مفهوم الغيب والشفاعة والوحى كما فهمته من القرآن

فوزى فراج في الأحد ٠٣ - مايو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

 

مفهوم الغيب والشفاعة والوحى كما فهمته من القرآن

 

 

طلب الاستاذ محمود عودة منى أن أبدى برأيي فى موضوع أثار جدلا كبيرا على الموقع فى مقالة ( هل كان رسول الله يعلم الغيب ) للأستاذ الصنعائى, وطبعا كان الأستاذ الصنعائى يقصد محمد رسول الله وليس أى رسول أخر, وقد وعدت الأستاذ محمود بكتابة مقالة عن هذا الموضوع والتى ربما سوف تتعرض أيضا لبعض المواضيع الأخرى فى سياقها من مثل الوحى أو الشفاعة كما سنرى, أو موضوع الشهادة فى الإسلام أو غيرها من المواضيع الأخرى التى أثارت من قيل وتثير الآن جدلا بين الكتاب بصفة خاصة والمسلمين بصفة عامة, ونبدأ بسم الله, ونتوكل عليه. وبالطبع هذا هو رأيى وأعتقد بصوابه ولكنى فى نفس الوقت لا أستبعد مطلقا ان يكون به بعضا من الخطأ, أو حتى كثيرا من الخطأ, والعلم فى ذلك عند الله, دعنى أكرر مرة أخرى ان العلم فى ذلك عند الله, الذى علم الإنسان ما يعلم.

 

أبدأ أولا بهذه المقدمة والتى أشرت اليها فى عدد من مقالاتى من قبل بشكل أو أخر, عندما يقرأ عشرة أشخاص آية واحدة من القرآن , نفس الآية, فإن الخلاصة التى يصل لها كل منهم تعتمد على التراكمات المعرفية لكل منهم وتعتمد على إيمان كل منهم وتعتمد على الأسلوب التحليلى الد اخلى لكل منهم, فمنهم من قد يعتمد إعتمادا تاما على القرآن فقط, ومنهم من قد يعتمد على القرآن والتراث من الحديث ومنهم من قد يعتمدعلى التاريخ وعلاقته بكل من القرآن والحديث أو التراث.................الخ, كما قد يختلف الوزن والقياس لكل منهم فى عملية التفسير فقد يضع بعضهم ثقلا أكبر على القرآن وبعضهم على التاريخ وبعضهم على المنطق.......الخ. غير أن النتيجة النهائية لمحصلة قراءة تلك الآيه, اى المعنى الذى يصل وينتهى اليه كل منهم فى داخله كمحصلة لقراءة تلك الآيه قد يختلف بينهم جميعا ولا يتطابق بين إثنين منهم , ولو كان هناك جهازا لقياس النتيجة النهائية لكل منهم , فليس من المتسحيل أن نجد عشر قراءات مختلفة لذلك الجهاز , ولو كان عدد القراء ألف قارئ, فسوف نجد ألف قراءة مختلفة على ذلك الجهاز, ولا يعنى ذلك بالطبع أن من بين الألف قراءة أن هناك قراءة واحدة فقط هى الصواب و 999 قراءة خطأ, ولكن قد يكون هناك ألف قراءة على صواب وإن إختلفت درجات ذلك الصواب, شيئ مثل الإمتحان الذى ينجح فيه جميع الطلبة, وإن إختلفت درجات النجاح, وبالطبع الذى يقرر فى النهاية درجات النجاح أو الرسوب فى قراءة وتحصيل وإستنتاج وفهم وتدبرتلك الآيه, ليس أى منهم ولكنه هو الواحد الأحد . الله عز وجل هو الذى سيحدد ذلك, وليس أى منهم ومن يقل غير ذلك فليثبته لنا وكلنا اذان صاغية!!!!!

 

 

كان السؤال فى المقالة أو موضوع المقالة هو عن ما إذا كان الرسول ( محمد ) يعلم الغيب. وقبل محاولة الإجابة على السؤال يجب ان نحدد تعريف ( علم الغيب ) لأن أكثر الخلافات - أو كثيرا منها- التى تحدث فى المناقشات تبدأ عادة من سوء تفاهم الأطراف, فيحضرنى هنا طرفة عندما كنا أطفال صغار وثار خلاف بين طفلين احدهما يدعى ان( أثنى عشر )اكبر من ( دسته ) والأخر بالطبع يقول له أنت جاهل لأن الدسته, دسته , يعنى كبيرة قوى واكبر من الإثنى عشر ( لعب عيال كده ) ولكن أحيانا أبسط الأمثلة هو ما يساعدعلى فهم المشكله, وكما قلت من قبل أننى رجل بسيط ولست من الخاصة او من خاصة الخاصة الذين يعلمون او يدعون العلم او من لديهم دائما إجابة على أى سؤال ...........

