التفكير المنظم

احمد شعبان في الأربعاء ٠٥ - نوفمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

في أحد المسامرات بيني وبين الدكتور سعد الدين إبراهيم عام 2006 ، عرضت عليه فكرة قد راودتني منذ فترة ، وشجعني على أن أقوم بدراستها ، ولأنني لم أكن أملك ترف الوقت والجهد لعمل ذلك بسبب ظروفي الاجتماعية واهتماماتي التي لا تقل أهمية عن هذه الفكرة رغم أنها تمثل تغييرا اجتماعيا كاملا للشعوب الإسلامية بسبب ذلك أرجئنها إلى أن يشاء الله تعالى ، وحين كتبت عن موضوع البغاء كان انطلاقا من عملية تحديد معاني الألفاظ ليس إلا .
ثم تطرق الأمر بالنسبة لي وجود عديد من المقالات والاهتمامات التي تتحدث عن الزواج والعلاقات الاجتماعية المذكورة في القرآن الكريم لكل من الأساتذة / عثمان محمد على ، احمد إبراهيم ، محمود دويكات ، احمد بغدادي ، سامر الليل وزملائه ، والمهتمين بذاك الأمر ، والتي تداخلت مع مقالتي " البغاء ليس دعارة وليس زنا ".
وقد ورد في ذلك كله العديد من الأفكار المتباينة والمتعارضة والمتضادة .
ويمكن إضافة الفكرة التي تحدثت عنها أعلاه والتي تخص مسألة " مثنى وثلاث ورباع " .
بأن هذه عبارة عن عدد مرات الزواج وليس الجمع بين الأزواج ، وعليه معاملة المرأة بالمثل ، كما يمكن لفت النظر إلى مسألة استبدال زوج مكان زوج تشير إلى عملية ( استبدال ) وليس تعدد ، وهذا ليس إلا فكرة أعتقد بخطئها قبل صحتها ولكني أضيفها من ضمن الأفكار الموجودة عسى أن تنفعنا .
وإلى هنا كان منهج السلف كذلك .
وإذا نظرنا إلى المجتمعات المتقدمة نجد أنها تستخدم توالد الأفكار هذا للتكامل وليس الفرقة والتشتت كما هو واقع بيننا .
لذا فكنت قد كتبت سابقا تحت عنوان فرعي " التفكير المنظم " تحت عنوان رئيسي " نسق معرفي جديد للفكر الإسلامي موجود على الموقع ما يلي :
التفكير المنظم
لكي يتأتى إنتاج حقيقي للأفكار لابد من تنظيم التفكير حول مجموعة من مبادئ " تفكير الشمال الحقيقي " أثناء ممارسة العصف الذهني بحثا عن الأفكار وتتسم هذه المبادئ بالسرمدية وحسن التوقيت والصلابة والقوة .وتتمثل مبادئ الشمال الحقيقي للتفكير الإبداعي في :
• إرجاء إصدار الأحكام أثناء توليد الأفكار .
حتى يكون المفكر قادرا على التفكير بسلاسة وحرية ودمج للأفكار ليصنع منها المزيد من الأفكار إلى أن تلمع في ذهنه فكرة " وجدتها! " في النهاية ، إن التفكير غير الحكمي ديناميكي مرن وسلس ، حيث ترد الأفكار من بعضها البعض لتطلق أفكارا وتوليفات أفكار إضافية ، وبذلك تتضاعف الاحتمالات .
إن التفكير في الاحتمالات ( توليد الأفكار ) ، والتفكير في العملية ( التقييم ) عمليتان ذهنيتان منفصلتان لا يوجد بينهما موقف وسط .
• توليد أكبر عدد ممكن من الأفكار .
من الكمية تتولد الجودة
