مراجعة بحث الأستاذ / رضا عبد الرحمن

شريف هادي في الخميس ٠٩ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

موضوع البحث: هل يغفر الله جل وعلا لمن يشرك أو يكفر
بداية أشكر الأستاذ الكريم / رضا على بحثه القيم ، كما أشكره على الثقة التي منحني إياها لمراجعة بحثه ومناقشته وفقا للقواعد البحثية المعمول بها من الناحيتين الإجرائية والفنية
أولا: أرى أن معظم الباحثين ومنهم الأستاذ / رضا يقعون في نفس المشكلة التي تخرج أبحاثهم من دائرة الأبحاث لدائرة المقالات ، وهي عدم وجود تقسيم سليم وخطة بحث يبدأ بنشرها ومن خلالها نهتدي في متابعة البحث ومعرفة أجزاءه وأبوابه وفصوله ومباحثه &aelومطالبة ، وأظن أن السبب في ذلك عدم اعتياد الإخوة على كتابة بحوث ، وأظن أن السبب في ذلك عدم اعتياد الإخوة على كتابة بحوث وعدم معرفة الخطوط الفاصلة بين البحث والمقالة.
ثانيا: بدأ الباحث بداية مبشرة عندما كتب لنا (مقدمة) فظننا أننا سنكون أمام بحث وباحث مختلفين عن غيرهما ، ولكن سرعان ما خاب ظننا ، عندما بدأنا الابحار عبر كلماته فوجدنا أن المقدمة المزعومة غارقة في البحث كما أن البحث غرق فيها وأصبح البحث والمقدمة صنوان لا ينفصمان ، فكان أولى به ألا يضعها عنوان رئيسي ويبقى على البحث مقالة كباقي المقالات.
ثالثا:قبل تعريف الباحث لمعنى المشرك ومعنى الكافر ، نراه وضع قاعدة يلتزم بها ويلزمنا وهي ما يمكن أن نتبينه من قوله (وهذا التصنيف (مشرك وكافر) بالطبع ليست متاحة لنا نحن البشر ، بمعنى لا يجوز لأي إنسان أن يتهم إنساناً بالكفر أو الشرك بالله ، وليس من حق أي بشر أن ينادي إنساناً بقوله (يا كافر ، ويا مشرك) وإلا يكون قد وضع نفسه مكان الله جل وعلا) ، ورغن اتفاقنا مع الباحث في هذه المقولة إلا أنه لم يفرق بين (الاتهام) و (الاقرار) ونطاق كل منهما ، بمعنى أنه فعلا لا يجوز لنا إتهام الغير بالكفر أو الإشراك ، ولكننا حتما نعرف توصيف كل منهما كما نعرف وصف الأفعال التي تعد كفرا وتلك التي تعد إشراكا ، فلو إقترف أحدهم فعلا يعد كفرا أو إشراكا فهل ما زلنا مكبلين عن إطلاق لفظ الكفر ام يمكن إطلاقة ، ولماذا؟ في الحالتين ، كان يجب على الباحث إستيفاء هذه النقطة وبيان وجهة نظره ، ولنعطي مثال تقريبي ، إذا وقف رجل أما مجموعة وقال لهم أنا لا أحترم القرآن وقام بتمزيق الكتاب أمامهم ثم داس عليه بقدمية النجستين ، واعلن كلمة الكفر بالله أكثر من مرة ، السؤال : إذا قال أحد الواقفين عليه (هذا كافر) هل هو في هذه الحالة يتهمه أم يقر حقيقة واقعة مثبته بإتيان هذا الأخير أفعال كفرية.
رابعا: جاء بالبحث تحت لفظ (مقدمة) كلمة (اولا:) وقد أعيتني الحيلة والوسيلة للبحث عن (ثانيا أو ثالثا) فلم أجد ، ويجب على الباحث الاهتمام بشكل البحث بنفس الكيفية التي يهتم فيها بمضمون البحث ، وإلا يفقد البحث بناءه وتسلسله و يتوه القارئ في ثناياه ليستخلص الهدف من البحث والنتيجة وكيفية الوصول لها.
