروايات ومن أهمها المقريزيأنه بعد دخول الصليبيينإلى دمشقواشتداد الحملات الصليبية قرر الفاطميين أن يبعدوا رأس الحسين ويدفوننها في مأمن من الصليبيين وخصوصا بعد تهديد بعض القادة الصليبيين بنبش القبر، فحملوها إلى عسقلانودفنت هناك.
  • أن موضع الرأس بالقاهرةوهو أيضا امتداد للرأي السابق حيث يروي المقريزي أن الفاطميين قرروا حمل الرأس من عسقلان إلى القاهرة وبنوا له مشهدا كبيرا وهو المشهد القائم الآن بحي الحسين بالقاهرة، وهناك رواية محلية بين المصريين ليس لما مصدر معتمد سوى حكايات الناس وكتب المتصوفة أن الرأس جاء مع زوجة الحسين شاه زنان بنت يزدجرد الملقبة في مصر بأم الغلام التي فرت من كربلاء على فرس.
  • أن موضع الرأس بالبقيع بـالمدينةوهو الرأي الثابت عند أغلب أهل السنة خاصة السلفيين منهم نظراً لرأي ابن تيمية حين سئل عن موضع رأس الحسين فأكد أن جميع المشاهد بالقاهرةوعسقلان والشام مكذوبة مستشهداً بروايات بعض رواة الحديث والمؤرخين مثل القرطبي والمناوي.
  • أن موضع الرأس مجهولكما في رواية قال عنها الذهبي أنها قوية الإسناد: "وقال أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة:

 

   

 

حدثني أبي، عن أبيه قال: "أخبرني أبي حمزة بن يزيد الحضرمي قال: رأيت امرأة منأجمل النساء وأعقلهن يقال لها ريا حاضنةيزيدبن معاوية، يُقال: بلغت مائة سنة، قالت: دخل رجل على يزيد، فقال: يا أميرالمؤمنين أبشر فقد مكنك الله من الحسين، فحين رآه خمر وجهه كأنه يشم منه رائحة، قالحمزة: فقلت لها: أقرع ثناياه بقضيب؟ قالت: إي والله، ثم قال حمزة: وقد كان حدثنيبعض أهلها أنه رأى رأس الحسين مصلوباً بدمشق ثلاثة أيام، وحدثتني ريا أن الرأس مكثفي خزائن السلاح حتى ولي سليمان الخلافة، فبعث إليه فجيء به وقد بقي عظماً أبيض،فجعله في سفط وكفنه ودفنه في مقابر المسلمين، فلما دخلت المسودة سألوا عن موضعالرأس فنبشوه وأخذوه، فالله أعلم ما صنع به.

   

 

 

من الناحية السياسية لم تكن ثورة الحسين على خلافة يزيد آخر الثورات فقد تلاها ثورة في المدينة المنورةالتي انتهت بوقعة الحرةثم ثورة عبد الله بن الزبيرولم تصبح البلاد الإسلامية تابعة بصورة كاملة لحكم الأمويين إلا في عهد عبد الملك بن مروان وبواسطة الحجاج بن يوسف الثقفي الذي استطاع القضاء على ثورة عبد الله بن الزبيرفي سنة 73 هـ.

يؤمن البعض من أتباع المذهب الشيعي أن عدد من المعجزات حصلت بعد مقتل الحسين بن علي، فيُقال:

 

   

 

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُاللَّةِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُبْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَتْنَا أُمُّ شَوْقٍ الْعَبْديَّةُ، قَالَتْ: حَدَّثَتْنِي نَضْرَةُ الْأَزْدِيَّةِ، قَالَتْ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُعَلِيٍّ مَطَرَتِ السَّمَاءُ دَمًا، فَأَصْبَحْتُ وَكُلُّ شَيْءٍ مَلْآنُدَمًا.

 

وقعة الحرة:

وقعة الحرةكانت عام 63هـ. وكان أهل المدينة قد تمردوا على عثمان بن محمد بن أبي سفيان عامل الخليفة الأموي يزيد بن معاوية، فأرسل لهم جيشاً بقيادة مسلم بن عقبة، فدخل المدينة وأنهى التمرد بها.

والحرّة هي الأرض ذات حجارة سوداء نخرة كأنها أحرقت بالنار، وتنتشر في عدة أماكن منها قرب المدينة، ولكل واحدة من هذه الحجرات اسمها الخاص. ولا زالت بعضها موجودة قرب المدينة (دائرة المعارف الإسلامية 363:7).

