تعقيباً على استفسارات الدكتور (نجيب ) حول مفهوم الشهادة، وعقوبة السحا

عثمان محمد علي في الأحد ١٤ - يونيو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

تعقيباً على استفسارات  الدكتور (نجيب ) حول مفهوم الشهادة، وعقوبة السُحاقايات  .

بسم الله الرحمن الرحيم .

تلبية لدعوة أستاذنا الدكتور منصور –حول مناقشة ما جاء فى رسالة الدكتور (عزالدين نجيب ) من إستفسارات  حول (واقعية عقوبة السحاقيات ، ومفهوم الشهادة والإستشهاد فى القضايا والعقوبات فى القرآن). نقول .

اولاً

مرحباً بالدكتور – (عزالدين نجيب ) وبإستفساراته ، ونتمى أن نقرأ له على موقع أهل القرآن ،وأن نقرأ ترجمته  لمعانى القرآن الكريم  قريباً

ثانياً ::

إسمحوا لى أن أرسل تعقيبى فى صورة مقالة منفصلة وذلك  لزيادة تفصيلاتها و بما يزيد عن الصورة النكطية للتعقيبات  والمساحة المخصصة لها .

ولنبدأ بكتابة الأيتين الكريمتين موضوع المناقشة لنهتدى بهما بعون من الله وتوفيفه وهما عن عقوبة السحاقيات  (واللاتي ياتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن اربعة منكم فان شهدوا فامسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت او يجعل الله لهن سبيلا) النساء 15

 وعن شهادة الشهود  الإستشارية (كما قال سيادته )  فى قول الله تعالى (واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر والفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من اراد باهلك سوءا الا ان يسجن او عذاب اليم . قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من اهلها ان كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين . وان كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين . فلما راى قميصه قد من دبر قال انه من كيدكن ان كيدكن عظيم ) يوسف 25-28

ولنبدأ بالآيات الكريمات من سورة يوسف المتحدثات عن الشهادة الإستشارية  التى تحدث  عنها الدكتور (نجيب )  فى قوله  (فالشاهد فى القرآن هو من شهد ورأى الواقعة ويشهد بما رآه وعاينه، وهناك الشاهد الخبير والذى يشهد بخبرته وليس بما رآه كما فى الآية: (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ) يوسف26 ومع هذا فلم يُؤخذ بشهادته مع أنها فى صالح المتهم. فشهادة الشاهد الخبير استشارية فقط. وهذا لا ينطبق على الحالة التى ذكرتها سيادتك، فالشهادة هنا شهادة على انتشار شائعة وليس على حقيقتها. ) وفى الحقيقة كنت فد أنتهيت قبيل كتابة الدكتور منصور لموضوع (شهادة التوحيد) من كتابة  بحث موضوع (الشهادة ،والإستشهاد) ، فأرجأت نشره إلى بعد إنتهاء عاصفة الإعتراض التى واجهها الدكتور منصور ،والموقع ،ومن معه فى نفس  المدرسة الفكرية  . ومن موضوعات ذلك البحث  - شهادة المولى عزّ وجل ،وشهادة الأنبياء ،وشهادة الشهداء ،والإستشهاد على المعاملات الدنيوية وما تتضمنه من   شهادة الرؤية، وشهادة السمع  ،وشهادة العلم (أى شهادة الخبراء) وسنذكرها بتفاصيلها فى حينها .

ونعود للحديث عن موضوعنا الحالى عن (الإستشهاد ) وشهادة الخبراء الإستشارية (كما قال الدكتور نجيب ) ،ولكن قبل الحديث عنها نود أن نُذكر بالآتى ونحاول أن نُجيب على السؤال الآتى  لأهميته وإرتباطه بالموضوع ::وهو ::

كيف نتدبر وكيف  نتعامل مع القصص القرآنى ؟؟

1--نحن نؤمن بالقرآن الكريم  ونوقن انه كتاب  تام كامل ،فُصلّ على علم ، و كاف للمؤمنين ،ولا يستطيعون أن ينقصوا منه حرفاً  أويزيدوه بحرفٍ .

