بعض كتب السنة تصف وتتهم رسول الله محمدا بالمداهنة، والتعبير عما ليس في

Brahim إبراهيم Daddi دادي في الأحد ٠٥ - أبريل - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

بعض كتب السنة تصف وتتهم رسول الله محمدا بالمداهنة، والتعبير عما ليس في قلبه.

 

عزمت بسم الله،

 

جاءني صديق متسائلا عن رواية سمع جماعة تؤيدها وتجيز ما جاء فيها عن النبي، وطلب مني البحث عن هذه الرواية، فوجدتها في بعض كتب (السنة) وتعجبت لما جاء فيها عن رسول الله عليه السلام، وأعتبرها إيذاء صارخا للنبي عليه الصلاة والسلام.  

 

بعض كتب السنة تصف وتتهم رسول الله محمدا بالمداهنة، والتعبير عما ليس في قلبه، يقول رب العزة عن المنافقين، الذين يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم: (يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ(167) ). آل عمران. وهذا يتنافى مع الوصف الذي وصف الله تعالى به رسوله، والأوامر التي أمره بها، يقول الله تعالى لرسوله:  (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)(4) ... (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ* وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ* هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ*مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ*عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ*أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ*إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ(15). ) القلم. ويقول الله سبحانه عن المنافقين من صحابة رسوله: وَلَا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا(48). الأحزاب.

 وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ(101). التوبة.

 

إليكم أعزائي ما جاء في كتب السلف من لهو الحديث افتراء على رسوله عليه الصلاة والسلام:

 

ذكر البيان بأن من شرار الناس من اتقي فحشه     5696 أخبرنا محمد بن الحسن بن الخليل قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا حاتم بن إسماعيل قال حدثنا عبد الرحمن بن حرملة عن عبد الله بن دينار عن عروة عن عائشة ثم ان رجلا استأذن على رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فلما سمع صوته قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  لعائشة   بئس الرجل  أو بئس بن العشيرة فلما دخل انبسط اليه رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فلما خرج كلمته عائشة فقالت يا رسول الله قلت   بئس الرجل  أو بئس بن العشيرة فلما دخل انبسطت اليه فقال يا عائشة شر الناس من يتقى الناس فحشه.

صحيح ابن حبان ج 12 ص508. قرص 1300 كتاب.

 

باب في مداراة الناس     800 حدثنا الخليل بن زكريا ثنا هشام الدستوائي عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن صفوان بن عسال المرادي قال ثم كنا مع النبي  صلى الله عليه وسلم  وسلام في سفر فأقبل رجل فلما نظر اليه رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قال بئس أخو العشيرة أو   بئس الرجل  فلما دنا منه أدنى مجلسه فلما قام وذهب قالوا يا رسول الله حين أبصرته قلت بئس أخو العشيرة أو   بئس الرجل  ثم أدنيت مجلسه فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم انه منافق أداريه عن نفاقه وأخشى أن يفسد على غيره.

مسند الحارث زوائد الهيثمي ج 2 ص  792. قرص 1300 كتاب.

 

وتجدون نفس الروايات مع الاختلاف الكثير (لأن ذلك من عند غير الله ) في : حلية الأولياء ج 6 ص 285، وفي مسند أبي يعلى ج 8 ص 244 قرص 1300 كتاب.

 

يقول ملك يوم الدين: أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا(43) ... وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا(51)فَلَا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا(52). الفرقان.

 

1.    هل يمكن أن يقول الرسول عليه السلام كلاما يتنافى مع خلقه العظيم؟

2.    يمكن للنبي أن يخفي في قلبه أشياء، ويمكن أن يخطئ في أمور دنياه، كما أخطأ في بعض الحالات ومنها ما جاء في سورة الأحزاب: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ... (37). وفي سورة الأحزاب: يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا(1) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا(2). نعم يمكن لنبي الله أن يخطئ في تصرف ما ( لأنه بشر مثلنا)، ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا(110). الكهف). لكن أن يقول ما ليس في قلبه كما وصف الله به المنافقين، أو أن يعلم ما في الصدور ليميز المؤمن من المنافق فهذا ما ينفيه القرآن المجيد عنه. (وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ. ) "101" التوبة.

