القول بأن السنة مكملة للقرآن..اتهام لكتاب الله بالنقص

Brahim إبراهيم Daddi دادي في السبت ٢٩ - مايو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

عزمت بسم الله،

أعزائي القراء الكرام أضع بين أيديكم هذا الحوار الذي أجرته الأستاذة الفاضلة مديحة عزب مع الأستاذ الفاضل عدنان الرفاعي يوم 26 ماي 2010 في آخر ساعة (38).

لقد ذكر الأستاذ عدنان الرفاعي الكثير من الحقائق نتفق مع الكثير منها، ومنها ما لنا وجهة نظر ربما تختلف بعض الشيء عن ما جاء به الأستاذ عدنان. لذا أرجو من الكرام التعليق عليه لنستفيد جميعا من بعضنا البعض، ما دام الأصل عندنا هو كتاب الله تعالى، فمن الطبيعي أن نختلف في بعض المفاهيم، وبالمناقشة الهادئة المحترمة يمكن أن نقترب أو نصل إلى المعنى والمقصد الحقيقي للآية الكريمة، وحتى لو بقينا مختلفين في الفهم فذلك من آيات الله تعالى، ثم يوم القيامة يفصل بيننا أحكم الحاكمين، ولن نصل أبدا إلى تكفير بعضنا البعض، والنزول إلى سوء القول، ( كما يفعل غيرنا ممن لا يؤمنون باليوم الآخر) بل نكون ممن قال فيهم المولى تعالى: وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنْ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ(24). الحج. فما علينا إلا أن ندبر القول ونستمع له ونتبع أحسنه، لنكون من أولي الألباب المهتدين الذين مدحهم الله فقال سبحانه: الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمْ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ(18). الزمر.

 إليكم نص الحوار:

 

 

" المسلمون متهمون بتغييب الكثير من أحكام كتاب الله لصالح عدد من الأحكام الملفقة عبر الأحاديث الموضوعة ".. إجابة حاسمة وصادمة في الوقت ذاته قطع بها المفكر الإسلامي, عدنان الرفاعي, في حواره الأخير مع آخر ساعة, لتضاف إلى جملة الآراء المثيرة للجدل التي يطلقها الرفاعي من حين لآخر حول موضوع صحة أسانيد بعض الأحاديث والسنن النبوية الشريفة ومدى اتفاقها مع نصوص القرآن الكريم... الأمر الذي كان ولا يزال سببا لكلالانتقادات التي توجه إليه, حتى وصل بعضها لحد التهديد بالقتل, فضلا عن اتهامه بالانتماء ~ للقرآنيين ~ الذين ينكرون السنة المحمدية على إطلاقها..

 

المفكر الإسلامي عدنان الرفاعي:

القول بأن السنة مكملة للقرآن..اتهام لكتاب الله بالنقص

ـــــــــــ

حوار: مديحة عزب.

ـــــــــــ

* ألا ترى أن آراءك الحادة بخصوص السنة النبوية تؤكد الاتهامات التي تطاردك بالانتماء للقرآنيين؟

- أنا إنسان مسلم أؤمن بكتاب الله تعالى ونبوة محمد (صلى الله عليه وسلم) ولا أنتمي إلى أي جماعة ولا أحسب على أحد..وأنا لا أنكر السنة الشريفة الحقة كما يفتري عليّ بعض الجاهلين, القضية ليست حجية السنة, ولكن المشكلة في ثبوت الرواية, فأنا أعتقد أنه لا يوجد مسلم مؤمن بكتاب الله تعالى (القرآن الكريم) يمكنه أن يقول: أنا لا أريد السنة .. المشكلة عند أصحاب المنهج التراثي الجمعي من أقصى السنة لأقصى الشيعة الذين أقروا روايات لا يقبلها عقل ولا منطق فضلا عن أنها تعارض كتاب الله تعالى بشكل فاضح لا يمكن إغماض الأعين عنه..

* ليكون كلامنا محددا.. هل هناك أمثلة على صحة هذه الفرضية؟ 

- مثلا مسألة الناسخ والمنسوخ بما تحمل من إساءة للنص القرآني وأحكامه.. ومسألة الخروج من النار حيث هي في أصلها افتراء افتراه اليهودعلى الله تعالى.. ومسألة الشفاعة حيث تم تلبيسها بروايات نسبت ظلما للرسول (صلى الله عليه وسلم) مما جعل أبناء الأمة ينظرون لآيات الشفاعة في القرآن الكريم من منظار روايات التاريخ.. كذلك مسألة الطلاق ومسألة تعدد الزوجات حيث الأمر في كتاب الله تعالى يختلف عنه في الفقه والموروث, هناك أيضا بعض أحكام الميراث مثل مسألة الكلالة وأشياء أخرى عديدة أعتقد أن المجال هنا لا يتسع لذكرها وقد بينتها بالتفصيل في كتابي (( محطات في سبيل الحكمة )) .. المسألة إذن تكمن في كون النص القرآني بات مغيبا تماما وتحل بدلا منه بعض روايات التاريخ التي لا ندري من أين اكتسبت قوة الإلزام لدرجة جعلوها حجة على كتاب الله تعالى.. 

