غزة والعجز العربي

شريف هادي في الخميس ٠١ - يناير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

عندما تتعلق الكرامة العربية بجزمة الزيدي الملقاه في وجه بوش ، فإن ما يحدث لغزة قليل ، وعندما تخرج المظاهرات من المحيط للخليج ترفع الجزمة فوق الأعناق فلا عجب بعد ذلك أن تدك المقاتلات الإسرائيلية بعض الأعناق.
لقد تحجرت الدموع في العيون ونحن نرى أشلاء الأطفال ونسمع نحيب الأمهات ، ونرى الموتى ودمائهم الزكية وقد لملمت أشلائهم حتى يصعب إستخراج هذا من ذاك ، وجف المداد في القلم فلم يعد قادرا على الخط والكتابة.
مسكينة أنت يا غزة ، بين واقع فلسطيني محزن ومؤلم ، سلطة متواطئة خائنة ، وجماعات متفرقة وقلوبها شتى ، وحماس التي فقدت بوصلة التوجه ، ومستعد قادتها للتضحية بكل أبناء غزة ، متصورون أن النصر في الدم الفلسطيني المهراق ، وعلاقتهما طردية ، فكلما زاد الدم سفكا إقترب النصر حتما ، وواقع عربي أكثر حزنا وإيلاما ، جامعة عربية لا تملك من أمر نفسها شيئا ، ومصر التي ولى زمانها وأصبحت أثر بعد عين ، ودويلات أعرابية تحترف النصب بالكلمات ، وتبني جيوشا للدفاع عن أنظمتها في مواجهة شعوبها ، وشعوب مقهورة يحكمها الحديد والنار ، وفي المعتقلات متسع لكل فرد عربي ، أخشاب الصلب جاهزة وأعواد المشانق تنادي زبائنها من بين شعوب مقهورة مذلولة.
وبين واقع دولي يرى في الجلاد الضحية وفي الضحية جلادا ، فأنت يا غزة معتدية ولست الضحية ، والكيان الصهيوني الغاصب هو الضحية ، بل أن حديد متفجراته وآلاته الحربية أعز عندهم من أشلاء سكانك وصرخات أطفالك ونساءك ، أنت يا غزة تجسيد حي للعجز العربي الذي ردت كرامته جزمة متهور في وجه رئيس غبي ، أنت يا غزة شهادة وفاة النظام العربي غير مأسوف عليه.
لقد عرف العرب الطريق للجهاد ، بإستخدام الحناجر في المظاهرات التي تعم أرجاء المعمورة يخرجون للصياح والنحيب ثم حرق العلم الصهيوني والأمريكي ولا ضير أن يصبون لعناتهم على حاكم عربي ، ثم يعودون أدراجهم وقد غزوا ، يعودون بيوتهم ويأكلون طعامهم ويباشرون نسائهم وينامون ملئ جفونهم وقد أدى كل منهم ما عليه حارب وغزا في سبيل غزة الصامدة ، وكانت حربه بالصوت العالي والصراخ والنحيب وصب اللعنات هي كل ما يقدر عليه ، ويزيد بعضهم جهادا بضع قروش لا يعرف كيف ستذهب لك يا غزة أو حتى لن تعرف طريقها إليك لا يهم المهم أنه حارب من أجلك وغزا ، وفي الحقيقة هي علامة أخرى من علامات العجز العربي والضعف العربي والوهن العربي.
مأساتك يا غزة أنك عربية في زمن أصبحت العربية سبه ، ومأساتك أنك يا غزة إسلامية في زمن أصبحت الإسلامية تهمة.
ولم لا؟ والنظام العربي الرسمي يسارع في إرضاء جلادك الصهيوني ، وحكام العرب الأسود على شعوبهم نعامات وأرانب إذا تعلق الأمر بإسرائيل ، والشعوب العربية مغيبة بالجهل والديكتاتورية ، بل انهم يسبحون بحمد جلاديهم ليل نهار ، ولم لا؟ وقد تحول الإسلام إلي لحية وقميص شرعي ، وتم حبسه في جبال تورا بورا ومعتقلات الحكام العرب أو في جوانتيناموا ، وأصبح الظواهري المتحدث الرسمي باسمه وبن لادن زعيمه ، واللذان لم نسمع لهما حس ولا خبر في هذه الأزمة الأخيرة
أنت يا غزة اللعنة التي أصابتنا ، وأنت عورتنا التي لا نعرف كيف نسترها ، وأنت عجزنا الماثل أمام أعيننا ليل نهار ، أنت شهادة موتنا وسرادق عزائنا ولحد كرامتنا وملائكة حسابنا وزبانية تعذيبنا ، أنت نص نعي مقتضب في صفحة الأموات بصحفنا وكل صفحاتها أموات
بقلوب عامرة بالإيمان بقضاء الله وقدره ، توفيت إلي رحمة الله تعالى الكرامة العربية وستشيع الكرامة من مسجد الموت علينا حق بمدينة غزة سيتقدم الجنازة منتظر الزيدي وجزمته الشهيرة وسيقام سرادق العزاء ليلا ، ويستعاض عن تلاوة الذكر الحكيم لموت كل المقرئين الاستماع إلي أصوات إنفجارات صواريخ هوك وتوم كروز التي ستنهمر على روؤسكم من سماء غزة المعمورة بطائرات سلاح الجو الاسرائيلي ، والعزاء للجميع لا أراكم الله مكروها في عزيز لديكم

اجمالي القراءات 9578