النثر والشعر

رضا البطاوى البطاوى في الأحد ٠٩ - نوفمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

النثر والشعر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسل الله وبعد :
هذا حديث يدور حول النثر والشعر من خلال الإسلام.
النثر :
هو الكلام المتفرق الذى لا يتقيد بقوانين سوى ما يريد المتكلم من قوانين كالسجع .
أشكال النثر :
قسم النقاد النثر لأشكال عدة هى الروايات والقصص والرسائل والمقالات والمحاورات والمحاضرات أى الخطب والسير والتراجم والترجمة والرحلات والمسرحيات والملاحم والملاحظ على هذا التقسيم أنه يضم فنون كتابية كالرسائل و&Ya;فنون سماعية كالخطب وفنون حوارية المحاورات وهى المناظرات والتقسيم يختلف من أساس لأخر والتقسيم الصحيح هو
-شكل حكاياتى وهو يتخذ العديد من المسميات كالقصص والتخيلات والمزجيات .
-شكل آرائى بمعنى أن كله أحكام ومنه المقالات والمناظرات .
-شكل إخبارى بمعنى أنه يخبر بالمطلوب به كالخطب .
- شكل مختلط فقد يكون به حكاية ورأى أو رأى وخبر أو خبر وحكاية أو الكل مع بعضه .
الرسائل :
هى خطابات موجهة لشخص أو أكثر أو مؤسسة ما وهى تنقسم لرسائل شخصية توجه لفرد ما أو لأفراد بعينهم ورسائل مؤسساتية توجه لمصلحة ما أو توجهها المصلحة لفرد أو أفراد وتقسم لرسائل قصيرة يسمونها البرقيات ورسائل متوسطة وهى الشائعة أو طويلة مطنبة وعادة تكون بين الأدباء وليس للرسائل سبل معينة تسير عليها وأسس كتابتها هى :
تحديد المرسل منه الرسالة اقتداء بعمل سليمان (ص)عندما وجه رسالته لملكة سبأ فقال "إنى ألقى على كتاب كريم إنه من سليمان ".
بسملة الرسالة كما فعل سليمان (ص)بقوله "إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ".
إلقاء التحية استجابة لقوله بسورة النساء "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ".
الإخبار وهو إخبار المرسل له بالمطلوب منه أو ما يريده أو ما طلبه هو فى السابق أو بغيره ونلاحظ فى رسالة سليمان (ص)أنه حدد مطلبه من الملكة وقومها فقال "ألا تعلوا على وأتونى مسلمين ".
القصص :
هى سرد الأحداث الحقيقية دون زيادة أو نقص وقد سماها الله أحسن القصص فقال بسورة يوسف "إنا نقص عليك أحسن القصص "أى أصدق الحكايات ومن ثم فيجب على الأديب المسلم أن تكون قصصه صادقة يهدف منها لإعتبار الناس بما حدث أى تعلمهم منه وفى هذا قال تعالى بسورة يوسف "لقد كان فى قصصهم عبرة لأولى الألباب" وأسس القصة فى القرآن هى :
تتابع الأحداث ليس مرتبا زمنيا دائما لأن بعض القصص ينقطع فيها التتابع ومثال هذا قصة أدعية إبراهيم (ص)بسورة إبراهيم فالدعاء الأول والثانى وهما "رب اجعل هذا بلدا أمنا 00000 ربنا إنى أسكنت من ذريتى00000فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون "حدثا بعد الدعاء الثالث وهو "الحمد لله الذى وهب لى على الكبر إسماعيل وإسحق إنى ربى لمجيب الدعاء "فشكر الله على الولدين كان قبل إسكان أحدهما فى مكة بعد أن ولد بزمن والدعاء الخامس وهو "ربنا اغفر لى ولوالدى وللمؤمنين يوم يقوم الحساب "حدث قبل الكل .
