دراسة نقدية في فكر الدكتور احمد منصور ..

عمرو اسماعيل في الخميس ٢٣ - أبريل - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

يطالب الدكتور منصور بدراسة التراث الاسلامي دراسة نقدية وفي الحقيقة أنا أوافقه تماما في ذلك .. فأي فكر انساني يجب أن يخضع للدراسة النقدية .. سواء كان هذا الفكر هو تدبر أو تفسير النص المقدس .. أو تاريخ أو فقه ..ولعل أول ما يتبادر الي ذهني قوله أنه يتدبر القرآن .. بينما أنا لا أري فرقا بين تدبر القرآن وتفسيره .. ثم يضع الدكتور احمد الفكرة الآساسية والتي يصف بها نفسه و يبدأ بعدها ما يقول عنه تدبرا للقرآن .. قوله : "ولكى يكون القرآن رحمة وشفاء لا بد لمن يتدبره لا بد ان يتحلى بالهداية العلمية والهg;داية الايمانية معا ، أى باختصار لا بد أن يكون من الراسخين فى العلم" ( لا أدري لماذا أعاد الدكتور احمد كلمة ولابد مرتين في الجملة السابقة)

 

لو اعتبرنا أن الهداية العلمية هي الدراسة .. ونستطيع قياسها مثلا .. بما يحمله الانسان من شهادات وكم انتاجه العلمي .. فكيف نقيس الهداية الايمانية .. رغم تاكيد القرآن في أيات واضحة تماما لا تحتاج أي علم لتفسيرها أن الله وحده هو من يحكم علي الايمان ,, رغم وضوح قول الله تعالي كما قال الاستاذ فوزي فراج في مقاله العبقري البسيط : "إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين " وقوله تعالي فى سورة النجم 30, ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى..... ويصف الدكتور احمد أن من يتمتع بالهداية العلمية والهداية الايمانية انهم الراسخون في العلم .. ويصف نفسه في نفس الوقت كما حدث في عدة تعليقات ومقالات أنه من الراسخين في العلم .. أي أنه حكم علي نفسه أنه يتمتع بالهداية العلمية والايمانية .. في تدخل واضح في عمل الله .. وهو ما قد يعتبره البعض مصادرة مقدما لأي دراسة نقدية لفكره .. تماما كما يفعل السلفيون في منع دراسة عمل وفكر الصحابة والأئمة علي أساس أنهم مرضي عنهم .. وأنهم راسخون في العلم .. والدكتور احمد انتقد الكثير منهم ونقد فكرهم .. فأتمني ألا يغضب مريدوه من نقد فكر الدكتور احمد .. فأنا في الحقيقة اقتفي أثره .. و أعتبر أن الراسخون في العلم الديني لا يعلمهم الا الله .. وقد وصفهم الله أنهم من لا يأولون القرآن ..ويقولون آمنا به كل من عند الله..

 

يقول الدكتور احمد في مقاله عن الآيات المحكمات والمتشابهات في موضوع الشفاعة: القرآن الكريم ليس كتابا فى القانون أوالأدب والتاريخ والقصص والعلوم الطبيعية . صحيح أن فيه إشارات علمية فى الكون والحياة ، وفيه أحداث تاريخية و مستوى عاليا من صنوف الأدب ، وفيه إشارات اقتصادية و تشريعية واساليب متنوعة للحوار ، ولكنها كلها تدخل فى إطار هدف واحد هو الهداية .. في الحقيقة أنا أوافقه تماما في هذه المقولة وأحييه عليها ,, ولكن الدكتور احمد نفسه هو من كتب المقالات الفير مقنعة في الإعجاز العلمي بل والعددي في القرآن و علاقته بأصحاب فكرة إعجاز الرقم 19 معروفة .. فعرض نفسه وعرض القرآن للإنتقاد بلا أي مبرر في تناقض واضح لمقولته السابقة التي أؤيدها تماما .. .

 

أما عن موضوع الشفاعة نفسها .. فالقرآن واضح تماما والله يقول: "ان ربكم الله الذي خلق السماوات والارض في ستة ايام ثم استوى على العرش يدبر الامر ما من شفيع الا من بعد اذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه افلا تذكرون" ويقول تعالي في آية الكرسي المحكمة التي لا تحتمل أي تأويل: "اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ" كلام واضح أن الشفاعة هي بإذن الله مما يؤكد وجودها عكس ما توصل اليه الدكتور احمد .. فهو يعتبر ما يؤكد وجهة نظره هي الآيات المحكمات وما يناقض وجهة نظره هي المتشابهات فيفسرها علي هواه ..

 

تماما مثل العلم بالغيب الذي هو بيد الله ولكنه أعطي بعضا منه لمن شاء .. وهو ما أكد الله تعالي عليه .. في آيات محكمات واضحات: "عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ، إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ، لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا" "مَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء" ومن خلال القراءة الواعية لتلك الآيات يتضح امرا هاما جدا ألا وهو أن الله جل وعلا قد قرر مسبقا أنه لا يظهر على غيبه احدا من البشر إلا من ارتضى من رسول وهذا الرضى في حد ذاته غيب لا يعلمه إلا الله جل وعلا ولا يمكن لنا نحن البشر أن نعلمه .. فماذا يمنع أن يكون الله قد أطلع سيدنا محمد علي بعض هذا الغيب وهناك في القرآن مايؤكد أن الرسول قد علم بعض الغيب ..

 

المشكلة في فكر الدكتور احمد أنه من حيث إنكاره للسنه وفي محاولة لإثبات وجهة نظره هذه .. دخل برأي مسبق علي القرآن ووضع نفسه دون أن يدري و علي ماأعتقد دون قصد وكأنه في حالة عداء مع رسولنا الكريم محمد صلوات الله عليه وسلم .. حتي وصل به الحال الي القول أن من يقول أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله ... هو كافر عقيديا ..فكفر بقصد أو دون قصد الأغلبية الساحقة من المسلمين ,, هناك بلا شك ماهو جيد جدا في فكر الدكتور احمد صبحي منصور وقد وافقته في الكثير منه خاصة في اعتباره أن الاسلام هو دين الحرية المطلقه وما اقتبسته من أقواله في هذا الشأن في مقالي عن دبابيس الدكتور احمد .. ولكن ايضا ما يمنع أن يصل فكره الي الكثيرين في العالم الاسلامي .. وضعت بعضا منه هنا .. وأستطيع أن استمر إذا أذن لي ..

 

عمرو اسماعيل

اجمالي القراءات 8100