الصورة الصحيحة للتدين من وجهة نظرى

Inactive User في الجمعة ١٠ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

الصورة الصحيحة للتدين من وجهة نظرى :

يولد الإنسان طفلأ عاريأ بريئا لا يعلم شيئا فى هذه الحياة الدنيا أو غيرها
( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئأ(
ثم ينمو الإنسان بفعل الغذاء ومرور الزمن وليس لديه أى رصيد سوى عقله الذى يتفتح يومأ بعد يوم كلما كبر جسمه وزاد عمره تتجمع لديه الخبرات والمعلومات عن كل شىء فى المجتمع المحيط به فيتعلم ويقرأ ويكتب ويتثقف ويحاول ويجرب وينجح ويفشل وتتراكم لديه الخبرات كلما مر عليه العمر ويكتسب كل شىء ممن حوله فى مجتمعه حتى الدين الذى يعتنقه ولا يترك له أى خيار لإعمال عقله والتفكير فيما حوله من معتقدات وأديان ونظريات وآراء بل يفرض عليه كل شىء بشكل عصبى بربرى وينطبق ذلك على جميع البيئات وجميع الأديان السماوية وغير السماوية ولا يعطى الفرد أدنى درجة من الحرية للتفكير والتدبر فيما حوله من آيات وخوارق ولكنه ينمو ويكبر وارثأ لدين الأهل ومعتقداتهم جتى لو كانت وثنية كما فى الديانات الهندوسية والمجوسية ألتى يقدر تعداد معتنقيها بالمليارات .

ولذلك فمن حق أى إنسان ان يتملك فرصته فى التفكير والتمعن فيما حوله من كون وما به من معجزات وآيات وان يترك له الحق فى تحديد الدين والمعتقد الذى يقتنع به حتى إذا ما اقتنع به واعتنقه عزّ عليه مفارقته ولو حتى بطلوع روحه التى بين جنبيه فإذا تحقق ذلك للإنسان وتخلص من توريث الدين والعادات والتقاليد بشكل قهرى وقسرى سوف نحصل على أجيال تؤمن بما تعتقده وتعتقد فيما تؤمن به وليست اجيالأ تقليدية ونسخأ متكررة عديمة الفائدة بالملايين ووجودها كالعدم لا يسمن ولا يغنى من جوع( إن فى خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب) .

ألدين الحقيقى هو نشر الحب بين الشعوب والسلام القائم على العدل وتكريم الإنسان وعودة الحقوق إلى أصحابها غير منقوصة ولم يكن دين الله تعالى ولن يكون منبعأ للكره أو داعيأ له أو محرضأ عليه أبدأ فالله الأحد هو خالق الحب وهو السلام ويدعو للسلام والحب بين الناس ولا يرضى لعباده الحرب والقتل والدمار والخراب والضلال فهو أرحم عليهم من أمهاتهم اللائى ولدنهم
دعاة السلام والمحبة والخير فى كل بقاع الأرض من أجل بقاء الإنسان وسعادته وكرامته ورفعته هم فرسان هذا الزمان الذين يتصدون بكل قوتهم الفكرية والعلمية والأخلاقية لدعاة الشر والقهر والهيمنة والإرهاب ودعاة الحقد والكره والضغينة وهؤلاء هم الجرذان فليس لهم مأوى طبيعى ولا مكان حقيقى بين البشر ولكنهم دائمأ يختبئون فى جحور وثقوب وشقوق حتى لايراهم النور ولا يطلع عليهم أحد فهم يملؤن الأرض ظلمأ وجورأ وخوفأ ورعبأ ويكرهون ذلك اليوم الذى ينتشر فيه نور المعرفة فيحطم بقوته كل أغلال الجهل والفقر والمرض ويحرر الإنسان من قيود العبودية لغير الله الأحد .