 

ما هو الغيب, أو ما هو "علم" الغيب, هل كلمة علم هنا تعنى معرفة ( knowledge ) الغيب, ام أنها تعنى ( science ) مثل الحساب أو الكيمياء, وتطوع الغيب ان يكون علما له قواعده وأسسه. مثلا فى سورة النجم آية رقم 35, "اعنده علم الغيب فهو يرى” , فجاءت كلمة الغيب مقرنة بكلمة علم, فهل هناك علم من العلوم يسمى علم الغيب...؟ وما هى قواعده ومن الذى يقوم بتدريسه أو تلقينه للأخرين, علما بأنها المرة الوحيدة فى القرآن التى وردت بذلك التعريف ( علم الغيب ) على تلك الصورة, وفى الحقيقة فقد جاءت بصفة تهكم من الله سبحانه وتعالى على من تولى وأعطى قليلا وأكدى......أعنده علم الغيب فهو يرى. وكلمة يرى فى الواقع تأتى بتهكم واضح على من يصفه الله عز وجل بأنه عنده علم الغيب فهو "يرى” سواء ما كان غائبا بسبب بعد المسافه أو يرى ما كان غائبا بسبب الزمن كما سنشرح لاحقا.

غير أن كلمة الغيب وردت فى مواضع كثيرة فى القرآن بما يخالف أنه علم من العلوم, مثل ( الذين يؤمنون بالغيب ومما رزقناهم ينفقون, ذلك من أنباء الغيب نوحيه اليك............, وعنده مفاتح الغيب لا يعلهما إلا هو, ذلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ) مما يرجح ان الغيب فى القرآن لم يكن يقصد به علم من العلوم التى لها قواعدها ومبادئها, ومن ثم فعندما نتساءل عن كلمة علم الغيب, فنعنى فى كلمة علم , المعرفه بالشيئ.

 

أما كلمة الغيب نفسها فكيف نتعرف على معناها من القرآن نفسه, نجد ان كلمة الغيب إقترنت بكلمة الشهادة عشر مرات فى القرآن الكريم, وكانت دائما تعود الى الله عز وجل, بأنه عالم الغيب والشهادة, وهما نقيضان كما هو واضح, الغيب هو ما غاب, أو ما هو مستور وغير منظور وهو ما ليس حاضرا , وأعتقد ان المعنى واضح لا يحتاج الى المزيد من الشرح. والشهادة هى عكس الغياب أى ما هو مشهود وحاضر, أى أن الله هو عالم بما هو غائب ( لأى سبب) وما هو حاضر ومشهود للجميع, وغياب الشيئ قد يكون لبعد المسافة بحيث لا تستطيع العين البشرية المجردة رؤيته, بصرف النظر عن المسافة نفسها, أو قد يكون لبعد الزمن, بمعنى ان يكون الحدث موضوع الحديث قد حدث منذ زمن بعيد بحيث لا يوجد من الأحياء من شاهده لكى يصفه ويكون شاهدا عليه , بمعنى أخر أن يكون قد حدث فى جيل أخر من قبل لم يعد منه احد على قيد الحياة, أو أنه يكون لم يحدث بعد, وقد يحدث بعد دقيقة واحدة, أو بعد قرن أو قرون من الزمن. هذا هو مفهومى للغيب والشهادة كما ذكرا فى القرآن الكريم. أى ما حضر وشهدة الجميع أوما غاب بسبب المسافة أو الزمن فلم يشهده أحد قط. ( هذه هو رأيى فى تعريف الغيب والشهادة, ولمن يختلف الحق فى الإختلاف بشرط ان يعطينى أنا الأخر الحق فى الإختلاف معه بدون إتهامات , لقد حان الوقت ان نتعلم كيف نختلف !!! ).

