والاعتدال المذموم فى الأديان المحمدية :
التطرف المحمود فى العقيدة الاسلامية

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٢٩ - يونيو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

مقدمة عن مفهوم التطرف :

1 ـ التطرف مصطلح جديد لم يرد فى القرآن الكريم ، وجىء به حديثا ليدل على الوهابية السنية التى استرجعت ثقافة العصور الوسطى الدينية التى كان يتبعها المسلمون خصوصا أتباع الدين السنى الأرضى منهم.
الدولة السعودية بدينها الوهابى هى التى نشرت ( التعصب ) و( التزمت ) و ( التطرف ) باسم الاسلام ، وسرعان ما يتحول التطرف الى ارهاب ، والارهاب هو الاخر مصطلح جديد ، يدل على تلك الاعتداءات الدنيئة على المدنيين .
2 ـ يمكن أن نضع مفهوما لغويا للتطرف ماخوذ من أصله اللغوى ،أى الوصول الى نهاية طرف الشىء . أى الى 100 % منه .
3 ـ تطبيق ذلك على الاخلاق أمر شنيع لأن الشائع أن الأخلاق الفاضلة تقع فى الوسط بين شيئين متناقضين ، كلاهما متطرف ، فالكرم وسط بين البخل والاسراف ، و الشجاعة وسط بين الجبن و التهور . أى إن التطرف فى مجال السلوك يخالف الأخلاق الحميدة لأن الاعتدال هو معيار الفضائل.
4 ـ هذا صحيح اسلاميا فيما يخص الأخلاق والعبادات فقط .
فالتوسط أساس فى الانفاق فى سبيل الله ، وفى الانفاق عموما (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ) (الفرقان 67 ).
والاسراف مذموم ومنهى عنه فى التعامل مع المال فى الصدقات وفى الانفاق العادى (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا )( وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا) ( الاسراء 26 : 27 ، 29 ).
والاسراف مذموم فى كل الأحوال (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ )( الأعراف 31 ) .
وسبق التعرض للبخل كأحد مظاهر الكفر السلوكى . فالاسراف والبخل من مظاهر الكفر ،أما الاسلام فهو التوسط والاعتدال بينهما .
ولهذا فالاسلام يجعل المسلمين أمة وسطا ( البقرة 143 ) فى تعاملهم مع الناس ، وفى المقابل تأتى صفتا الاسراف والبخل من ملامح الكفر السلوكى ،أى تاتى كلتاهما مرادفا لمصطلح التطرف فى عصرنا .
ولهذا ايضا يقوم دين الاسلام على اليسر والتخفيف ورفع الحرج فيما يخص العبادات وفى التعامل مع البشر ، كما لا يؤاخذ الله تعالى المؤمن عند الخطأ و النسيان والاكراه وعدم التعمد.
5 ـ ولكن كل ذلك لاشأن له بعقيدة الاسلام (لا اله إلا الله )
هنا لا مجال للاعتدال ، بل بتعبيرعصرنا : تقوم عقيدة الاسلام ( لا اله إلا الله ) على التطرف،ولكن فى هذا التطرف ينبع احترام العقل وسموالخلق والتيسير فى الدين ، بينما يعنى الاعتدال في العقيدة الوقوع فى الشرك ، ويتأسس عليه انحطاط عقلى وخلقى ومشقة وتعسير فى الدين .
هذا يستلزم شرحا ..
أهلا بكم معنا ..
أولا ـ (التطرف) فى عقيدة (لا اله إلا الله ) و(الاعتدال) فى عقيدة (الشرك )

1 ـ قلنا أن التطرف هو الوصول الى أقصى الطرف ، أى الوصول الى 100 % منه بحيث لا يوجد شىء الى جانبه .
2 ـ وهذا بالضبط معنى الاخلاص فى العقيدة على نحو ما سبق شرحه فى المقال السابق ( إنه الله عز وجل ..ايها الناس ) فالاخلاص فى العقيدة لله تعالى رب العالمين يعنى أن تكون الألوهية قصرا على رب العزة بدرجة 100% .
وهذا ما يأتى التعبير عنه بأسلوب القصر فيما يخص عقيدة ( لا اله إلا الله ) وفيما يخص تحديد دور النبى/ الرسول ، وبشريته بما لا يتخطى حدوده البشرية و تبليغه الرسالة . وسبق التوسع فى هذه النقطة فى المقال الثانى من سلسلة (إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله )
فى هذا (التطرف العقيدى ) فى ( لا إله إلا الله ) يكمن السمو العقلى والعقلى والتيسير.

