تعقيباً على مقال الدكتور- منصور -لنكن جيل الحوار.
تعقيباً على مقال د-منصور - لنكن جيل الحوار

عثمان محمد علي في الأحد ٢٣ - نوفمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

الأستاذ الدكتور – أحمد صبحى منصور – ave; منصور – كان ولى ّ أمرى  حتى فى حياة والدى ،وكان هذا نفس الحال مع كل شباب الأسرة والعائلة ،كلنا تعلمنا على يديه منذ الصغر وقت أن كان طالباً بالجامعة وناظراً للمعهد الدينى الأزهرى فى البلدة ،ثم بعد تعيينه معيداً بقسم التاريخ الإسلامى بجامعة الأزهروحياته فى القاهرة لم تنقطع مسئوليته .ثم حين دخل فى صراع مع الأزهر والصوفية  المسيطر عليه اثناء تحضيره لرسالة الدكتوراة .كنا حوله نفهم ما يدور ونخشى عليه من المواجهة ،وكان وقتها مدرساً مساعداً بقسم التاريخ بجامعة الأزهر ، ومن السهل تحويله إلى وظيفة إدارية بحجة انه لا يصلح للبحث ..وقتها كان شيخ الأزهر ،وشيخ الصوفية كلها الدكتور – عبدالحليم محمود ،وكان أعوانه يسيطرون على كل شىء ،ويخاف منهم الجميع ولكنه تحداهم عمى (أحمد صبحى منصور محمد على ) ،ولنلاحظ الإسم الثلاثى له – أحمد صبحى –منصور –محمد ،فالوالد هوالشيخ – منصور محمد على – والجد هو (محمد على ) الذى كان خليفة للطريقة الصوفية الرفاعية فى المنطقة ، وكانت أسرتنا تتوارث الخلافة الصوفية الرفاعية خلال عدة أجيال ،وقد تزوج الجد (محمد على إبراهيم على ) أربعة سيدات ،وأنجب كثيرا من الذكور والإناث كان منهم (منصور) الشيخ الأزهرى –والد – الدكتور منصور –وإخوته .وكان منهم جدى الحاج (على محمد على ) .وكنت انا من احفاده (عثمان محمد على ) والأستاذ –(رضا عبدالرحمن على ) والأخ (رمضان عبدالرحمن على ) وعشرات آخرين  .هذه المقدمة العائلية قلتها لنتعرف على الحوار الذى يتبعه عمى د. احمد صبحى منصور – وخطورته التى تعانى الأسرة كلها بسببه .هذا الحوار بدأ داحل الأسرة منذ كنا تلاميذ فى التعليم الإبتدائى الأزهرى فى معهد أبوحريز،وكان الشيخ احمد صبحى منصور – هو القائم بأعمال النظارة بالمعهد ،وكان فى نفس الوقت طالباً متفوقاً فى قسم التاريخ بجامعة الأزهر بالقاهرة.كانت أسرتنا رسميا تتولى الخلافة الصوفية الرفاعية ،وكان جدى الحاج (احمد محمد على ) هو الشيخ الرسمى ،ثم إنتقلت بعد وفاته إلى جدى الحاج (رزق محمد على ) ،فى الوقت الذى بدأ فيه عمى الدكتور – احمد صبحى منصور – يناقش ويتحاور حول الصوفية والكرامات .ومنذ ذاك الوقت إنقطعت صلة الإسرة بالتصوف الرسمى  ،أى ان الحوار بدأ داخل الأسرة ،والقرية ،ثم اصبح فيما بعد رسالة للدكتوراة أعدها الدكتور –منصور –لنيل درجة الدكتوراة .وفزعت الجامعة ومشيخة الأزهر من جرأة الرسالة العلمية وهى تثبت بما لا يدع مجالا للشك عداء التصوف للإسلام ،وبعده التام عن مبادئه ،وعداء الصوفية للمجتمع وتسببهم فى تخلفه فى العصر المملوكى .

أى إنتقل الحوار من من مستوى الأسرة والقرية إلى أعلى مستوى علمى دينى. ولم يستطيعوا قبول الرسالة .ولم يستطيعوا الرد عليها علمياً. فضغطوا عليه بكل الوسائل إلى محاولة إحتوائه وإغرائه ،فرفض وفى النهاية جاء الحل الوسط بحذف ثلثى رسالة الدكتوراة ،والإكتفاء بمناقشة الثلث فقط .على ان يقرر ما حذفه على طلابه فيما بعد .وهكذا بعد إضطهاد سنوات وسنوات تمت مناقشة أخطر رسالة علمية فى تاريخ الأزهر ،وحضرت الأسرة كلها مناقشة الرسالة ،وكنت ضمن شباب الأسرة الذين حضروا .ولم أنسى كلام الشيخ محمد الطيب النجار (رئيس الجامعة آنذاك ) حين قال لعمى الدكتور منصور( لقد اتعبت من سيأتى بعدك ) ،وإتخاذه قراراً يلزم كل طالب يناقش رسالة الدكتوراة ،أن يقدم بحثه شفوياً وألا يقرأ من ورقة مكتوبة ،كما فعل الدكتور منصور .