 

قد يأتى أحدهم فيقول ببساطه, إن كان الغيب هو ما لم يحدث بعد كما تقول سواء بعد دقيقة واحدة أو بعد قرون, فما رأيك فى مثلا ان تكون الساعة سوف تدق عشر دقات بعد دقيقة واحدة, ولكنها لم تدق بعد, فهل معرفتى لذلك هى من علم الغيب ؟, والإجابة ببساطه هى لا, لأن المقصود بذلك هو ما لا بعرفه أحد بعد ولا ((يتوقعه)) أحد كما فى المثال عن الساعة, ولنقل اننا لا نعرف ان زلازلا مدمرا سوف يحدث بعد دقيقة , أو ان البرق سوف يصعق احدهم فيقتله بعد دقيقة, أو ما شابه ذلك, فمن يعلم ذلك عن ((يقين )) بحيث لا تصبح المسألة مسألة تخمين أو إستنتاج من الشواهد الواضحه, فهو يعلم الغيب. كذلك يمكن أن نقول لو ان الساعة التى يتوقع الجميع ان تدق بعد دقيقة لسبب ما لم تدق, وعرف احدهم ذلك دون أن يكون له دخل فى إتلافها مثلا, أو معرفة ما هو تالف بها ويمنعها من أن تدق, فهو من ينطبق عليه علم الغيب. ثم يقول نفس ال ( أحدهم ) إن كان علم الغيب هو أيضا ما حدث فى أجيال سابقة لم يبقى منها احد على قيد الحياة, فما رأيك فى التكنولوجيا الحديثة من الصوت والصورة لأحداث أو أشياء سوف تبقى لمئات السنين وبعد اجيال كثيرة من بعد, فكيف يصح فى ذلك علم الغيب كما وصفته, وأقول, ان ذلك أيضا لا يعتبر من علم الغيب, فأن يأتى أحدهم بعد مئة سنه ليقرأ هذا المقال والتعليق عليه على سجلات الإنترنيت المحفوظة, ويدعى انه علم الغيب, فهذا أيضا هراء.

 

إذن نستخلص من ذلك ان علم الغيب هو العلم والمقدرة على معرفه أو شهادة الأحداث أو الأشياء التى لم تحدث بعد بدقة تامة, بصرف النظر عن بعد الزمن أو المسافة , بمعنى ان يكون لديه الإجابة الكاملة لأى سؤال كان عن أى شيئ لم يحدث بعد أو حدث فى الماضى البعيد ولم يكن هناك كتاب عنه أو سجل مسجل عن أحداثه. فهل كان الرسول محمد أو أى رسول اخر لديه ذلك العلم, هل كان أيهم يدعى انه يستطيع ان يقدم الإجابة على اى سؤال عن حدث لم يحدث بعد أو عن مصير اى إنسان أخر فى المستقبل, سواء بعد يوم أو بعد عشرة أعوام, أو ما هو أكثر من ذلك أو أقل اعتقد أن الإجابة عن ذلك السؤال هو بالنفى القطعى. والقرآن يؤكد ذلك بالطبع فى العديد من الآيات, ولننظر الى الآية رقم 50 من سورة الإنعام ( قل لا أقول لكم عندى خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم أنى ملك....الآيه), والأية تبدأ بكلمة ( قل) وهو أمر من الله عز وجل للرسول لكى يلفت نظر القارئ والسامع سواء, قل, فيقول الرسول, أنه ليس عنده حزائن الله , وأنه لا يعلم الغيب. آية مباشرة لا تحتمل التأويل أو التخريج أو الفهم بطريقة أخرى غير ما نصت عليه. بل إن ذلك الجزء بنفس المعنى تكرر فى سورة هود رقم 31 بدون كلمة (قل) , على لسان نوح ( ولا أقول لكم عندى خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول انى ملك............الآية , فسبحان الله إذ نرى أن رسله يقولون ما أمرهم به من القول الذى يكاد ان يكون متطابقا طبقا للقرآن. بل إن الله سبحانه وتعالى لكى يضع حدا لمثل تلك المهزلة بإدعاء ان هناك من يعلم الغيب يقول عز من قال فى سورة النمل 65, ( قل لا يعلم من فى السموات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون ), هل هناك الآن آية أوضح من ذلك أو أكثر مباشرة , فيأمرة عز وجل ان يقول, قل, لا بعلم من فى السماوات والأرض الغيب, كلهم بدون إسنثناء, جن, إنس , ملائكة , أى مخلوقات اخرى لم نعرف عنها, كلهم , جميعهم , لا يعلمون الغيب, إلا الله, إستثناء له وحده, الله وحده هو عالم الغيب والشهادة, فأى جزء من هذه الآية غامض بحيث يصعب تفسيرة أو يختلط الأمر على من يقرأه فى تفسيرة!!!!