أن ذكر الزمان والمكان فى الأحداث ليس كثير الذكر فى القصص القرآنى وإنما هو نادر الحدوث للإثنين والملاحظ هو أنهما يأتيان مرتبطان بالحدث
وتختلف القصص فى طولها حسبما يريد القصاص فمنها القصير الذى لا يتجاوز عدة سطور ومنها الطويل الذى يستغرق مئات الصفحات ومنها الوسط .
القصص يتم تناولها فى شكل مسرحية أو فى شكل أخر مما يخترع .
المتخيلات :
يقصد بها الأحداث المسرودة دون أن يكون شىء منها حدث فى الواقع وتنقسم لمتخيلات قصيرة ووسط وطويلة وأساسها السرد حسبما يريد المتخيل وليس فيها زمان أو مكان معروف إلا ما هو خالد بحكم الله فى الدنيا ويمكننا تسمية المتخيلات التخاريف وتتخذ شكل مسرحية أو ملحمة أو غير ذلك .
المزجيات :
يقصد بها الأحداث المسرودة التى تمتزج فيها أحداث الخيال بأحداث الواقع وهى تنقسم لطويلة ووسط وقصيرة وقاعدتها سرد الحاكى للأحداث كما يريد وتتخذ شكل الرواية أو المسرحية أو غيرهما.
السير والتراجم :
يقصد بها الكتب المتحدثة عن شخصيات محددة سواء كان كتابها هم نفس الشخصيات أو غيرهم وأسس السير هى:
1- لمن يترجم لنفسه :
البعد عن السخرية من المسلمين لقوله تعالى بسورة الحجرات "لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء ".
البعد عن اللمز وهو الشتم للمسلمين أحياء وأموات لقوله بسورة الحجرات "ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب ".
البعد عن رمى أحد بالزنى ما لم يكن لديه الشهود الأربعة لقوله بسورة النور "والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ".
ألا يزكى الشخص نفسه تطبيقا لقوله بسورة النجم "فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ".
البعد عن فضح ذنوب النفس تطبيقا لحكم عدم إشاعة الفاحشة بسورة النور .
البعد عن الظن تطبيقا لقوله بسورة الحجرات "إن بعض الظن إثم ".
2-لمن يترجم لغيره :
نفس الأسس السابقة عدا الرابع لإنعدام وصفه هنا ويضاف التالى :
إذا كان الشخص المترجم له كافرا جاز نعته بأى نعت سيىء على مخالفاته لأحكام الإسلام وذكر ما له من صفات جيدة توافق أحكام الله إن وجدت وهذا تطبيق لقوله بسورة المائدة "ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا " .
إذا كان الشخص المترجم له مسلم وجب إبانة محاسن ومساوىء أعماله وهى المؤلفات والإختراعات والإبتكارات تطبيقا لقوله بسورة الأنعام "وإذا قلتم فاعدلوا ".
فالمطلوب فى السير هو العدل ليس إلا كما فى كل شىء .
الخطابة :
هى إلقاء حديث لجمع من الناس فى مكان ما وهى قد تكتب أو لا تكتب وأسسها هى
البسملة فى أول الكلام غالبا .
الحمدلة أى قول الحمد لله وقد سمى القدماء معدومة الحمدلة بالبتراء .
الصلاة على النبى (ص)وسموا معدومة الصلاة الشوهاء وغير هذا .
إلقاء التحية على الحضور فى أول الكلام أو بعد الثلاثة أو غير هذا .
الإيجاز فى الكلام والإقتصار على الحاجة مع الإستدلال على الأحكام والآراء بالبراهين على اختلاف أنواعها وحبذا لو لم تزد الخطبة عن ثلث ساعة وإذا قسمت لخطبتين لا تزيد على نصف ساعة لأن المستمع يفقد تركيزه بسرعة كما يتململ من الجلسة بعد دقائق قصيرة .
ختم الخطبة بحمد الله وإلقاء السلام على الحضور .
والخطبة هى نفسها المحاضرة .