3 ـ الاعتدال فى العقيدة يعنى السماح بالاعتقاد فى شركاء مع الله تعالى فلا تكون الالوهية والتقديس قصرا عليه وحده بنسبة مائة فى المائة بل بنسبة أقل ، بحيث يسمح ويتسع المجال العقيدى (المعتدل) لاضافة تقديس المخلوقات الى جانب الخالق ، وبذلك تشتهر الأديان الأرضية بتقديس الأنبياء وأصحابهم وحوارييهم والأئمة والأولياء والشيوخ والقديسيين والأحبار والرهبان ..الخ ..
4 ـ فى هذا الاعتدال ( العقيدى ) يكمن كل ما يحط بالانسان ويصل به الى أقل درجة من الحيوان : ( الأعراف 175 : 177) ( الفرقان 43 : 44 ).

ثانيا : السمو العقلى فى قصر الالوهية على الله تعالى وحده :
بالعقل المجرد البسيط فلا يوجد لنا من خالق إلا الله ،إذن ليس لنا من اله إلا الله جل وعلا . التسليم بهذا احترام للعقل ، وعدم التسليم به انحطاط بالعقل .
ونسترجع بعض الملامح القرآنية فى الاحتجاج العقلى بموضوع الخلق دليلا على أنه لا يستحق أن يكون الاها للمخلوقا سوى الله الخالق جل وعلا.
1 ـ يأتى الموضوع باسلوب القصر ، فكما إنه لا خالق إلا الله إذن فلا إله إلا الله ، يقول جل وعلا :
(هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ) ( فاطر 3 )
2 ـ التاكيد على أن تلك الآلهة المزعومة مخلوقة مثل من يعبدها من حمقى البشر ، بل ميتة لا تشعر بموعد بعثها ، كقوله تعالى ( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ) (النحل 20 : 21 )
3 ـ تحدى الحمقى من البشر الذين يعبدون ويقدسون تلك المخلوقات أن تستطيع آلهتهم المزعومة المخلوقة أن تخلق شيئا : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ) ( فاطر 40). (قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ) ( الاحقاف 4 )
والتأكيد على عجزهم عن خلق ذبابة حتى لو اجتمعوا على ذلك ،بل لو سلبتهم الذبابة شيئا فلن يستطيعوا إنقاذه منها (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ) ( الحج 73 : 74 )
4 ـ المقارنة بين الخالق جل وعلا وتلك الآلهة المزعومة المخلوقة : (أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ) ( النحل 17 )
5 ـ ولنترك للقارىء العزيز أن يضع عنوانا لقوله جل وعلا :(أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لّا يُوقِنُونَ ) (الطور 35 : 36 ) (أَمْ جَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) (الرعد 16 )
6 ـ هى اسئلة بسيطة ومباشرة تخاطب العقل ، وتسمو به فى نفس الوقت ، وحين يكون الذى يوجّه هذه الأسئلة للعقل البشرى هو الله جلا وعلا ففى هذا احترام للعقل البشرى وتقدير له يأتى من خالقه جل وعلا.
وهى فى نفس الوقت أسئلة صعبة وعسيرة على من أهمل عقله وانحط به الى مستوى اللاعقل ، بدليل أن أكثرية البشر يقدسون البشر والحجر ، وبدليل أن أئمة المحمديين وقادتهم فى الدنيا والدين (الأرضى ) يقدسون البشر من ( محمد ) الى غيره ،ويتبركون بأحجار القبوروالأوثان ، ومنها ذلك القبر الوثن المنسوب لمحمد الى أى قبر فى قرية نائية فى بلاد ( المسلمين ) .
ثالثا : الانحطاط العقلى فى الاعتدال العقيدى للمشركين الكافرين :
1 ـ فى عبادة غير الله والاستغاثة بغير الله يتجلى الانحطاط العقلى بكل سوءاته وسيئاته .
2 ـ لنفترض أن ذلك المخلوق المعبود لا يزال حيا يسعى ، كما يقدس الصوفية أولياءهم ، وكما يقدس الشيعة فلانا الذى هو بزعمهم ( آية الله روح الله )،أو كما يقدس السنيون أئمتهم من الشعراوى سابقا الى القرضاوى حاليا .
