الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ ب

Brahim إبراهيم Daddi دادي في الأحد ٢٢ - مارس - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ.

 

عزمت بسم الله،

  

 محاولة التعرف على المنافقين، والفاسقين في القرآن العظيم:

 

 المنافقون:

ـ المنافقون بتعريف القرآن الكريم، هم الذين يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم، (يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ)(167).آل عمران. والمنافقون كذلك هم الذين يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم عن الإنفاق في سبيل الله، والمنافقون هم الفاسقون. (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمْ الْفَاسِقُونَ)(67). التوبة.

بما أن الله تعالى أقر أن المنافقين يخادعون الله والذين آمنوا ولا يقومون إلى الصلاة إلا وهم كسالى، يراؤون الناس ليخفوا ما في صدورهم من فسق ونفاق، (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ(8)يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ(9)فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ(10).... (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ(14)) البقرة. المنافقون كذابون فهم يتظاهرون بالإيمان بالله وبما جاء به الرسول لكن حقيقة أمرهم فهم يخادعون الناس وأنفسهم ويقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم. (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ(1)اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)(2).المنافقون.  فاتخذوا أيمانهم جنة، فصدوا عن سبيل الله بأموالهم وأنفسهم وما أتاهم الله من نعم ظاهرة وباطنة، إنهم ساء ما كانوا يعملون (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ(3)وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمْ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ)...  إلى أن يحكم الله على المنافقين فيقول: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(6)) المنافقون.   

فقد حكم الله تعالى كذلك على المنافقين أن يكونوا في الدرك الأسفل من النار وهم وقودها،(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا)(145) النساء. (ولن يخرجوا من النار رغم أنف أبي ذر...)

 

الفاسقون:

 

ـ الفاسقون هم الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، وهم الذين يرمون المحصنات ولم يكن لهم أربعة شهداء، والفاسقون كذلك هم الذين يشركون عبادة ربهم بأشياء إما بأرباب آخرون أو بكتب أخرى يقدسونها ويكفرون بالذي خلقهم ( لأن الكافر هو الذي يخفي في نفسه الحق ولا يظهره، ـ مثله مثل الفلاح الذي يخفي البذور في التراب، وإن كان عمله هذا فيه الخير والمنفعة، ـ أما الذي يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف فذلك هو المنافق الفاسق.)  كما يفعل بعض رجال الدين فهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، لأن فطرة الله وسنته تقتضي أن يشهدوا بوحدانية الله تعالى، (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ). الأعراف (172). إلا أن متاع الحياة الدنيا قد أعمى أبصارهم وأصم آذانهم وأقفل قلوبهم فهم لا يعقلون( إلا من رحم الله)، وهم اليوم يروا أن أهل القرآن مرتدون ومن الأشرار وأن فكرهم من الفكر القذر، يخبرنا الحق سبحانه باليوم الذي توفى وتجزى فيه كل نفس ما كسبت وقدمت، يخبرنا سبحانه بتخاصم أهل النار الذين استجابوا للشيطان ولهواهم، وفي نظري أن هذه الآية الكريمة تنذر رجال الدين الذين يزكون أنفسهم، وينظرون إلى مخالفيهم في الفكر أنهم من الأشرار ومن المرتدين! يقول سبحانه:(   وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنْ الْأَشْرَارِ(62)أَاتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمْ الْأَبْصَارُ(63)إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ)(64). "ص" وقد كانوا يضحكون ويتغامزون من الذين آمنوا المستمسكين بكتاب الله وحده، ويقولون في حياتهم الدنيا إن هؤلاء لضالون، هذا ما أخبرنا به المولى تعالى في أحسن الحديث فيقول: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ* وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ* وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ انقَلَبُوا فَكِهِينَ* وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ* وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ* فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ* عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ* هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ(36).المطففين.