 

إذا, عندما يختار الله عز وجل ان يوحى الى رسول من رسله ببعض من الغيب, كما يقول مثلا فى سورة آل عمران , 44, ( ذلك من أنباء الغيب نوحيه اليك................الآية) فمن الواضح انه لم يوحى له بالغيب كله, ولكن بجزء محدود يتعلق فى هذه الآية مثلا بقصة مريم وآل عمران مما ورد فى الآيات السابقة لتلك الآية. والرسول لا يستطيع أن يدعى انه يعلم الغيب كله أو حتى جزء منه, ولكنه يعلم من الغيب ذلك الجزء المحدد الذى أوحى له الله به بل لو سأله احد عن عمر مريم او عن شكلها او لونها لما استطاع ان يجيب . ولكى نقرب الصورة جدا ممن لم يقتنع بعد, لو أننا أخذنا طفلا فى الرابعه أو الخامسة من عمرة , ولقناه ان 5 فى 6 تساوى 30, وظل يردد خمسه فى سته تساوى ثلاثين, فهل من المعقول ان يتخيل اى بنى أدم ان هذا الطفل يعرف علم الحساب أو حتى جدول الضرب!!!!!!!!!!!!!!!!

 

الخلاصة , علم الغيب هو من الاشياء التى إختص الله بها نفسه, وأى إدعاء لأى إنسان بأنه أو بأن الرسول أو اى رسول اخر كان لديه علم الغيب فهو لا أساس له من الصحة أو المنطق مطلقا كما لا نجد له مرجعا فى القرآن نفسه. ولمن يختلف الحق فى الإختلاف مع ذلك, مع مراعاة انه طريق ذو إ تجاهين.

 

أما ما جاء فى مناقشات الشفاعه, وهل سيكون الرسول شفيعا لأحد, فأود ان أضع تصورى المتواضع لما حدث, لقد ذهب البعض فى عملية رفع وتقدير الرسول محمد الى درجة تتجاوز بمراحل خيالية حقيقته البشرية التى كان عليها, وكانت مراجعهم فى ذلك هو ما جاء فى التراث وفى ما يسمى بالحديث من البخارى وأمثاله, بحيث أنه فى بعض أو فى كثير من الحالات أصبح محمد بديلا عن الله – حاشا لله – وأصبح هو المنقذ وهو الشفيع وهو الذى يملك المصير فى يوم الدين.......................الخ, والقصص التى وردت فى كتب التراث لا يمكن حصرها حتى أصبح المسلمون يعتقدون مما يسمعونه فى خطب الجمعه ومن مشايخ المساجد انهم مهما بلغت ذنوبهم, فإنهم بقولهم أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله, سوف يشفع لهم الرسول وسيكون مثواهم الجنه. ثم جاء البعض الأخر الذى إتضح له ان ما يقال فى هذا الشأن لا يتفق مع الإسلام أو مع ما جاء فى القرآن بشكل خاص من تعاليم وتوجيهات من الله عز وجل, فأرادوا ان يصلحوا من تلك الخرافات وذلك التشويه لحقيقة الرسول, فمالوا من ناحية الى الناحية الأخرى , وقابلوا التطرف من اليسار بتطرف مماثل الى اليمين, فلم يعطوا للرسول حقه بل يبدو أنهم فى محاولتهم لإصلاح ما أفسده الأخرون تطرفوا الى درجة قد يبدو منها أنها معاداة للرسول وإجحافا به وبحقه. وإن لم يكن ذلك فى الحقيقة ما أرادوه فعلا على ما أعتقد, ولكن كما قلت كان هناك تطرفا مماثلا ومعاكسا للتطرف الأخر, وفى سورة النساء 129,( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم, فلا تميلوا كل الميل.............الآيه ) , بمعنى انه فيما يتعلق بالعدل, هو أن لا نميل الى أحد الأطراف أو بمعنى أخر عدم التطرف, وأن نبقى فى الوسط, وهذا ما لم يستطيع هؤلاء ان يفعلوا فى محاولات الإصلاح التى أشرت اليها فيما يتعلق برسول الله, والله أعلم.

