الفتوى
الفتوى

زهير قوطرش في الثلاثاء ٠٨ - يونيو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

أحبائي أهل القرآن ,أنقل اليكم أروع ما قرأت في الفترة الأخيرة ,قصيدة للشاعر مازن الصالح بعنوان الفتوى .لن أعلق كثيراً ,فالقصيدة تتكلم عن نفسها بنفسها .تحياتي له ولقلمه الهادف.  

الفتوى

                     

أَتَينا نَطلبُ الفَتْوى

فَهلْ يا شيخُ تَفتينا

فقد تاهت مَقاصِدُنا

وما عادت لنا سُبُلٌ لِتهدينا

وما ظلت لنا قِيَمٌ

ولم تبقى كما كانت مَبادئنا

فصارَ الغَّيُ يُغْوينا

وأصبحنا بلا هدفٍ ولا رُؤيا

بلا دارٍ ولا مأوى لِيؤوينا

وما عادت لنا أرضٌ

ولا بعضٌ من الأوطان تَحْوينا

رَضينا حُكْمَ من ظلموا ومن خانوا ومن هانوا

وَهَتْكُ العِرْضِ ما أحيا بِنا خَجَلاً

ولا قَدْ قَضَّ مِنْ أحلامنا فينا

تَبِعنا حُكْمَ مَنْهجِنا

فَقَصَّرنا شَوارِبَنا

وَزِدْنا طولَ لِحْيَتِنا

وقَصّرنا مِنَ الأثوابِ هَلْ يا شيخُ تَفْتينا

فكيفَ لَنا بِذاكَ الثوبِ نَلْبِسُهُ

وثوبُ العارِ قدْ أضْحى يُغَطينا

 

أنا يا شيخ مُرْتَبِكٌ وَمُحْتارٌ فأفتيني

خَرَجْتُ الأَمْسَ مِن طَوْعي ومن شَرْعي ومن ديني

دخلتُ البيتَ دونَ الْوَعْي باليسرى

فهل يا شيخ قد خَفَّتْ مَوازيني

 

وقبْلَ الأمسِ قدْ زادتْ بِلا شَكٍ خَطيئاتي

سَمِعتُ الطيرَ بعدَ الفَجْرِ في ألحانِهِ الْنَجْوى

فثارَتْ فِيّ أشْجاني وَلَذّاتي

وَرقَّ القلبُ مِنْ طَرَبٍ ومنْ نَشوى

فَخِلْتُ الطيرَ قدْ حَسَّتْ بِدقاتي وآهاتي

وخِلْتُ الطير قد حسَّتْ بما قد جالَ في ذاتي

فهل يا شيخُ قد أخْطأتُ في طَرَبي

وهل يا شيخ قدْ زادتْ بِذا طَرَبٍ عَذاباتي

 

تَوالَتْ كُلُ أسئلتي وما كَلّتْ

وزادت في سخافاتٍ تفاهاتي

وردَّ الشيخ بعد الصمتِ في وَجَلٍ

         أهلْ تَبدو كَمَنْ يُصْغي لِنُصْحٍ في إجاباتي

كأنّي بعدَ أنْ أصْغَيْتُ في خَجَلٍ

عَرفْتُ الرّدَ في مَضْمونِهِ الآتي

  

يقول الشيخ هلْ ضاقَتْ بِكَ الدُنيا

فلا عَجَبٌ

ألا تدري بأنّا في دروبِ الذُلِّ قَدْ سِرنا

لقَدْ هُنّا وَلا ندري إذا كُنّا

بهذا السوءِ قدْ صِرْنا

ومِنْ أقوالِنا دُرَرٌ ودون الفعل أعْلَنّا وثرثرنا

تَرَكْنا كُلّ مُغْتَصِبٍ يُحاصِرُنا وَيَقتُلنا

فماذا كان مَوقِفنا

تَنَحيّنا وَبِالطاعاتِ والتّهليلِ أَقْبلنا

وَقَبّلْناهُ فوقَ الرأسِ وَالوَجَناتِ قَبّلنا

وَلَوْ يَرْضى لَقُمْنا لَثْمَ أرْجُلِهِ

وما زِلنا بِكُلِّ السُّخْفِ قَدْ نسألْ

أهل نبدأ بِتَقبيلاتِنا السَكْرى

أباليُسْرى أمِ اليُمْنى

 