 

ـ لنعود إلى الفاسقين والمنافقين لنتعرّف على المزيد من أعمالهم و أوصافهم التي بينها سبحانه في كتابه المبين: نلاحظ أن الله تعالى نفى أن يؤتى بشرا الكتاب والحكمة والنبوّة ثم يقول للناس كنوا عبادا لي من دون الله، أو يأمرهم ليتخذوا الملائكة والنبيين ( إشارة إلى اليهود والنصارى) أربابا هنا تساءل الله تعالى فقال (أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.؟) يقول سبحانه:  مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ* وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ* وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنْ الشَّاهِدِينَ* فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (82).آل عمران. لكن بعض الناس الذين يزكون أنفسهم وابتدعوا مهنة الرهبانية ( سجل التجارة بالدين، خال من الضرائب والمحاسبة) ليحصلوا على متاع الحياة الدنيا وزينتها، وتمنوا على الله الأماني واعتمدوا على شفاعة آخر الأنبياء ليخرجهم من عذاب جهنم، لكن هيهات، هيهات لما تعتقدون، (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمْ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ(14) الحديد.

 

ـ أوجه عنايتكم إلى قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ(4). النور.

أنظروا كيف أكرم الله عباده ( النساء) فشدد في رمي المحصنات منهن من غير الإتيان بأربعة شهود، ( وهذا في نظري من المستحيل، إلا أن تكون الفاحشة تمارس جهارا نهارا في الشوارع) فجعل عقاب الدنيا الجلد ثمانين جلدة لمن لم يأت بأربعة شهود، جزاء رميهم للمحصنات ولا تقبل لهم شهادة أبدا، لأنهم سجّلوا في قائمة الفاسقين، لننظر في أمر الله تعالى في كيفية تلقي النبأ، وكيف اعتبر المولى تعالى ناقل النباء بالفاسق؟ لأنه سبحانه قال: (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ) (نكرة) فلو كان الأمر بالتبيين مما ينقله الفاسق لقال: " إن جاءكم الفاسق" لكنه تعالى قال: (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ) معنى ذلك في نظري أن كل حامل للنبأ لا يخرج من وصف الفاسق إلا بعد التبيين مما جاء به. ولنا في كتاب الله تعالى مثالا في تحري الصدق في قصة سليمان عليه السلام والطير (الهدهد) لما تفقد سليمان عليه السلام جنده من الطير فقال سبحانه في الكتاب: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِي لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنْ الْغَائِبِينَ(20)لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ(21)فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ(22) ... إلى أن يقول: قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنْ الْكَاذِبِينَ(27). ـ لا حظوا معي أعزائي جواب الطير كيف كان ولمن كان؟ (فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ) هل يمكن أن يقبل المترفون مثل هذا الرد؟ كلا لن يقبلوا بأقل منه بكثير... ـ لنعود إلى موضوعنا تحري الصدق فلما جاء الطير(وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ) رغم أن الطير غير عاقل وليس له من الأمر شيئا أن يكذب، ومع ذلك أخبرنا الله تعالى عن رد سليمان فقال: قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنْ الْكَاذِبِينَ(27). النمل.

 

 ـ واسمحوا لي هنا أن أضع سؤالا : هل ما نقله البخاري وغيره ـ ممن أصيبوا بالشره في طلب الحديث( والتجارة فيه) والرواية عن الرسول محمد عليه السلام ـ قد تم تطبيق الآية عليه أم أن حكم الله تعالى على ناقل النبأ لا يزال قائما؟؟؟( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)(6).الحجرات.    

 

لقد وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف من قبلهم وليمكننّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدون الله وحده ولا يشركون به شيئا. التساؤل الذي خطر ببالي هو:

·        من هم الذين آمنوا؟

 ـ الذين آمنوا هم كل من يؤمن بالله وحده ولا يشرك به شيئا.