2 القصص القرآنى  يحتوى على بعض أقوال المخلوقات ( من سموات وارض و إنس وجن وملائكة ،وطير ،وحيوان ،وحشرات) ،وومن بين أقوال (الإنس) ما هو منسوب لأنبياء الله ،وماهو منسوب للصالحين ، وما هو منسوب للكافرين والمعتدين على حدود الله من اليهود والنصارى ،وما هو منسوب للمنافقين من المسلمين ، وما هو منسوب لأناس آخرين  فى مواقف عديدة  آخرى  تعرض لها القرآن الكريم .

3-  فليس كل ما ذكره القرآن من أقول بشرية فى قصصه العظيم واجب الإتباع والتنفيذ والتطبيق ،كقول اليهود عن عن الخالق سبحانه (يد الله مغلولة) أو أنه (سبحانه (فقير وهم  أغنياء)(تعالى الله عن هذا علواً كبيرا)  فلا يمكن أن نقتدى به أبداً ، ونتمثل بهم ونكرر أقوالهم عن الخالق العظيم سبحانه وتعالى ، لمجرد أنه جاء فى معرض قصص القرآن الكريم ، ولكن  علينا أن ننكره ، ونتجنب القول بمثله ،والا نذكره إلا للتذكرة بالإبتعاد عنه والتحذير من الوقوع فيه  ،وذلك اثناء قراءاتنا وتدبرنا للقرآن الكريم فقط .

4- وأيضاً  هناك أقوال ذكرها القرآن الكريم فى معرض حديثه عن  قصة ما من قصصه العظيم ، ومنها حكايته عن (شهادة شاهد  قضية  يوسف عليه السلام وإتهامات إمرأه العزيز له . فلقد ذكرها  القرآن  ولم يُعقب علي عدم  أخذ (العزيز)  بها الأخذ بها و تطبيقها لتبرئة يوسف عليه السلام  ،  وترك لنا أن نفهم من خلالها  انهم لم يأخذوا بها ، ولكنه حكى لنا أنه قد زُج بيوسف عليه السلام فى السجن رغم شهادة الشاهد ببراءته  .

5- ولأن  قصة يوسف وإبتلاءه ودخوله السجن قد حدثت فى دولة لم تكُ  تحكم بتعاليم الله وشريعته رغم ما ورد فيها من إشارات ضمن  أقوال النسوة وإمرأة العزيز فيما بعد عن علمهم بوحدانية الله وعلمه  ،وشهادته للغيب والشهادة ( المشاهدة)  ، من مثل أقولهن  (حاشا لله ) وغيرها ،فلم يُركز القرآن الكريم على نقطة مخالفتهم لإقامة العدل والحق وتركهم لشهادة الشهود التى تبرىء يوسف عليه السلام .

6- ولكن عندما تعلق الأمر بإرساء قواعد وتشريعات لدولة تحكُم بما أنزل الله  ولا تتعدى حدوده فى الرسالة الخاتمة ، فنزل  القرآن بإرساء قواعد  تشريعية  يجعل فيها طاعة (أولى الأمر وشهادتهم وطلب إستشهادهم  ) أى (الخبراء) واجبة كطاعة الله فى  التوحيد وفى الصلاة والصيام والإيمان بالله واليوم الآخر وأنها جزء من الإيمان بتشريعات الله فى القرآن سواء كانت تشريعات عقائدية أو عبادات أو مُعاملات أو غيبيات  ، أو كما يقولون عنها (حقوق الله وحقوق العباد) ،مصداقاً لقوله تعالى (يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر) . وقوله تعالى (واذا جاءهم امر من الامن او الخوف اذاعوا به ولو ردوه الى الرسول والى اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان الا قليلا )

 7- ومن هنا كان الإستشهاد  بأقوال الشاهد   فى قصة يوسف كان إستشارياً لم يؤخذ به ، ومن ثم يكون  تعميمه والأخذ به فى تشريعات الدولة الإسلامية إستشاهداً باطلاً ولا يجوز القياس عليه ، لوروده ضمن قصة عن إجراءات دولة لم تحكم بما أنزل الله من تشريعات ، وإنما كانت تحكم بشريعة (العزيز وإمرأته) ،بل إنها كانت تحكم بشريعة نسوة المدينة وعلى رأسهن إمرأة العزيز ) .

