تساؤلات من القرآن لأهل القرآن - 24

فوزى فراج في السبت ٠٤ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

تساؤلات من القرآن لأهل القرآن  - 24

الأخوة الكرام, كل عام والجميع بخير, ونطلب من الله العلى القدير ان يوفقنا جميعا الى ما فيه الخير.

نواصل اليوم الحلقة الرابعة والعشرون من سلسلة التساؤلات , وكنت أود ان يكون نقاش تلك التساؤلات أوسع وأشمل مما هو عليه, وقد يتهمنى البعض ( بالأنانية) فى ذلك التمنى, ولن يغضبنى ذلك, فأمنيتى ليست هنا لشيئ شخصى قد يعود على بأىمنفعة اللهم إلا المنفعة العامة. اننى اعتقد ان تلك التساؤلات لها من الإهمية ما فيه فائدة سواء للمسلم الذى يتدبر القرآن , فتواجهه تلك التساؤلات, او حتى لغير المسلم الذى قد يحاول فى حب إستطلاعه ان يفهم بعض ما جاء فى القرآن  والذى من المؤكد انه سوف  يقف حائرا مثلى أمام ما أعرضه على الجميع.

 ومما لا جدال فيه ان التدبر والوصول الى تفسير لتلك التساؤلات سوف يغلق الباب نهائيا أيضا أمام بعض أعداء الإسلام الذين لن يسعدهم شيئا سوى أن تبقى تلك التساؤلات بلا إجابة محددة لكى تصبح ذخيرة فى ترساناتهم التى لا يترددون فى إستعمالها كلما حانت لهم الفرصة.  لقد أشار أخى أحمد صبحى أكثر من مرة لأهمية تلك التساؤلات, وأخرها قبل إفتتاح قاعة البحث القرآنى, وعلى ما أذكر كان قد قال انه قد تعرض لبعضها فى القرن الماضى فى أبحاثه وكتاباته, وبعضها سوف يتعرض لها فى كتاباته القادمة إن شاء الله أو سوف يعرضها للبحث. وكنت أود وأتمنى ان يشاركنا برأيه سواء فيما تعرض له من قبل أو فيما ينوى أن يتعرض له فيما بعد, أو أن يضع بعضها كمادة للبحث أمام تلاميذه فى باب البحث القرآنى او أن يتعرض لها الأخوة فى باب التأصيل , فلا يثلج قلبى مثل ان نجد إجابة على تلك التساؤلات يتفق عليها الجميع او حتى الإغلبية, ونضعها بعد ذلك جانبا كى نتفرغ لتساؤلات أخرى, فمن وجهة نظرى المتواضعة ( جدا), ان باب التأصيل - رغم أهميته القصوى - , لن ينتفع به سوى أقلية من المتخصصون والمتبحرون فى القرآن وفى علوم القرآن وفى مناهج الإسلام ......الخ, بينما من سوف يستفيد من الإجابة عن تلك التساؤلات هم الأكثرية من المسلمين من المتوسطين فى العلم والمعرفة ( مثلى) .

تساؤلات اليوم نبدأ من سورة المائدة

1-   يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ( المائدة- 15)

نفهم من تلك الآية ان الرسول أو بمعنى أصح القرآن جاء ليبين لأهل الكتاب - لإن الخطاب فى تلك الآية موجها الى أهل الكتاب كما هو واضح- كثيرا مما كانوا "يخفون" , فما الذى بينه القرآن مما كانوا يخفون, ومن هم الذين كانوا يخفونه, وعلى من كانوا يخفونه, هل كانوا يخفونه عن المسلمين مثلا أم عن بعضهم البعض, فهل هناك إجابة فى القرآن نفسه على ذلك التساؤل, هل هناك أية او آيات توضح الأشياء التى أخفوها وعن من؟ علما بأن الآيات السابقة رقم (12 , , 14,13 ), تحدثت عن  بنى إسرائيل وعن نقضهم الميثاق, وعن تحريف الكلم عن موضعه وعن نسيانهم حظ مما ذكروا به, وهذا لا يقع تحت وصف الإخفاء, ثم عن النصارى وعن نسيانهم حظا مما ذكروا به, ولم تصفهم بتحريف الكلم او نقض الميثاق, ونسيان ما ذكروا به أيضا لا يقع تحت وصف الإخفاء.

2-    وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ ( المائدة – 66)

لم أفهم تماما ماذا تعنى ( لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ), فهل هناك يستطيع ان يفسر ذلك.

3-   لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ ( المائدة 82 )

 وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ                                      الحق يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ( المائدة 83)

   نوقشت هاتين الآيتين مرات لا تحصى, غير انى لازلت أتساءل, فى الآية الأولى, وصف اليهود بأنهم أشد عداوة للمسلمين, ثم بعدها مباشرة وصف النصارى بأنهم أقرب مودة, وليس هناك مشكلة فى فهم ذلك, كما ان القرآن وصف الرهبان والقساوسة بأنهم ( لا يستكبرون ) , ثم وصفهم أى الرهبان والقساوسة, بأنهم لدى سماعهم القرآن تفيض أعينهم من الدمع لأنهم عرفوا ان القرآن هو الحق, ويطلبون من الله ان يكتبهم مع الشاهدين, طبعا الشاهدين على ان القرآن هو الحق. فالسؤال هو هل هذا إعتراف ضمنى بأنهم قد قبلوا الإسلام, بأنهم قد تحولوا الى الإسلام, بأنهم قد صاروا مسلمين طبقا لرسالة محمد ( ص), فإن كان ذلك هو التفسير, فشأنهم فى ذلك شأن كل من أمن ودخل الإسلام من الكفار والمشركين, وإن كان هناك تفسيرا أخر, فما هو, ولماذا لا ينطبق ذلك على الرهبان والقسيسين فى حاضرنا, وبعضهم كما نعرف لا تفيض أعينهم من الدمع, ولكنهم يهاجمون القرآن بشراسة وحمق وبغضاء وعداوة أشد مما وصفت الآية به اليهود, ونراهم فى كل مكان ,وهم بذلك لا يختلفون عن المتطرفين من المسلمين الذين يتعاملون مع النصارى بنفس الكيفية التى يرفضها الغالبية العظمى من المسلمين , غير ان بعضهم أيضا, رغم ان أعينهم لا تفيض من الدمع, ولكنهم يقفون موقفا محايدا من الإسلام بل يحترمونه كما ينبغى له ان يحترم.

أرجو ان لا تخرج مناقشة هاتين الآيتين لمن يود ان يناقشهما عن شروط النشر, او التعرض بغير ما جاء فى القرآن من تفسير لتلكا الآيتين إن تواجد ذلك.

4-   يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ  ( المائدة – 105 )

هذه الآيه هى من أجمل ما قرأت , وبها أمر مباشر من الله عز وجل, بما معناه, ((خليك فى حالك)), لكل هؤلاء الذين يكفرون الغير, والذين يدعون مشاركتهم لله عز وجل فى علمة بمن يدخل الجنه ومن يدخل الناروالذين يقيمون الدنيا ولا يقعدوها عندما يختلف معهم البعض فى مفهومهم لبعض الأيات..................الخ, فمفهومى لها عند قوله تعالى ( عليكم أنفسكم ), هو خليك فى حالك, وهى تضاف الى عدد غير قليل من الآيات التى سقتها من قبل فى مناقشاتى حول هذا الموضوع.  إن كان هناك من يختلف معى فى هذا المفهوم, فأرجو ان يفيدنا لعلنا نستفيد .

وفقنا الله وإياكم الى حوار مثمر.

اجمالي القراءات 14883