 

ما هى الشفاعة, وما هو مفهوم الشفاعة فى القرآن, ذكرت كلمة الشفاعة بجميع مشتقاتها فى القرآن 31 مرة, والمفهوم العام للشفاعة هو أنه الى حد كبير ما يقوم به محامى فى محكمة بالدفاع عن متهم ومحاولة أقناع القاضى ببراءته او على أقل تقدير تخفيف العقوبة عنه ويستخدم فى ذلك كل ما لديه من معلومات ( أيجابية بالطبع) عن المتهم لكى يقنع القاضى بأن تلك الأعمال يجب ان تؤخذ فى الحسبان عند الحكم الأخير. هذا هو المفهوم العام للشفاعة عند الغالبية العظمى من المتحدثين بالعربية, نوع من الوساطة لأحد الافراد أمام السلطة العليا , والقرآن فى كثير من الآيات البينات لا ينفى ذلك العمل إن كان الوصف كما بيناه هو فعلا ما يقصد, ولكن لم يحدد القرآن بصفة مباشرة من هم الذين سوف يسمح الله لهم بالشفاعة, وإن كنا قد شبهنا الشفاعة بما يقوم به المحامى فى المحكمة, ففى هذه الحالة لابد من الأخذ فى الإعتبار بأن المحامى له مؤهلات خاصة, ولا يسمح لكل من هب ودب بتمثيل اى متهم فى المحكمة, ولكن يسمح فقط لمن لديه المؤهلات التى تشترطها المحكمة, ولأن كل منا سوف يقف بين يدى الله عز وجل للحساب وليس هناك أى إسنثناء لأحد بما فيهم الأنبياء والرسل, فليس من المحتمل او ليس من المعقول وليس من المنطقى أيضا ان يتصدى اى متهم فى أى محكمة للدفاع عن متهم أخر مثله, وبالتالى, فأميل الى ان يكون من سيسمح لهم الله بالشفاعة هم من الملائكة وليسوا من البشر, وبذلك يمكن القول بأنه لا النبى ولا أى من الرسل سوف يكون ممن يسمح له بالشفاعة. وأعتقد ان المقالة عن الشفاعة التى كتبها الدكتور أحمد صبحى هى من المقالات الممتازة عن ذلك الموضوع والتى – إن لم تخنى الذاكرة - أتفق معها بصفة عامة وبدون تحفظ . زد على ذلك, لو أن الرسول أو أحد من الرسل سيسمح له بالشفاعه, فلمن سوف يقوم بالشفاعه, من المنطقى ان يقوم بها لمن عرفهم, ومن عايشهم, ومن كانوا حوله فيستطيع ان يقدم ما لديه من ( أدله ) على إستحقاقهم للشفاعه, ولكن كيف يشفع لمن لم يكن ممن عرفهم وعايشهم فى عصره, او من جاءوا من بعده وأعدادهم لا يمكن حتى مجرد أن يتخيلها أى إنسان , فهل سوف يشفع لهم ( سماعى) وكيف يمكن ان يقدم أى دليل لديه فى شفاعته إن لم يكن قد عايشهم, وإن لم يكن سوف يشفع للأكثرية العظمى من الناس, فهل تكون تلك من العدالة فى شيئ, والله كما نعرف هو العادل وهو الذى لن يظلم أحدا من عباده. أضف الى ذلك هل سوف تكون الشفاعة فى يوم القيامة بصرف النظر عن من الذى سوف يقوم بها, هل سوف تغير مصير احد, بمعنى اصح, هل سوف تحيل  مذنب الى بريئ, من إنسان كان ينبغى له ان يذهب الى الجحيم فيذهب الى الجنه, هل سوف يقدم الشفيع شيئا لم يعرفه الله بعد او لم يعرفه من قبل,هذا هو السؤال, ولكن عندما يسمح جل جلاله لشفيع بأن يشفع لأى إنسان فمن المنطقى ان الله سبحانه وتعالى قد علم ذلك مسبقا وقد سمح للشفيع ان يشفع, وهذا هو الخبر السيئ فى الحقيقة لكل هؤلاء الذين يعتقدون ان النبى او غيره سوف يشفعون لهم فتتغير أعمالهم السيئة الى أعمال صالحة.

 

كذلك جاء من بين المناقشات شيئ عن الوحى, وقيل ان هناك أكثر من وحى , وحى عام ووحى خاص, أو وحى للرسول ووحى للنبى, وقيل ان هناك ربما اكثر من وحيان.

