تركيا ... الرجل المريض يعود من جديد

حمدى البصير في السبت ٢٤ - يوليو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

انتهى مؤخرا مؤتمر هام فى اسطنبول عن  التعاون العربى التركى فى المجالات الاقتصادية المختلفة برعاية الجامعة العربية ةوقبل هذا المؤتمر بأيام نظمت تركيا قافلة بحرية  لكسر حصار غزة تحت اسم اسطول الحرية والذى قامت اسرائيل بمهاجمته فى عرض البحر واشتبكت مع النشطاء الذين كانوا بداخله واسفر الهجوم عن سقوط 9 اتراك قتلى مماجعل  رئيس الوزراء التركى رجب طيب اردوجان يصف اسرائيل بالدولة المعتدية دائما بل واحدث هذا الهجوم شرخا كبيرا فى العلاقات ا&aacutلاقتصادية واالعسكرية بين انقرة وتل ابيب وهناك تحقيق دولى يجرى حاليا بسبب هذا الهجوم

وبسبب الهجوم الاسرائيلى المتوحش على غزة ، هاجم اردوجان اسرائيل فى احدى المؤتمرات الدولية ووجه مايشبه السباب الى رئيس اسرائيل شيمون بيريز والذى كان بجلس معه على المنصة وبحضور بان كي مون الامين العام للامم المتحدة وعمرو موسى الامين العام لجامعة الدول العربية ، وتلك الواقعة رفعت من اسهم اردوجان بل وتركيا فى العالم العربى

ومن حوالى اسبوع لبيت دعوة كريمة من اصدقاء اتراك لحضور احتفال بمناسبة افتتاح المدرسة التركية بالقاهرة بل وعلمت خلال هذا الاحتفال ان هناك جامعة تركية ستفتح فى مصر قريبا

كما ان بث قناة تركية باللغة العربية بجانب المسلسل التركى الشهير نور جعل هناك تقارب ثقافى واجتماعى بين مصر وتركيا او المستعمر العثمانى سابقا او احفاد العثمانيين الجد

وايضا ساهم التقارب السياسى العربى التركى بجانب العلاقات الاقتصادية المتميزة بين القاهرة وانقرة فى جعل تركيا تعود من جديد الى العالم العربى ، بسبب العديد من العناصر واوجه التشابه الثقافى والاجتماعى والدينى  بين العرب و مصر وتركيا الرجل المريض سابقا

وذلك بعد ان استمد الرجل المريض عافيته بسبب التغيرات السياسية والاقتصادية واالاجتماعية والثقافية التى جاءث مع صعود حزب العدالة والتنمية سدة الحكم هناك .

فالرجل المريض هو كناية عن الإمبراطورية العثمانية التي حكمت العرب من المشرق الى حدود الجزائر وأجزاء من أوربا ، وسميت بالرجل المريض عقب الحرب العالمية الأولى وما ترتب عنها من تجزيء لخارطة العالم العربي كإرث استعماري للعثمانيين وفق معاهدة

 سايس-بيكو التي تم بموجبها تقسيم العالم العربي بين الدول الأوربية المنتصرة دون الالتفات الى قوة العثمانيين التي أصابها عطب استراتيجي قضى على قوتها الجيو-سياسية بالمنطقة ، ومن ذاك العهد بدا الغرب يطلق على الإمبراطورية العثمانية بالرجل المريض ، هذه التسمية فرضت سطوتها على المعجم السياسي والتاريخي المعاصر، وباتت تشكل جرحا عميقا عند المسلمين جميعا بصرف النظر عن الأخطاء التي ارتكبها العثمانيون في تسييرهم لأجزاء واسعة من إمبراطوريتهم بشكل عام وفي العالم العربي على وجه التحديد ، العالم العربي لا يتذكر من هذا التاريخ سوى زرع الكيان الصهيوني بالمنطقة عبر الضغط على آخر خليفة في عاصمة الأتراك والتآمر على حكمه وإزاحته عن سدة الحكم وتعويضه بمصطفى أتاتورك الذي يُنظر إليه كعدو للغة العربية والتقاليد الإسلامية والثقافة الشعبية للمجتمع التركي ، كما ينظر جمهور واسع من المسلمين أن هذه المؤامرات الأوربية ساهمت في القضاء على ما يسميه البعض بالخلافة الإسلامية !

