ولمثل هذا الحب فليطمح الطامحون

يحي فوزي نشاشبي في الجمعة ٢٢ - يناير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

 

 

بسم الله  الرحمن  الرحيـــم

 

 

 

 

ولمثل هذا الحب فليطمح المؤمنون

 

 

       ((  قل إن  كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم قل أطيعوا الله والرسول فإن تولّوا فإن الله لا يحب الكافرين )) -31 +32- البقرة-

 

         

       عندما وضع لنا الله الودود بواسطة رسوله -عليه الصلاة والتسليم – ذلك الشرط النفيس الغالي لينالنا الحبّ، ذلك الحب الذي هو ليس كمثله حبّ، ما دام الخالق عز وجلّ هو الفاعل .

       هل كان الرسول، الإنسان، يقصد أن نتبعه في كل ما أمره به الله وأمرنا معه؟  

       وهل يقصد أن نتّبعه وبثقة عمياء ؟ دون تمعّن ؟ دون تحـرّ، ودون التحلّي بذلك الخلق أو بما يمتاز به أولو الألباب ؟ الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ؟

       وهل تبتعد بنا السذاجة أو ينحدر بنا الجهل إلى أن نتصور أن رسول الله ، ذلك الإنسان الذي صلّى عليه الله وملائكته، ذلك الشخص الذي حمّله الله مهمة تبليغ ذلك الحديث، ذلك الحديث الذي لا يمكن تصور عظمته وجدّيته إلا بتصور عظمة وجدّية ذلك القسم المشهور الوارد في الآيات : 75+76+77 بسورة الواقعة؟

       وهل يُـتصوّر أن رسول الله ينسى ويضعف ويهن إلى درجة أن ينال منه إبليس ويجعله يتقوّل على الله ؟ ويستخفّ بذلك التهديد وذلك الوعيد ؟ ( الآية رقم 44 سورة الحاقة ).

       نعم هل يصل بنا الجهلُ إلى أن نتصوّرَ أن رسول الله يأمرنا بأن نتبعه في ما لم يكن في نفس الروح والإتجاه الذي أمره به الله سبحانه وتعالى؟ فما بالك إذا كان معاكسا لأمر الله أو مكبّلاً له أو مجمّدًا ؟

       ولنفرض–جدلا– أننا كنا نعيش مع رسول الله في عهده فأمرنا بأن نتبعه في ما ظهر لنا جليا وبلا ريب أنه مغاير لما قال الله ! ولما قاله على لسان رسوله نفسه !

       هل الواجب يفرض علينا أن نتوقّّف   حائرين، مستفسرين؟

       ألا ينبغي لنا أن نشحن اطمئناننا بتلك الآية رقم 44 في سورة الحاقة، ونعتقد جازمين أن ما سمعناه منه مباشرة – فرضا -لا ينطبق ولا ينسجم مع ما سمعناه منه سابقا ومباشرة وهو يتلو علينا حديث الرحمن الرحيم الذي خرج من بين شفتيه نفسه ؟ وبالتالي نعتقد غير حانثين أن الرسول يستحيل عليه ولا يكون رسولا أصلا إذا هو تقوّل على خالقه أي قول.

       ثم لنزدد أو لنرفع الفرضية درجة أخرى فنتصوّر أن الرسول قال لنا أو أمرنا بما اعتقدنا أنه يخالف أوامر الله وتوجيهاته التي خرجت من نفس الشفتين:

       ألا يدفعنا هذا الأمر الجادّ إلى أن ننظر إلى الرسول نفسه ونحدّق فيه ونراجع في قرارة نفسنا فحوى وروح تلك الآية رقم 31 في سورة البقرة حيث أمر الله العظيم الرسول بأن يقول لنا ( إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويعفر لكم ذنوبكم ) ونقول له  بدورنا : ( ودائما  في وسط الفرضية التي وضعناها ).

-     إن كنت يا رسول الله حقا رسول الله، وإن كنت حقّاً تحبّ الله وتطمع أن ينالك حبه ، فلا تطلب منا أن نتبعك إلا في ما أنزله الله لا غير.

       وعندما نخرج من هذه الفرضية التي استعرناها ووضعناها –جدلا- نكون مقتنعين طبعا وبما فيه الكفاية وبكل اطمئنان أن رسول الله هو على صراط مستقيم وأنه من المرسلين وأن ما تلقاه هو تنزيل العزيز الرحيم ، فعندها فقط لا قبلها يمكن لنا أن نطمع في أن ينالنا على الأقل بعض حبّ الله .

       وبالمناسبة :

       إذا فهمنا ما هو جليّ وأن الحبّ المنشود هو حبّ الله .

       وأن الإتّباع المنشود هو اتباع الرسول صاحب ذلك الخلق العظيم، وأنه من المستحيل أن يحيد قيد أنملة عن تعاليم الله ، عندها فقط فإن ذلك الإتباع هو الذي سيؤدي بنا إلى الوقوع في حب الله .

       وأما عن السبب أو الأسباب التي أدّت إلى صناعة كل هذه التساؤلات وافتراض هذه الفرضيات أو حتى الإسراف في ذلك، فهي أسباب لا تكاد تصدّق ولا تكاد تحصى، بل إنها تُنهل نهلا من بحار أمهات الكتب وما أكثرها ، تلك التي وصفت نفسها بدون أي تورع أو أدنى حرج أو خوف بأنها ما تحمله هو الصحيح وعلى الرغم من أنف أي  مخلص من زمرة أولي الألباب .

       وأخيرا فإن حرصنا على اتباع الرسول في وسط هذا الإطمئنان والإعتقاد ثم الثناء عليه أي على الرسول وحسن الظن به .

       ألا يكون كل هذا تلميحا قويا أو تعبيرا عن كوننا استجبنا لأمر الله عندما أمرنا أن نصلي على النبئ ونسلم تسليما ؟

       وبالصدفة جاء في خطبة جمعة تصريح الخطيب قائلا: إن هناك تشريعين اثنين فقط لا ثالث لهما وهما تشريع الله وتشريع رسوله .

       فرفع رأسه تساؤل قائلا لي:

       ما هو الحكم بالنسبة لمن أدار ظهره للتشريع الذي نُسب إلى الرسول المخلوق ؟ والتفت بكلّيته إلى تشريع خالق الرسول ؟

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اجمالي القراءات 10737