الترجمة :
هى نقل نص عمل أدبى من ألفاظ لغة لألفاظ لغة أخرى تعنى ما تعنيه لغة النص الأصلية وتتطلب الترجمة شخص يتصف بالتالى :
إجادة لغته الأصلية واللغة المترجم عنها وأسس الترجمة هى :
النقل الحرفى للمعنى دون زيادة أو نقص تطبيقا للشهادة بالحق .
عدم التصرف فى النص بتغيير مواضع الفقرات أو بالتحريف أو بالنقصان تطبيقا للشهادة بالحق .
ومما ينبغى قوله أن النصوص اللغوية تنقسم لنوعين مباحين فى الترجمة
-نصوص يجب ترجمتها وهى المتحدثة عن الإختراعات فى الآلات والعلوم التطبيقية كالزراعة والطب .
-نصوص للمترجم أن يختار ترجمتها أو لا يختار وهى الحكايا والأشعار التى لا تشيع الفاحشة وأما التى تشيع الفاحشة فيباح ترجمتها لإبانة مساوئها فقط وأما ترجمتها فقط دون إبانة مساوئها فمحرم ويعاقب مترجمه .
المقالة :
هى موضوع مكتوب فى أمر ما يهم الناس وأسس كتابتها هى :
عرض الموضوع من شتى الجوانب وطلب مشاورة الأخرين فى حالة عدم الوصول لحل فى مشكلة ما يعرضها المقال وهى تكتب إما بطريقة الإستدلال حيث يقدم الكاتب براهين على كل جانب فى الموضوع وإما بطريقة المزاج حيث يكتب كما يحلو له دون برهان ودون تناول كل الجوانب وإما بطريقة التحليل حيث يقسم الموضوع لأقسام يحللها لأدق التفاصيل ويستعرض أراء الغير فيها أو يدلى برأيه فيها وهى لا تقسم لعلمية ورياضية وفنية ودينية وغير هذا لأن الدين مسيطر على الكل وهو العلم نفسه .
المناظرة :
هى المحاورة أى جدال يدور بين طرفين أو أكثر فى موضوع واحد وله عدة أشكال هى
السؤال والرد كما فى الآيات المستهلة بكلمة يسألونك أو يستفتونك ومنها قوله بسورة البقرة "يسألونك عن الأهلة قل هى مواقيت للناس والحج ".
الإستدلال بالبراهين مثل جدال إبراهيم (ص)مع الملك وجدال النبى (ص)مع أهل الكتاب فى عيسى بسورة آل عمران وجدال موسى (ص)مع فرعون فى سور عدة منها سورة طه .
وقواعد المناظرة هى :
تحديد موضوع أو موضوعات الحوار.
إنصات كل طرف للطرف الأخر حتى يتم حديثه .
رد كل طرف على الأخر بعد إتمامه لكلامه.
تسليم الطرف الذى أٌتى بالبراهين الساطعة بصحة كلام الطرف الأخر وهو ما لا يحدث إلا قليلا .
قفل باب الحوار عند عدم تسليم الطرف المهزوم .
أساليب النثر:
يكتب النثر بعدة أساليب هى :
الأسلوب الحر وهو أسلوب كلام الناس العادى .
الأسلوب البديعى وهو ما يستعمل أساليب البديع فى الكلام .
الأسلوب الخليط من العادى والبديعى .
النثر أفضل من الشعر :
الشعر والنثر كلاهما حسن فى قول الحق ولكن النثر أفضل استعمالا لكونه المستخدم فى الحياة وأن الوحى عبر العصور نزل به لقوله بسورة يس"وما علمناه الشعر " وأن الشاعر يستخدم النثر فى حياته العادية وأن النثر ليس له قوانين مقيدة للناس .
هل النثر أم الشعر استخدم أولا ؟
هذا سؤال تافه ولكن سبب ذكره هنا هو أنى وجدته مطروحا من بعض الناس وإجابته هى :
النثر استخدم أولا بدليل أن الحوارات بين الله والملائكة قبل خلق أدم (ص)كانت نثرا كما هو وارد بنصوص القرآن وكذلك الحوار بين الله وأدم (ص)فى القرآن نثر، أضف لهذا أن أدم (ص)لكى يقول الشعر لابد له من معرفة قوانين الشعر بالنثر .