 

 لكن الرجل المريض والذي عاني في سابق أيامه من ضعف عسكري واستراتيجي  لم يستسلم لمرضه ، ولم يمت موتته النهائية كما ودّ أعداؤه من الغرب وبعض العرب ، هذه المرة بقي في فراشه في لملمة جراحه المثخنة ، وأقسم بأغلظ الأيمان أن يغزو العالم العربي ، ليس عند حدود الجزائر  بل قرر هذه المرة الرجل المريض أن يمتد إلى العالم العربي كله من المملكة البحرينية الى المملكة المغربية ، كما فضل الرجل المريض وهو لا زال يئن في فراشه من شدة صدمة الهزيمة الحضارية التي لحقته في القرن الفائت، أن يغير من استراتيجيته الهجومية وآلياته لكسب ود  العرب، هذه المرة لم ينتخب جيشا ...بل انتخب اسمين فقط أحدهما رجل والآخر امرأة شابة جميلة وحالمة آتية من الريف التركي، اختار فقط نور ومهند ، فى مسلسل نور الشهير

 أما آليات الغزو المعتمدة فهي مخاطبة الشعوب العربية كلها بلغة الإقناع الجمالي ،  واللغة المنتخبة في مسلسل نور ومهند وسنوات الضياع ، هي اللغة الشامية لغة السوريين واللبنانيين والفلسطينيين ... ، ولكن سرعان ماجاءت مسلسلات جديدة بعضها سيعرض فى رمضان القادم باللهجة المصرية، بعد ان ايقن الاتراك بعد ضرب اسطول الحرية وتزايد شعبية اردوجان بين فئات عديدة من الشعب المصري ، ان لغة المصريين العامية هى لغة الام عند معظم الشعوب العربية والتى اثرت فيها المسلسلات المصرية  من قبل ، وقبل المسلسلات التركية بمراحل وذلك وقت ان كانت الدراما المصرية من السبعينات وحتى اواخر التسعينات فى كل بيت عربى بل وكانت مصدر دخل قومى رغم ان معظمها كان يصور فى استديوهات اليونان وماسبير قبل المدينة الفاضلة اى مدينة الانتاج الاعلامى ولغزو الاعلامى المصرى على طريقة صفوت الشريف وزير الاعلام الاسبق ورئيس مجلس الشورى الحالى .

 

ولكن وللاسف المسلسل التركي وبطلته نور ومهند دخل البيوت العربية وخاطبها بلغتها المفضلة ، واستطاع أن يثير نقاشا مثمرا أحيانا ، ولجاجا وصل الى حد اللغو أحيانا،  داخل البيوتات العربية عامة والمصرية خاصة، مما جعل  الاعلامى البارز حمدى قنديل  يصف الامة العربية بأنها أمة مهند وليس امة محمد وهى الجملة التى الغت برانامجه وأجلسته فى البيت على طريقة شوبير وجعلته ينضم الى المعارضة مؤيدا للبرادعى وتحول من اعلامى مستقل الى سياسى معارض    

 

ما إن وصل حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم حتى أخذت السياسة الخارجية التركية تشهد عدة توجهات وتحولات، إذ تحولت من سياسة ذات دبلوماسية أحادية البعد إلى سياسة ديناميكية تعتمد على تعدد العلاقات ومزيج من الاستراتيجيات السياسية التي يعود الفضل في صياغتها إلى مهندس السياسة الخارجية التركية الجديدة أحمد داود أغلو. نيميت شيكر تسلط الضوء على هذه التحولات والتوجهات.

 

ولا تزال تركيا تلعب دور وسيط مهم في الصراع الشرق أوسطي بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وعلى الرغم من حادثة السجال الساخن بين رئيس الوزراء أردوغان والرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، في أثناء المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس، إلا أن المرء لن يستطيع الاستغناء مستقبلا عن دور أردوغان كوسيط في هذا الصراع، خاصة وأنه يحاول منذ فترة طويلة للوساطة بين حركتي حماس وفتح المتصارعتين.

 

والسر فى قوة تركيا هو نمو الاقتصاد التركي والذى يكاد يكون أحد النمور الاقتصادية في المستقبل" هكذا يمكن وصف الاقتصاد التركي  بعدما توقعت منظمة التنمية التعاون الاقتصادى تعافي الاقتصاد التركي من الركود الذي شهده العام الماضية ونموه بمعدل 6.8 % هذا العام وبمعدل 4.5 % في العام القادم نرغم الانهيارات الاقتصادية فى اوربا خاصة عند جارتها اليونان.

