الفرق بين ضابط طيار حسنى مبارك ورجل الأعمال المليونير جمال مبارك

ابراهيم عيسى في الأربعاء ٠٢ - سبتمبر - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

شوف.. مع كل معارضتي للرئيس مبارك وسياسته فإنني أؤمن تماماً بأن مبارك رئيس أفضل ألف مرة من إبنه جمال إذا صار رئيسا! وأن استمرار  الرئيس مبارك في الحكم أفضل لمصر ولشعبها مليون مرة من أن يكون بديله هو ابنه جمال!  الموضوع ليس رفضاً فقط لفكرة التوريث  وهي فكرة يجب مواجهتها  (أقصد المواجهة السلمية السياسية حتي لا تفهمني خطأ ..) لأن جلب الابن مكان الأب هو تربح سياسي للطرفين فضلا عن مصادرة حق وطن في اختيار رئيسه بعيدا عن ضغوط نفوذ الأب وقيود تحويل الابن نفسه إلي أlde;مر واقع، وهي كذلك تحايل لتحويل الجمهورية إلي ملكية وراثية.. وقد  يرد عليك متفذلك ويقولّك توريث إيه؟ هذه انتخابات ومن حق جمال مبارك أن يترشح فيها، وطبعا أنا وأنت وهمه ودوكهمه نعرف أن هذا كلام تضليل وأن جمال مبارك يعامل معاملة تليق بحمضه النووي وليس بأي شيء آخر، وأن الأبواب تنفتح أمامه بل وتنخلع أصلا من أجل عيونه، ولو لم يكن جمال مبارك ابن حسني مبارك لكان أفضل ما يمكن أن يصل إليه هو عضوية الروتاري أو ليونز مصر الجديدة ( أكرر فى كثير من سطور هذا المقال نصوصا نشرتها من قبل باتت فى حاجة لأذكر بها نفسى وأذكركم لأن الذاكرة فى مصر باتت مهيئة للنسيان والتغافل والتجاهل والاعتياد على الخطأ بتكرار ظهوره وبإستمرار حدوثه  )أنا لا أقارن هنا بين أب وابنه فجمال مبارك سيعترف قبل أي أحد آخر بأن والده أفضل منه  ثم أنه إبن بار ومخلص  وقد رباه والده فأحسن تربيته ولاشك فى ذلك لحظة فالنجل متربى فى بيت محترم وأصيل  ، لكنني أقارن  هنا فى الأفق والثقافة السياسية والرؤية الإقتصادية والتكوين الطبقى ولا أقارن فى الأخلاق والقيم فلاشأن لى بهذا ، لا هو شغلى ولا إنشغالى ، أقارن بين الضابط طيار حسني مبارك وبين المليونير رجل الأعمال جمال مبارك. والمؤكد عندي أن الوالد حسني مبارك  حين كان في سن إبنه أو بعد ذلك لما أولاه الرئيس الراحل أنور السادات منصب نائب رئيس الجمهورية كان أفضل بكل المقاييس  من حيث إمتلاك  المؤهل الرئاسى وتكوين الثقافة الوطنية من نجله!
 