وبعد أن حصل على الدكتوراة بمرتبة الشرف عام 1980 أصبح من أعمدة أهل السنة فى مصر .ونشر أول واخطر كتاب عن التصوف ،والولى الصوفى (السيد البدوى  بين الحقيقة والخرافة ) يثبت فيه انه كان جاسوساً على مصر ضمن شبكة واسعة من الجواسيس شملت إبراهيم الدسوقى – وابو الحسن الشاذلى ،وابو العباس المرسى ،وأحمد الرفاعى. وأنهم جميعا تسترو تحت عباءة التصوف .وعندما فشل مشروعهم السياسى كانت شهرتهم بالتصوف  السبب فى جعلهم اكبر أولياء الصوفية فى مصر والعالم العربى .كان الكتاب حواراً مفزعاً للصوفية ،مسعدا للسنية الوهابية .وأتذكر... أن إنتشرت شائعة تقول ان السيد البدوى قد اصاب الدكتور منصور بالعمى!!!!(هههههه)

أى ان هذا الحوار مع الصوفية والتصوف اسفر عن هزيمة فكرية وتعرية لفكرهم .وإستفاد النفوذ السنى والوهابى من معركة الدكتور منصور مع التصوف ،ووجدوا فى الدكتور منصور – فرصتهم العلمية والدعائية ضد التصوف ولنشر الوهابية فى مصر .

وأتذكر وقتها الآمال التى كنا ننعقدها حول الوضع الجديد الذى وصل إليه استاذنا وعمنا الدكتور – أحمد صبحى منصور- داخل جامعة الأزهر ،وداخل جمعيات أهل السنة من امثال (دعوة الحق – وانصار السنة –ومسجد العزيز بالله بالزيتون بالقاهرة).ونتابع مقالاته وخطبه .ولكن ما لبث أن بدأ الحوار مع التراث السنى .وكالعادة بدأه معنا ،ونقله إلى خطبه ومقالاته وكتبه ،فقوبل هذا الحوار بتحد كبير داخل جامعة الأزهر ،وداخل الدوائر السنية الوهابية وجمعياتها فى مصر وخارجها .والعجيب ان ما يطرحه الدكتور منصور –على صفحات الموقع ويستفز بعض الناس ،سبق وان طرحه قبل ذلك فى خطبه ومقالاته وكتبه التى قررها على طلبة الجامعة .

فى تلك الأعوام منذ ربع قرن – اثبت الدكتور منصور –أن النى عليه الصلاة والسلام ليس معصوما من الخطأ ،سوى فى تبليغ الرسالة ،وأنه لن يشفع لأحد يوم الدين ،وأنه لا يصح تمييزه أو تفضيله على الأنبياء عليهم السلام . وكانت نتيجة هذا الحوار معروفة،هى الفصل من الأزهر ،ومن جماعة دعوة الحق ،ثم الموجة الأولى من الإعتقالات والقبض على القرآنين فى آواخر عام 1987.ثم بعد خروجه من السجن عاد لنفس الحوار متحالفاً مع منظمات المجتمع المدنى والتيار العلمانى و ظهر فى البداية ذلك المقال (لنكن جيل الحوار ليكون أباؤنا جيل الإختيار)

من يقرأ المقال يتعجب لماذا يضطهد نظام مبارك ذلك الذين يدعون للحوار السلمى ؟؟؟ ولماذا قام نظام مبارك بمصادرة الحوار إلى درجة إغلاق مركز إبن  خلدون عام 2000 وقد كان ساحة للحوار .ولماذا جاءت الموجة الثانية لإعتقال القرآنين بين عامى 2000 و 2001 والتى بسببها هاجر الدكتور منصور لأمريكا ، ومن بعدها وإستمراراً لإضطهاد القرآنين كانت هجرتى لكندا عام 2005؟؟؟ ولماذا جاءت الموجة الثالثة من إعتقال القرآنين فى العام الماضى (مايو – إكتوبر 2007) للأساتذة – عبداللطيف سعيد – ايمن محمد عبدالرحمن – وعبدالحميد محمد عبدالرحمن –و أحمد دهمش – وعمرو ثروت _ لإعادتهم كتابة حوارات الدكتور – منصور – ونشرها على الموقع ....لماذا كل هذا الإضطهاد للحوار المسالم ؟؟؟؟

اعتقد ان السبب فى انه حوار ضد الخرافات المقدسة (صوفية وسنية) لأنها لا تحيا ولا تستمر إلا ببقائها بعيدا عن الحوار والنقاش ،وليست الخطورة فى مناقشتها ، ولكن الأخطر إذا كان المحاور باحثا إسلامياً معه كل الحجج والأدلة والبراهين من القرآن الكريم ،ومن تلك الكتب الصوفية والسنية نفسها ،مع خبرة عميقة بتاريخ المسلمين وباللغة العربية ، وهنا يكمن خطر الحوار.....إذا لا يبقى لأصحاب الخرافات المقدسة سبيل إلا بإستعمال القوة والإستبداد والإضطهاد ضد الحجة والبرهان .