هذا المخلوق الحى ( المقدس ) عند أتباعه لا شك أن له جسدا ، وهذا الجسد يحتاج الى طعام ، وهذا الطعام يحتاج الى سعى للحصول عليه ، ويحتاج الى هضم ثم الى إخراج . وهو فى كل تلك الحالات فى أمسّ الافتقار الى الله جل وعلا خالقه . (الطعام ) فارق أساس بين الخالق جل وعلا وحده والمخلوق . فالله جل وعلا هو الذى (يطعم المخلوقات ) وهو جل وعلا لا يطعمه أحد، يقول جل وعلا : (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ ) ( الأنعام 14 ). لذا فكل المخلوقات مفتقرة له وهو الغنى عن العالمين ، لأنه جل وعلا هو وحده ( الصمد ).
ولأن التقديس فى الشرك والكفر يبدأ بتقديس النبى فقد جاء التأكيد على أن أنبياء الله ورسله هم رجال مثل بقية البشر ، وأنهم ليسوا خالدين ، وأنهم يأكلون الطعام وما يعنيه أكل الطعام من نقص بشرى واحتياج للخالق جل وعلا ، يقول تعالى عن الأنبياء والرسل :(وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ ) ( الأنبياء 7 : 8 ). وابراهيم عليه السلام خاطب ربه جل وعلا فقال (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ) ( الشعراء 78 : 79 ). وفى الرد على من يعبد المسيح وأمه عليهما السلام قال جل وعلا يذكّر ببشريتهما واحتياجهما للطعام حين كانا احياء:(مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) ( المائدة 75 )
ولأن عالم الغيب و الشهادة جل وعلا كان يعرف مقدما أنه سيأتى وقت يقدّس فيه المحمديون محمدا بمثل ما يقدس به المسيحيون المسيح فقد جاء التاكيد فى سورة مكية على احتياج محمد خاتم المرسلين للطعام وسعيه للحصول عليه شأن الأنبياء السابقين، إذ كان خاتم المرسلين يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق فتندر عليه المشركون : (وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ) وجاء الرد من الله جل وعلا ، ومنه قول الرحمن :( وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ)(الفرقان7 ، 20 ).
الان تخيل جسد النبى البشرى مثل جسدك بأجهزته التناسلية والحيوية من إخراج بول وبراز ، وتخيل العمليات الحيوية التى يقوم بها هذا الجسد للنبى ولك ، ومنها العملية الجنسية ، فالأنبياء مثلى ومثلك كانوا يتزوجون ويتناسلون ، وينامون مع نسائهم كما تفعل سيادتك ، والله جل وعلا يقول عنهم فى هذه النقطة بالذات:(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً )(الرعد 38 ) أى كان لهم زوجات ، وأنجبوا منهن ذرية ، وتلك حقائق عقلية بسيطة ومباشرة ، ويمكن أن تتخيل كيف ينجب النبى من زوجته بنفس اللقاء الجنسى ( الحيوانى ) الذى تنجب به أنت وينجب به كبار المجرمين وعتاة الظالمين . هو نفس الجسد،وهى نفس الشهوة العاصفة الجسدية الحسية التى ينسى فيها ابن آدم عقله واحترامه لنفسه ، وكلنا نفس البشر ، فكيف يكون هناك تقديس لهذا الجسد وتأليه له على الأجساد الأخرى وهى من نفس الطينة ؟
ثم الأمراض التى تصيب ذلك الجسد البشرى للنبى أو لغيره ، منها ما يخص الطعام والشراب كالمغص والاسهال و الامساك ،و منها ما يأتى بعوامل أخرى بنفس ما يحدث لى ولك وله ولها. تخيل النبى وهو يعانى من الاسهال أو الامساك أو وهو يخرج الريح بصوت أو بدون صوت ،أو وهو يذهب للتبول و التبرز. لا بد أن تتخيل كل هذا للنبى لتتأكد من بشريته وأنه مخلوق له جسد ينتمى للارض مثلك ، وأنه لا يمكن أن يكون مقدسا بأى حال .