القرآن نثر :
لقد نفى الله أن يكون القرآن قول شاعر بقوله بسورة الحاقة "وما هو بقول شاعر" وما دام ليس شعرا فهو نثر .
ما الشعر ؟
"روى أن حاكما كان يسير ذات ليلة مظلمة فى أحد شوارع مدينته فصدمه رجل فأمر مناديين اثنين يناديان :ألا يسرى أحد ليلا إلا وفى يده فانوس ،وبينما هو يعس فى الليلة التالية إذ لاقى الرجل عينه فقال له وهو يكاد يتميز من الغيظ :ويلك ألم تعلم الأمر الذى أمرت ؟فقال الرجل :بلى يا مولاى وهذا هو فانوسى ،فتأمله الحاكم وقال ولكنه خال من الشمع فقال الرجل ولكنك لم تأمر بوضع الشمع فى الفانوس ،فكاد الحاكم يتميز من الغيظ ولكنه تمالك زمام نفسه وأصدر أمرا بأن يحمل كل ماش فانوسا به شمعة ،وفى الليلة التالية انطلق يعس كعادته فقضى سوء الحظ وشاء القضاء أن يصطدم بالرجل نفسه فقال له :لا أم لك سأنكل بك عسى أن تكون عظة وعبرة لغيرك،فقال الرجل :هون عليك أليس هذا فانوسا وبه شمعة ؟فقال الحاكم :ولكنك لم تشعلها ،فقال الرجل من فوره:وأنت لم تذكر فى أمرك ما يوجب إشعالها ،فقنع الحاكم بحجته وأخذ منذ ذلك اليوم يدقق فى تحرير أوامره حتى لا يترك لأحد ذريعة يعتذر بها ".
من هذه الحكاية نرى أن تحديد معنى اللفظ يجنب الإنسان المهاترات فيما لا نفع فيه والسؤال ما الشعر جوابه :
قول مشطور مقفى يدل على معنى وقد قصد الله بكلمة الشعر فى القرآن هذا المعنى حيث قال "وما علمناه الشعر"وما دام الله قد قصده فكل تعريف يخالفه باطل فقوله"قول مشطور مقفى"يدل على الفرق بين الشعر والنثر فكلمة مشطور تعنى انقسام البيت لقسمين أو أكثر متساويين أو شبه متساويين وكلمة مقفى تدل على القافية وقوله "يدل على معنى "يشير لكل الأغراض القولية .
ولو كان الشعر كما يقولون "شىء ليس من خاصيته ولا من طبيعته التحديد"لكنا أطلقنا لأنفسنا العنان فأطلقنا مثلا على أصوات الرضع من وأوأة وبكاء شعر ،زد على هذا أن النثر الذى يسمونه شعرا حرا ليس شعرا لأن الموسيقى أى الإيقاع يوجد فى النثر والشعر كما أن الإحساس والشعور والخيال 000 يوجدون فى الإثنين .
لا شعر حر :
لا يوجد شىء اسمه شعر حر بمعنى كلام نثر يسمى شعر لأن أصحاب القولة جعلوا كل كلام البشر من الرضع وحتى الشيوخ المخرفين شعرا فى كل العصور وقد تناسوا أن لكل لفظ فى اللغة معنى فالعسل عسل والبصل بصل كما نسوا أن لكل فن قواعد تحكمه والحر ليس فيه أى قواعد كما نسوا أن يقولون كيف نفرق بين كلامهم السايب وبين النثر0000
الشعراء فى القرآن :
بين الله لنا أن الشعراء ما عدا المؤمنين العاملين للصالحات منهم يتبعهم الغاوون والمراد يطيع كلامهم الكفار فيما يقولونه من أحكام ظالمة وهم فى كل واد يهيمون والمراد فى كل موضوع يقولون الأحكام المخالفة لحكم الله كما أنهم إذا قالوا خيرا لم يفعلوه إلا المؤمنين وفى هذا قال تعالى بسورة الشعراء "والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم فى كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات ".
