" قل إنما أنا بشر مثلكم يوحي إلي". ( الكهف110).

منيرة حسين في الجمعة ٠٩ - يناير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

حين نزل القرآن الكريم كان من السائد والذي لا سبيل إلي تغييره هو الفوارق الراسخة بين الناس في المجتمع الواحد، وحيث يتمتع النبلاء والأمراء بكل الامتيازات لمجرد كونهم نبلاء أو بالحسب والنسب، وذلك علي حساب الفقراء من أكثرية المجتمع .
ونزل القرآن بتشريع راق في هذه القرون الوسطي المظلمة، فأعطي أمثلة في المساواة التشريعية بين البشر ، صحيح أن الأنبياء هم صفوة البشر والله تعالي أعلم حيث يجعل رسالته ، ولكنهم – بعد الوحي – مثل سائر البشر جميعا في المسئولية والحساب .. يقول تعالي عن ملمح من ملامح يوم القيامة والحساب " فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين : الأعراف 6". فالمساءلة أو حساب الآخرة سيكون للجميع . الرسل والأمم والآية تضع حساب الأمم في كفة وحساب الرسل في كفة أخري ، والنظرة السريعة تتحكم بالمساواة ، أي التساوي في الحساب والمسئولية أمام الله تعالي يوم القيامة ، ولكن التدبر في الآية يعطي أكثر من ذلك ، لأن الرسل والأنبياء عددهم قليل – ولا يذكر – بالنسبة لأعداد البشر، وفي ذلك تأكيد أكبر علي حساب الأنبياء يوم القيامة ، وهو تأكيد قرآني يحمل في طياته برهانا لمواجهة دعاوى ستأتي بعد نزول القرآن تنفي هذه الحقائق القرآنية ..
- والقرآن الكريم يساوي بين خاتم النبيين ـ عليه الصلاة والسلام – وبين قومه في المسئولية وفي الحساب ،يقول تعالي له" وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون : الزخرف 44" فالمسئولية علي النبي وعلي قومه ، والمسألة يوم القيامة للجميع، والقرآن يوجه الخطاب للنبي مباشرة ولقومه في الكفة الأخرى دليلا علي مسئوليته العظيمة في إبلاغ الدعوة.
- ويقول تعالي للنبي الخاتم عن أعدائه " إنك ميت وإنهم ميتون، ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون : الزمر 30" فتوجيه الخطاب المباشر للنبي بالموت" إنك ميت" وهو لا يزال يحيا فيه تأكيد علي موته مثل أعدائه .
ثم بعد هذه المساواة في استحقاق الموت بين النبي وأعدائه ، يقول تعالي إنهم سيتخاصمون أمام الله . وذلك يعني أن الفرصة ستكون متاحة لأعداء النبي كي يدافعوا عن أنفسهم بالباطل، إذ أن من حق كل نفس بشرية أن تدافع عن نفسها أمام الله تعالي يوم القيامة" يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفي كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون : النحل111" إن المساواة في العبودية أمام الله تعالي من أبرز ملامح المساواة في التشريع القرآني. وإذا كان البشر لا يلتزمون بأوامر القرآن في الدنيا فإن الآخرة تتجلي فيها المساواة بأروع معانيها ، حيث يقف الخلق جميعا عبيدا أمام الواحد القهار، فيقول تعالي" إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا: مريم 93 "

اجمالي القراءات 17341