وحتى لا تكون الحرية والحقوق حبيسة تمييز عنصري
كاميليا شحاته ( وحسرات ما أنزل الله بها من سلطان)

يحي فوزي نشاشبي في الأحد ٠٥ - سبتمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

كاميليا  شحاته 

- وحسرات ما أنزل الله بها من سلطان -

وحتى لا تكون الحرية والحقوق حبيسة تمييز عنصري

         كتب صبحي عبد السلام وهاني القناوي ( المصريون ) مقالا في يوم 04/09/2010 حول قضية المواطنة المصرية " كاميليا شحاته زاخر " وكان الحديث عن احتشاد آلاف المصريين أمام مسجد الفتح برمسيس عقب صلا&EacEgrave; صلاة الجمعة ( 03/09/2010) وتظاهرهم  ومطالبتهم بإنهاء احتجاز وحبس كاميلياشحاته بعد أن أبدت رغبتها في إشهار إسلامها. وقد استنكر المتظاهرون تجاهل القانون والدستور وحقوق الإنسان، بل وقد رفع الشباب المشاركون في  المظاهرات اللافتات ورددوا الهتافات التي تتوجه إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان الدولية تطالبها بالتدخل لإنهاء احتجاز كاميليا شحاته زاخر، وفي سبيل سيادة حرية كل إنسان في اختيار الدين والعقيدة التي  يراها.

        وإن أجمل ما امتازت به هذه المظاهرات تلك الهتافات وتلك اللافتات الداعية إلى واجب احترام القانون والدستور وحقوق الإنسان وواجب ضمان حرية كل إنسان في اختيار الدين والعقيدة.

        نعم، إن ما يفتقر إليه الإنسان المتدين هو أن يسمع ويعيش مثل هذه الأحداث المشرّفة والمشرقة، لكن شريطة أن يرهف سمعه ليستمع إلى تلك التساؤلات والأسئلة التي تتسابق وتتزاحم في طابور طويل، وطويل جدا في ذهنه وأن لا يدير  لها  ظهره  ويتهرب منها  وأن يكون عادلا  في قوله وفي رده ومواقفه . ومنها :

        01)  من حق السيدة  كاميليا  أن تصرح وتعبر بما اقتنعت به واطمأنت إليه في اختيار العقيدة وانتقالها منها إلى الإسلام ، ومن الظلم الوقوف أمامها وعرقلتها والحكم عليها وعقابها بالحبس والإكراه.

        ولكن هل سيكون من حق أية  كاميليا  أخرى  ولو  كانت زوجة  إمام مسلم،  هل سيكون من حقها أن تتراجع وتختار عقيدتها بكل حرية ؟  أو من حق  شحاته آخر أن يتراجع ويختار عقيدته  بكل حرية ؟  وأن  يبوح  بنيته ؟  لاسيما إذا كانـــت هـــذه  " "الكاميليا" أو ذلك  " الشحاته " ناويا  أن يصرح بأنه ينتقل إلى المسيحية أو إلى اليهودية .؟

        02) وهل تتمتع تلك الجماهير الغفيرة  بتــلك العضلة ؟  تــــــــــلك الروح  " الرياضية " لتفهم ذلك ؟  بل للإستماتة في سبيل أن يمارس ذلك الإنسان حريته الكاملة ؟ حتى في اختيار عقيدته والانتقال منها إلى أخرى يراها أنسب  له ؟

        03) نعم هل بلغت الجماهير المتدينة ، لاسيما منها المسلمة ، سن التمييز والرشد ، لتجسد في الميدان مشيئة الله سبحانه وتعالى  التي حباها عبده ؟  وإن المولى سبحانه وتعالى هو المقر بذلك في آية رقم 137 في سورة  النساء :

        ((  إن الذين آمنوا ثم  كفروا ثم  آمنوا  ثم  كفروا ثم  ازدادوا  كفرا  لم يكن الله ليغفر لهم ولا يهديهم سبيلا )) .

