الإنسان والنهضة

سامر إسلامبولي في الخميس ١٩ - فبراير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

  صالون السيدة رباب الكزبري

المحاضر سامر إسلامبولي
دمشق 19/ 11/2008 م 
                                      الإنسان والنهضة
ينهض الإنسان بما عنده من فكر عن الإنسان والكون والحياة وعلاقتهم ببعضهم البعض ، وعلاقتهم بما قبل الحياة وما بعدها ، والإنسان يكيف سلوكه حسب المفاهيم التي يحملها،ولاعلاقة للفكر أوالثقافة بنوع ذكري أو أنثوي،وما دعوات المساواة أو حقوق المرأة إلا مواضيع هزلية يقصد منها تمرد الم&cute;مرأة على مجتمعها،وإعلان الحرب على النوع الآخر، والنتيجة الخسارة لكليهما وتعطيل النهضة.
الإنسان جنس واحد له نوعين (ذكر وأنثى) مختلفين في الوظائف لتحقيق هدف واحد، والعلاقة بينهما قائمة على التكامل والانسجام لا على التفاضل أو السيطرة، ولايوجد أسبقية في وجود أحدهما على الآخر،لأن النوع الذكري يستمد وجوده من النوع الأنثوي،والعكس صواب ، فكل نوع منهما يتوقف ظهوره على ظهور الثاني، وهذا يدل على أن وجودهما كان متزامناً مع بعضهما بعض في وقت واحد،وصارت العلاقة بينهما علاقة زوجية ، والواحد منهما اسمه زوج لانتفاء وجود أحدهما دون الآخر المختلف عنه في النوع،وقانون الزوجية والثنائية هما من القوانين الكلية التي تحكم الكون، لذا ؛ لايصح أن نقول : إن الأنثى هي الأصل ، كما قالت الدكتورة نوال السعداوي،ولا الذكر هو الأصل كما ذهب معظم المسلمين إليه تأثراً بثقافة اليهود!،حتى صار معظم المسلمين ظاهرة إسلامية وثقافة يهودية .
لذا؛لا يمكن النهضة بالمجتمع إلا إذا تفاعل الإنسان بنوعيه الذكر والأنثى،وأي نهضة أو دراسة تُغيّب أحد النوعين تكون وهمية ودراسة قاصرة مُضللة، والنتيجة تخلف وانحطاط،ويصير الأمر كمثل الإنسان الذي يستخدم في السير قدم واحدة فقط، فهو معرض للسقوط بأي لحظة غير أن حركته تصير بطيئة ومقيدة بالحد الأدنى لقضاء الحاجيات غالباً.
وبما أن النهضة متعلقة بالإنسان ينبغي أن نعلم من هو الإنسان وكيف يفكر؟
الإنسان كائن بشري نفخ الله فيه النفس من الروح فصار بها كائناً واعياً عاقلاً،فالكائن البشري مجرداً عن النفس هو كائن حيواني منفعل، وعندما نفخت النفس في دماغه تفعلت حواس الكائن البشري وصار يسمع ويبصر ويعقل، فالوجود الواعي للشخص هو وجود نفسه المتفاعلة أو الفاعلة لا وجود جسمه لأن الناس تتمايز فيما بينها بالنفوس لابالأجسام التي تموت وتتحلل إلى عناصرها الترابية الأولى، وقد قال الشاعر:
انهض بنفسك واستكمل فضائلها .......فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان
إذاً؛ الوجود الفاعل للنفس، وهي التي تشكل وتحدد هوية الإنسان وتميزه عن الآخرين،وهذه النفس لا تفنى ، وإنما تموت بانفصالها عن الجسم البشري الذي هو بمثابة حصان لها تستخدمه في التفاعل والفاعلية وهي الفارس والقائد له ، ويتم الاحتفاظ بهذه النفس التي اكتسبت شخصية زيد أو زينب إلى المرحلة الثانية في المشروع الإلهي ( يوم القيامة)لتعود وتنزل بجسم يناسب الظرف الجديد وقوانينه فتتفاعل من خلاله وتتواصل ويظهر وجودها الفاعل في الحياة الجديدة.