وفى مقابلها عندما نتحدث عن الأخذ (بشهادة الخبراء) فى الدولة الإسلامية فهى  ملزمة للقضاة وجوبية  التطبيق إمتثالاً لقول الله تعالى فى تشريعاته ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم ) أى أصحاب العلم والخبرة فى التخصصات المختلفة  .

8- يبقى أن نقول علينا أن ُنتدبر  قصص القرآن ونفرق بين آياته  عندما تقص القصص ، كحادثة  حدثت فى عصر ما من العصور ولم يتحدث عن تفاصيل كثيرة لنا عنها فى حينها ، وبين ان نجده  يتحدث  لنا عن اوامر مباشرة  لنا أو عن بعض آيات قصصه ويُلزمنا بإتباعها  والتأسى بها وإعتبارها جزءا من شريعتنا الخاتمة . وعلينا أن نربط بينهما ،ونفهم إذا كانت قصة  تحمل فى طياتها عظات وعبر أخرى لكنها ليست قواعد تشريعية مُلزمة لنا الآن .أم أنها أصبحت أوامر إلاهية واجبة الطاعة ......

.إذا من كل ما سبق علينا ألا نخلط  بين قصص القرآن وألا نترك مُحكم آياته ونسير وراء ما تشابه منها .

----ثانيا – اما فيما  جاء فى إستفسار سيادته عن (عقوبة السُحاقيات) وما فهمته منه أنه يرى أنه قد يكون دور الشاهد هو دور إستشارى ،و أنه تستطيع السُحاقيات الإتيان بشهود آخرين ينفون شهادة شهود إثبات سلطة المُجتمع المتمثلة فى القضاء والجهاز المعاون له من الخبراء والفنيين ،وندخل فى دوامة شهود الإثبات وشهود النفى التى لا تنتهى ،ومن ثم نعود إلى القاعدة القانونية التى تقول (الشك يُفسر لصالح المُتهم ) ومن ثم قد تضيع معها الحقيقة ..

ونقول .   1-- علينا أن نُقر ونعترف بأن الإسلام دين تخفيف وتيسير ، وليس دينا يُكثر من الحرج  بما يثُقل معه  كاهل تابعيه ، ولذلك  لانجد  فيه من عقوبات بدنية ضمن  تشريعاته إلا ما ندُر  ،وتحديدا هى القصاص فى  القتل العمد ، وقطع يد السارق (سواء بجراحتها او تعليمها او وصمها بشىء يدل على إرتكابه لجريمته وليس بترها  ) ،وجلد الزانية والزانى  اللذان توفر لعقابهما شهادة أربعة من الشهود العدول على إرتكابهما  لفعلتهما...وجلد القاذف للمحصنات ، ومعاقبة اهل الحرابة. وما عدى ذلك من عقوبات فهو يدخل تحت العقوبات العلاجية (للنفس البشرية )  للفاعل ، ومنها عقوبة (السُحاقيات ).

2-- لقد بينا سابقا الفرق بين دور الشاهد فى دولة لا تحكم بما انزل الله او بمقاصد  ما أنزل سبحانه  من تشريعات فى التقاضى  وفى ان لهم أن لهم الحرية  فى الأخذ بشهادة الشهود  من عدمها ،  وبين دوره- اى الشاهد -  فى دولة الإسلام التى تتمسك بتشريعات رب العالمين ،والتى منها (طاعة ولى الأمر  - أى صاحب الخبرة والعلم  والتخصص )  ووجوب الأخذ بها فى الإستدلال والتيقن  قبل الحكم سواء (بالإدانة أو البراءة ) .

