كلمة منكم
اضاءات قرآنية 1 دلالات كلمة ..منكم.

زهير قوطرش في الأحد ٠٤ - يوليو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

 

اضاءات قرانية ....دلالات كلمة ...منكم

 

القرآن الكريم نبع من الكنوز اللغوية لا ينضب.كل كلمة في القرآن الكريم لها  معانيها ودلالاتها على أرض الواقع .هذه الدلالات اللغوية لها وجودها وحضورها في موقعها من الآية, لها دلالة ومعنى ,لا ينطبق إلا على هذا الموقع من الآية.

يحضرني قول لأحد أعضاء مجمع اللغة العربية في دمشق,وهو أخ  مسيحي الديانة قوله : أنه عندما قرأ هذه الآية الكريمة.

"أَلَمْ تَرَ أَن&osauml;َّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ" الزمر -21

 

حاول أن يستبدل كلمة سلكه ,بكلمات مشابهة في المعنى تقريباً ,لكنه وجد أن الدلالة لا تستقيم إلا  بكلمة سلكه .أي أن الماء الذي ينزل من السماء ثم بقدرة الله وبتطبيق سننه الثابتة في الكون ,يخرج  بشكل سلكي من الأرض ليشكل اليانبيع التي سُخرت للإنسان لقضاء حاجته من الشرب والري وغير ذلك. فسبحان الله

 

في هذه المقالة  والمقالات اللاحقة سوف أتطرق إلى  بعض الآيات القرانية ,وسوف أحاول  معالجة توضع كلمة فيها ,قد نمر عليها مرور الكرام ,لكنها في الواقع تمثل منهجاً أساسياً  في تعاملنا على أرض الواقع.

ملاحظة :  في الحقيقة ,لا يمكنني أن أدعي أني المتدبر الوحيد لهذه الدلالات ,لكنني قد قرأتها  في مقالات أو كتب ,كفكر له أصحابه الكثر ,لكني وكعادة الذين يدرسون ويبحثون ,عند أخذهم الفكرة  أو استعارتها يزيدون عليها دلالات أخرى تغنيها ,معتمدين على مستواهم المعرفي وتجربتهم  في هذه الحياة.

 

  • الاية الأولى:

  • يقول عز من قائل:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ" النساء 59

 

في هذه الآية الكريمة ,دعوة للذين أمنوا بطاعة الله ,والرسول  المرتبطة طاعته بالرسالة التي أنزلها عز وجل عليه .لكن الرسول (ص) قد مات ,فطاعته بعد موته ,هي  العمل بالرسالة من خلال الرسول الذي لا يموت ألا وهو كتاب الله عز وجل القرآن.

لكن ما أحب أن أشير إليه في هذه الآية , قوله عز من قائل ....أولي الأمر ___ نلاحظ أن الله عز وجل لم يقل ولي الأمر منكم .ومع كل أسف ,تم تطبيق هذه الكلمة  بوعظ من رجال الدين ,خدم السلطان ,بشكل تم معه تحويل المعنى من أولي الأمر على أرض الواقع إلى ولي الأمر وذلك لتكريس الفردية ,ومبدأ الراعي والرعية (القطعان).

أما الكلمة المهمة في سياق هذه الآية ,هي "منكم".

كلمة "منكم"  لا تعني كما جاء في كتب التراث ,إي إطاعة العلماء والأمراء .صحيح أن الطاعة في كتبهم ارتبطت في طاعتهم بما أمر الله ,لكن التطبيق العملي  تاريخياً أثبت لنا أن الطاعة كانت طاعة فردية ,طاعة خضع فيها المحكوم للحاكم أو لرجل الدين ,دون محاسبة أو مساءلة.

كلمة "منكم" لم تأتي عبثاً والعياذ بالله ,فلو حذفنا كلمة منكم من الاية الكريمة ,لتحقق المعنى والدلالة التي سادت في عالمنا الإسلامي والعربي. أي طاعة الله ورسوله وأولي الأمر ... "المعين ,الوارث, الذي اغتصب السلطة".

"كلمة "منكم" لم ترد في كتب الرسالات السابقة ,وهذه مسالة هامة جداً    يجب التنويه إليها,والسبب في ورودها بمكانها في هذه الآية في أخر الكتب المنزلة والمهيمنة على ما سبقها,كون  مشيئة الخالق ,في أن تكون أخر الرسالات ,قد نزلت في مرحلة تحول البشرية من الطفولية والاتباع إلى مرحلة  الاستقلالية في تحمل المسؤولية ومن ثم تحمل النتائج المترتبة على ذلك .وهذا لن يتم إلا ببناء مجتمعات تعمل فيها كلمة "منكم "دوراً أساسياً في بنائها. والمعنى المقصود في هذه الآية أن أولي ألأمر  الذين هم منا أي هم خدم وأركز على كلمة "خدم" اخترناهم لمواصفات فيهم ,وافق عليها الأكثرية ,وكونهم خدماً ,فهم معرضون للمسائلة ,ومعرضون في حال عدم تطبيقهم لما تم الاتفاق عليه من دستور أو نظام إلى المحاسبة والاستبدال .وهذا لا ينطبق على الحكم ,بل وحتى تستوي الأمور ,لابد لهذا المبدأ من ان يسري حتى على المستويات الادنى في الدوائر الحكومية والشركات والجامعات ....الخ . .بذلك نكون قد حققنا مراد الله عز وجل في كلمة "منكم" .

 

في المقالة التالية سوف أتعرض لكلمة "عندك"

اجمالي القراءات 17076