الشعر تعلم أم هبة ؟
الشعر تعلم فالشاعر لا يولد شاعرا وإنما يتعلم الشعر سواء بدراسة منظمة أو غير منظمة أو بتعود سماعه وتذوقه والدليل على أنه بالتعلم قوله بسورة يس "وما علمناه الشعر "وكما لا توجد صنعة بدون معلم يعلمها لغيره لا يوجد شعر بلا معلم يعلمه .
أثر القرآن على الشعراء :
أدى نزول القرآن وإيمان الناس به ومنهم الكثير من الشعراء إلى أن الشعراء منهم من أمسك عن قول الشعر نهائيا استصغارا واستحقارا لما يقول ومنهم من تمسك بقول الشعر ولكنه صرفه للأغراض التى تخدم للإسلام والمسلمين وابتعد عن الأغراض المخالفة للإسلام وحرص هؤلاء الشعراء على اقتباس المعانى من القرآن كما أن الشعراء توقفوا عن إقامة أسواق الشعر فى أماكنها المعروفة حسب التاريخ المعروف حاليا.
أثر القرآن فى الناس تجاه الشعر :
أدى إيمان الناس بالقرآن إلى أنهم غيروا عاداتهم فلم يعودوا يحرصون على حفظ شعر شعراء القبيلة والعمل به واتجهوا لقراءة وحفظ القرآن كما لم يعودوا يذهبون لأسواق الشعر حتى توقفت ولم يعد لها وجود وكانوا يذهبون للمساجد للتعلم أو لميادين الحرب للجهاد ولم يعودوا يستعملون الشعر إلا فى الأمور الإضطرارية .
أوزان الشعر :
من المعروف فى اللغة العربية أن العروض وهو أوزان الشعر هى 14 بحرا وهى ليست ملزمة للشاعر لأن الأوزان استحدثت بعد الشعر وخالفها الشعراء فقالوا فى بحور أخرى كثيرة ومن ثم فكل شاعر يحق له أن يقول الشعر فى بحر بشرط أن يكون البحر له قانون .
العروض قوانين اخترعها كما يقول التاريخ وهو ليس صادق دائما الخليل ابن أحمد الفراهيدى وهى طلاسم فى طلاسم ومن الروايات رواية تقول :
"أن الخليل مر فى البصرة بسكة القصارين فسمع دق الكفديق –أى المطرقة – بأصوات مختلفة سمع من دار (دق) وسمع من أخرى (دق دق)وسمع مرة أخرى (دقق دقق)فأعجبه ذلك وقال والله لأضعن على هذا المعنى علما غامضا "فوضع العروض على حدود الشعر فهو أول من أبدع العروض ولم يشاركه أحد قبل فى علمه "نقلا عن مقامات الحريرى ص45 ،فانظر رحمك الله لقوله "علما غامضا"لتعرف مدى جهل القائل لأن الغموض لا يوصف بأنه علم وإنما جهل فالعلم الصحيح هو الواضح الذى يفهمه الكل سواء من أول مرة أو من عدة مرات والبراهين على أن العروض ليست علما هى :
1- أول شروط العلم النافع هو أن تكون له قواعده التى لا تسمح بالإستثناء إلا فى أضيق الحدود أو لا تسمح مطلقا والعروض لا ينطبق عليه هذا الشرط لأن الإستثناء أى الشذوذ فيه هو القاعدة بدليل ما يلى :
أ-وجود الزحاف وهو تغيير يطرأ على ثوانى الأسباب مطلقا وهو ينقسم لزحاف مفرد عدد أنواعه ثمانية هى الخبن والإضمار والوقص والطى والقبض والعصب والعقل والكف وزحاف مزدوج وهو أربعة أنواع هى الخبل والخزل والشكل والنقص .
ب- وجود العلل وهى لا تدخل إلا على العروض والضرب وهى قسمين علل زيادة وهى ثلاثة الترفيل والتذييل والتسبيغ وعلل نقصان وهى تسعة هى الحذف والجذذ والصلم والقطع والقصر والقطف والبتر والوقف والكسف .