وماذا نَحْوَ جيرانٍ وماذا نحو أُمّتِنا

إذا صارتْ لنا مَعَهُمْ خِلافاتٍ فلا تَسْئلْ

فلا نَرْضى سِوى بالسيفِ مِنْ حَلٍ

وبالتّقْتيل والتهديد أمْعَنّا

وتأتي تَطْلُبُ الفتوى

فأيُّ شُعوبِ الأرضِ قَدْ صُرنا

فلا عَجَبٌ إذا ضاقتْ بنا الدنيا

 

أَليسَ الحالُ هذي الحال مِنْ أفعالِ أيدينا

وقد عَمَّتْ خطايانا وزادتْ مِنْ مآسينا

 ولمْ نَأْبَهْ لآهاتٍ مِنَ الأطفالِ في حُزنٍ تُنادينا

فماذا بعدَ هذا الخِزْيِ قدْ يكفي لِيَخزينا 

 

وندعوا في ليالينا

لنرجوا مِنْهُ مَغْفِرَةً وَندْعوهُ ليهدينا

وندعوهُ لِيَنْصُرَنا وَنَدعوهُ لِيُغْنينا

فكيفَ لنا نُصيغُ الدين في أُطُرٍ

لِيرضى بَعْضُ ظُلاّمٍ

وَبَعضُ الظُلمِ يُرضينا

 

نَعمْ يا شيخ قدْ ضاقتْ بِنا الدُنيا

 فأيْنَ الْحَلُ هَلْ بِالحَلِ تأتينا

وهلْ ما عادَت لنا سُبُلٌ ولا أملٌ بِها نرجوا

تُعيدُ العِزَّ والأمجادَ لِلأمّهْ

 وبَعْضاً مِنْ أمانينا

 

يقول الشيخ لا تَقْنَطْ ولا تَيأسْ

إذا تُبْنا وعُدْنا في عِبادَتِنا بِإخْلاصٍ وآمنا

فإنّ اللهَ تَوابٌ وَغَفّارُ سيهدينا

فلا نُشْركْ بِهِ أحداً

ولا نخشى مِنَ الظُلاّمِ أو حُكامِنا فينا

ولا نطلبْ سِوى مِنْ ربنا فَرَجاً

فَرَبُ الكّوْنِ مَنْ يُعْطي

وإنْ أعْطى سَيُرضينا

هِيَ التَقْوى سَتَرْدَعُنا فَلا نَفْسٌ لِتأمُرَنا وَتَغْوينا

فلا نخشى سِوى مِنْ رَبِّنا غَضَباً

ولا نخشى مِنَ الأعداءِ تَهديداً

ولا نرضى لَهُمْ في الأرضِ تَمْكينا

وأَعْرِضْ عَنْ تَفاهاتٍ فقد تُلْهيكَ عَنْ أصْلٍ وَتلهينا

دُروبُ العَزّ ِلا تأتي بِلا كَدٍّ ولا عَمَلٍ

وَيَسْلُكها ذَووا هِمَمٍ إذا صَبروا

فُكُنْ لِلْعِزِّ تَواقاً وَبِالأعمالِ وافينا

لقدْ كُنّا رِياداتٍ وما كانت صِعابُ الدّهْرِ تُثنينا

وأَينَ لنا بِدورِ العِلْمِ تَرفَعُنا ونَرْفَعَها

فَنُدلي في مَناهِلِها لِنَسْقيها وِتَسْقينا

فَلا تَفريطَ يا قومٌ بِحاضِرنا ولا حتماً بماضينا

أَهَلْ يا قومُ قدْ أَسْرَفْتُ في نُصُحي

وَهلْ ما زالتِ الفتوى لهذا الحالُ تَشفينا

اجمالي القراءات 9970