القاسم المشترك بين سيدنا إبراهيم وسيدنا محمد عليهما السلام

يحي فوزي نشاشبي في الإثنين ١٢ - يوليو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله الرحمن  الرحيم

 

القاسم  المشترك

بين سيدنا إبراهيم وسيدنا محمد عليهما السلام 

في أواخر شهررجب ليلة يهتم بها المسلمون الذين تلقوا القرآن العظيم  لأنها تذكرهم  بذلك الحدث العظيم الهائل الذي أراده الله  سبحانه وتعالى المتمثل في تلك الهدية الرائعة التي حبا بها عبده ورسوله عليه الصلاة والتسليم ، في تلك الرحلة الليل&iail;لليلية التي نقل فيها الخالق مخلوقه من المسجد الحرام  إلى المسجد  الأقصا.

وإن الاهتمام بهذه الليلة والاحتفال بها هو الذي دفع المرء إلى التأمل والتحديق في الآيات القرءانية  التالية :

(( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير.)) الإسراء رقم 01.

(( وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا  بيتــي  للطائفين والعاكفين والركع السجود .... وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت  وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم )). من 125 إلى 127 –البقرة -

(( إن أول بيت وضع للناس للذي بــبكة مباركا وهدى للعالمين )) 96 سورة آل عمران.

((  جعل الله  الكعبة  البيت  الحرام  قياما  للناس والشهر الحرام ن يكن خيرا منهن والهدي والقلائد ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض  وأن الله بكل شئ عليم )).97- المائدة .

(( قد نرى تقلب وجهك في السماء  فلنوليــنك قبلة ترضاها فـولّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما  يعملون .))144- البقرة.

من المؤكدأن جملة " سبحان الله " التي يكون محمد بن عبد الله قد شعر بها وأحس بتحوّلها بداخله، والتي يكون نطق بها منذ تلك الليلة، من المؤكد أنها أصدق جملة وأثقل جملة وأعمقها ، ولا يمكن أن يشك في ذلك، وهو العبد الذي رحل به الله العلي العظيم في رحلة لا نظيرلها. وأما ما شاء الله أن يري عبده في تلك الرحلة فلا يعلم كنه تلك الآيات ومداها وعظمتها إلا الله وعبده

كما هو متصور فإن التأمل في هذه الآيات القرآنية كان السبب الرئيس في تدافع وازدحام الأسئلة . ومنها :

01) إن المفهوم والواضح أن عبد الله ورسوله قد حظي في تلك الليلة بما حظي به لاسيما بما أراه الله من مختلف آياته في رحلته، تلك التي حملته من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا.

وإذا كان المتفق عليه هو أن المسجد الحرام هو الكعبة الواقعة بمدينة مكة ، فهل موقع المسجد الأقصا معروف ومتفق عليه ؟

وإذا كان المفهوم من الآية رقم (1) في سورة الإسراء أن الله متّع عبده ورسوله بما شاء أن يريه من آياته، فهل المفهوم البين هو أن الله أمر عبده ورسوله أو حتى أجاز له أن يروي لنا رحلته وتفاصيلها كلها أو بعضها ؟

ولنفرض أن الله أذن أو أمر عبده ورسوله أن يروي للناس كل ما رأى ، فهل القصد من ذلك هو ليتخذ الناس ذلك وتلك التفاصيل عظة أو أسوة ؟

وإذا كان ذلك كذلك فكيف نطمئن أو ماذا يجعلنا نطمئن إلى أن ما رواه عبد الله ورسوله من رحلته الليلية ما زال محفوظا لم تتسرب إليه أية شائبة ؟ وإذا كان كل ذلك يكتسي أهمية كبرى لنا فهل اهتم الله سبحانه وتعالى بحفظه  كما فعل سبحانه وتعالى بالنسبة لحديثه المنزل في  ليلة أخرى ؟ ليلة  القدر ؟

