إجتهاد فى مسألة شهادة المرأة أمام القضاء

Inactive User في الأحد ٠٥ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

الإخوة والأصدقاء:

هذه المقالة كتبتها عام 2004 وهى عبارة عن إجتهاد وتفكير بصوت عال فى مسألة شهادة المرأة ومقارنتها بشهادة الرجل فى القرآن ، وعندما أعدت قراءتها شعرت أننى بحاجة لرأيكم ووجهة نظر المفكرين والمجتهدين ، فهى – المقالة- مجرد إجتهاد أطرحه ورغم أننى متأكد من أن القرآن ساوى بين الرجل والمرأة فى مسألة الشهادة أمام القضاء إلا أننى عقدت مقارنة بين شهادة المرأة والرجل أمام القضاء وبين الحالة الخاصة بتدوين القروض الشخصية بين الأفراد ، فشهادة المرأة تساوى شهادة الرجل أمام القضاء ، أما موضوع شهادتها المذكورة فى الآية رقم 282 من سورة البقرة بخصوص التداين فهى موضوع إجتهادى هنا ، وهو ما أحتاج لتعدد وجهات النظر فيه حتى نضع النقاط على الحروف .والآن إليكم المقالة موضوع الإجتهاد :

إن ضيق الأفق وضحالة الفكر وانسداد العقل وتوقفه عند حد معين يجعل الحياة مغارة كئيبة لا تطاق ويصنع الفوارق والطبقية فى المجتمعات التى خلقها الله تعالى على اسس من المساواة والعدالة التى تنير الحياة بنور المحبة والتقارب بين البشر على اختلاف الأديان والالوان والأجناس واللغات والأوطان0

إن قول الله تعالى فى سورة النور (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ (7) عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)))النور 6-9

لهو أكبر وأعظم دليل قرآنى على مساواة المرأة والرجل فى الشهادة قى أدق واخطر قضية تمس شرف وكرامة المرأة والرجل على حد سواء وهى أن يقوم أحد الزوجين—الرجل أ والمراة---بضبط الآخر فى فراش الزوجية يمارس علاقة جنسية مع طرف غريب وهنا تظهر المساواة واضحة جلية حيث يأمر الله تعالى أحد الزوجين ( الرجل أو المرأة) --- فشهادة أحدهم --- أن يشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين وفى مقابل ذلك يشهد الآخر ضد المدعى أربع شهادات إنه –الزوج أوالزوجة—لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليه أو-- عليها – إن كان –أو كانت -- من الصادقين ، ، ويدرؤ عنها ( أو عنه) العذاب أن تشهد هى ( أى المرأة المتهمة) اربع شهادات بالله أن زوجها ( الذى يتهمها) لمن الكاذبين والخامسة أن لعنة الله عليها إن كان زوجها من الصادقين ، ولأن فرضية الىية فى بدايتها قد افترضت أن رجلاً يتهم زوجته فى عرضها ويتهمها أمام الناس أنها رآها مع رجل آخر فقد جاء المدعى بصيغة الذكر والمتهمة بصيغة الأنثى ، ويفهم من الآيات الكريمة أن نفس القانون ينطبق على المرأة لو رأت زوجها يمارس الجنس مع أخرى ، فعندئذ تقسم هى أربع شهادات بالله إنها لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليها إن كانت من الكاذبين ، وفى المقابل يدرؤ عن الزوج المتهم العذاب أن يقسم أربع شهادات بالله إنها لمن الكاذبات وأن لعنة الله عليه لو كانت من الصادقات ، وهنا نرى قمة العدالة الإلهية فى المساواة بين الرجل والمراة فى الشهادة فى أخطر واصعب قضية تواجه الإنسان فى مجمل حياته .

لو كانت شهادة المرأة تساوى نصف شهادة الرجل كما يزعمون لفرض الله سبحانه على المراة أن تقسم عددا من المرات يساوى ضعف ما أقسم الرجل و لكن عدد الأيمان ---جمع يمين بمعنى قسم ------ متساوى بين كليهما دون تفريق ( خمسة=خمسة )

أما قول الله تعالى فى سورة البقرة الآية الكريمة رقم 282 والنى تتحدث عن التداين

(( ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282) وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) البقرة 283