خامسا: حسنا فعل الباحث في إيجاد مفهوم ومعنى لكلمة (مشرك) قبل أن ينتقل بنا عبر ثنايا بحثه ، ولكنه خلط عن قلة علم بين (تعريف معنى المشرك) وبين (أسباب الإشراك بالله) ، وعلى كل فقد بدأ بالتعريف البسيط المشهور لكلمة (مشرك) وقال بالنص (هو من لا يكتفي بالله جل وعلا رباً ، ويشرك معه آلهة أخرى...) ، ولو أن الباحث وقف عند ذلك لكان تعريفا مختصرا مبسطا لمعنى كلمة مشرك ، يمكن صدوره من شخص عادي لا من باحث متخصص في كتاب الله ، ولكنه أضاف وصلا دون إنقطاع فقال (...ظناً منه أنهم سيقربونه إلى الله زلفى...) واستشهد بآية كريمة ، فخلط بدون داعي بين تعريف المشرك وبين أسباب الشرك.
ثم نسأل أنفسنا وهل يوجد تعريف أكثر شمولا وأعمق لكلمة (مشرك) من تعريف الباحث لها؟
الباحث نفسه وضع تعريفات أخرى في طيات بحثه ، ولكنه تركنا نتجشم عناء البحث عنها فقال (المشرك يدعو مع الله إلهاً آخر) وقال (المشرك يؤمن بوجود الله ، لكنه يشرك مع الله آلهة أخرى أو يدعو مع الله إلهاً آخر) وقال (المشرك يسلك طريقاً في العبادة مستخدما بينه وبين الخالق جل وعلا واسطة) ، ولكن رغم كل هذه الأقوال ، فإنه لم يستوف التعريف حقه هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى ظل يربط التعريف بأسبابه على ذهاب العامة وليس الباحثين المتخصصين .
وعندنا أن المشرك هو من عرف الخالق ولكنه إتخذ معه ربا أو أربابا يؤمن بها ، وهو من آمن بالله ولكنه آمن معه بإله أو آلهة تملك ضرا ونفعا ، وهو من عبد الله ولكنه عبد معه إله أو آلهة أخرى ، وعليه فإن الشرك كالتوحيد له حالات ثلاث ، شرك الربوبية ، والمشرك للخالق في ربوبيته يظن أن هناك خالق آخر مع الله ودليل هذا النوع من كتاب الله قوله تعالى" امن خلق السماوات والارض وانزل لكم من السماء ماء فانبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم ان تنبتوا شجرها االه مع الله بل هم قوم يعدلون" النمل 60 ، وقبل أن ننتقل إلي نوع آخر من الشرك يجب أن نقر أن مشركي قريش لم يعرفوا هذا النوع من الشرك لقوله تعالى"ولئن سالتهم من خلق السماوات والارض ليقولن الله قل الحمد لله بل اكثرهم لا يعلمون" لقمان 25 ، وهناك شرك القدرة والفعل ، والمشرك في هذا النوع من الشرك يظن أن من يعبدهم قادرين على إلحاق الضرر به أو جلب النفع له ، وهو ما عليه أغلب الصوفية في هذا الزمان لقوله تعالى"امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الارض االه مع الله قليلا ما تذكرون(62) امن يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته االه مع الله تعالى الله عما يشركون(63) [سورة النمل]، وأخيرا هناك شرك العبادة ، وهو أن يقوم المشرك بتصريف العبادة التي يجب تصريفها لله وحده – مثل الدعاء – لغير الله من آلهة مزعومة في الحقيقة لا تنفع ولا تضر ، وقال فيهم رب العزة"ومن يدع مع الله الها اخر لا برهان له به فانما حسابه عند ربه انه لا يفلح الكافرون "المؤمنون 117 ، وقال سبحانه"وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم ان هم الا يخرصون" الزخرف 20 ، ودائما ما يكون شرك القدرة وشرك العبادة متلازمان ، وهو ما كان عليه كفار قريش ومشركي أهل الكتاب ، وهو أيضا ما يقع فيه مشركي هذه الأمة ، وسبحان الله عما يصفون.