ثم فى النهاية يموت جسد النبى ،ويتحول الجسد الميت نفسه الى ( طعام ) للألارض التى جاء منها ( طه 55). تعتري جسد النبى ما تعترى أجساد البشر حين تتحول بالموت الى (سوأة ) تسىء الناظرين،ولا بد من إخفائها عن أعين الناظرين وأنوفهم إكراما لصاحبها الذى عادت نفسه للبرزخ، يستوى إن كان نبيا من المرسلين أو من عتاة المجرمين. تخيل ما حدث لجسد النبى بعد الموت وهو مدفون فى التراب ، حين يتصلب الجسد ثم ينفجر ، ثم ترتع فيه الديدان ، ثم تأكله الى أن تنتهى الأنسجة ، وتبقى العظام ، وتتحول فى النهاية الى تراب. نفس الموت الذى حل ويحل بالجميع . حين تتخيل ذلك كله بهدى القرآن الكريم تعرف الى أى حد ينحط المشركون بهجر العقل حين يركع أحدهم أو يسجد أو يقف قانتا أمام قبر مقدس منسوب لنبى أو ولى ..
3 ـ ثم : ماذا يقدسون وماذا يخاطبون ، وبمن يستغيثون ؟ هل بالجثة المدفونة و الجسد الرميم ؟
سيقال : إنهم يعتقدون حياته فى قبره. أى يحكمون عليه بالسجن فى زنزانة ضيقة تحت الأرض الى أن تقوم الساعة ، ثم تكون أقدامهم فوقه وهو تحت أقدامهم فى الأرض .أهذا تقديس أم تجريس ؟ إهذا إحترام وإكبار أم استهزاء و احتقار ؟ .. لا يوجد عقل هنا ،بل انحطاط فى العقل.
ثم تخيل وهم يستغيثون به يطلبون منه المدد معتقدين حياته البرزخية وقدراته ( الجهنمية ) ثم فجأة يخرج عليهم من القبر فاتحا ذراعيه ؟ هل سيبقون فى مكانهم يستقبلونه أم يولون الأدبار ؟ .. هل بعد هذا انحطاط فى العقل .
اين العقل فى وجود كثير من الأضرحة المقدسة للحسين فى مصر والعراق و الشام؟ ويشترك فى تقديسها الشيعة و الصوفية وعوام السنة ..المضحك أن كل مشهد للحسين يزعم أن بداخله (رأس الحسين )؟ ونتساءل لندرك الهوة التى انحطّ اليها عقل المحمديين : كم عدد الرءوس التى كانت للحسين ؟ أشهر قبر مقدس للحسين هو الذى أقامته الدولة الفاطمية فى القاهرة قبيل أن تسقط تلك الدولة ، لم تفكر فى رأس الحسين وهى تبنى القاهرة عاصمة لها ، او حين بنت الأزهر جامعة لها ، ولكن اضطرت لهذه الخدعة وهى تلفظ أنفاسها وحين انحسرت الدعوة الشيعية فى مصر فقام الوزير الأفضل بانشاء هذا الوثن ليعيد بعض النفوذ لخلافة شيعية تحتضر. وسقطت الدولة الفاطمية وتحولت الى متحف التاريخ ، ولكن ظل ضريح الحسين شاهدا وعنوانا على انحطاط العقل لدى المسلمين المحمديين فى مصر(المعتدلين فى عقيدتهم )
لا توجد رأس للحسين فى أى مشهد من تلك المشاهد المقامة على رأسه ،أو(رءوسه) . ولكن تخيل أن رأسه بالفعل مدفونة فى ذلك المشهد أو ذاك ؟ ماذا بقى من تلك الرأس ؟ مجرد جمجمة أم رأس كاملة ؟ وهل يمكن أن تظل حية بدون جسد بعد مفارقة جسدها فى كربلاء ؟ لنقل أنها رأس حية بدون جسد وتتكلم وتمشى ( لا أعرف كيف ) ولكن دعنا نتخيل هذا الهراء فى وجود رأس حية بلا جسد . هل لو خرجت تلك الرأس لنا ورأيناها هل سنستقبلها بالاحضان ؟ وكيف تحتضن رأسا بلاجسد ؟ ام هل نفر منها فرارا ، فنجعلها تبكى ؟ وكيف حينئذ ستبكى ؟. لنتخيل تلك الرأس الحية تحت الرماد ولها كرامات ، فأين كانت كراماتها حين قطعها سيف الأمويين فى كربلاء ؟ لو كانت مقدسة لاستعصت على القطع والذبح ، ولكن قطعها سيف حديدى وبالتالى فالأولى منها بالتقديس هو ذلك السيف الذى انتصر عليها .
