هل هي ساذجة أم بريئة؟
أنشر هذه الرسالة و إلاّ...

محمد البرقاوي في السبت ٠٨ - نوفمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله الرّحمان الرّحيم.

السّلام عليكم.

- مقدمة: عندما قام شاب نزيه يدعى رضا علي بحب القرآن الكريم و كتابة مقالات إصلاحية تدعو لإصلاح الأمة الإسلامية من خلال القرآن، قام شيخ الأزهر و جنوده اللئام بتكفير ذلك الشاب و إعتقاله في غياهب السجن و الحرمان. لقد اعتقلوا رضا علي بتهمة ظاهرية مفادها إنكار السنة و لكن التهمة الحقيقية هي إعمال العقل و حب الإيمان النقي. و في مقابل نموذج رضا علي نجد ألافا مؤلفة من الشباب الّذين عاشوا على الجهل و السذاجة حتى أدمنوها ح&THOق الإدمان، ومن بعد إدمان الجهل تحول أولئك الشباب إلى حماة ذلك الجهل الشرس و أصبحوا يسفهون أهل الإصلاح و يرحبون بالأماني و المعجزات السماوية.
- عندما تفتح بريدك الإلكتروني فإنك تفاجأ برسائل أقل ما توصف بأنها ساذجة لأن البعض يعتبرها بريئة و داعية للحب و التناصح في سبيل الله تعالى. تقوم هذه الرسائل بسرد منامات و كرامات لأناس عاديين ردّدوا بعض الكلمات و الأدعية فجاءهم الفرج من السماء، ثم يروون كيف أن لصا ردّد تلك الخزعبلات فظهرت براءته و كيف أن تاجرا كسولا أصبح غنيا بقدرة قادر و ببركة ذلك الدعاء، ثم انتقلت العدوى إلى التلاميذ الذين أصبحوا يحفظون تلك الأدعية و ينسون حفظ دروسهم و في الأخير ينجحون بامتياز. و عندما تبحث عن أصل تلك الرسائل تجد أن هنالك مجموعات كبيرة من الشباب تقوم برعايتها و نشرها حتى ينالوا الأجر و الغفران و يذكرون وقائع بائسة لأناس لم ينشروا تلك الرسائل و كيف اخترقت بيوتهم و كسدت تجارتهم و ذاقوا الويل و الثبور و عظائم الأمور. و أتساءل لماذا لا يصدر شيخ الأزهر منشورا يتهم فيه أولئك الشباب بمحاولة تشويه العقيدة الإسلامية الصحيحة و أنه لا نافع إلاّ الله تعالى و أنّ كل أمور الكون مدبرة من عنده سبحانه و تعالى؟ و لماذا يتهم رضا علي بتهمة زلزلة ما وجدنا عليه أباءنا و أسلافنا؟ ألهذه الدرجة انقلبت المعايير و اختلت كفتا ميزان الحق و العقل؟ ألهذه الدرجة أصبحنا عاجزين و متوكلين على أماني لا تغني و لا تسمن من جوع؟ للأسف، إنّ إنهزامية و تخاذل أمتنا الإسلامية في ازدياد كما زاد توكلها على المعجزات و تدخل ملائكة السماء لإنقاذنا مما نحن فيه، كما لو كانت الملائكة هي من سيحرث الأرض و يجني الغرس و هي التي ستعلمنا و تخدمنا و ستشفينا من الأسقام و ستخترع لنا الإختراغات حتى نتحدى الغرب الذي لا تنضب إختراعاته. و المصيبة أنك لو قلت أن المعجزات و الكرامات لا أصل لها في أمة القرآن الكريم و تتلو عليهم الآية الكريمة ( وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآَيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (59) – الإسراء ) أي أن الله تعالى لم يجعل للنبي محمد عليه السلام معجزات حسية كالتي أيّد بها الله تعالى رسله السابقين، فإنهم سيتهمونك بإنكار السنة و الشمائل المحمدية و سيبكون و يقولون فداك أمي و أبي يا حبيبي يا رسول الله، و سترى رسالات قصيرة يبثها كنترول القنوات الإسلامية و فيها ( أستحلفكم بالله تعالى أن تصلّوا على الحبيب عشر مرات، أو صلّوا عليه و إلاّ ستحرمون من شفاعته و ... ) و إن قلت أن كرامات الأولياء ما هي إلاّ أكاذيب مبتدعة للضحك على السذج فإنهم سيذكرون لك كرامات أبي الحسن الشاذلي و البدوي و الرفاعي و كرامات إمام الحرم المكي الشريف الّذي رأى محمدا عليه السلام في القرآن و أعلمه أنّ القيامة قريبة. و لندع القارئ يجيبنا، أي السبيلين تختار؟ السبيل القرآني الداعي للعمل الجاد كما قال الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (6) – الإنشقاق ) أي لا عبادات و لا أعمال تأتي بالأماني، أم ستختار السبيل الخرافي الذي لن يصنع حضارة في الدنيا و سيكون خسارة في الآخرة لأننا لن نعمل في الدنيا أبدا حتى نتحصل على الأجر في الآخرة.
- و تتواصل العقلية الإسلامية و العربية الحالمة جدا نحو الأمام إلى أن تتحفنا بخرافة جدية مؤصلة للكسل و هي خرافة المهدي المنتظر الّذي سيهزم أعداءنا و يحل مشاكلنا الدينية و الإقتصادية و الإجتماعية. و في هذه المرة استغل بعض الشيعة فوز المرشح الديمقراطي باراك حسين أوباما في الإنتخابات الأمريكية و قالوا أن هنالك حديثا منسوبا لعلي بن أبي طالب و هو يتحدث عن الغيب و يقول أنّ رجلا أسودا سيحكم العالم سيسبق حكمه ظهور المهدي المنتظر و قاموا بتعريب إسم باراك حسين إلى مباركة الحسين، بينما قال أوباما أن إسم باراك في كينيا تعني السيء. و في هذه المرة لن ننتظر الملائكة حتى تعمل من أجلنا و لكننا بدأنا نتخاذل شيئا فشيئا و ظانين أن أوباما سيخدم مصالحنا و سيحب العرب كما لم يحب العرب أحد من قبل و متناسين أن أوباما مسؤول عن نهضة بلاده التي يراها إمبراطورية عظمى و ليس مسؤولا عنا و لا عن مشاكلنا.
- خاتمة: لن أكون متشائما جدا بخصوص حال أمتنا الإسلامية لأنني أعلم أن الإصلاح الديني السلمي هو قدر الأمة بلا شك و لأن الإصلاح سنة الله تعالى في كونه، و لكنني أتساءل كم سيكون عمر أمتنا إن بقيت على حالها في الجهل و عشق الأماني الزائفة و إخراس أصوات القرآنيين إما بالسجن كما يحدث في مصر و إما بالإفتراء عليهم كما يحدث عبر أثير القنوات الوهابية و شيوخ الأزهر الكرام. و أقول لشيخ الأزهر حاورنا و جادلنا و إن وجدت كلامنا أو فكرنا خاطئا فأصلحه و لك من الله تعالى الأجر و لكن لا تسفه كلاما لست قادرا على الرد عليه إلى هذه اللحظة على الأقل.

اجمالي القراءات 13594