خامسا: حسنا أيضا فعل الباحث أن عدد أسباب الشرك ، فمن المشركين من يتخذهم زلفى لله ومنهم من يتخذهم طلبا للعزة ومنهم من يتخذهم جلبا لنفع أو دفعا لضرر ، وحسنا أيضا فعل الباحث أن ذكر أهم صفاتهم ودلل عليها من القرآن ولكنه واستمرارا لخطأه الشائع جعلها متفرقة في ثنايا بحثه علينا أن نجهد أنفسنا للوصول لها ، وكان يجب عليه جمعها متسلسلة ليسهل على القارئ إستيعابها ، مثلا أنهم يودون لو يعمروا ألف سنة وما ذلك بمزحزحهم من العذاب وأنهم يولون الأدبار وبينهم وبين القرآن حجابا مستورا ، وحسنا أيضا فعل الباحث أن أبرز التمايز والاختلاف بين قدرة الله جل وعلا وبين ضعف أولئك الألهة المزعومة
سادسا: نأتي لقول الباحث (وهناك من الأفعال إذا وقع فيها الإنسان سيكون مشركاً بالله يقول تعالى(وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ)الأنعام:121.) ، وأقول له يا رضا ماذا دهاك؟ هذا الموضوع الخطير الذي فتحت بابه وهو (طاعة الشياطين) والذي يعد أهم أنواع العبادة تصريفا لغير الله (الطاعة) تذكره في جملة أعتراضية يا رجل؟ كان يجب أن تستوف هذا الموضوع حقه بالدراسة والتحليل
سابعا: نأتي لقول الباحث (هنا يشترك الكافر والمشرك في أن الله يجعل على قلوبهم أكنة ، وأنهم لا يفقهون القرآن ، وهذه الآية تنطبق على بعض المسلمين عندما يسمعون اسم الله جل وعلا في القرآن أو في أي خطاب لا يحرك فيهم ساكناً ، وعلى العكس تماماً إذا ذكر اسم النبي عليه السلام فيسارعون بالقول عليه الصلاة والسلام) ونقول له جيد أن تذكر نقاط الاشتراك بين الكفر وبين الشكر خاصة وأن الله سبحانه وتعالى أطلق في أكثر من آية لفظ الكفر على المشركين ، مثال قوله تعالى"وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ" المؤمنون 117 ، ولكن كان أحرى بك أن تفرد لها فصل خاص ، لا أن تكون أيضا جملة إعتراضية بين ثنايات كلام آخر ، الحقيقة يا رضا ، لقد فلت عيار البحث منك ، وأظنك كنت تسوق الأدلة وتضع الأفكار بدون أي تسلسل أو رابط كمن يريد أن ينتهي من البحث بأي طريقة ، أو كمان ينتظر رد فعل القارئ للبحث وينتظر من يقول له (أحسنت) ، ولو كان الباحث غيرك لقلت له أحسنت ، ولكن أن يكون رضا فأقول له اسأت ، إساءة مركبة ، لنفسك ولبحثك ، ولمن علمك
ثامنا: أما قولكم (وفيما يخص الصلاة كفرض أمرنا المولى عز وجل أن نقيم الصلاة لذكر الله وحده، كما أوحى لنبيه موسى يقول تعالى(وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)طــه ، والآيات فيها تأكيد واضح على وحدانية الله وعبادته وإقامة الصلاة لذكر الله ، وهذا ما لا يفعله معظم المسلمين، وهناك آية واضحة تخص الصلاة أيضاً وتؤكد على وحدانية الله جل وعلا يقول تعالى(وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18)) وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19) قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (20)الجــن ، وهنا توضيح لما كان يفعله خاتم النبيين عندما يدعو الله كان لا يشرك به أحداً ، وهو قدوتنا ومعلمنا الأول فهل نقتدي به.؟.) ، فلو حذفته من البحث ما شعر أحد أن البحث ينقصه هذه الفقرة ، ولو عدلت مكانها لجائت أيضا مقبولة ، ثم لماذا الصلاة بالذات؟ وهي عبادة مثل كل العبادات لو صرفها الإنسان لغير الله لكفر ولو صرفها لغير الله مع الله لأشرك ، وأنا طبعا أعرف لماذا جيدا ، لأن الأستاذ رضا يريد أن يقول أن الصوفية بنوا وشيدوا المساجد فوق الأضرحة ، وذهبوا ليصلوا فيها فيكون كمن صرف العبادة لله ولغيره معه من ولي أو مقبور ، يتوجه له بالدعاء والتذلل والخشوع ، لذلك كان يجب عليه أن يفرد مبحث مستقل لهذه النقطة إذا أراد إبرازها.