ثم لقد تولى حسنى مبارك رئاسة مصر وعمره أربعة وخمسون عاما وثروته لا تكاد تصل ساعتها لبضعة آلاف من الجنيهات حايشهم للزمن ولوقت الحاجة كأى ضابط مصرى محترم وأمين بينما يتصدر نجله مشهد وراثة منصب إبيه وهو فى السابعة والأربعين من عمره ولا نعرف ثروته لكننا نستطيع التنبؤ بأنها ليست بضعة آلاف ولا هى عشرات أو مئات الآلاف وبحكم البيزنس ومدى تفاعله فهى فى خانة الملايين من الجنيهات إلا إذا تفضل علينا وقدم إقرارا لذمته الماليه باعتباره قيادة حزبية عامة يقول فيها عكس ما يقال وإن كنت لا أستبعد دقة الأرقام التى  تحكى  عن رأسمال شركته التى يشارك فى مليكتها وإدارتها وتتحدث عن رأسمال يتجاوز النصف مليار جنيه فإننى أستبعد أن يعلن  بصراحة واجبة فى هذا الأمر شيئا ، (سأعود لموضوع الغنى والستر بعد قليل )
نعم جمال مبارك يقول تقريباً نفس كلام والده ويرد علي الأسئلة بإجابات نموذجية من محفوظات والده السياسية، لكن علي أرض الواقع فجمال مبارك يقول مثل والده ويفعل مثل أحمد عز، يكرر كلام والده و ينفذ  كذلك كلام حلفائه ورجاله.. جمال مبارك  ثقافة أخري تأتي من الغرب بدون أن تكون معها ديمقراطية الغرب ولا عقلانية الغرب ولا شفافية الغرب، يأخذ من الغرب الرأسمالية وأساليب الدعاية والأشكال التنظيمية ويأخذ من ثقافة الشرق الاستبداد والديكتاتورية وتزوير الانتخابات واستبعاد المرشحين  واحتكار الحكم.. بينما مبارك الوالد ضابط من كفر المصيلحة ذهب للكتاب يحفظ القرآن وركب قطار سكة حديد ونزل في محطة مصر  شاباً صغيراً  تائهاً باحثاً عن الطريق للكلية الحربية شأن كل المصريين.. جمال مبارك  يأتي من طبقة أخري وربما لم يزر كفر المصيلحة أبدا ولم نعرف أنه أقام ليلة في قرية، هو منزوع الصلة عن الواقع المصري الحقيقي، وهذا شرط أساسي لأي رئيس حقيقي وليس لأي وريث طبعا، أن يعرف شعبه عن حق وعن قرب وعن وعي، ليس بالضرورة أننا نحتاج رئيساً فقيراً ونعرف أن هناك رجال سياسة خرجوا من الطبقة الفقيرة ومع ذلك خانوا أحلام الغلابة وداسوا عليهم بالمداس، لكن هذا لا ينفي أبدا وجوب أن يكون الرئيس يمثل الناس  فهو ليس ملكا بل رئيس منتخب يعرف من يحكمهم  ويشعر بهم حقا وجمال مبارك ليس مليونيرا عصاميا كي تقول لي أنه تعرف واقترب والتصق بطبقات الناس في حياته فهذا لم يحدث أبدا، ثم جمال مبارك ابن الرأسمالية المتوحشة التي تعصف بالفقراء وتضرب بمحدودي الدخل، وهو مولود سياسيا وفي فمه ملعقة من ذهب ولم يكافح لأجل مكان ولم يناضل من أجل مكانة، ثم هو أول مليونير يطرح نفسه رئيسا لمصر ومصر لم ولن يحكمها مليونير، نحن نريد رئيسا يكون سياسيا مستورا ورجل دولة شريفًا ولا نريد مليونيراً بيزنس مان بيلعب في الملايين، فمصر ليست شركة بل هي وطن والمواطنون ليسوا موظفين عند صاحب الشركة وليس مصريا ولا عربيا ولا إسلاميا أن يحكمنا مليونير.. حصلت في إيطاليا حيث اشتري من وجهة نظر كثيرين  بيرلسكوني البلد بفلوسه ثم سقط في الانتخابات ثم عاد ونجح ويملأ العالم بنزوات ملياردير وعلاقاته النسائية وبفضائح لا تنتهى ، لكن لم تحدث في فرنسا وأو انجلترا أو ألمانيا، هذه دول رأسمالية العقيدة والمنهج لكن لا يمكن أن تسمح لمليونير بأن يحكمها، فالحكم لابد أن يكون بعيدا عن سيطرة رأس المال في أي بلد في العالم حتي لو كان رأسمالياً، رئيس الوزراء في أسبانيا أو في السويد أو الدنماراك أو طوكيو أو روسيا والحكام في أمريكا اللاتينية ومهاتير محمد عندما كان في ماليزا، وباستثناء جورج بوش  الرئيس الأمريكى السابق وهو أفشل رئيس في العالم والذى كان محافظا لولاية رغم أنه رجل بيزنس فإن رؤساء الولايات المتحدة لم يكونوا من أول جورج واشنطن حتى باراك أوباما رجال أعمال أو رأسماليين اصحاب ملايين وإذا تأملت زعامات دول الثمانية الكبرى سواء أوباما أو رئيس وزراء إنجلترا جورون أو رئيس فرنسا ساركوزى أو مستشارة ألمانيا ميركل أو يوكيو هاتوياما رئيس وزراء اليابان الجديد المنتخب منذ ساعات أو الرئيس الروسى مييديف وبالطبع  الرئيس الصينى  كذلك فكلهم إما محامون أو رجال دولة وباستثناء الرئيس الإيطالى فهو ملياردير يثبت قاعدة أن المليارديرات لا يجب أن يحكموا فهم يشترون مناصبهم بالمال ، كل الرؤساء والحكام ليسوا من أغنياء بلدهم وليسوا مليونيرات يعملون في الاستثمار والتجارة وفي شركات رأسمالها مليارات!! ثم المحيطون بمبارك الأب ورجاله أفضل ألف مرة من المحيطين بجمال مبارك.. لا أظن أن هناك شخصاً في البلد لم ينتقد دفاع كمال الشاذلي المجيد والتليد عن موبقات الحكم ولكن لايوجد بنى أدم فى مصر لا يفضل ولا يحب كمال الشاذلى أكثر من أحمد عز ولايزال المعارضون من أكثرهم تطرفا إلى أعقلهم لغة يحتفظون لكمال الشاذلى بقدرته على بنا ءالجسور وحبال مشيخة العرب ومجدعة الفلاحين فى مواجهة تصرفات أمانة السياسات المتعالية والخشنة  ولا أعتقد أن أحداً من الشعب لا يملك ملاحظات سلبية علي أداء صفوت الشريف أو زكريا عزمي  ومع ذلك فإن مصر كلها تعترف بحنكة الشريف وذكائه ودهائه ولياقة زكريا عزمى السياسية التى تسمح له بأن يجرح دون أن يسيل دما بل ومع كل الاتهامات التي تم توجيهها ليوسف والي فكل هؤلاء أفضل من عدد من الملياريرات الذين يحيطون بجمال مبارك في «الرايحة والجاية»، يحرسونه ويحرصون عليه، يتحالفون معه ويحلفون له، هؤلاء أثروا علي حساب شعب مصر وقوته وثروته بل ودمه.. إذا كان أبناء بعضهم قد  نالوا شيئا من نفوذ والدهم طبقا لتقولات الوسط السياسى فقد كان المكسب محدودا ومحتملا  ولكنه لا يأتي واحدا علي مليون مما تكسبه المحيطون بجمال مبارك من محتكري السلع ومالكي الأراضي وهاضمي البنوك! 
 
اجمالي القراءات 16385