لا و لن تسقط أميركا

محمد هيثم اسلامبولي في السبت ١٣ - ديسمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً


من باب التواصل بيننا فنحن نلتقي لنرتقي بالفكر و الروح, لذا أقول أن أميركا لا تنتظر ضربة لتسقط كما يظن البعض, و أنها وصلت في مرضها السريري إلى حد الموت الحضاري لأن هذا خلاف الواقع والأزمة الاقتصادية ليست قاتلة وسرعان ما تنتهي و تعود أقوى مما كانت و الدليل أن أميركا بعد مرحلة سباق التسلح و سقوط الشيوعية وضعت الإسلام الخطر الأول في ملفاتها و صدر كتاب نهاية العالم مبشرا بالهيمنة الرأسمالية الأمريكية على العالم بل أرسلت جيوشها إلى شرق الأرض منتشرة لتعيد رسم خريطة & العالم متذرعة بالنبوءة المسيحية المتصهينة و أنها تنفيذ لإرادة الرب و ما أن شعرت أميركا بأن الله تعالى خذلها و فشلت فشلاً ذريعاً ,وظهر كذب النبوءة فاضطرت لإعادة النظر في سياستها كما في الأزمة الأولى حينما ظهرت الشيوعية و بدأت تدعو الشعوب والدول للتحرر من الاستعمار والامبريالية, وكادت أمريكا تسقط و لكن تداركت الأزمة بمفهومها العملي والقدرة على التكيف و مسك العصا من الوسط فولفت مبدأها الرأسمالي بمعالجات من النظام الشيوعي, فأخذت برفع رواتب العمال و تخفيض ساعات العمل و طبقت التأمينات الاجتماعية والصحية عليهم وعملت بنظام العطل والأعياد والحوافز والمكافآت و نادت بحقوق الإنسان و المساواة وغير ذلك للوقوف أمام البريق الشيوعي والهجمة الاشتراكية, وبذلك استطاعت أن تجدد خلاياها و تمد من عمرها بقدرتها على التكيف والعمل بمبدأ حلول الوسط و تطعيمها بالمعالجات الاشتراكية لمبادئها الرأسمالية, والآن شعرت أن الإسلام قادم و أصبح أقلية في أكثر دول العالم الغربي و له مراكز قوى كثيرة وفي زمن العولمة استطاع أن يثبت قدرته على مقاومة المضادات والنمو في سائر المجتمعات, ومع اعترافنا أن الأزمة الاقتصادية حقيقية, إلا أنها أزمة عادية, تمر كما مرت غيرها في تاريخ أميركا و ما نجاح أوباما من العنصر الملون إلا دليل على وعي و بعد نظر لمعرفتها أن الإسلام قد يقود ثورة السود في أميركا و لو بعد حين لمعطيات تاريخية و موضوعية ليس هنالك مجال لذكرها فأرادت أن تقطع الطريق و تسحب البساط من تحت أي نهضة للمسلمين السود وغيرهم فكانت عدة أهداف من صعود أوباما إضافة إلى تغيير صورتها البوشية أمام العالم وبأن أميركا ليست عنصرية, وليست عدوة للإسلام, لأن أوباما من جذور إسلامية ,وأما المقصود الحقيقي من هذا التغيير هو ترقيع نظامها الرأسمالي بمظاهر أومعالجات إسلامية, لإبعاد شبح السقوط الحضاري,وهذا خيار استراتيجي و من يعرف حقيقة المبدأ الرأسمالي و قدرته على التلون و التحول من أجل البقاء يدرك كلامنا هذا و إننا لمنتظرون والسلام عليكم

اجمالي القراءات 9370