·        هل كل الذين آمنوا يعملون الصالحات؟

ـ في نظري لا، ليس كل الذين آمنوا يعملون الصالحات، لأن إبليس من الذين آمنوا بوحدانية الله تعالى واعترف بعزته،( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)(82). ص.  لكنه عصى أمره ولم يعمل صالحا فاستحق غضب الله.

·        هل مكّن الله في الأرض دينه الذي ارتضاه لعباده؟

ـ في نظري نعم لقد بعث الله آخر الرسائل، وتولى بقدرته حفظها، وتحدى خلقه من الجن والإنس أن يأتوا بمثله فلم يأتوا ولن يأتوا بمثله أبدا، فلما لم يجد أعداء الله من المنافقين والفسّاق طريقا ليأتوا بسورة أو بعشر سور مثل القرآن، اخترعوا ما يسمى (بالسنة المحمدية) ليخترقوا بها دين الله، فأسندوا كل افتر آتهم وأقوالهم إلى الرسول لتحظى بالقدسية والرهبانية، وأحكموا أقفال قلوب المسلمين حتى لا يعقلوا، إلا من رحم الله تعالى من السلف والخلف، فنالت تلك ( السنة المختلقة) القداسة إلى درجة تقديمها على أحسن الحديث، فألغيت أحكام الله تعالى بما كتبت أيدي المنافقين والفسّاق، بدعوى أن الآية القرآنية نسخت بالرواية المحمدية! مثل رواية:  ( لا وصية لوارث، رجم الزاني بالحجارة حتى الموت،) وما إلى ذلك مما تعج به كتب ( السنة) من مخالفات للنص القرآني العظيم. 

 

لقد وعد الله تعالى الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ـ الذين آمنوا من ذرية آدم وممن حمل مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدى واجتبى ـ إذا تتلى عليهم آيات الرحمان خروا سجدا وبكيا.   

     

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ

الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ

أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ(55). النور. ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون، في نظري الذين كفروا بالدين الذي ارتضى الله تعالى لهم وبدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار هم أتباع الدين الأرضي المختلق يقول تعالى: أَلَمْ تَرَى إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ(28)جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ(29)وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ(30). إبراهيم. رغم أن الله تعالى قد أنذرنا فقال سبحانه: وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ(19). الحشر.

 

ـ بما أن مشيئة الله تعالى اقتضت أن يكون النبي محمد عليه السلام هو آخر الأنبياء، وأنزل عليه آخر الرسائل التي جعلها الله سبحانه مهيمنة على الرسائل السابقة، فقد أمر الله تعالى رسوله أن يحكم بما أنزل عليه من ربه، ونهاه أن يتبع أهواءهم و أن يحذرهم أن يفتنوه عن بعض ما أنزل الله تعالى عليه، (وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ(49)). المائدة.

فهل يمكن لرسول الله أن يخالف أمر ربه فيحكم بغير ما أنزل الله؟ أو أن يشرع ما لم يأذن به الله؟ لقد وصف المولى تعالى الذين يحكمون بغير ما أنزل الله بالفاسقين، فهل يمكن أن نعتبر الأحكام التي جاء بها البخاري وغيره المخالفة لما أنزل على محمد وهو الحق، أقول هل يمكن أن نعتبرها مما حكم بها رسول الله محمد عليه السلام؟ (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ)(47). المائدة.

 

كلا وألف كلا لم يخالف الرسول أمر ربه ولم يتقول عليه ولم يحكم إلا بما بين دفتي الكتاب المجيد، والدليل على ذلك أن الله تعالى لم يأخذه باليمين ولم يقطع منه الوتين. (فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ* وَمَا لَا تُبْصِرُونَ* إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ* وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ* وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ* تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ* وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ* لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ* ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ* فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ*  وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ* وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ* وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ* وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ* فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ)(52). الحاقة.

قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ(52). العنكبوت.

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا(28). الفتح.

لَكِنْ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا(166). النساء.

وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ(43). الرعد.

 

أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ(16). الحديد.

 

والسلام على من اتبع هدى الله.

اجمالي القراءات 27248