فموت الكائن البشري( الجسم) هو انتهاء صلاحيته أو إصابته بعطل قاتل غير قابل للإصلاح كفصل الرأس عن الجسم مثلاً، فتضطر النفس أن تغادره لعدم جدوى بقائها في جسد معدوم،وبانفصال النفس عن الجسد تفقد النفس تفاعلها وفاعليتها وتواصلها مع الواقع ، وهذا موتها وأحياناً تموت النفس رغم صلاحية الجسم وذلك إذا فقدت التفاعل والفاعلية بالحياة،ونكوص الإنسان إلى المرحلة البشرية وهي مرحلة انفعال الجسم مع المؤثرات الخارجية وتلبية لحاجياته ،أي يصير الجسم يستخدم النفس ويقودها غرائزياً، وتنقهر النفس وتقبع في الجسم أسيرة تنتظر أن يصاب هذا الجسم بعطل قاتل لتغادره غير آسفة عليه، والناس الذين يعيشون مع هذا الكائن البشري أيضاً ينتظرون موت جسمه ليدفنوه ويتخلصوا منه لأن نفسه ميتة منذ زمن بعيد، وهو يعيش بصورة فيزيولوجية فقط، وصار اسمه الميت الحي ، وما أكثر هؤلاء الأموات في مجتمعاتنا العربية والإسلامية حتى صار اسمها المجتمعات النائمة.
لذا؛ ينبغي أن نحافظ على تزكية أنفسنا وتحديثها بصورة مستمرة، فكما نحافظ على صحة الجسم ونقوم بتغذيته ينبغي أن نحافظ على صحة النفس ونقوم بتغذيتها من خلال وجبات ثقافية علمية ترفع مستوى الإنسان الثقافي وتحافظ على إنسانيته من أن يفقدها ويرجع إلى المرحلة البشرية البهيمية.
أيتها السيدات والسادة:
إن النفس كائن جني منفوخ في الجسم البشري فقط دون الكائنات الأخرى، وبالذات في دماغه، وهذه النفس لا نوع لها، فهي ليست ذكراً أو أنثى، وإنما هي نفس واحدة مثلها كمثل نظام ويندوز في الكومبيوتر، فهذا النظام يصدر من الشركة لا هوية له ، وجميع النسخ متطابقة، والمستخدم له يضفي عليه بياناته وهويته ويعطيه الصفة الشخصية، وكذلك النفس عندما تتموضع في الجسم تتفاعل مع نوع الجسم الذي نزلت فيه من كونه ذكري أو أنثوي ويُدعم ذلك بالثقافة التي يأخذها الإنسان من مجتمعه وبيئته،والإنسان ابن بيئته صغيراً وابن مفاهيمه كبيراً.
فالثقافة هي التي تحدد معالم شخصية النفس، فإذا كانت الثقافة قاصرة ومشوهة ينعكس ذلك على النفس وتتشوه وتفقد الانسجام مع الجسم الذي تسكن فيه، فيمكن لنفس أن تحمل صفات ذكر وهي في جسم أنثى، والعكس أيضاً، وهذا ابتعاد عن الفطرة وخلاف مع الواقع، ويترتب على ذلك حرب بين النفس والجسم،ويصاب الإنسان بقلق واضطراب في حياته، وهذه الصور شاذة في الحياة الإنسانية وسرعان ما يقوم المجتمع بتصويب الأمر وإرجاعه إلى الفطرة ولو بعد حين، وهذا العمل السنني في المجتمع هو قانون كوني اجتماعي،فالكون أو المجتمع يقوم بإصلاح ذاته تلقائياً ، ولكن هذا التغيير يحتاج إلى وقت كبير ، وغالباً يكون تغييراً يعتمد على الكوارث الكونية أو الاجتماعية، لذا؛ ينبغي على الإنسان أن يغير ما بنفسه والمجتمع وفق السنن ويقود ذلك التغيير حتى يجني ثماره بصورة إيجابية وفاعلة، وإلا الزمن كفيل بالتغيير الدماري ولو بعد أجيال، والأمر أشبه بطوفان أو فيضان النهر فيمكن أن يكون ذلك الحدث كارثة ودمار ، ويمكن أن يسيطر الإنسان عليه من خلال صنع قنوات له توزع مياهه حسب مصلحة الإنسان.