ثم لنفترض أن الحسين بكامل جسده يعيش بيننا حيا فما الذى يستطيع أن يفعله لنا ، وهو الذى لم يستطع أن ينجح فى ثورته ، وهو الذى خدعه أنصاره واستقدموه من مأمنه الى مقتله ؟ وهل يكون للحسين شىء فى تصريف ملك الله جل وعلا ، فى الوقت الذى ليس فيه لجده محمد عليه السلام : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ ) ( آل عمران 128).
4 ـ أى هى فى النهاية عبادة ليست لرماد ميت أو لرأس لا وجود لها ، هى فى الواقع عبادة لأحجار الضريح وما يضاف اليها من زجاج وأسلاك واقمشة ملونة، وكل ما يتبرك بلمسه العابدون للمشهد او الضريح او القبر المقدس. بايجاز هى عبادة للأوثان .
ماذا يعنى هذا عقلا :إن الله جل وعلا قد سخر لنا مواد الطبيعة التى نسير عليها باقدامنا ، ونتبول فوقها ونتبرز ، وتتحول الى قاذورات ، مهما اختلفت أنواعها من تراب وصخور وأخشاب ونبات ..الخ .. ثم بدلا من أن نمشى عليها بارجلنا نصنع منها آلهة مقدسة فى شكل قبر مقدس ، ونزعم أن تحت القبر رأس فلان أو جثة علان ، وكل التبرك والتقديس يذهب للاحجار ، وكل القرابين والنذور والأموال تذهب الى جيوب سدنة المعبد واهل الاحتيال.
باختصار يعبد المحمديون ما ينحتون ، ونقول لهم ما قاله ابراهيم عليه السلام لقومه منذ عشرات القرون :(إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا ) ( العنكبوت 17 )(قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) ( الصافات 95 : 96 ).
5 ـ ثم هذه القرابين وتلك النذور على تلك الأوثان إنحطاط عقلى آخر فى ذلك الاعتدال العقيدى لدى المحمديين . هذا ( المحمدى ) تراه يقظا واعيا فى كل ما يخص دنياه من عمل وعلاقات وبيع وشراء وشئون مالية واقتصلادية ، هنا يكون من الصعب خداعه . ولكنه فى مجال العقائد ينحط ويرضى بأن يكون مخدوعا . لو ذهب لشراء سلعة تجده يبحث عن الأجود والأرخص سعرا ، ثم يساوم الى أن يفوز بما يريد أو بعض ما يريد . لكنه أمام الوثن المقدس يعطى الأموال نذرا وقربانا دون أن يسأل نفسه : هل تلك الأموال تذهب فعلا الى الاله المقدس المدفون أم يلتهمها سدنة المعبد وهم يتندرون عليه؟
حقيقة الأمر أن الذى يدفع الأموال للوثن ووللولى المدفون لا علم له بحقيقة ذلك الوثن وصاحب ذلك الوثن ، واسمه وحياته وتاريخه . الذى يدفع النذور لقبر السيد البدوى فى طنطا لا يعرف الاسم الحقيقى للسيد البدوى ، وأنه أحمد بن على بن ابراهيم ، ولا يعرف أن السيد البدوى و شيخ العرب وغيرها من ألقاب قد تم إطلاقها عليه بعد موته،أى أنه مات دون أن يدرى عنها شيئا.الذين يعبدون قبر أبى الحسن الشاذلى فى ( حميثرا ) على البحر الأحمر لا يعرفون شيئا عن حقيقة أبى الحسن الشاذلى سوى الخرافات المكتوبة عنه ، حتى حين يستغيثون به لا يعرفون أن إسمه الحقيقى هو ( على بن عبد الجبار). والذين يطوفون حول وثن الحسين فى المشهد الحسنى بالقاهرة لا يعلمون أنه لا يوجد شىء فى القبر ، وأنها كذبة كبرى استمرت تخدع المصرين ولا تزال شاهدة على انحطاط عقلى أريد له الاستمرار لأغراض سياسية و مالية .كل ذلك يعبر عنه رب العزة فى إيجاز واعجاز فى قوله جل وعلا : (وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ) ( النحل 56 ). أرجوكم التدبر فى هذه الاية الكريمة.