3-أن سلطة المجتمع الممثلة فى القضاء هى التى يناط إليها تعيين (الخبراء ) بناءاً على علمهم و خبراتهم  فى تخصصاتهم  للإستشهاد بهم وبوسائلهم التقنية للمساعدة على إقرار الحق والحُكم بالعدل ، كما هو الآن فى الإستعانة بخبراء الطب الشرعى ، وخبراء المحاسبات فى القضايا المالية ،وخبراء الهندسة والمرور فى تقدير الحوادث ،وغيرها وغيرها . ومدى علمى أن رأيهم مُلزم للقضاء ،ولا يجوز للمُتهم الإعتراض عليه والمطالبة  بأخذ أراء خبراء من مهنة أخرى لدحضة  ،فلايمكن  للمتهم أن يطلب رأى خبراء فى الهندسة  للإدلاء بشهادتهم فى قضايا  الطب الشرعى ،ولكن له أن يطلب لجنة من خبراء الطب الشرعى  أنفسهم  لإعادة  فحص العينات  التى  يُشكك فى نتائجها على يد  اللجنة الأولى لها   وهكذا وهكذا ، أى انه فى النهاية سيأخذ القاضى  برأى أهل الخبرة والإختصاص  فيما لا يعلمه من أمور  كأمور  الطب الشرعى  وخلافه .

4--ومن هنا كان إستشهاد أهل الخبرة ضرورة مكملة لإقرار العدل ،ولا يعتبر من مسائل (إستراق السمع ،والتنصت لكشف عورات الناس ،وتتبع حياتهم الشخصية دون داع او حاجة قضائية لإقرار العدل والقسط بين الناس ).

5--أما عن كون (حبس السُحاقية  ) فى البيوت حتى يتوفاها   الموت أو يجعل الله لهاسبيلا فإنه  يعطيها نفس الفرصة لممارسة السُحاق مع نفسها أو مع غيرها من أهل البيت المحبوسة فيه بحرية أكثر ، فهذا كلام يرُد عليه بالآتى . اعتقد انه لكى يكون سُحاقاً فلابد أن يتوفر فيه عنصر ( المُثنى والجماعة ) من السُحاقيات فى مكان واحد  ، وهذا ما يمنعه الحبس ، ولا يمكن للمُجتمع الذى يعالج الظاهرة أن يجمع بينهن فى محبس واحد .وعلى هذا أيضا أقول .

أ---لو نظرنا للموضوع من ناحية فسيولوجية وظيفية فسنقسم الموضوع الى أقسام ثلاثة ولنبحث فى أى الأقسام يقع موطن السُحاق . فالإنسان يقع فريسة لأمور ثلاثة    ( الغريزة ، و الإدمان ، والتعود الذى يقترب من الإدمان قليلا ) .

فالغرائز – تتلخص فى الإحتياجات الأساسية للبقاء،كحاجته للحفاظ على حياته بالأكل والشرب ،والحفاظ على نوعه بممارسة الجنس فى إطار مشروع ،ومُقنن طبقاُ لتشريعات الخالق  ،وتيسيراتها فى الزواج .

 فغريزة الطعام على سبيل المثال لا يمكن نفيها ولا يمكن إغفالها وإهمالها ولا يمكن الإستغناء عنها ،ولكن للإنسان القدرة والمقدرة على التكييف معها ،فمثلا نجد  الإنسان  الأكول الشره فى أكله  يستجيب لنصائح الأطباء فى ضرورة  تخفيف وزنه  وتقليل كميات  طعامه كماً ونوعاً للحفاظ على صحته ولعبوره بسلام من مخاطر صحية معينة أحدقت به وحاصرته  ، ثم ما يلبث بعد فترة قليلة أن يتعود طبيعياُ على اكل هذه الكميات القليلة ، ويمتنع  بعد ذلك بنفسه نهائياً عن اكل أنواع بعينها ،ثم تتلاشى  وتُمسح نهائياً بعد ذلك من قائمة  مفضلته فى أنواع طعامه  ثم ويتعامل معها وكأنها غير موجودة ولم يتعرف عليها ولم تكن يوماً ما ضمن قائمة مائدته اليومية، حتى لو كانت فى متناول يده ولا يراه أحدً من المشرفين على تغذيته من الأهل أو الأطباء المعالجين .