       ولأن المفهوم من هذه الآية أن الإنسان ، كل إنسان حر، وله  مطلق الحرية في أن يؤمن إذا شاء  ثم  يكفر إذا  شاء ،  ثم  يتراجع  إذا  شاء  فيؤمن من  جديد   ثم  يدوس كل ذلك إذا  شاء  فيكفر من جديد، بل  ويصرّ ويزداد كفرا،  وكل  ذلك بكل حرية  وبمطلق الحرية ، ولا يحق لأي مخلوق آخر مهما كان مساءلته أو الوقوف أمامه أو لومه أو الحكم عليه بله  تنفيذ الحكم فيه ، وحتى إن كان هذا المخلوق محمدا رسول الله ( عليه الصلاة والتسليم ) فعلينا أن نؤمن ونعتقد ونطمئن إلى أنه ( صلى الله عليه ) هو أول من يأتمر بآية رقم 137 في سورة النساء وبغيرها، بل وعلينا أن نعتقد ونطمئن  بأن رسول الله الذي  صلى الله عليه هو وملائكته ليس له  في الأمر من  شئ  ولن يخالف أوامر الله وهديه وتعاليمه عندما قال له :

       (( ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون)) - آل عمران رقم 128-

       (( ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور )) - لقمان 23-

       (( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغــي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها )) البقرة 256.

       (( ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء ...) – البقرة رقم 272 –

       (( وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين ءاسلمتم  فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد )).- آل عمران رقم 20-

       (( إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون )) - آل عمران 90-

       (( يأيها الذين ءامنوا عليكم أنفسكم لا  يضركم من ضــلّ إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون ))- المائدة 105-

       (( وكذب به  قومك وهو الحق قل  لست عليكم بوكيل )).- الأنعام 66-

       (( قد جاءكم  بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمـي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ )) – الأنعام 104 –

       (( ولــو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل ))– الأنعام 107-

       (( ولو شاء الله لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين )) – يونس 99-

       (( قل يأيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضـلّ فإنما يضــلّ عليها وما أنا عليكم بوكيل ))- يونس رقم 108-

       (( وإن ما نريــنك بعض الذي نعدهم أو نتوفيــنك فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب )) الرعد 40-

       (( فإن تولوا  فإنما عليك البلاغ المبين ) – النحل 82-

       (( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ))– الكهف 29-

       (( وأن اتلوا القرآن  فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضـلّ  فقل إنما أنا من المنذرين ))- النمل 92 –

       (( فذكر إنما  أنت مذكـّر لست عليهم  بمصيطر ))- الغاشية21/22-

       (( فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ)) – الشورى 48-

       (( نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم  بجبّــار فذكر بالقرآن من يخاف  وعيدي))– ق. 45 –

       (( إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق فمن اهتدى فلنفسه ومن ضـلّ فإنما يضلّ عليها وما أنت عليهم  بوكيل ))-الزمر 41 –

       (( إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان  سوّل  لهم وأملى لهم )) – محمد 25 -

       ولأن أي فهم آخر أو اجتهاد  مغاير أو محاولة  ليّ  عنق أية آية للخروج بفهم مغاير، إن ذلك سيكون حتما السبب الرئيس في الوقوف أمام مشيئة الله  سبحانه وتعالى التي تفسح المجال للعبد ليتقلب كما يحلو له  بين إيمان وكفر وإيمان وكفر وإصرارا في الكفر وانغماسا فيه .

       وإذا تمعن المرء في هذه الآيات البينات وهذه التعليمات والأوامر الموجهة إلى سيدنا محمد رسول الله ( عليه الصلاة والتسليم ) فليس من العسير عليه التصور أنه أي رسول الله لو كان موجودا معنا سوف  لن يتصرف إلا  في إطار الآيات القرآنية المذكورة وغيرها ، ويستحيل أن يُــتصور أنه  يفعل فعلة أرباب الكنيسة في مصر، في حالة ما إذا برزت هناك كاميليا  أو شحاته ، وأرادت ترك عقيدتها والانتقال منها إلى أخرى : مسيحية  أو يهودية أو غيرهــما.

       والواجب علينا هو أن نعتقد ونطمئن وبلا أدنى شك أن رسول الله يأتمر بأوامر الله وهديه، والسؤال هو : هل  تكون لنا نحن، القوة الإيمانية الكافية في لتجسيد الآية رقم : 21- في سورة الأحزاب تجسيدها ميدانيا - الآية التي يقول لنا الله فيها : (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا )). هل نحن مستعدون حقا لاتخاذالرسول أسوة حسنة لنا  في  فهمه وآرائه ومواقفه وتصرفاته أمام هذه  الآيات وغيرها ؟

 

 

 

 

 

اجمالي القراءات 10698