هذا ما وجدنا عليه آبائنا
هذا ما وجدنا عليه آبائنا

رمضان عبد الرحمن في الأحد ٠١ - أغسطس - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

هذا ما وجدنا عليه آبائنا

هذا ما وجدنا عليه آبائنا، تكررت هذه الجملة في القران كثيراً وكان كثير من الناس يتمسكون بها ويدافعون عنها، الذين ينحازوا إلى ثقافتهم التي تبيح لهم  فعل كل شيء حرمه الله كالقتل واستبداد الضعفاء وأكل حقوقهم وظلمهم، فأرسل الله الأنبياء والرسل إلى الناس حتى يعبدوا الله بلا شريك، ولكي يتجنبوا المحرمات، فكان الأغلبية من الناس على مر العصور تماطل وترفض الحق، يقول تعالى:

((قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ)) سورة الشعراء آية 74.

فدائماً وأبداً كانت تقف ثقافة الشعوب في وجه الدين الذي أنزله الله لكي يسوي بين الناس ويحافظ على حقوق الغير حتى لو كانوا أقلية، ودون أن نزكي أنفسنا أو نزكي دين على الآخر فإن المسلمين يقولون نحن أفضل الناس والمسحيين يقولون نفس الشيء واليهود أيضاً، وجميع الأديان الأخرى تقول نفس الكلام، ولكن لو مررنا مرور الكرام دون حيادية  سوف نجد أغلبية سكان الأرض من مسلمين ومسحيين وخلافه، أصبح لديهم الدين عبارة عن رمز فقط ولا علاقة لأي دين بما تفعله الناس بالواقع، وما يمثل الحياة عند أغلبية الناس هي الثقافة، دليل ذلك إذا نظرنا إلى المنتهكة حقوقهم في العالم والجوعى والفقراء والذين يتعرضون للظلم والاستبداد والاضطهاد بالملايين وعلى أيدي من يعتنق الإسلام ومن يعتنق المسيحية ومن يعتنق اليهودية مستثنين أولئك الذين قتلوا في الحروب في الماضي وحتى الآن وهم بالملايين، والأغلبية منهم من الأبرياء، فباعتقادي لا يوجد فرق بين أفعال الناس في جميع الأديان في هذا العصر وبين من كانوا في العصور الأولى الذين كانوا يفعلون كل شيء حرمه الله ومن ثم يقولون هذا ما وجدنا عليه آبائنا، يقول تعالى:

((وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ)) سورة الزخرف آية 23.

وأن الشيء الوحيد الذي يقتدي به أغلبية الناس هو الظلم والتكبر، وهذا أيضا موجود عند المسلمين وغيرهم، وأكبر دليل على ذلك ما نراه من ظلم من الحكام، ومن ثم يقوم المنافقين بكتابة الشعر في هؤلاء الظالمين المستبدين، ومما لا شك فيه أنه لا يوجد في أي دين من الأديان من يمدح الظلم وما يمدح الظلم إلا المنافقين من الشعوب، الشيء الغريب وخاصة عند أغلبية المسلمين أننا جميعا نرى الظالم والمظلوم في نفس العصر الذي نعيش فيه ومع ذلك اتباع الظالم تدافع عنه وتقلب الحقائق فكيف في العصور التي مضت على سبيل المثال، نحن لم نرى الذين قاموا بكتابة الأحاديث أو ألفوها على حسب أهواءهم وهم بشر لهم رغباتهم ولهم سلبايتهم، وهم ليسو معصومون من الخطأ، ثم إن الله تعالى يقول:

((أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً)) سورة النساء آية 82.

وإذا عرضنا جميع الكتب التي تحمل اسم  كتب الأحاديث أمام القران سوف نجد فيها الكثير مما هو غير موجود بالقرآن وغير منطقي، وبشكل منطقي أكثر حتى يعقل من يريد أن يعقل قد حلل الله في القران للناس من رجال ونساء لبس الذهب والزينة، يقول تعالى:

((زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ)) سورة آل عمران آية 14.

ولكن من قاموا بكتابة الأحاديث حرموا لبس الذهب على الرجل، مع العلم أنه في ذلك العصر المشئوم كان الحكام أو الولاة يأكلون في أواني من ذهب ويلبسون الذهب ويزخرفون قصورهم بالذهب، وما زالت بعض الآثار الإسلامية شاهدة على ذلك، ثم لماذا بالتحديد كانوا يحرمون لبس الذهب على عامة الشعوب ويحللونه للحكام؟!.. ثم لماذا لم نستمع عن تحريم الذهب في الأمم السابقة إلا إذا كان الأمر يتعلق بثقافة الاستبداد، وحتى يكون الاستبداد واجب كان لا بد أن يصبغ بصبغة الدين الذي قاموا بتأليفه حتى تخضع لهم الشعوب دون جدل، ومع مرور الوقت أصبح ما يمثل الدين عند أغلبية المسلمين ثقافة السابقون، وأكبر دليل على أن أغلبية المسلمين يتمسكون بالثقافة أكثر من الدين المنزل من عند الله تمسكهم بروايات كتبت منذ أكثر من ألف عام، والدفاع الوحيد عن تلك الروايات من الذين يؤمنون بها هو قول لم يقوله غير السابقون: (هذا ما وجدنا عليه آبائنا السابقون) الذين كانوا يرفضون الحق من أجل الباطل الذي يبيح لهم فعل كل شيء، فلو كان المسلمين هم الأفضل على حد قولهم ما رأينا الفقر والجوع وكبار السن ينامون في العراء أمام أعين المسلمين دون أن ينظر لهم مسلم من نفس الفصيلة، هؤلاء هم المسلمين الذين يدعون أنهم أفضل الأمم، والبطش بالناس بسبب وبدون سبب، ولو كان المسيحيين هم الأفضل نذكرهم بالحربين العالميتين الأولى والثانية، والتي قتل فيها الملايين، ونحن على وشك حرب عالمية ثالثة بسبب مرض البشرية المزمن الذي أساء إلى جميع الأديان كما قال الله  تعالى:

((وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ))
سورة المائدة آية 49.

ونلاحظ هنا من هذه الآية العظيمة أنها تصف أغلبية الناس بالفاسقون، وإذا كان ذلك في حياة خاتم المرسلين عليهم جميعا السلام فكيف بعد أن مر أكثر من (14) قرن من الزمان.

 

اجمالي القراءات 49700