تاسعا: قبل أن أنتهي من (الشرك) و (المشرك) عند الأستاذ رضا ، كانت عيني تسبقني للبحث عن أمر مهم لا يفوت أي باحث يكتب عن الشرك ،الإشارة له والحديث عنه ، وهو أتفاق جمهور علماء الطوائف الاسلامية على تقسيم الشرك إلي (شرك أكبر ) و (شرك أصغر) ، كان يجب التطرق لذلك ، وذكر أدلتهم ، ومناقشتها والرد عليها ، وإظهار مواطن الاتفاق والاختلاف معهم ، وبذلك يكون بحثك قد أصل فكر قرآني في مسألة من مسائل الدين ، ولكنك ويا للحسرة لم تفعل ، فهل عن نسيان ، وأنت تعرف وتستطيع أن تفعل ، أم عن جهل وعدم مقدرة على التصدي لمثل هذا الموضوع؟
عاشرا: نأتي لثالثة الأسافي ، الطامة الكبرى ، وهو تعريف الباحث لمعنى (الكافر) فقال (الكافر هو من يكفر بالله جل وعلا أصلاً ويكذب آياته ، ويقتل الرسل والنبيين بغير الحق ويحاربهم في نشر دعوتهم ، ويفعل هذا علنا ، مع الاستهزاء بما جاء به أي رسول من الرسل ويحارب ويقتل من يأمرون بالحق والقسط من الناس ، مع محاولة إرهابهم وترويعهم وتهديدهم وقض مضاجعهم) ، فقد وضع عشرة صفات للكافر وهي:
1- من يكفر بالله جل وعلا أصلاً (عرف الماء بعد جهد بالماء)
2- و يكذب آياته
3- ويقتل الرسل والنبيين بغير الحق
4- ويحارب الرسل والنبيين في نشر دعوتهم
5- ويفعل هذا علنا
6- والاستهزاء بما جاء به اي رسول
7- ويحارب من يأمرون بالحق والقسط من الناس
8- ويقتلهم
9- ومحاولة ارهابهم وترويعهم وتهديدهم
10- وقض مضاجعهم
وتعليقي أن كل هذا يدخل في باب كفر العمل ، فاين كفر الاعتقاد ، لم توضح ، كما لم توضح ايضا الكافر إبتداءا ، والكافر على قاعدة من إيمان سابق ، ولم توضح الكافر جهلا ، والكافر تكذيبا وهو الكافر عن علم (أخبره الرسول أو وصله خبر الرسول) فجحد الخبر وكذبه
فجاء تعريف الباحث للكافر مشتق من تعريف العامة له ومقترنا ببعض التراكمات العلمية لديه من خلال قراءته لكتاب الله ، ثم ان الباحث لم يوضح الـ (و) بين فقرات التعريف هل هي فاصلة اي أن كل فقرة كافية لتجعل صاحبها كافرا ، أم عاطفة يحتاج الشخص لكي يكون كافرا أن يفعلها كلها؟ ، ولو كانت عاطفة فكيف سينطبق عليه مثلا قتل الرسل والانبياء؟ الآن ولا يوجد رسل أو أنبياء
حادي عشر: وظل الباحث يعدد في صفات الكافر حتى قال (الكافر إذا سمع آيات الله لا يفهمها لأن على قلبه حجاباً ، يقول على آيات الله أساطير الأولين يقول تعالى(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ )الأنعام:25 ، وهنا نسأله لماذا عمم حكم الخاص في قوله تعالى (ومنهم) ومن المعروف أن من هذه تبعيضية أي أن من كفار قريش من يستمع ولكن على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي أذانهم وقرا ، فأرجوا بيان سبب تعميم الحكم الخاص ودليله.