أسد الغابة [ جزء 1 - صفحة 600 ] وقتل عبد الله يوم الحرة في ذي الحجة سنة ثلاث وستين قتله أهل الشام وكان سبب وقعة الحرة أنه وفد هو وغيره من أهل المدينة إلى يزيد بن معاوية فرؤوا منه ما لا يصلح فلم ينتفعوا بما أخذوا منه فرجعوا إلى المدينة وخلعوا يزيد وبايعوا لعبد الله بن الزبير ووافقهم أهل المدينة فأرسل إليهم يزيد مسلم بن عقبة المري وهو الذي سماه الناس بعد وقعة الحرة مجرما فأوقع بأهل المدينة وقعة عظيمة قتل كثيرا منهم في المعركة وقتل كثيرا صبرا. وكان عبد الله بن حنظلة ممن قتل في المعركة ولما اشتد القتال قدم بنيه واحدا واحدا حتى قتلوا كلهم وهم ثمانية بنين ثم كسر جفن سيفه فقاتل حتى قتل وكان فاضلا صالحا عظيم الشأن كبير المحل شريف البيت والنسب. سمع قارئا يقرأ : " لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش " " الأعراف 41 " فبكى حتى ظنوا أنه نفسه ستخرج ثم قام فقيل : يا أبا عبد الرحمن اقعد. فقال : منع مني ذكر جهنم القعود ولا أدري لعلي أحدهم وقال مولاه سعيد : لم يكن لعبد الله بن حنظلة فراش ينام عليه إنما كان يلقي نفسه إذا أعيا من الصلاة يتوسد رداءه وذراعه ويهجع شيئا قال عبد الله بن أبي سفيان : رأيت عبد الله بن حنظلة في النوم بعد مقتله في أحسن صورة فقلت : أما قتلت قال بلى ولقيت ربي فأدخلني الجنة فأنا أسرح في ثمارها حيث شئت فقلت : أصحابك ما صنع بهم قال : هم معي حول لوائي لم تحل عقده حتى الساعة. واستيقظت أخرجه الثلاثة

مشاهير علماء الأمصار [ جزء 1 - صفحة 19 ] عبد الله بن زيد بن عاصم المازني من بنى دينار بن النجار جد النجاري عمرو بن يحيى المازني قتل يوم الحرة سنة ثلاث وستين في ذي الحجة بالمدينة وإنما سمى يوم الحرة لأن يزيد بن معاوية بعث جيشا إلى المدينة وأمر صخر بن أبى الجهم فتوفى صخر قبل مسير الجيش إليها فاستعمل يزيد بن معاوية عليهم بعده مسلم بن عقبة المري فسار بهم مسلم حتى نزل المدينة فقاتلهم فهزمهم واستباح المدينة ثلاثا نهبا وقتلا وكان في آخر ذي الحجة لليال بقين منه سنة ثلاث وستين فسميت هذه الوقعة وقعة الحرة

فتح الباري - ابن حجر [ جزء 8 - صفحة 651 ] كانت وقعة الحرة في سنة ثلاث وستين وسببها أن أهل المدينة خلعوا بيعة يزيد بن معاوية لما بلغهم ما يتعمده من الفساد فأمر الأنصار عليهم عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر وأمر المهاجرون عليهم عبد الله بن مطيع العدوي وأرسل إليهم يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة المري في جيش كثير فهزمهم واستباحوا المدينة وقتلوا بن حنظلة وقتل من الأنصار شيء كثير جدا وكان أنس يومئذ بالبصرة فبلغه ذلك فحزن على من أصيب من الأنصار فكتب إليه زيد بن أرقم وكان يومئذ بالكوفة يسليه ومحصل ذلك أن الذي يصير إلى مغفرة الله لا يشتد الحزن عليه فكان ذلك تعزية لأنس فيهم.

بعد هذا العرض لهذه الفترة الزمنية السوداء فى تاريخ المسلمين هل يا من تؤمن بالأحاديث ما زلت تعتقد فى شفافية و نزاهة رواة الأحاديث وهل بعد كل هذه الحروب والقتل والمصالح الشخصيه هل هناك من يصون أمانة نقل الحديث وهل هؤلاء فعلاً هم خلفاء الرسول محمد عليه السلام الذين حملوا لواء الدعوة من بعده؟

نكتفى بهذا القدر فى الجزء الأول وفى الجزء الثانى سنتعرض لكبار أئمة الأحاديث و حقبتهم الزمنيه و مكان نشأتهم ومدى التشابه بينهم وبين ما كان سائد فى هذا الزمان.

السلام عليكم

المصادر التى أعتمدت عليها فى هذا البحث هى من موقع ويكبيديا الموسوعة الحرة.

 

اجمالي القراءات 40648