ذلك مجرد ملمح من ملامح الخبل العقلى لدى الاعتدال فى العقيدة الكافرة المشركة
رابعا : السمو الخلقى فى العقيدة الاسلامية وعكسه فى عقائد المحمديين :
1 ـ ايهما الأكرم لك : أن تكون عبدا لله جل وعلا وحده ، وهو خالقك وهو الذى سيحاسبك يوم الدين أم تكون عبدا لمخلوق مثلك ؟ أيهما الأكرم لك : أن تسجد وتركع لله جل وعلا وحده لأنه خالقك وحده أم أن تخشع وتسجد وتركع لمواد بناء من طوب ورمل و اسمنت واحجار وزجاج وأخشاب وأقمشة ملونة مزركشة ، صنعها إنسان مثلك ليخدعك و يستخف بعقلك ؟
أيها الأكرم لك : أن يكون لك اله واحد لاشريك معه ، وهو الخالق لك ولغيرك ،أم أن تتعدد وتتكاثر آلهتك فبدلا من ألأن تكون (عبد الله ) تكون عبد النبى وعبد الرسول وعبد الحسين وعبد على وعبد الصالحين وعبد المسيح ..الخ ؟
كيف تكون لك كرامة إذا إخترت بكامل حريتك مخلوقا مثلك ليكون الاها لك ؟ وهو مثلك لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ؟. أراد الله جل وعلا لك العزة والكرامة وأردت لنفسك المهانة و الحقارة . وصدق الله العلى العظيم:(وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) (المنافقون 8 ) وتأمل كيف كرّم الله جل وعلا بنى آدم (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ) ( الاسراء 70) ثم كيف أوقع أبناء آدم بأنفسهم الاسترقاق الطوعى .
2 ـ لذا ترتبط سيادة الدين الارضى على شعب ما بأن يكون هذا الشعب خانعا لسلطة سياسية مستبدة طاغية ، تحكم مباشرة بالدين الأرضى ( مثل ولاية الفقيه ) أو تستخدم الدين الارضى فى تثبيت طغيانها كما تفعل نظم الحكم الاستبدادية فى بلاد ( المحمديين ). فطالما رضى الناس بخنوعهم أمام شباك ضريح ، وطالما ركعوا وسجدوا أمام أعتاب القبور المقدسة ، وطالما شاع فيهم المثل الشعبى فى العصر المملوكى ( من زار الأعتاب ما خاب ) فمن السهل عليهم الخنوع و الخضوع لحاكم مستبد يذيقهم النكال .
3 ـ ولا يقتصر الأمر على ذلك ، فهناك الأفظع فى التردى الخلقى ، وهو تشريع العدوان فى الدين السنى و تشريع الانحلال فى الدين الصوفى ، ولست متخصصا فى الدين الشيعى لأعطى مثلا منه، وأطلب من المتخصصين تعليمنا بأمثلة منه .
فى الاسلام : يقول جل وعلا فى تشريع القتال فى الاسلام : (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (البقرة 190 ). القتال هنا مقيد بكونه فى الدفاع فقط وعدم الاعتداء .
فى الدين السّنى الأرضى ، ينسبون للنبى محمد عليه السلام قوله: ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله إلا الله وأننى رسول الله ). هنا أمر بالقتال لاكراه الناس على الدخول فى الدين المحمدى . هذا إعتداء على الغير ، والله جل وعلا لا يحب المعتدين. والسنيون أبرز المعتدين .
فى الدين الأرضى الصوفى ، يتحول الجهاد المعتدى العنيف فى الدين السّنى الى جهاد وديع مسالم تحت عنوان ( جهاد النفس ) . وممارسة جهاد النفس عمليا كان يعنى فى العصر المملوكى أن يعيش الصوفية داخل الخوانق والأربطة والزوايا و القباب و المساجد بلا عمل سوى ممارسة (الذكر ) أى الرقص ، والوجد (أى الغناء ) و القول بالشاهد على جمال الله (أى ممارسة الشذوذ الجنسى فرديا أو جماعيا ) وتسهيل الدعارة بكل أنواعها داخل وخارج المؤسسة الصوفية ( أى القيادة ) وتدخين الحشيش (أى السطلة والسّكر ) ، ثم يزعمون أنهم قد اتحدوا بالله جل وعلا وصاروا جزءا منه وفق عقائد الحلول والاتحاد الصوفية .