* بصراحة.. هل تنكر السنة؟

- أنا أنكر فقط ما لفق على السنة الشريفة من روايات تم اعتبارها في عصر من العصور عين السنة الشريفة, وإنكاري لهذه الروايات هو انتصار للسنة الشريفة, فالإساءة لكتاب الله تعالى وللسنة الشريفة ولشخص النبي (صلى الله عليه وسلم) هو إقرار ما لم ينزل الله تعالى به من سلطان وقد تم فرض ذلك على الأمة وإدخاله ساحة المقدس.

* لكن هناك تشريعات عدة الأصل فيها لأحاديث نبوية مشهورة.. فكيف تنادي بتركها؟ 

- الحديث النبوي الشريف الحق غير الموضوع لا يتعارض أبدا مع كتبا الله تعالى, لأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان بسلوكه وحياته قرآنا يمشي على الأرض.. فكيف إذن من الممكن أن يقول قولا يتعارض مع كتاب الله تعالى.. نعود فنقول إن المشكلة في كثير من الروايات التي تم فرضها على الأمة على أنها سنة وهي في حقيقتها موضوعة وملفقة ولا تحمل للسنة وللدين إلا الإساءة وهي عين الجحود بكتاب الله تعالى.. وأنا قد بينت في مئات الأحاديث في البخاري ومسلم عند السنة والكافي عند الشيعة المتناقضة مع بعضها البعض والمتعارضة مع كتاب الله تعالى ولا يقبلها أي عقل أو منطق, وبينت أن كل محاولات ذر الرماد في العيون إنما هو للإيهام بأنها ليست متعارضة مع كتاب الله تعالى ومع بعضها فيما يسمونه بتأويل مختلف الحديث.. وهي محاولات تم فيها القفز الفاضح على الصياغة اللغوية لهذه الروايات وأن شروح هذه الروايات لا علاقة لها بصياغتها اللغوية.. وأن الهدف كان الإيهام بصحة هذه الروايات مهما كانت درجة تطليق العقل ومخالفة قواعد اللغة العربية.

* يدفعنا هذا الحديث عن صلاحية التشريع التي أعطاها الله سبحانه وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم بموجب الآية الكريمة < وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا > ومثال على ذلك فروض الصلاة وعددها وعدد ركعاتها.

- النسبة لفروض الصلاة وأوقاتها وعدد ركعاتها فقد أخذناها منه صلى الله عليه وسلم ليس من خلال الأحاديث ولكن من خلال الفعل فقد قال صلوا كما رأيتموني أصلي.. فالمسلمون صلوا منذ صلى هو وكما صلى هو ولم نأخذ الصلاة من الروايات, وليس من المعقول في شيء أن الأمة لم تكن تعلم مثلا أن عدد ركعات الظهر 4, قرونا من الزمان إلى أن أتتنا أحاديث الآحاد بعد قرون فعلمت الأمة ذلك, هم يذرون الرماد في العيون فيوهمون الناس أن عدد الركعات أخذناه من الأحاديث, وهذا من جملة الأساليب المتبعة لدفع الناس نحو تقديس رواياتهم التاريخية وفرضها على أنها عين السنة الشريفة..

أما الأمر بإتباع الرسول صلى الله عليه وسلم كما أشرت في السؤال.. فنحن نتيجة عدم التدبر السليم لدلالات كتاب الله تعالى, لم نفرق بين صفتي الرسالة والنبوة في شخصهصلى الله عليه وسلم, ولم يتم الوقوف عند حقيقة قرآنية واضحة وضوح الشمس وسط النهار وهي أن أمر الطاعة لم يأت في كتاب الله تعالى إلا متعلقا بصفة الرسالةولم نر في كتاب الله تعالى آية تقول أطيعوا النبي أو أطيعوا محمدا ..أبدا.. إذن فالرسول هو من نؤمر بطاعته.. والرسول هو ما يحمله صلى الله عليه وسلم من تبيان وتفسير لكليات النص القرآني.. فأفعاله وأقواله بعد مبعثه تنقسم إلى قسمين.. منها ما فعله كبشر بعيدا عن وحي السماء ريثما ينزل النص القرآني المناسب للحادثة وهذا ما فعله كنبي ومنها ما فعله كشرح وتفصيل وتطبيق لدلالات النص القرآني وهذا فعله كرسول.. وهي السنة التي نؤمر بإتباعها.

