ذكريات لا مذكرات
كفرت وآمنت

شريف هادي في الإثنين ٢٣ - أكتوبر - ٢٠٠٦ ١٢:٠٠ صباحاً

أنا من مصر من جيل الثورة من أسرة مسيحية أسلم أبي وأنا مازلت غض غرير لا أعرف ما الفرق بين هذا وذاك كل ما أعرفه أن لي أسرة مسلمة وأخرى مسيحية جدة تحنو عليً وأحبها وعمة تقيم بالخارج وأشتاق إليها ليس لي أخوال ولكن كان أبي مقياس الرجولة وعنوان الفحولة بسطوته وقوة شخصيته بعلمه ولغاته الأربع التي يتقنها بقسوته حين وحنانه أحيان لا تسألني لماذا أسلم أبي وتبعته أسرته فأنا لا أعرف وأظنه لم يكن يعرف فقد سألته وأجاب آمنت بأن الله واحد ولم أقتنع بتبريرات التثليث فآمنت بالاسلام ، عذرا لطول المقدمة - فوالذي رفع السماء بغير عمداً نراها وجعل الجبال أوتاداً والرمال ثراها ومد الأرض وجعل فيها فجاجاً سلكناها وخلق البحار أمواجا والفلك فيها ركبناها وعرض الأمانة على خلقه فأشفقن منها وحملناها – لو تركت العنان لقلمي لاحتاج مداداً على مداده وما إنتهت المقدمه ولكن قطعناها.
قلت أنا من جيل الثورة وما أدرك ما الثورة الميثاق ومبادئه، القومية العربية، مجتمع الكفاية والعدل، الرأسمالية المستغلة، التأميم وتأميم القناة، الحراسات وتصفية الاقطاع، السد العالي، العدوان، النكسة، الاستنزاف، عبد الحليم، أم كلثوم، عبد الوهاب ، وطني حبيبي الوطن الأكبر يوم ورا يوم أمجاده بتكتر، أولنا ح نبني وأدي إحنا بنينا السد العالي، وقف الخلق جميعا ينظرون كيف أبني قواعد المجد وحدي
أنا من جيل الثورة وما أدراك ما الثورة جمال عبد الناصر أبو خالد تفوت ع الصحرا تخضر خطبه الرنانه وقراراته التي جعلت الشعب كله في حالة إستنفار،
أنا من الاسكندرية شتاءها بارد أستيقظ كل يوم من أيام الشتاء الطويل مبكرا أخرج من تحت اللحاف بصعوبة بالغة ولكن ما حيلتي أستعد للذهاب إلي مدرستي الطريق للمدرسة ليس بالقصير والنهار بارد كنت أدفئه وأصحابي بالغناء ح نحارب ح نحارب و موشى ديان ياعور ياعور كل ماتمشي تتكعور نشوة ولذة لا أستطيع وصفهما ولكن كل صاحب إحساس قد يستشعرهما بين سطور كلماتي ، وذهب الشتاء ببرده وجاء الصيف بدفئه وفي يوم سمعنا أحمد سعيد يعلن بدأ الحرب البيان تلو البيان وكنا نشتاق لسماع صوته بين البيان والبيان وشاهدت أبي يكتب عدد ما أسقطنا من طائرات في كل بيان وسمعته يهنئ أمي ويقول لها إن ما قمت برصده من طائرات أسقطناها هي ليست طائرات إسرائيل فحسب بل إسرائيل وأمريكا وحلف الأطلسي وكل امن حماها ومرت الايام وقمت يوما مبكرا فوجدت أبي بغرفة الصالون وحيدا يبكي كانت أول مرة في حياتي أراه يبكي المثل الأعلى يبكي الحاصل على وسام الرجولة الأوحد من عقل إبنه يبكي الهرم الشامخ يتهاوى وسألته ما يبكيك يا أبي وأنا مفجوع أبكي مثله فماذا قال وياليته ما قال قال مصر وتشنج في بكائه مصر كلمة واحدة ولكنها صعقتني كلسعة كهرباء فأرتميت بجسدي النحيل بين ذراعية وأختلطت دموعنا يقول مصر وأقول مالها
النكسة كفرت بالثورة بالميثاق ومبادئه الستة بالقومية العربية بمجتمع الكفاية والعدل بكل شيء كل شيء وآمنت بالله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد
شريف هادي 23/10/2006
اجمالي القراءات 13897