هذا هو جهاد النفس عندهم ، وتفصيله سيأتى فى الجزء الثالث من موسوعة التصوف ، والتى سننشرها متاحة على موقعنا بعونه تعالى . ونضطر ـ آسفين ـ لنقل ما قاله المقريزى كشاهد عيان على جهاد الصوفية فى عصره. ونعتذر مجددا على الألفاظ الصريحة فى النص ولكن لا بد من إثباتها للتعرف على إنحطاط العصر المملوكى خلقيا : يقول المقريزى فى (الخطط المقريزية ، الجزء الثالث ) : (قال مؤلفه‏:‏ ذهب والله ما هنالك ، وصارت الصوفية كما قال الشيخ فتح الدين محمد بن محمد بن سيد الناس اليعمري‏:‏
ما شروطُ الصوفي في عصرنا اليو مَ سوى ستة بغيرِ زيادَهْ‏.‏
وهي نيكُ العلوقُ والسُكرِ والسطلةِ والرقصِ والغنا والقيادهْ‏.‏
واذا ما هذى وابدى اتحادًا وحلولًا من جهلِهِ أو أعادهْ‏.‏
واتى المنكراتِ عقلًا وشرعًا فهو شيخُ الشيوخُ ذو السجَّادَهْ‏.‏
ثم تلاشى الآن حال الصوفية ومشايخها ، حتى صاروا من سقط المتاع، لا ينسبون الى علم ولا ديانة.. والى الله المشتكى‏.‏!! ).
هنا لدينا أنواع ثلاثة من تشريع الجهاد والقتال : تشريع الاهى واضح بالقتال الدفاعى فقط وتحريم الاعتداء ، وهذا فى الاسلام. وتشريع ارضى سنى بالاعتداء على الغير لارغامهم على الدخول فى الدين الأرضى وقول ( الشهادتين ) ، ثم تشريع الجهاد الظريف الممتع للصوفية ، حين يتخذ شيخ الشيوخ ذو السجادة من سجادته فراشا ليس للصلاة بل لممارسة الشذوذ الفردى والجماعى ..
هذا ملمح من الفوارق الخلقية بين التطرف المحمود فى العقيدة الاسلامية و الاعتدال المرذول فى عقائد المحمديين .
خامسا : التيسير والتعسير بين تطرف العقيدة الاسلامية واعتدال العقائد المحمدية
1 ـ لنفترض وجود عبد مملوك لثلاثة من الشركاء كل منهم يملك فيه جزءا، وهم شركاء متنازعون متشاكسون . كيف سيكون حال هذا العبد المملوك المسكين ؟ سيكون فى أسوأ حال . سيقول له سيده رقم 1 افعل كذا ويهدده بالعقاب ، وردا عليه سقول له سيده رقم 2 لا تفعل هذا ، ويهدده بالعقاب ، ويأتى سيده رقم 3 برأى مخالف ويهدد العبد المسكين إن لم يفعله . هذا العبد المملوك هنا يعانى تعاسة لا مثيل لها . وتخيل وجود عبد مملوك لشخص واحد ، يقول رأيا واحدا ، وطريقته معروفة ومفهومة .. هذا العبد هنا يعيش فى يسر وسهولة . هذا هو معنى قوله جل وعلا : (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً) (الزمر 29 ).
من فضل الله جل وعلا أن جعل لنا كتابا محددا ، له بداية وله نهاية ، ويتكون من سور معلومة ، وكل سورة تتكون من آيات مرقمة . ثم إن كل الايات ميسرة للذكر لمن أراد الهداية ، وفى كلها مجال لمن أراد التوسع المعرفى . هذا هو التيسير فى التطرف العقيدى الاسللامى ، حيث يوجد كتاب واحد وحيد جعله الله جل وعلا ميسرا للذكر.
المحمديون فى الجانب المقابل ( المعتدل )، لهم كتبهم المقدسة فى العقائد و الشرائع ، هى كتب لها أول ولكن ليس لها آخر . لا يمكن للمحمدى أن يتعرف على كل تلك الكتب المقدسة. كلها تتناقض مع بعضها تبعا للدين الأرضى ( سنة ، شيعة ، تصوف ) وفى داخل كل دين منها تختلف حسب كل مذهب أوطائفة أوطريقة ، بل فى داخل الكتاب الواحد تجد اختلافا فى الروايات وتناقضا فى الآراء. أيها الأسهل : الرجوع الى كتاب واحد هو القرآن الكريم ؟ أم الاتجاه الى كتب التراث لتتوه بينها الى ما لا نهاية .!!
أخيرا ..
كما قال المقريزى ..( الى الله المشتكى .!!)

اجمالي القراءات 17717