لا نفرق تعني لا نفضل

خالد العبدلله في الخميس ٢٥ - ديسمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

                                           لا نفرق تعني لا نفضل
حينما نقرؤ القرآن الكريم يجب أن نـنـتـبـه الى أمور كثيره ، على سبيل المثال لا الحصر ، مدلول الكلمه التي نقرؤها و معناها وقت نزولها في القرآن و السياق التي نزلت به و هل هي قريشيه أم لا ؟ و محلها من الاعراب و مرادفها و ضدها من الكلمات و لا بد أن نراجع موقع هذه الكلمه في مجمل القرآن و أين نزلت و هل اختلف مدلولها و معناها من موقع الى آخر ؟ و هل هي عامه لكل وقت و حين ؟ أم هي خاصه لوقته&Ccedng;ا و ساعه نزولها ؟
من أعجاز القرآن أنه يخاطب كل الناس ( المسلم و المؤمن و الكافر ) ، كل ياخذ منه بقدر فهمه و ادراكه و الكل راض بما فهمه و مقتنع به و مدافع عنه و كلما درس الدارس و تعمق في البحث و التنقيب زاد علما و ايمانا و انكشف له ماخفي عنه بالأمس القريب و لهذا نقول الدارس و الباحث و الشيخ و العالم و العلامه .
و اذا عدنا الى فتره نزول الوحي على رسول الله ، كان منطقيـيـا حينما يدخل الأنسان في دين الله و يبايع الرسول أن يشهد بدعوه التوحيد لله و هي (أن لا اله الا الله ) كما يدعو محمد عليه أفضل الصلاه و السلام ، كما أنه لا بد له أن يشهد أن محمدا ( الذي يحيى بينهم و بين ظهرانيهم ) رسول من عند الله و هذه الشهاده اعترافا بنبوه محمد و لمحمد و ردا على من عظم لديه نزول الوحي على محمد و ليس على أحد من ملتهم أو من أكابرهم .

آلا ينسحب مدلول الشهادتين الى الأن و الى أن تقوم الساعه حيث أن محمدا آخر الرسل و الأنبياء ، و حيث اننا لم نشاهد رسول الله بؤم العين و لكننا آمنا به بايمانـنا بالله و بالقرآن عقلا و منطقا و اعترافا و اقرارا .
ألم يشهد الله و النبييون من قبلنا بصدق رساله و نبوءه رسولنا محمد عليه أفضل الصلاه و السلام ( وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ ) آل عمران81 . فهذه شهاده من الله و النبيـين على نبوه محمد و رسالته ، اذا اسلامنا عن تدبر و عقل و حكمه و ليس لانـنا ورثناه كابرا عن كابر ، و اذا ما أردنا تطبـيق الشريعه الحقه المتعمقه فنحن ملزمون أن نعتنق الأسلام عن قناعه و تفكر و هوى لا عن تدين سطحي موروث من الأهل و لا نقول كما قال الكفار :

(قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ )62 هود .
ألم يبايع الصحابه و الناس رجالا و نساءا الرسول تحت الشجره ، ألم ينطق بالشهادتين مبايعه لله و للرسول أمام عينيه و لم يبد أعتراضا على ذلك ، كما انه لم ينزل القرآن معترضا أو معاتبا على ذلك ؟
أليست الأوامر العقائديه المنزله من الله عز و جل واحده منذ أن خلق الله الخلق الى أن تقوم الساعه و لكن الأحكام والمناسك و كيفيه العبادات مختلفه باختلاف الأزمنه و الأحوال و تطور الأنسان ؟ و بالتالي نضوج الرساله الربانيه و اكتمالها جاء عبر الرساله التي أنزلت على محمد عليه السلام ، الا يستحق هذا الرسول أن نميزه و أن نفضله على باقي الرسل ؟ خاصه أن الرساله التي وككل بتوصيلها كانت آخر الرسالات الربانيه و هي الكامله و التامه و الموثقه و المحفوظه من الله عز و جل حيث قال ( انا نحن نزلنا الذكر و انا له لحافظون ) 9 الحجر ، بينما لم يتكفل بباقي الرسالات بالمحافظه و الحفظ من التلاعب و العبث ، و على هذا ألا يستحق رسولنا الكريم محمد بالتميذ و الثناء دون باقي الرسل .
أليس من حقنا أن نفضل رسولنا الكريم محمد عليه السلام على باقي الرسل و الأنبياء باعتباره الرسول العربي و من نسل اسماعيل بخلاف باقي الرسل فهم من نسل اسحاق عليهم السلام جميعا ؟ ألم يقل الله تعالى ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ) 128 التوبه ، من أنفسكم أليست من العرب ؟
خطرت لي هذه التساؤلات حينما قرأت مقالا على موقع أهل القرآن يسأل و بأصرار طالبا البرهان و الدليل حول عباره (لا نفرق) ما الدليل و ما البرهان بأنها تعني (لا نفضل) أما الايجابه فهي :