ج-وجود البحور المختصرة داخل البحور الأصلية .
ويقولون أن الشعر يتكون من سبب ووتد وفاصلة وكل يدخل عليه التغيير سوى الوتد ومن هنا يتبين أن العروض ليس علما لأن قوانينها لم يثبت منها سوى شىء واحد فأصبحت الإستثناءات هى القوانين وليس العكس أى أن القوانين هى الأصل .
2-أن العروض قوانين وضعت للشعر بعد ميلاده بألوف الألوف من السنين والأصل فى القوانين هو وضعها قبل وجود الشىء فأى مخترع يضع القوانين لاختراعه قبل عمله وليس بعده ولكن هنا الوضع مقلوب فالإختراع موجود قبل قوانينه .
3-لنتساءل هل درس الخليل شعر كل الشعراء العرب قبله ثم استنتج العروض من الدراسة ؟كلا لم يحدث هذا ولا يقدر أحد على عمله مهما أوتى من قوة عقلية لأن عدد شعراء العربية وقصائدهم ألوف الألوف00000 زد على هذا أنه لم يكن مكتوبا كله ومن ثم فالعلم بالكل محال ومن ثم فالخليل لم يدرس الكل وما دام لم يدرس الكل فلا قيمة لما عمله – إن كان حدث حقيقة -لأن الذى لم يدرسه من اليقينى وجود اختلاف فيه عن الوضع الذى وضعه
4-أن العروض يعرف بمقابلة المنطوق للتفعيلات فهذا يعنى إنهياره من الأساس لأن الأصوات المنطوقة 28 أو 29 صوتا عندهم وهى أكثر بدليل وجود أصوات مستسهلة ومستثقلة عددهم 13 صوت بالإضافة لثلاثة مستسهلة فى مواضع مستثقلة فى مواضع وهذا يعنى أنها 44 أو 45 صوت يكتب منها فى العروض 28 أو 29 صوت ويهمل الباقى فهذا يعنى أن العروض يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض .
5-أن الخليل وضع أوزان من عنده لم ينظم فيها أحد مثل الوزن المضارع التام فكيف يشرع شىء لم يجده فى شعر الأقدمين وقد زعموا أنها مستنبطة منه ؟أليس هذا عجيبا ؟وبعد نقول للشعراء :اخترعوا بحورا وقولوا فيها ما تريدون ما دام هناك قانون يحكم ما تخترعون .
أغراض الشعر فى الإسلام :
الغرض الشعرى مشروط بشرط واحد كونه موافق للإسلام ولا يخالفه ويمكن تقسيم الأغراض للتالى :
الجهاد وهو يتضمن كل شىء يحدث فى الحرب أو عنها .
المدح وهو مدح الرسل والصحابة والمسلمين والإسلام.
الهجاء وهو رد على هجاء الكفار للمسلمين الإسلام .
المناسبة وهو يقال فى ذكرى حدث معين كالإسراء والمعراج .
الأخبار وهو يقال فيما يحدث للإنسان من مواقف يومية .
الإرشاد وهو يقال للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر .
الحب وهو يقال فى حب الرجل والمرأة .
التعليم وهو يقال لصياغة قواعد علم ما كالنجارة والطب .
أشكال الشعر :
قسمها الناس لغنائى وملحمى ومسرحى والحق أنهما شكلان :
الشعر الحوارى بين فردين أو أكثر .
الشعر الفردى وهو حديث الشاعر عن نفسه أو غيره .