فإن المتدبر المستنبط لعدالةالله سيعلم أن الآية إنما تتحدث عن التداين ( أى الإقتراض) وهى مسألة خاصة جداً لا يمكن تعميمها لتشمل شهادة المرأة أمام القضاء فى المحاكم ، ولذلك فالآية تتحدث عن زمان ومكان بعينهما قل فيها الكتبة والقادرون على القراءة والكتابة وكانوا من الندرة بحيث أن الحصول عليهم كان صعبأ ففى بداية الآية يأمر الله عباده بكتابة الديون عند الكتبة المختصين ويأمر الكتبة بتدوين الدين بدقة متناهية وعدم إنقاص شىء منه وإن كان المقترض ( الذى عليه الدين) سفيهأ أو ضعيفأ فيجب أن يحل محله قريب له لديه القدرة على الفهم والوعى بإملاء الكاتب بقيمة الدين وفى نهايه عقد التداين يجب أن يكون هناك شاهدان يجيدان القراءة والكتابة ---رجلان أو إمرأتان ---حتى يتسنى لهما قراءة العقد والتوقيع عليه بخط يديهما فإذا حدث ولم يوجد سوى شاهد واحد يجيد القراءة والكتابة يجب إحضار شاهدين آخرين لا يجيدان الكتابة والقراءة ---طالما قضت الظروف ذلك --- وسوف تكون شهادتهما شفوية فإذا لم نجد رجلين فعلينا بإحضار إمرأتين لتحل محلهما وكانت النساء فى الماضى معظمهن لا يهتم أحد بتعليمهن وقوله تعالى( أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ) يعنى إذا نسيت إمرأة واقعة التداين ألتى رأتها وحضرتها وشهدت بوقوعها قامت الأخرى بتذكيرها ونفس الشىء يحدث لو وجدوا رجلين لا يقرآن ولا يكتبان فإذا ضل أحدهما بمعنى نسى واقعة التداين التى حضرها وشهد على حدوثها ذكر أحدهما الآخر بواقعة التداين وذلك لأنهما لن يستطيعا التوقيع على العقد بحكم عجزهما عن الكتابة والقراءة فالآية هنا تتحدث عن مسألة القدرة على الكتابة والقراءة والتى تتيح لصاحبها أن يقرأ العقد ويوقع عليه بخط يده وقد امر الله القادرين على الكتابة والقراءة بعدم التخاذل فى تقديم خدمة كتابة العقود والشهادة عليها ( ولا يأب كاتب ولا شهيد ) كما أنهما لن يقع عليهما أى ضرر فى تلك المسألة لأنهم مجرد وسطاء خير لا أكثر ( ولا يضار كاتب ولا شهيد ( ونحن فى زماننا نقرأ ونكتب جميعأ أو معظمنا تقريبأ ويستطيع طفل فى السنة الثالثة الإبتدائية أن يقوم بكتابة ذلك العقد بخط واضح جيد وأصبح الشهر العقارى متاحأ بكل مركز ومدينة ولا يمكن أن نأخذ من ذلك الموضوع سندأ قرآنيأ لكى نقول للناس أن شهادة المرأة فى الإسلام تساوى نصف شهادة الرجل وهو موضوع لن يعود بالنفع على الإسلام ولا على المسلمين اللهم إنه فقط تشويه لسمعة الدين الحنيف العظيم الذى كرم المرأة والرجل على حد سواء دون فرقة أو افضلية إلا بالتقوى التى لا يعلمها غير الله ولا نستطيع نحن البشر تقييمها ولا تقديرها.

والشهود المذكورون فى قوله تعالى( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء ) هؤلاء الشهود هم رجال ونساء أو رجال فقط أو نساء فقط والخطاب بالمذكر يأتى فى القرآن عامأ ليشمل المرأة والرجل وكل من يقرأ القرآن ويتدبره يجد ذلك واضحأ جليأ فى جميع الأوامر والنواهى الربانية , أما لماذا يخاطب الله الرجل مع المرأة بصيغة المذكر فهذا أمر ليس فيه أفضلية ولكن فيه أسبقية فالكل يعلم أن الله قد خلق آدم ثم خلق حواء بعده

) ألله الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالأ كثيرا ونساء فاتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام )) .

كلنا يعلم أن هناك امرأة مثقفة وعالمة وباحثة وذات عقل يزن عقول مئات الرجال الذين لا علاقة لهم بعلم ولا بفكر ولا بثقافة ومن ناحية أخرى هناك رجل مثقف عاقل باحث عالم ومفكر يزن بعقله عقول مئات النساء اللواتى ليس لديهن فكر ولا علم ولا ثقافة .

هل تستوى إمرأة عالمة واعية بأخرى جاهلة ؟؟ هل يستويان مثلأ ؟؟ وهل يستوى الرجل العالم المثقف الباحث برجل جاهل ؟؟ .

ما هى الشهادة ؟ إنها النطق الشفوى أو المكتوب أو كلاهما معأ أمام القاضى أو الحاكم بحدث معين قد حدث فعلأ أمام الشاهد ورآه رأى العين ولا يمكن للشهادة بحال أن تستند على النقل السمعى أو التخمين أو التوقع وإنما الرؤية والمشاهدة الواقعية على الطبيعة .

وهناك بعض الإستفسارت مثل هل يجب أن تتوافر فى الشاهد صفة التدين ؟ أم لا ؟ وإذا توفرت فيه فكيف لنا أن نعرف ذلك وكيف نتأكد من صلاحه وتقواه حتى نتأكد أنه لن يزور الشهادة ؟ ونحن نعلم جميعأ ان هذه مسائل غيبية بحتة لا يعلمها غير الله تعالى ولا يمكن لنا أن نجزم بتقوى إنسان معين أو صلاحه .

أريد أن أقول هل توجدشروط معينة يجب أن تتوفر فى الشاهد ؟ هل يصح لأى إنسان الشهادة فى المحاكم علمأ بأننا نعرف بوجود خونة يمكن أن يبيعوا كل شىء الدين والشرف والكرامة والشهامة وكل الصفات العظيمة بأدنى الأسعار فهناك رجل يمكن أن يشهد زورأ مقابل فسحة جميلة مع وجبة غذائية مع بضعة دولارات وهناك إمراة يمكن أن تشهد زورأ لنفس الأسباب وعلى الجانب الآخر هناك رجل وهناك امراة شهادتهما تساوى عنقيهما أى يرضيان بالموت مقابل ألا يكذبوا وألا يزوروا .

من هنا نأتى إلى النقطة الأخيرة وهى معايير الشهادة وفى رأيي ان الشهادة لها ثلاثة معايير لا رابع لهم أولهم حسن السمعة فى المجتمع وثانيهم المواطنة ---أى مواطن يعيش على أرض الوطن ذكر أو أنثى --- ثم الشرط الأخيرهو المشاهدة العينية للحدث المطلوب الشهادة فيه دون أى تعليق على دين الشاهد أو لونه أو عرقه أو إتجاهه الفكرى أو نظرياته أو أفكاره أو كينونته من حيث الذكورة أوالانوثة .

*****************

اجمالي القراءات 24912