 وكذلك لو أتينا بشخص نحيف مريض بأنيميا فقر الدم (التى تُغلق معها مراكز الشهية للأكل عنده )  والتى جعلته لا يأكل سوى (مرة واحدة ) وبكمية قليلة جدا يومياً . وعالجناه ، وبدأنا فى تغيير نمط وسلوكياته  الغذائية  فسيتحول إلى إنسان آخر ، يأكل أكثر مما كان يأكل قبل ذلك  كماً ونوعاً ، بل ربما يتحول إلى إنسان شره فى مأكله ومشربه ، ويصحب ذلك تغيير فى حجم معدته وأمعائه بما يتناسب مع سلوكياته الغذائية الجديدة  ، ثم لو ضبطنا (نظامه الغذائى ) مرة أخرى فسيستجيب عقله ومخه ومعدته وامعاؤه للمتغيرات الجديدة ،ومعها ستتغير سلوكياته فى الأكل إلى الأفضل مرة أخرى ،وسيكون هو الرقيب على سلوكياته ،وموجهاً لها نحو الأفضل بعد ذلك ،ونسنتنج من ذلك أنه يمكننا التحكم فى غرائزنا وإحتياجاتنا الضرورية وتهذيبها نحو الأفضل والأمثل لو أردنا ذلك ،أو إضطررنا لذلك،ولن نموت بسبب هذا التهذيب أبداً  .....

 ب- و القسم الآخر -الإدمان  - وهو  (بإختصار) تناول مادة كيماوية ما بكميات معينة  فى  فترات متكررة  يومياً  عن طريق الأكل أو الدهان أو الحقن أو الشم ، ثم يتم تحليلها داخلياً وتمتص فتصل إلى الدم وتلتصق بمكوناته شيئاً فشيئاً حتى تُصبح إحدى مكوناته، أو تصل  عن طريقة إلى خلايا أخرى بالمخ و تُصبح جزءاً لا يتجزء منها هى الآخرى. بعدها يصبح المُدمن أسيراً لها و لا يستطع جسمه  تأدية وظيفته إلا بوجودها بكمية معينة مقننة ومقدرة لا تقل عنها ضمن مكوناته بصفة مُستمرة .  أى بإختصار تُصبح تلك المادة جزءا من التركيب التكوينى والتشريحى  لدمه ، ولبعض خلايا جسمه الأخرى اللازمة لتسييره والحفاظ على حيويتة وإستمراره  لأداء  وظائفه  الفسيولوجية بإنتظام ، بغض النظر عن عواقب ونتائج وجود تلك المدة الغريبة  عليه  فيما بعد . وهذه المواد تحديدا هى (المورفينات الطبيعية ،أو المُخلقة – المصنعة كيماويا- ومشتقاتها ) لا غير ... ومع ذلك يُمكن للمُدمن ان يُعالج منها ويتخلص منها نهائياً  بعلاجه علاجاً  طبياً صحيحاً ،وإستجابته وتنفيذه  لأوامر أطبائه وإلتزامه بها إلتزاماً حرفياً  حتى يبرأ منها ويُشفى بأمر الله تعالى .