أول من قال الشعر :
"قيل لأبى عبيدة هل قال أحد الشعر قبل امرىء القيس ؟قال نعم ،قدم علينا رجال من البادية فكنا نأتيهم فنكتب عنهم فقالوا ممن ابن خدام ؟قلنا ما سمعنا به ،قالوا بلى قد سمعنا به ورجونا أن يكون عندكم عنه علم لأنكم أهل أمصار ولقد بكى فى الدمن قبل امرىء القيس وقد ذكره امرؤ القيس فى شعره حيث يقول :
عوجا خليلى الغداة لعلنا نبكى الديار كما بكى ابن خدام"
"وقيل أن أبا داود الإيادى هو أستاذ امرؤ القيس "وكان امرؤ القيس يتوكأ عليه "كما قيل "أن المهلهل أول من قال الشعر "وقيل000 وكل هذا بعيد عن الصحة فأول من قال الشعر أدم (ص)لأن الله علمه إياه ضمن ما علمه من الأسماء وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "وعلم أدم الأسماء كلها " .
وحدة القصيدة :
تعنى عند نقاد العصر "ارتباط أجزاء القصيدة ببعضها البعض موضوعيا "ويقولون :أن هذا المفهوم لم يكن موجودا عند شعراء العربية قديما ،وهو قول خطأ للتالى :
أن وحدة القصيدة كانت ولا تزال موجودة فى الشعر عبر العصور المختلفة ولكن الوحدة عند الشعراء تختلف عن الوحدة عند النقاد فالشعراء وحدتهم وحدة هدف وقد يكون فى كثير من الأحيان داخلها وحدة ترتيب كما يريد النقاد .
تفرد كل مجموعة أبيات عن المجموعات الأخرى فى بعض القصائد له أصل فى نفس الإنسان فكل واحد منا عندما يجلس ليفكر لا يفكر فى موضوع واحد وإنما يطرأ على فكره أكثر من موضوع .
أن القصائد التى وصلتنا من الشعر القديم ليس لها ترتيب الشاعر لها وإنما طرأت عليها تغييرات فى الترتيب من كثرة النقل والرواية والتحريف بدليل اختلاف كتبة الدواوين والرواة فى عدد أبيات القصيدة وترتيب أبياتها.
أن قصائد الشعر القديمة كانت طويلة غالبا –وإن وصلنا منها مقطعات- والطول فى الغالب يؤدى لتعدد موضوعات القصيدة أما القصر وهو الغالب فى عصرنا فيؤدى لموضوع واحد ولو أطال الشعراء لظهرت فى شعرهم تعددية الموضوعات .
شرح القصائد :
إن شرح القصائد يقوم على أساس وجهة نظر الشارح وليس الشاعر وهو خطأ جسيم فالشارح قد يصف قول ما بالكذب مثلما قال أحدهم فى قول الشاعر :
ويموت الهوى منى إذا ما لقيتها ويحيا إذا فارقتها فيعود
بدعوى أن هذا لا يحدث فى الحياة وهو أمر حدث معى ومع كثيرين غيرى ومن ثم فالشارح عليه أن يقتصر على الشرح وليس على التصديق والتكذيب ما لم يكن تكذيب بالإسلام لأن المعنى كما قيل فى بطن الشاعر فالشرح يأخذ بالظاهر ولا يبحث عما خلفه .
هل أكذب الشعر أكذبه ؟
إذا كان معناه هل شعر الباطل أفضل؟فالجواب بل هو أسوأ الشعر لأن الله طالبنا بالعدل وهو الحق فى قولنا بقوله بسورة الأنعام "وإذا قلتم فاعدلوا" وقد ذم الله الشعراء الذين يقولون الكذب فى أى موضوع وقد بين أن الشعر على ضربين :شعر حق وشعر باطل ولا يمكن لمسلم أن يفضل الكذب أى الباطل على الحق حتى ولو كان شعرا .
السرقة فى الشعر :
يقصد النقاد أخذ الشاعر السارق المعنى الذى قاله شاعر أخر فيصيغه فى ألفاظ أخرى وهذه ليست سرقة لأن السرقة هى أخذ ملك الغير ونسبته للنفس والشاعر هنا لم يأخذ ملك الغير والسرقة فى الأدب هى نسبة شىء لغير صانعه وهى شهادة زور يعاقب صاحبها بالجلد ثمانين جلدة .

اجمالي القراءات 21380