ثاني عشر: في الإجابة على سؤال الباحث الذي ورد في قوله (فماذا هم قائلون (أي الكفار في عصر الرسول) لو حدثهم الرسول ببعض ما نسب إليه كذباً في كتب الحديث.؟) أقول له أنك سألت السؤال بغرض بيان أنهم سيكونون أشد كفرا وتكذيبا بالأحاديث المفتراة على رسول الله ، واقول لك اخطأت البيان وأستشهد بالنار على الماء ، وسؤالك في غير محله ، لأنه لو حدث ستجد أكثرهم سعداء بذلك وسيتبعون الرسول لو فعل –تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا – وحاشا لله أن يفعل رسوله ، ودليلي من القرآن قوله تعالى" واذا تتلى عليهم اياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقران غير هذا او بدله قل ما يكون لي ان ابدله من تلقاء نفسي ان اتبع الا ما يوحى الي اني اخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم" يونس 15 .
وأيضا فإن الباحث لم يتطرق لتقسيمات علماء الطوائف للكفر ، وهو عندهم (كفر الاعتقاد) المخرج من الملة ، و(كفر الفعل) والذي لا يخرج من الملة أو كما يطلقون عليه (الكفر دون كفر) ، فكان يجب إبراز ذلك والرد عليه.
ثالث عشر: قول الباحث (هناك بعض المرادفات لمعنى المشركين والكافرين ، وهذه المرادفات ذكرت في العديد من الآيات في السياق القرآني ، ومن هذه المرادفات ( الظالمين ، الفاسقين ، الخاسرين ، المعذبين ....إلخ)، كان يجب ألا يمر مرور الكرام على هذه المرادفات وأن يذكر السبب في وجود هذا الترادف ، ولماذ أختار الله كل معنى في مكانه؟ ، وإظهار متى يكون الكافر ظالم ومتى يكون فاسق ومتى يكون خاسر بحسب المأل وهكذا ، رغم أنه أسهب في ذكر الآيات التي تدل على أن كل من هذه الكلمات تعني الكفر أو الشرك ، لكنه لم يجاوب على سؤال لماذا وفقا للغة القرآن الفريدة؟
رابع عشر: نأتي لقول الباحث (ونأت لأمر هام يخص قبول التوبة من عدمه) لم تعرف التوبة ، وشروطها وكيفيتها في حق الأدمي ، وكيفية إستيراء الأدمي من الذنب ، وأمور كثيرة كان يجب أن تتعرض لها بنقد ما يجب نقده من التراث ، وقبول ما يجب قبوله ، وتأصيل الفكر القرآني في مسألة التوبة ، خاصة والتوبة هي الموضوع الحقيقي للبحث (هل يغفر الله تعافلى لمن يشرك أو يكفر؟ ، فكان يجب أن تأخذ إهتمام أكبر من الباحث ببيانها ، وعرض فكر علماء الطوائف ، وقبول ما يمكن قبوله منه مع إبرازه ، ورفض ما يجب رفضه مع بيانه وبيان أسباب رفضه ، ليكون البحث متكاملا ليس فقط سرد مع رص للآيات القرآنية بأسلوب تلاميذ الأعدادي الأزهريز
خامس عشر: جائت خلاصة الباحث متفقة تماما مع الإسلوب الذي إتخذه لنفسه في بحثه أو لو شئت فقل (اللا أسلوب) في تعريفاته البسيطة والغير علمية والتي لا تتفق مع باحث مثل الأستاذ رضا ، له دراسات سابقة في العلوم الشرعية والدينية بصفته أبن للأزهر ، وله سبق في إتخاذ طريق الأخذ بالقرآن مصدرا وحيدا للتشريع ، ولو كنت مكانه لأعدت كتابة البحث على هدي من النقاط الإجرائية والفنية المذكورة ، وعندها سيكون للبحث شكل آخر ، وسيكون أكثر ثراءا ومتعرضا لنقاط تأصيلية وتنظيرية كثيرة ، تضعه في مصاف كبار كتاب أهل القرآن

وأخيرا أعتذر لكم وللباحث عن بعض الجفاء في أسلوبي معه والذي يجب - من وجهة نظري - أن يكون أسلوب المراجع لأي بحث حتى يحصل التنبيه المقصود ويتعلم الباحث
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شريف هادي

اجمالي القراءات 13488