وأعلنت المنظمة الدولية أن إقتصاد تركيا أظهر قفزة قاطعة من خلال الأداء الذي حققه منذ الربع الثاني من عام 2009 و حتى الأن –منتصف يونيو 2010 - . وجاء في التقرير الذي تنشره المنظمة مرتين كل عام تحت عنوان "المشهد الإقتصادي" أن توقعات النمو العالمي تبلغ 4,6% لعام 2010 و 4,5% لعام 2011 . وأشار التقرير إلى أن التجارة العالمية التي زادت بفعل طلب الدول النامية في أسيا ، قد أنقذت الدول المتقدمة التي تلقت ضربة كبيرة جراء أزمة عام 2009 ، من الأوضاع الصعبة.

 

وفي تعليقه على تقرير المنظمة الدولية وصف على باباجان وزير الاقتصاد التركي إن توقعات المنظمة للنمو بأنها متفائلة لكنه قال ان توقعها بأن يبلغ معدل البطالة في تركيا 15.9 % العام المقابل متشائم. وقال باباجان ان تركيا ستعدل توقعاتها للنمو الى معدل يقع بين توقعها الحالي البالغ 3.5 % وبين توقعات المنظمة.

 

وقال باباجان أنه منذ الانتعاش بدأت معدلات البطالة تتراجع من ذروتها البالغة 14% العام الماضي وتبلغ الان بعد تعديل لاخذ العوامل الموسمية في الحسبان 12.4%. واضاف ان مصاعب أوروبا الاقتصادية لم تفتر من عزيمة تركيا للانضمام للإتحاد الاوروبي لكنه قال ان الحفاظ على العملة الموحدة والوحدة النقدية يستلزم تعزيز اطار العمل المالي وقواعد أشد صرامة داخل منطقة اليورو.

 

 

وقامت الحكومة في السنوات التالية بتشجيع خصخصة القطاع العام ودعمت القطاع الخاص. وعانت البلاد في 1994، 1999 و2001 أزمات اقتصادية حادة مما أدى إلى انهيار الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها وزيادة نسبة التضخم بشكل كبير. وساعدت الظروف الاقتصادية السيئة على انهيار الحكومات عدة مرات ،حتى تولى اردوجان ورفاقة الحكم فتغير وجه تركيا الاقتصادى

 

وتحسن الاقتصاد تدريجيا ونمت ثقة المستثمرين بالتعديلات التي أقرتها الحكومة وزاد الأمل في دخول البلاد الاتحاد الأوروبي كعضو كامل بعد حصولها رسميا على صفة دولة مرشحة للانضمام عام 1999. بدأ تطبيق تداول العملة الجديدة الليرة التركية الجديدة منذ الأول من يناير 2005 لكي تحل تدريجيا محل العملة القديمة الليرة التركية. وبلغ الناتج القومي بالنسبة للفرد 4172 دولار   في 2009 كما بلغت القوة الشرائية موزعة على الفرد 7400 دولار أمريكي. وبلغ الناتج القومي حوالي 200 مليار دولار أمريكي في 2009 ونسبة دين خارجي تبلغ 134،4 مليار دولار في العام الماضى ايضا أي ما نسبته 78% حسب الناتج القومي.

ونستطيع القول ان تركيا مرشحة بقوة فى التغلغل فى العالم العربى ، ولايما انها دولة سنية بعكس ايران الشيعية والتى لاتجد قبولا عند معظم الدول العربية

وعلينا فى ان نستفيد من الاتراك او العثمانيين الجدد ونترجم العلاقة الطيبة الى تعاون اقتصادى شامل والدخول مع تركيا فى تكتل اقتصادى موسع ن ولايجب ان يكون هذا التكتل على طريقة الكوميسا

وايضا لابد من جعل تركيا منفذا ومحطة للتصدير فى اوربا واسيا ن وفتح اسواقا جديدا للمنجات المصرية هناك خاصة فى دول الكومنولث الروسى

ولا اعرف لماذا التوجس الرسمى من تعميق العلاقات مع تركيا ن فتجربة الحكم الاسلامى هناك صعب تكراراها فى مصر فليس لدينا حزب يقارن بحزب العدالة والتنميةنكما ان العالم الان ومنه تركيا لايعترف الاباللغة المصالح حتى ولوكانت مغلفة بطابع انسانى  او من خلال نور ومهند

حمدى البصير

Elbasser2@yahoo.com

اجمالي القراءات 17049