* تقصد من ذلك أن السنة تفصيل لما أجمل في الكتاب وليست مكملة له؟

- نعم.. فهذا ما أعنيه بالضبط.. وهذا هو ما بيّنه الله تعالى لنا في كتابه الكريم.. فلو أن السنة الشريفة قد أضافت أحكاما لكتاب الله تعالى لم تذكر فيه أصلا لكان كتاب الله تعالى ناقصا لتلك الأحكام, ولكن الله تعالى يبين لنا في كتابه الكريم أن القرآن يحمل < تبيانا لكل شيء> وكل ما زعموا أنه من السنّة ولا وجود له في كتاب الله هو في الحقيقة موجود في كتاب الله مثل تحريم جمع المرأة مع عمتها أو خالتها ومثل تحليل أكل ميتة البحر ومثل تحليل الكبد والطحال وغير ذلك.. إن القول أن السنة مكملة للقرآن هو اتهام للقرآن بالنقص وهذا من جملة الإساءات التي تم قذفها وتلفيقها على منهج الله تعالى.

* لماذا الإصرار على معارضة الفهم المتوافق مع دلالات كتاب الله؟

- نحن لسنا ضد الفهم المتوافق مع دلالات كتاب الله تعالى سواء للسابقين أو اللاحقين, نحن ضد فرض تصورات البشر الوضعية على دلالات كتاب الله تعالى.. المشكلة أن الفكر الذي يتم فرضه بآلية ذر الرماد في العيون هو فكر لا يرى دلالات كتاب الله تعالى إلا من منظار بعض السابقين وهنا مكمن المشكلة وهنا أيضا نلمس السبب الأول في محاربتهم للتدبر الحقيقي لكتاب الله تعالى.. فمنهجهم التراثي الجمعي هو منهج مغلق يدعو للإعراض عن كل حكم يحمله كتاب الله تعالى مهما قدم له من براهين وأدلة, فقط لأن هذا الحكم يختلف مع الموروث.. فكيف إذن من الممكن اعتبار هذا الفكر التراثي الجمعي قاعدة انطلاق نحو استنباط الدلالات.

* كيف ترى جموع المسلمين الآن وأين هم من منهج الله تعالى وكم هم ملتزمون بالتدبر الحق للقرآن الكريم؟

- المسلمون الآن كفكر لا يختلفون عن المسلمين في الأمس ولا يختلفون عن المسلمين في الأجيال السابقة, كون فكر الأجيال السابقة يعتبر سقفا لا يجوز تجاوزه, وكونه السمت العام للتوجه الفكري عند المؤسسات الدينية مبنيا على محاربة كل فكر تنويري جديد مهما حمل من براهين وأدلة.. في حين أن منهج التدبر الحق لكتاب الله تعالى هو المنهج الذي ينطلق من مقدمات قرآنية بحتة بمركب العقل المجرد والعلم والمنطق نحو نتائج لا تخرج عن الحقائق التي يحملها كتاب الله تعالىولو عدنا إلى موروثنا الفكري لوجدنا أن هنالك الكثير من الأحكام التي يحملها كتاب الله تعالى والواضحة وضوح الشمس وسط النهار, تم تغييبها.

وأن هناك الكثير من الأحكام التي لُفِّقت على منهج الله تعالى وفي الحقيقة أن منهج الله منها براء.. لذلك إن لم تحدث ثورة فكرية حقيقية يتم فيها العودة إلى كتاب الله تعالى واعتباره المعيار لفكر الأمة والقاموس لمعرفة دلالات الكلمات القرآنية واعتباره معيارا – حتى – لقواعد النحو التي تم تقعيدها خلال التاريخ, واعتباره معيارا لكل الروايات التي بين أيدينا من أقصى السنة إلى أقصى الشيعة, إن لم تحدث هذه الثورة الفكرية فسنبقى إلى قيام الساعة نجتر الموروث ونتخبط في ظلمات العصبيات الذهبية والطائفية ونتقاتل على أتفه الأشياء.

وبالتالي فإن الفكر المحسوب على الإسلام فيه الكثير مما يجب إعادة النظر فيه معايرة على كتاب الله تعالى ويكفي الباحث عن الحقيقة أن يقرأ الآية الوحيدة في كتاب الله التي تبين لنا ماذا سيقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الآخرة:>وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا<

                                                                                 صدق الله العظيم

   

  

   

  

اجمالي القراءات 35336