إذاً؛الإنسان يستطيع أن يستفيد من الحالة السلبية ويحولها إلى حالة إيجابية ، ومن الخطأ أن يستسلم الإنسان لعامل الزمن ويترك زمام الأمور للحالات السلبية تفعل فعلها التدميري.
أيتها السيدات والسادة:
إن المرأة نصف المجتمع الإنساني الذي يلد النصف الآخر ويدعمه،انظروا إلى السيدة خديجة زوجة النبي محمد اختارته زوجاً بمبادرة منها ، ودعمته بالمال ووقفت خلفه وأمامه وعلى جنبه تعتني به وتشجعه وترفع من معنوياته وتقدم له النصيحة والرأي السديد، وحملت عنه أعباء معيشة الأسرة والبيت وتربية الأولاد فقدمت كل ما تملك من مال في سبيل تحرير الإنسان من الظلم والجهل والتخلف، وبذلك العمل العظيم منها صارت هي رجلة البيت من حيث الإنفاق وامتلكت القوامة ، لذا؛ لم يتزوج النبي في حياتها قط، لأن البيت بيتها والمال مالها!، وتفرغ النبي لعمله الدعوي والتعليمي للمجتمع، وقطعاً ستشاركه السيدة خديجة في الثواب والأجر.
أيتها السيدات والسادة:
ينبغي أن تدرك المرأة مقاماتها الاجتماعية فهي امرأة بالدرجة الأولى لها صفة المواطنة لا يمثلها أحد وهي مسؤولة عن نفسها أمام القانون والمجتمع والله،وتشاطر الرجل بصفة الإنسانية ليصيرا معاً إنساناً واحداً،وهي أم وخالة وعمة وأخت وزوجة وابنة، وهذه المقامات متحققة بالمرأة غالباً فينبغي أن تحافظ على هذه المقامات وتعطي كل ذي حق حقه لا يغلب مقام على آخر، وإياكن من سيطرة الجسم على النفس أو جعله أداة للتواصل الاجتماعي.
أما التفكير فهو مختلف عن التعقل ، ولكل منهما وظيفة في الواقع .
التعقل : هو تفاعل مع الواقع بالحد الأدنى من خلال الإحساس به للوصول إلى فهمه الظاهري والحكم عليه. مثل معرفة أن المطر إذا نزل إلى التربة ينبت الزرع، ويتعلق التعقل بالفهم والمعرفة والفقه والتلاوة فقط.
التفكير : هو تعقل مقترن بدراسة عميقة للشيء لمعرفة القانون الذي يحكمه والوصول إلى كيف حصل وسار وصار ويُسخر هذا القانون لمصلحة الإنسان.ويتعلق التفكير بالعلم والدراسة والقراءة.
وهذا التفريق بين التعقل والتفكير يوصلنا إلى معرفة الفرق بين الفقهاء والعلماء ، فالفقهاء هم أصحاب المعرفة الحسية الظاهرة التي لا تحتاج إلى علم ودراسة مثل تلاوة القرآن وأحكام الطهارة والصلاة.. الخ،أما العلماء فهم أصحاب نظر عميق ودراسة وتجريب، والقرآن أتى بأمثلة للصنفين، أصحاب التعقل وهم غالب الناس أتى لهم بمثال المطر وعلاقته مع التربية والزرع وهذه الظواهر مشاهدة ومحسوسة لذلك أنهى النص بقوله( آيات لقوم يعقلون)، ولأصحاب التفكير أتى بمثل رفع السماء من غير عمد ترونها ، وأنهى النص بقوله( آيات لقوم يتفكرون).والعلماء حسب مواضيع القرآن هم علماء الفلك والبحار والنفس والمجتمع وغيرهم،وهم المقصودين بقوله ( إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ) وصفة العلم والعليم وصف الله نفسه بها بخلاف الفقيه فهي صفة للإنسان ولم يتصف الله بها.وقد قال تعالى( فاعلم انه لا إله إلا الله) ولم يقل افقه، لأن المطلوب دراسة عميقة وتفكير وليس مجرد معرفة حسية ظاهرة.