02) ثم هناك جزء آخر لا يقل أهمية، فإذا عرفنا وكنا مطمئنين أن المسجد الحرام هو الكعبة بمدينة مكة، فهل لنا وكيف  لنا أن نعرف موقع المسجد الأقصى؟  وإذا فهمنا أن هناك في ذلك العهد وفي تلك الليلة مسجدين اثنين هما المسجد الحرام بمكة حيث انطلق الله بعبده ورسوله إلى المسجد الأقصى حيث نهاية رحلة الإسراء، فما هو السر يا ترى من وجود مسجدين اثنين في آن واحد، وما هي المسافة الفاصلة  بينهما ؟  وما وظيفة  كل مسجد آنذاك ؟

03) وإذا كان المسجد الحرام  بمدينة  مكة هو أول بيت وضع للناس ،  فهل يجوز أن يطلق اسم " بيت " للمسجد الآخر الواقع بمكان آخر وهو المسجد الأقصى؟ والأقصى  بالنسبة لماذا  

04) وإذا فهم من التأمل في الآيات أن الله وضع للناس – لجميع الناس – بيتا واحدا لا شريك له، وهو لــلّذي ببكة مباركا وهدى للعالمين ( 96- آل عمران) فما محل المسجد الأقصى من الإعراب ؟

ثم ، وحسب روايات أخرى وأحاديث  نسبت إلى رسول الله عليه الصلاة والتسليم مفادها أن المسجد الأقصى أنشئ وبني في عهد  سيدنا آدم عليه السلام. وعندما نضع هذه الفرضية أمامنا  ونعتبرها ،  ونرجع إلى الآية رقم 96 في سورة آل عمران يمكن أن نستنتج أن الله سبحانه وتعالى عندما قال (( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة )) يعني أنه لا  ينفي أن هناك بيتا آخر!لأن غير هذا الفهم يزج بنا في متاهات وإلى طريق مسدود علما أن حديث الرحمان الرحيم يستحيل أن يلحقه أي تناقض.

05) وبعد كل هذا، فالتساؤل الآخر الذي تمكن من أن يتخطى الرقاب ويفرض نفسه هو: أن التأمل في الآية رقم 144 في سورة البقرة  يجعلنا نفهم أن محمدا رسول الله عليه الصلاة والتسليم كان بمكة وأمامه الكعبة ذلك البيت الأول الوحيد الذي وضعه الله للناس أجمعين ، ومع ذلك كان عبد الله محمد بن عبد الله يقلب وحهه في السماء طامعا وملتمسا وراجيا  قبلة ما، وكان بعبارة أخرى غير فاهم بعدُ أن القبلة التي وضعت له ولغيره من الناس هي الكعبة التي بمكة،وهي تلك التي رفع قواعدها إبراهيم وإسماعيل قبل قرون خلت .

06) وعليه فعل يجوز للمرء أن يتساءل ويتعمق أكثر ويفرض أن البيت الأول والوحيد الذي وضع للناس هو ذلك الواقع بمكة – لا غير– وهو ذلك البيت الوحيد الذي وضعه الله قبلة للناس لجميع الناس، ومع ذلك فهناك فترات فتور وغفلة وضلال من طرف الناس، وفترات أمية نتجت من أفاعيل الضالين المضلين من بعض طوائف أهل الكتاب  أدت بهم إلى أن يديروا للكعبة ظهورهم ويوظفوها لمآرب أخرى أو لأغراض أقل شأنا وأهمية، لأغراض أرضية محضة مثل اتخاذها معرضا لما يعرف بالمعلقات أو مختلف رموز الشرك من آلهة وأرباب.

07) وباختصار شديد فلعل من الصواب القول أن هناك قاسما مشتركا بين سيدنا إبراهيم وسيدنا محمد –عليهما السلام-  حيث أن الأول كان يقلب وجهه في السماء هاربا مما عليه قومه الضالون باحثا عن رب  يحبه ويطمئن إليه ، وأن الثاني كان يقلب وجهه في السماء هاربا هو الآخر وفارا مما عليه قومه الضالون باحثا عن قبلة يرضاها ويطمئن بها ويحب الله من خلالها .؟

 

 

اجمالي القراءات 34496