ج-- أما ما عدا ذلك فيقع تحت بند  التعود ،سواء كانت طاعتنا  له شديدة او خفيفة ، كثيرة أو قليلة . ومن هذه التعودات السلبية (فاحشة السُحاق المرضية) التى يقع فيها بعض ضعاف النفوس من النساء  ، فهى  ليست ناتجة عن خلل فى مكونات الجسم الكيماوية ، أو لنقص عنصر من عناصره  ،او لنقص  مادة غذائية معينة يعتمد عليها الجسم  ، ولكنها ناتجة عن إنحراف بدرجة ما فى السلوك السوى للأنثى الحاملة للمرض،نتيجة لإتباعها لغواية الشيطان ، ومن محاسن الصُدف أنه لا يتفاعل ولا يُثمر إلا فى وجود أُنثى أخرى حاملة لنفس الإنحراف السلوكى  ، وأن طريقة علاجه من أسهل الطرق العلاجية  وهى فصل الأنثتين أو النسوة الحاملات للمرض عن بعضهن البعض ، وأننا كمسلمين ومؤمنين بصدق كلام الله فى القرآن ،فإننا نؤمن بطريقة العلاج أو (العقوبة العلاجية) التى أوصانا بها القرآن فى علاجهن  وفى أنها طريقة عقابية علاجية ناجعة ، ولا يجوز لنا أن نُكذب القرآن فيها ،وفى نجاعتها فى علاجهن ، ولا يجوز لنا أن نُصدق من يقول لنا (عقلياً) أنها من المُمكن أن تفشل لأنها  لم تُجرب رسمياً حتى الآن . فكُلنا يعلم أنها لم تُطبق منذ أن نزل القرآن الكريم ،ولم يُخبرنا القرآن أن النبى عليه السلام  طبقها على إحدى نساء المدينة المُنحرفات لأنها لم توجد فى عصر دولة النبى عليه السلام فى المدينة،كما فعل وأخبرنا القرآن عن العقوبة العلاجية للثلاثة المُنافقين الذين خُلّفوا عن رسول الله فى غزوة ذات العسرة بمقاطعة المسلمين جميعاً لهم  مُدة زمنية حكى عنها القرآن تبصرة لنا ..

د—ولكننا بُحكم الخبرة والمشاهدة ،وإستشهادا بما قلناه عن القدرة فى التحكم فى تهذيب  الغرائز ، والتخلص من الإدمان ،وانها (اى فاحشة السثحاق )  ليست منهما ، نقول  أنه من الممكن ،ومن اليسير  علاج (السُحاقيات ،وتهذيبهن وتغيير سلوكياتهن بحبسهن فى البيوت حتى يتوفاهن الموت – لو ماتا قبل  إكتمال التوبة - - أويجعل الله سبيلاً بالتوبة والتأكد الظاهرى لها ، أو الزواج ) ، وذلك لو نظرنا للسيدات الفضليات من المتوفى عنهن أزواجهن أو المطلقات ،وهن فى سن الشباب ، والقدرة على المعاشرة الجنسية ،ورغم ذلك يكتفين طواعية بعدم الزواج (وهو حق لهن لا يستطع أحد أن ينكره عليهن أو  يمنعهن منه ) ، والإكتفاء ،والإنكفاء على تربية أولادهن ، مما يستلزم معه تناسيهن تدريجياً  (للغريزة الجنسية ،وتهذيبها ،وتطويعها والتحكم فيها و فى عدم الإستجابة لها طالما أنها ستُغضب الله عليهن ولأنها ليست فيما أحله سبحانه وشرعه  لهن ) ، وليس معنى هذا أننا نُطالبهن بعدم مُراجعة ذكرياتهن الجميلة فى  أيامهن الخوالى ، حتى  تهدأ نفوسهن ، وتتهذب غرائزهن شيئاً فشيئاً ، ويصبح نداء الغريزة الجنسية لهن شيئاً من الأطلال ، ولكن المؤمنات يستعينن عليه  بالصبر والصلاة ، وبالاستعاذة بالله عند نزغ الشيطان لهن  .

وبذلك وبالعقوبات  العلاجية للنفس والجسد يتحقق صدق القرآن فى  قدرة النفس البشرية على  تحقيق وتطبيق قول الله تعالى ( ونفس وما سواها.فألهما فجورها وتقواها .قد أفلح من زكاها .وقد خاب من دساها.)  صدق الله العظيم .

---- كانت هذه وعلى عجالة  وجهة نظرى وبإختصار شديد  فى الإستفسارات التى طرحها الدكتور عزالدين نجيب ) . والتى دعانا لمناقشتها استاذنا ومُعلمنا  (الدكتور – منصور ).    وفى إنتظار أرائكم  لنتعلم منها .

---والله أعلم .

 

اجمالي القراءات 16747