والتفكير وظيفة ومهارة قابلة للتعلم مثل السباحة، والأمة تقاس بكثرة المفكرين فيها وليس بالمطربين والرياضيين! وبئس الأمة التي لا تكرم مفكريها وتشجعهم، فهم أساس للنهضة والعمران على صعيد الإنسان والبلاد.
أيتها السيدات والسادة:
إن الثقافة هي الحاجة العليا للإنسان بنوعيه، لذا؛ لابد من تحصيل الثقافة ابتداء من القاعدة الفكرية التي هي حصيلة الأجوبة عن الأسئلة الفطرية الثلاثة (كيف، لماذا، أين) إلى سائر أنظمة المجتمع وعلاقاته.
ونحن أمة عربية إسلامية يتصدر القرآن ثقافتنا، وهو الأساس لها ، وقد نزل القرآن بلسان عربي مبين، وهذا يلزم منا أن ندرس اللسان العربي ونكتشف قوانينه لأنه لسان فطري أصيل ذو نشأة علمية فيزيائية وأصواته لها دلالة فيزيائية خلاف ما هو سائد على الغالب في التراث أن اللسان العربي اعتباطي في نشأته، وأحرفه لا معنى لها، ولا أدري كيف يكون اللسان العربي محكم وله نظام وهو اعتباطي في نشأته، وأصوات أحرفه الأبجدية هي ثرثرة فارغة لا معنى لها !، إن ذلك لتناقض واضح.
ولا تظنوا أن دراسة هذه الأفكار ترف فكري أو سفسطة ،بل هي على درجة من الأهمية لدراسة القرآن وإسقاط خطابه على الواقع.
لقد ترتب على هذا الرأي الاعتباطي القول بوجود ألفاظ مختلفة كمبنى ولكنها متفقة بالمعنى، واشتهر ذلك تحت مقولة الترادف، والترادف لا علاقة له بهذه المقولة قط،وهذا القول الاعتباطي جعل كل كلمة يمكن أن تحل محل غيرها دون أن يتغير المعنى !.وبذلك الرأي وجهوا للقرآن طعنة في الصميم ،إذ صارت الألفاظ تحل محل بعضها وتفسر على ضوئها.
انظروا على سبيل المثال :إلى كلمة والد وأب، ووالدة وأم، وولد وابن،جعلوها كلها بمعنى واحد ,مع العلم إن صفة الوالد فيزيولوجية، وصفة الأبوة والأمومة والبنوة ثقافية، فيمكن أن ينتفي عن الوالد صفة الأبوة لأولاده، وذلك بوفاته أو بإهمالهم تربوياً ، فكم من أولاد يتامى رغم أن والدهم على قيد الحياة، فاليتم هو يتم الحب والعناية والتربية والثقافة!، وكذلك الوالدة والأم، فمقام الوالدية لايتعدد، خلاف مقام الأبوة والأمومة فهو قابل للتعدد الاجتماعي.
انظروا أيضاً إلى كلمة نساء ورجال كيف حصروها بالإناث والذكور، مع أن كلمة نساء جمع لكلمة نسيء التي تدل على التأخر، وقد قال ابن منظور في لسان العرب:(يقال :امرأة نسيء ، ونسوة نساء)، لاحظوا كيف أتت كلمة نسوة جمع للمرأة، وكلمة نساء جمع لنسيء،وصفة التأخر الاجتماعي صفة متحركة ويمكن أن يتصف بها الذكور والإناث و الشيوخ و الشباب و الأطفال ,فكل إنسان بغض النظر عن نوعه إذا تأخر اجتماعياً على صعيد العلم أو العمل فهو ينضم إلى زمرة النساء و تكاد تكون مجتمعاتنا العربية معظمها مجتمعات نسائية بذكورها و إناثها و شيوخها و شبابها، و استخدام جمع النساء للمرأة لأن الرجال الذكور يتقدمن عنهن للتعرض لمصاعب الحياة ابتداء من الحروب و انتهاء بتحصيل الرزق، و ذلك لأهمية دور المرأة ووظيفتها في الحياة الأسرية و الاجتماعية، فهي التي تحفظ الخطوط الخلفية للمجتمع و تمد الخطوط الأمامية بالمعونة و التشجيع، و هي المسؤولة عن تربية الأطفال وخاصة في المرحلة الأولى من عمرهم .فأخذ الرجل على عاتقه دور القيادة، و أخذت المرأة على عاتقها دور الإدارة،والعلاقة بينهما جدلية،وكلا المقامين يُكملان بعضهما بعضاً، و هذا الأصل و الميزان في الحياة الاجتماعية و الإنسانية، و يوجد استثناءات لا تستمر في الحياة، نحو أن تصل المرأة إلى دور القيادة و ينتقل الرجل إلى دور الإدارة، و سرعان ما يقوم المجتمع بتصويب الأدوار خلال الزمن ليأخذ الميزان مجراه من توازن الأمور .