 اذا تدبرنا الأيه الكريمه ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ). البقرة 285 آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه : أي آمن الرسول محمد عليه السلام بما أنزل اليه و هو القرآن ، و المؤمنون أيضا آمنوا بما أنزل على محمد و هذا خطاب عام شامل و هو اقرار و تأكيد من الله عز و جل على ايمان الرسول و المؤمنون بالله .
و النلاحظ (كل آمن) حيث تفيد التأكيد و التفصيل ، أما التفصيل: كل ( الرسول و المؤمنون ) - آمنوا بالله- و آمنوا بملائكته - و آمنوا بكتبه - و آمنوا برسله. أرجو أن نلاحظ تدرج الايمان و مقدار اهميته اذ بدأ بالله ثم ملائكه ثم بكتبه و أخيرا رسله و الكفر بالرسل أو بأحدهم أوجب الكفر في الله عز و جل ،لأنه معصيه لأمر الله أولا و الايمان أولا و قبل كل ايمان هو ايمان بالله عز و جل ثم ينسحب على جميع ما ذكره الله عز و جل فلا نؤمن ببعض ما ذكر الله من الملائكه و الكتب و الرسل و نكفر بالبعض الأخر .
(لا نفرق بين احد من رسله ) : أي لا نفضل ولا نعلو احد على أحد من الرسل الذين آمنـنا بهم ، فالايمان بالرسل جميعا وقع و حصل أولا قبل النهي عن المفاضله بين الرسل ،فالرسول و المؤمنون ملزمون بالايمان جمله بجميع الرسل كما أمر الله و أن يسلموا تسليما ، أما الوعد من ( الرسل و المؤمنين ) بعدم المفاضله بين الرسل فهذه مرحله تاليه للايمان و التصديق و التسليم لأمر الله ، كما أرجو أن نلاحظ النون في (نـــــفرق) و هو جواب ( الرسول و المؤمنون ) لله عز و جل ( لا نــفرق بين أحد من رسله ) أي لا نفضل بعض الرسل على بعض ، و لا نـنسى ( الهاء ) في ملائكتــه و كتبــــــه و رسلــه كلها تعود لله عز و جل ،لا نفرق لا تعني مطلقا لا نميز بين الرسل من حيث الأيمان أو عدم الأيمان انما تعني لا نفضل بعضهم على بعض بعد أن آمننا بهم جميعا ،(و قالوا سمعنا واطعنا غفرانك ربنا واليك المصير )
 و قالوا الواو هنا واو العطف و هو تكمله و متابعه لكلام الرسول و المؤمنين حيث أجابوا سمعنا و أطعنا، نرجوا غفرانك و رحمتك و اليك المصير اللهم .
و على هذا أقول كما قالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا و اليك المصير .
ايها الساده : الدين دين الله عز و جل :
1 - ليس لنا أن نؤمن بـبعضه و أن نكفر بـبعضه الأخر بل نؤمن بكل ما جاء بين دفتي القرآن و نسلم تسليما كل من عند الله ( ما كان لمؤمن و لا مؤمنه اذا قضى الله و رسوله أمرا أن يكون لهم الخيره من أمرهم و من يعص الله و رسوله فقد ضل ضلالا مبينا ) 36 الأحزاب ، ( ان الذين يكفرون بالله و رسوله و يريدون أن يفرقوا بين الله و رسله و يقولون نؤمن ببعض و نكفر ببعض و يريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا ) 150 النساء .
2 – ليس لنا أن نفضل رسولنا محمد على باقي الرسل لأنهامعصيه لله و ردا لأمره ألم يرد أبليس أمر الله من قبل مع ايمانه بالله عز و جل ( قال ما منعك الا تسجد اذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار و خلقته من طين ) 12 الأعراف فرد الله ( أخرج منها مذموما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين ) 18 الأعراف .
3 – ليس لنا أن نتعصب تعصب الجاهليه الأولى من حيث النسب أو الأصل أو العرق أو اللون ، فالرسول محمد و ما أنزل عليه للبشريه جمعاء و ليس للعرب فقط ( و ما أرسلناك الا رحمه للعالمين ) 107 الأنبياء ، ( وما أرسلناك الا كافه للناس بشيرا و نزيرا و لكن أكثر الناس لا يعلمون ) 28 سبأ .
و نتساءل هل الشهادتين متلاذمتين و عدم النطق و الاقرار بهما معا هو كفر و خروج من دين الله و مله الأسلام ؟ أم عكس ذلك صحيح ، حيث أن تلازمهما هو الكفر و الشرك أقول كما قال الله عز و جل ( و ما أرسلنا من قبلك الا رجالا نوحي اليهم فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ) 43 النحل ، أليس الذكر هو القرآن، اذا اسألوا أهل القرآن و الله أعلم .
                                                          خالد العبد لله










اجمالي القراءات 11351