ما قيمة الحياة إذا لم يكن الإنسان آمنأ فيها على نفسه وأهله وماله ومستقبله ؟ وهل تكون هناك سعادة لو عاش الواحد فينا خائفأ مضطربأ يشعر أن هناك من يتربص به الدوائر ويحيك ضده المؤامرات ويخطط لنسفه وإنهاء حياته ؟ وهل يفكر الإنسان فى صناعة مستقبل مزدهر وهو لم يؤمّن يومه ولا بيته ولا ماله ولا أهله ولا حياته ؟ من أى حدب ينسل هؤلاء الأدعياء المتربصون بأمن البشر وسعادتهم ؟ سواءأ كانوا أشخاصا أو جماعات او دولأ أو مؤسسات وعلى أى مبادىء يستندون ولأى طائفة ينتمون وأى إله يعبدون وكلنا يعلم ان رب العالمين سبحانه يحب الحب ويكره الكره ويحب السلام ويكره الحرب ويحب الأمان ويكره الإرهاب ويحب الطمأنينة ويكره الذعر والخوف .

لماذا يتحارب الناس ويتعاركون ؟ أمن أجل مال أم أرض أم ملك أم جاه أم منصب ؟ لقد خلق الله الأرض واسعة رحبة فلماذا ضيقناها بأطماعنا وأحقادنا وقلوبنا السوداء ولقد خلق الله الأرض جميلة فلماذا قبحناها بأيدينا المتجنية وحروبنا البشعة المدمرة ولقد خلق الله الأرض صالحة فلماذا أفسدناها بأعمالنا وبما كسبت ايدينا ولقد خلق الله الأرض حنونة فلماذا جففناها بغل القلوب وطمع النفوس ورغبة الإنسان فى الكبر والتعالى والفساد فى الارض( ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت ايدى الناس ).

أبناء الوطن الواحد يجمعهم حب هذا الوطن ومصلحته ورفعته وتطوره وحضارته وإعلاء شأنه بين الأوطان كل فى تخصصه يحكمهم قانون عادل يساوى بين كل المواطنين فى الحقوق والواجبات بغض النظر عن نوع دينهم او نزعتهم أو توجههم الفكرى او أصلهم العرقى أو جنسهم رجلأ كان أم إمرأة فالكل سواسية كاسنان المشط أمام القانون وأما مسالة الدين والتدين فهى شأن فردى خصوصى لا يتأتى لبشر محاسبة أخيه الإنسان على التقصير فيه او على أدائه على أكمل وجه فذلك أمر مرجعه إلى الله وحده الذى تفرد بالألوهية والربوبية وملكية الكون والتصرف فيه ولم يجعل له وكلاء على عباده يحاسبوهم على قلة تقواهم او كثرتها ويذكر الله العزيز فى قرآنه العظيم :
) ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم) وهى آية عظيمة يؤكد فيها المولى عز وجل أن الدين والتدين شأن شخصى خاص يعلمه الله الأحد ويحاسب عليه فى يوم تشخص فيه الابصارحيث يأتى كل إنسان بصورة منفردة ليس معه محامى ولا شفيع يتشفع له ولا منقذ من عمله السىء الذى يتبرأ منه قائلأ :
) يا ليت بينى وبينك بعد المشرقين فبئس القرين(
ولن تنفع نفس نفسأ أخرى ( ولا تزر وازرة أخرى(
بل لقد حرّر الله الإنسان من أى قيد يجعله مرغمأ على دين بعينه
) فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر(
وليس معنى ذلك ان الله يبيح الكفرحاشا لله القدير بالطبع لا فإنه سبحانه
( لا يرضى لعباده الكفر)

ولا يمكن أن يضيع الله قومأ مهتدين :
) وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤف رحيم )
( وما كان الله ليضل قومأ بعد إذ هداهم(

ولكن الله عزّ وجلّ جعل مسألة الإيمان والكفرإختيارية حتى لا يكون للإنسان حجة يوم العرض على الله فيشكو له بأنه أجبر على إعتناق دين معين أو عقيدة معينة ولكنه سبحانه جعل الدين إختياريأ وليس قهريأ أو وراثيا لأن أهل الإنسان لن ينفعوه يوم القيامة حيث يفر الإنسان اول ما يفر من اقرب الناس إليه فى حياته الدنيا :

( يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل إمرىء منهم يومئذ شان يغنيه(
وهذا هو أعظم دليل على عدم أحقية تدخل الأهل فى تدين الإنسان أو نوع الدين الذى يعتنقه لأنهم أول من يفرون منه ويفر منهم يوم القيامة فلا يجب ان يدّعى شخص ما أنه مسؤول عن هداية أهله ودخولهم الجنة فتلك فرية عظيمة لأن الله تعالى قد قال لرسوله الخاتم الذى هو أحق الخلق بهداية الآخرين :
) ليس عليك هداهم ولكن الله يهدى من يشاء(
ثم قال له جل وعلا :
) إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله بهدى من يشاء)
ولما كان الرسول الكريم حريصأ على ان يهتدى كل أهل الأرض فقد قال له المولى
( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)
ثم قال له سبحانه :
) فإن إستطعت أن تبتغى نفقأ فى الأرض او سلمأ فى السماء فتأتيهم بآية(
وذلك عندما طلب منه الناس آية حسية معجزة كما حدث لمن سبقه من الرسل .

ولا يجب ان ننسى ان الأنبياء والمرسلين هم أول من ثار على دين الآباء والأجداد ورفضوه ورفضوا ما به من ضلال فلو كانت الأديان تورث لما ثار المصطفون الأخيار على أديان اقوامهم ووجهوا لها النقد العنيف وبحثوا بأنفسهم عن الله فى كونه وفى عظمة خلقه وفى قدرته المتجلية فى كل ذرة من ذرات الوجود .

أريد ان أخلص إلى ان الدين والتدين مسألة خصوصية بين كل عبد وبين خالقه سبحانه ولقد تبيّن الرشد من الغىّ بعد نزول الكتب السماوية التى ختمت بالقرآن العظيم ولم يعد للإنسان حجة على الله بعد هؤلاء الرسل الكرام وما جاءوا به من عبر ومواعظ وآيات معجزات وكتب سماوية تحمل أعظم وأقدس المبادىء والقيم التى يجب أن يتحلى بهما الإنسان:
) لكى لا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل)
فصار الدين شأنأ بشريأ خاصأ من أحب أن يعتنق دينأ ما واقتنع به فليذهب إليه دون ان يتم تهديده بالقتل أو التنكيل او التعذيب او إختراع حدود ما أنزل الله بها من سلطان كأن يقتل الإنسان لأنه يختار دينأ معينأ ولقد نسى هؤلاء أن عقاب الإنسان وثوابه عند الله وأنهم لن ينفعوه يوم القيامة حيث أنه سيفر من أمه وأبيه وزوجته وأولاده فما بالك بهم وهم غرباء عنه فسوف يفر منهم مليون ضعف فراره من أهله المقربين فكيف يتدخلون فى نوع دينه وفى طريقة عبادته وكيف نصّبوا من أنفسهم وكلاء عن الله الواحد القهار دون سند أو دليل وهو سبحانه القائل لخاتم النبيين
) وما جعلناك عليهم وكيلا)؟؟
) ما عليك من حسابهم من شىء وما من حسابك عليهم من شىء)

ولذلك يجب ان يكون الوطن –أى وطن—ملكأ لكل أهله يتساوون فيه كأسنان المشط لا فرق بين إنسان وآخر إلا بما يقدمه من صلاح للوطن وإصلاح للمواطن ورفعة وتقدم ونمو لبلده فى شتى المجالات فهذا هو السبب الوحيد لتفضيل إنسان على إنسان اما الدين والتدين والعقيدة والفرائض فهى أمور يحاسب الله عليها عباده دون تدخل من أحد فى شان الآخر وإلا صار يشرك نفسه مع مالك الملك رب العالمين .

من أجل كل ذلك وغيره صار دعاة الحب والسلام والكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان نجوماً سا طعات فى كل مكان وصار دعاة الحرب والدمار والقتل والإرهاب والتخريب وترويع الآخرين وحرق أمنهم وذبح امانيهم مرفوضين فى كل المجتمعات .

اجمالي القراءات 12880