و يمكن أن تصير المرأة رجلاً إذا اكتسبت العلم و المال و صارت هي المسؤولة عن نفسها و أسرتها و تملك القرار و زمام الأمور، انظروا إلى قوله تعالى ((الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض و بما أنفقوا من أموالهم ))
فالرجال في النص هم مجموعة من الناس بغض النظر عن نوعهم، وصلوا إلى مستوى الرجولة المتحققة بالعلم و الثقافة والإنفاق،والنساء هم مجموعة من الناس بغض النظر عن نوعهم فقدوا العلم و لا يملكون المال، فدخلوا بذلك تحت قوامة الرجال، و يُقال للمرأة التي وصلت إلى مقام الرجولة: الرَّجُلة.
انظروا إلى قوله تعالى أيضا : ((نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم و قدموا لأنفسكم))
عندما عدَّ المفسرون أن كلمة نساء هي جمع امرأة دائماً، فسروا النص تفسيراً جنسياً, و جعلوه نصاً هزلياً لا قيمة له ,بينما كلمة نساء، الأصل فيها أنها جمع نسيء، و النص يتكلم عن مجموعة من الناس من زمرة النساء أي المتأخرين في الحياة الاجتماعية، فهؤلاء النساء هم محل للحرث وزراعة الأعمال الصالحة كي ترتفع عنهم صفة النساء، وينتقلوا إلى مقام الرجال، و يصيروا فاعلين في الحياة.
فقاعدة اختلاف الألفاظ لا يؤثر على المعاني التي اشتهرت خطأ باسم الترادف قاعدة اعتباطية، ينبغي حذفها من ثقافتنا واستبدالها بالقاعدة العلمية (اختلاف المبنى يؤدي إلى اختلاف المعنى، وأي زيادة أو تقديم أو تأخير في المبنى ينعكس ذلك على المعنى، و أضاف اللغويون قاعدة أخرى للسان العربي،وهي المجاز في الكلام، و هي قاعدة اعتباطية وضعوها لتبرر قصور الإنسان و محدوديته في التعبير عن مقاصده بصورة حقيقية, فهاتان القاعدتان هما اللغة المحكية بين عامة الناس، أما في اللسان العربي و الخطاب القرآني مرفوضتان لأنهما يهدمان اللسان العربي ويقضيان على مفهوم القرآن وصلاحيته الزمكانية.
و أريد أن أنوه إلى ما أطلق عليه علوم القرآن، و هما الناسخ و المنسوخ، و أسباب النزول أنهما وهم بوهم و القرآن بريء منهما .
و القرآن نزل مبنى من الله  فقط، و ترك عملية الوصول للمعنى للناس من خلال إسقاط المبنى على المعنى، أي الخطاب على محله من الواقع مستخدمين أرقى الأدوات المعرفية في ذلك، و المعنى الذي يصلون إليه هو فهم نسبي مرتبط بنسبية أدواتهم و علومهم، و لكل مجتمع تفاعله الخاص به،ولا يوجد مجتمع وصي على آخر، أو حجة عليه.
أما مقولة أن النص القرآني نزل معنى دون مبنى، و مقولة أن النص القرآني نزل مبنى و معنى من الله ,فكلاهما باطلتان من حيث الواقع لأنهما يترتب عليهما سحب صفة صلاحية النص القرآني من كل زمان و مكان.
هذه نماذج للأفكار الهامة التي ينبغي أن تؤخذ بجدية أثناء تشكيل ثقافتنا للوصول إلى النهضة .
و أرجو أن أكون قد وفقت في اختيار موضوع المحاضرة
و شكراً لإصغائكم و حسن استماعكم

اجمالي القراءات 13647