تخيل أنك صياد لؤلؤ ، وتدفع قاربك إلى داخل البحر وتجدف إلى أن تصل إلى بحيرة ضحلة متصلة بالبحر وتغوص في مياهها ثم تلتقط محارة من القاع وترتفع إلى سطح المياه وتصعد إلى قاربك ثم تجدف عائدا إلى الشاطئ ، وتفتح المحارة فلا تجد بداخلها شيئا فتنطلق بقاربك الصغير من جديد متجها إلى نفس البحيرة .
إن هذا العمل ينطوي على إهدار لا يصدق للوقت ، أما الأمر المعقول فهو عدم العودة إلى الشاطئ بمحارة واحدة بل الغوص مرات ومرات إلى أن يمتلئ القارب بالمحارات وعندئذ تكون العودة إلى الشاطئ ، إن اللؤلؤ نادر الوجود ويجب على الغواص أن يفتح محارات كثيرة قبل أن يعثر على لؤلؤة واحدة ، ويحدث الشئ نفسه في عملية إنتاج الأفكار .
• تسجيل الأفكار لدى ورودها .
إن قيامك بتسجيل أفكارك في صورة قائمة سوف يساعدك على تذكرها ، إن ما يحدث هو أن المعلومات الجديدة تطرد المعلومات الأقدم قبل أن يجهز عقلك المعلومات الأقدم للتخزين الطويل المدى في ذاكرتك .
إن تسجيلك لأفكارك يغرس المعلومات في عقلك الباطن وينشط على نحو ما أنماطا وثيقة الصلة حتى يمكن معالجتها لتتحول إلى حل يطفر في الذهن فجأة ، حتى بعد مرور فترة طويلة .
• تطويع الأفكار أو تحسينها .
يجب تطوير الأفكار بتطبيق قائمة مراجعة مؤلفة من تسعة مبادئ للتفكير الإبداعي وهى
هل يمكنني أن استبدل شيئا "معنى " ؟ ، هل يمكنني أن ادمجه مع شئ آخر ؟ ، هل يمكنني أن أكيف شيئا مع موضوعك ؟ ، هل يمكنني أن أضخمه أو أضيف إليه ؟ ،هل يمكنني أن أعدله أو أغيره على نحو ما ؟ ، هل يمكنني أن أستبعد شيئا منه ؟ ، هل يمكنني أن أعيد ترتيبه ؟ ، ماذا يحدث عندما أعكسه ؟ .
وتقوم هذه المبادئ التسعة واختصارها بالإنجليزية scamper - على فكرة أن كل شئ يكون إضافة أو تعديلا ما لشئ موجود بالفعل .
وبالنسبة لما نحن بصدده يجب علينا بعد عملية توليد الأفكار والمذكورة في المقالات الخاصة بعملية الزواج كما في كتاب الله ، يجب أن يتم تجميعها على النحو التالي
1. يقدم كل صاحب مقالة ملخصا لمقالته يتسم ببلورة لأفكاره في نقاط محددة ، وتفعيل رؤيته النقدية على ضوء ما تم من حوار حولها ، مبينا نقاط الضعف والقوة لأفكاره .
2. توضع جميع هذه الأفكار داخل إطار واحد ليتم عرضها في آن واحد .
3. نتناسى جميعا انتساب تلك الأفكار لأصحابها ، لتتاح لنا فرصة العمل بتجرد حول نقد تلك الأفكار .
4. نقد الأفكار من خلال إظهار نقاط القوة والضعف لكل فكرة وليس لكل مقالة
5. نحاول التوصل إلى ما هو أكثر منطقية من تلك الأفكار.، وما مدى مصداقيتها لكي نتبناها .
بهذا يمكننا التوصل إلى الحلول لمشكلاتنا ، أو الوصول للحد الأقصى من قدراتنا الفكرية بهدف الاستكمال عليها حين تتوفر المعلومات والأفكار لدينا لتأهلنا للوصول إلى الحل ولو بعد حين .
أما أن نتوقف عند توليد الأفكار فهذا ينشئ الفرقة والاختلاف كما ذكرت سابقا .
وفقنا الله جميعا لما يحبه ويرضاه

اجمالي القراءات 26891