كان يمكن لنظام (مبارك) العسكرى المتظاهر بالعلمانية أن يقف على الحياد ويترك فئة قليلة (أهل القرآن) يواجهون ألاف الأقلام وألاف الشيوخ والمعاهد والمدارس والجامعتات والمنظمات ...خصوصاً وان هذا الحوار سيقضى على التطرف السنى الوهابى ، أى أن القرآنين يقومون بخدمة تطوعية للوطن عجز عنها شيوخ الأزهر والأوقاف والمعاهد الإسلامية .

ولكن لخطورة الحوار الذى كان يطالب به د- منصور-عام 1989 والذى لا يزال يطالب به ويتبناه فى موقع أهل القرآن .

خطورة هذا الحوار تلحق بالنظام العسكرى لمبارك من عدة جهات أولها

أنه حوار سياسى  أى لا يقتصر على الموضوعات الدينية بل يتعداها إلى الديمقراطية ،وحقوق الإنسان والهجوم على الإستبداد والفساد .

ثانيها ..إن الأمور الدينية نفسها وثيقة الصلة بنظام الحكم ، فالشفاعة مثلا هى التى تسوغ للحاكم الظلم ،وتأكيد الشيوخ لشفاعة النبى  يعطى زبانيته النظام ثقة فى أنهم مهما ظلموا سيدخلون الجنة بناءا على تأكيد الشيوخ لهم .فإذا أتى الحوار فسيتسبب فى البلبلة والنظام يخشى البلبلة  والتفكير

ثالثها ...إن هذا الحوار ينفذ إلى جوهر الدين السنى الوهابى ،ويحطم جذور الثقافة الوهابية التى يقوم عليها نضال الإخوان المسلمين السياسى هم وبقية تنظيماتهم .. فمبارك ونظامه لا يريدون القضاء التام على الإخوان المسلمين  لأنهم الفزاعة التى يخيف بها الغرب وامريكا ،والتى يخيف بها التيار العلمانى فى مصر .فالإخوان هم أحد اسباب إستمرار نظام مبارك . وقد إتضح من الحوار أنه سيؤدى إلى تفكيك الإخوان فكرياً ،بإثبات أنهم يتبعون ديناً أرضياً يخالف الإسلام وبالتالى فلايحق لهم التمسح بالإسلام ورفع شعارات (الإسلام هو الحل) و( تطبيق الشريعة) وغيرها .فبتفكيك الإخوان والتخلص من خطرهم سيجعل العدو الوحيد الباقى هو نظام مبارك ومعاداته للعدل والحرية والديمقراطية ، وبالتالى فلا معنى لقانون الطوارىء وليس هناك مبرراً  لإستبداده بالسلطة طيلة هذه السنين .

رابعها --- النفوذ السعودى الوهابى فى مصر ،وللمال السعودى الأثر الأكبر فى مصر خصوصاً مع وجود قانون الطوارىء الذى جعل لضباط الداخلية وامن الدولة يحكموا مصر حكماً فعلياًً .وبالتالى تدفع السعودية لكبار المشايخ وكبار ضباط الداخلية للقضاء على القرآنيين عقاباً لهم على ذلك الحوار .وخاصة بعد تدشين موقع اهل القرآن على الإنترنت (والذى حجبته السعودية عن مواطنيها فى بلدهم) .

----إن سياسة مبارك فى التعامل مع المعارضة هى (دعهم يقولون ما يشاؤن ،ونحن نعمل ما نشاء) . والغريب أن مبارك يترك حرية نسبية فى الصحافة طالما لا تتعرض لشخصه المقدس.

والأغرب أن مبارك إستثنى القرآنين من هذا الهامش ،وجعلهم ضحايا لقانون الطوارىء ،وضحايا لأمن الدولة ،لأنهم يقولون إجتهادا فى الدين ولأنهم لا يقرأون التحيات فى الصلاة ،بل أصبح فكرهم جريمة بعد أن تم الحكم على القرآنين سنة 2001 بالسجن من ثلاث إلى خمس سنوات ، وهى سابقة خطيرة تجعل أقوالهم وصلاتهم إزدراءاً بالدين ....

وهكذا إنتهى الحوار الذى دعا إليه د- منصور – إلى ان يكون إزدراءاً بالدين واصبح التمسك بالقرآن الكريم والإستشهاد به والإحتكام إليه إزدراءاً بالدين .

ومن حق أى عاقل أن يتساءل ..لقد نشر الدكتور منصور –مقال(لنكن جيل الحوار ليكون ابناؤنا جيل الإختيار ) منذ  عشرين عاماً...فلو إفترضنا أن حكومة مبارك إستجابت له فهل كانت مصر ستصل إلى القاع الذى وصلت إليه الآن ؟؟؟

اجمالي القراءات 12034