هل هناك وحى او وحيان او ثلاثة - بالمناسبة ما هى كلمة الجمع لوحى , أوحية , وحوات..!! , هل نعرف نحن مواصفات الوحى, هل كان كما يعتقد البعض فى روايات التراث يظهر له كرجل, مثل ما قيل فى الروايات عن جبريل وأول لقاء مع النبى فى غار حراء, هل نعلم ماهية او كيفية عملية الوحى بالقرآن للنبى؟؟

فى سورة البقرة 97, ( قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه.....الآيه)

وفى سورة الشعراء 193, 194 ( نزل به الروح الأمين, على قلبك لتكون من المنذرين ) , وكما هو واضح من الآيتين ان القرآن نزل من الله عز وجل بواسطة جبريل على قلب الرسول, أى ان القرآن لم ينزل فى صورة كتاب مكتوب القاه جبريل الى النبى , غير اننا نتساءل عن كيفية نزوله على قلبه. وليس هناك شرح لذلك فى أى مكان من القرآن , فلذا على كل منا أن يستخدم عقله وأن يتخيل هذه العملية , غير ان الوحى من الله عز وجل لم ينزل فقط على الرسل او الأنبياء ولكن كما نرى فى القرآن ان الله أوحى الى النحل كما فى سورة النحل/ 68, وفى سورة فصلت/12 أنه أوحى الى السموات وفى سورة الزلزلة /5 انه أوحى الى الأرض, والمائدة /111 نجده قد أوحى الى الحواريين. وفى الأنفال/12 أوحى الى الملائكة, وفى القصص/7 اوحى الى أم موسى..............إذا فإن الوحى من الله يؤتيه من يشاء, وإذا حاولت ان تجد معنى كلمة الوحى كما تفسرها معاجم العرب, فعليك ان تتأكد من انك لديك من الوقت ما يكفى, وأن تجهز فنجان قهوة كبير الحجم, ثم تحاول ان تقرأ وتفهم تفسيرهم للكلمة, وها هو الرابط لكى اوفر عليك بعض الوقت.

وحى=http://www.baheth.info/all.jsp?term

 

بعد ان تضيع كل ما ضاع من الوقت فى محاولة فهم كلمة وحى, سوف تفهم بلا منازع كيف تحدث وحدثت وسوف تحدث الخلافات بين العرب والمسلمين فى فهم القرآن وتفسير القرآن, ولكن من المؤكد انك سوف تخرج بأن معنى الوحى هو ما عرفته فى قلبك دون محاولة قراءة التفسير, هو امر من الله الى من يوحى اليه بعمل شيئ ما.

إذا كان ذلك ما سوف نخرج منه فى تحديد معنى الوحى, فسنجد ان تقسيم الوحى الى وحيان او أكثر, لا معنى له, فأن الوحى الذى جاء محمد من الله عز وجل كان وحيا واحدا, عندما أوحى له القرآن ففهم ان ذلك هو القرآن بتسميته وصفته وتكوينه, وعندما أوحى اليه بكيفية الصلاة, فهمها ثم قام بتوصيلها الى الناس كما أمرة الله, وعندما اوحى له بأشياء أخرى نعرفها او لم نعرفها, فقد فهم انها ما يجب ان يوصله او مالا يجب ان يوصله الى الناس, فقد إتبع ذلك الرسول ما امره الله عز وجل به, ولم يحيد عنه, ومن ثم فإن مناقشة الوحى وإن كان هناك وحيان او أكثر, او مناقشة العلاقة بينه وبين الرسول هى دخول فى غيبيات لا نعلمها ولا ينبغى لنا ان نعلمها, بقى بعد ذلك ما فعله الرسول كإنسان مثله مثل أى بشر أخر, فلم يكن ذلك وحيا من الله, وهذا هو ما يجب ان نفهمه دون ان ندخل فى تفاصيل لم يأتى بها القرآن لأن كل ما جاءنا من ناحية التاريخ والتأريخ عن حياة الرسول , يحتمل الصدق كما يحتمل المبالغه والكذب, وليس أدل على ذلك شيئا اكثر مما جاء فى كتب ما يسمى بالصحاح , او ما جاء فى تخاريف الطبرى الذى ولد متأخرا بعد البخارى بثلاثين عاما, ورغم ذلك فهناك من لا يصدق كلمة واحدة من البخارى بينما يعطى للطبرى قيمة من الإحترام والتعظيم ,مع إحترامى لأخى أحمد صبحى. والله سبحانه وتعالى أعلم.

 

أما مسألة الشهادة فى الإسلام وهل هى شهادة واحدة أم هما شهادتين التى أثارت جدلا كبيرا على الموقع, فسوف تكون موضوع مقالتى التالية إن شاء الله.

اجمالي القراءات 31785