3.    هل قوله تعالى: (وَجَاهِدْهُمْ بِهِ ) الفرقان "52" يعني القرآن الكريم؟

4.    فإذا كان المقصود بالجهاد به هو أحسن الحديث، فما محل لهو الحديث ( كتب السنة) من دين الله تعالى؟؟؟

 

يقول عالم الغيب والشهادة منذرا: فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ(32)وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ(33)وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ(34).المؤمنون.

 

الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة والذين أترفوا في الحياة الدنيا في أيامنا هذه، والظالمين منهم يقدسون الرسول لدرجة إخراجه من بشريته، وتأليهه لدرجة أنه يعلم ما تخفي الصدور، ولدرجة إحاطته بكل شيء، حتى وهو في قبره، فهو حسب معتقدهم حي يسمع المتوسلين إليه ويجيبهم ويغفر لهم، فيكون شفيعا لكل من قال لا إله إلا الله ولو لم يعمل صالحا، ـ  ولو لم يكن من المصلين ولم يكن يطعم المسكين، وكان يخوض مع الخائضين ولم يجتنب الفواحش والإثم والبغي بغير الحق، ـ فهم بذلك يتمنوا على الله الأماني لكن هيهات هيهات لما يعدهم الشيطان ورجال الدين الظالمين...( مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ(42)قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ(43)وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ(44)وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ(45)وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ(46)حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ(47)فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ(48)فَمَا لَهُمْ عَنْ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ(49).) المدثر.

 

إليكم رواية يعتقد في صحتها أغلب رجال الدين، إن لم أقل كلهم إلا القليل منهم طبعا، ( وإلا كنا منهم والعياذ بالله). والمؤسف أنهم لقّنوا هذه الرايات، ويلقنوها لطلابهم ولعامة الناس في وعظهم وإرشادهم (إلى الضلال)، ما دام سندهم أمثال هذه الروايات المفتريات، وما داموا عن التذكرة معرضين، ويهجرون أحسن الحديث...

 

روى أبو صادق عن علي قال: قدم علينا أعرابي بعد ما دفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام, فرمى بنفسه على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم

وحثا على رأسه من ترابه; فقال: قلت يا رسول الله فسمعنا قولك, ووعيت عن الله فوعينا عنك, وكان فيما أنزل الله عليك "ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم "الآية,

وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي. فنودي من القبر أنه قد غفر لك.

القرطبي تفسير الآية "64" النساء.

 

يقول تعالى "وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع" أي فرضت طاعته على من أرسل إليهم وقوله "بإذن الله" قال مجاهد: أي لا يطيع أحد إلا بإذني يعني لا يطيعه إلا من وفقته لذلك قوله "ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه" أي عن أمره وقدره ومشيئته وتسليطه إياكم عليهم وقوله "ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم" الآية يرشد تعالى العصاة والمذنبين إذا وقع منهم الخطأ والعصيان أن يأتوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيستغفروا الله عنده ويسألوه أن يستغفر لهم فإنهم إذا فعلوا ذلك تاب الله عليهم ورحمهم وغفر لهم ولهذا قال "لو جدوا الله توابا رحيما" وقد ذكر جماعة منهم الشيخ أبو منصور الصباغ في كتابه الشامل الحكاية المشهورة عن العتبي قال: كنت جالسا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله سمعت الله يقول "ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما" وقد جئتك مستغفرا لذنبي مستشفعا بك إلى ربي ثم أنشأ يقول:

   يا خير من دفنت بالقاع أعظمه        فطاب من طيبهن القـاع والأكـم   

   نفسي الفداء لقبر أنت ساكنـه         فيه العفاف وفيه الجود والكرم   

 

ثم انصرف الأعرابي فغلبتني عيني فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النوم فقال: يا عتبي الحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له".

ابن كثير تفسر الآية "64" النساء.

 

يقول ملك يوم الدين: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ(24).آل عمران.

الذين يفترون على الله الكذب أكثرهم لا يعقلون: (وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ)(103). المائدة.

والسلام على من اهتدى بالصراط المستقيم، ولم يتبع السبل.

 

 

اجمالي القراءات 16024