الفكر القرآنى وأثره على المفكرين العلمانين
الفكر القرآنى وأثره على المفكرين العلمانين

عثمان محمد علي في السبت ٠٤ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

الفكر القرآنى وأثره  على المفكرين  العلمانين :

بدأت مسيرة الفكر القرآنى الحقيقى منذ قرابة ثلاثة عقود مضت ، ومما لا شك فيه أنه سبقها  إجتهادات لا باس بها عبر التاريخ الإسلامى  بدءاً  منالإمام أبى حنيفة النعمان ،ثم الإمام محمد عبده وتلامذته الشيخ شلتوت ،و الأستاذ -أحمد أمين ،والشيخ المراغى ،والشيخ أبو زهرة (صاحب المق&aelil;لمقولة الشهيرة –لوكان البخارى حياً لحاكمته) . ومع ذلك فإنها لكنها كانت إجتهادات بسيطة خفيفة  على إستحياء ،مطالبة بتنقية روايات الحديث (السنة)  وتفاسير المفسرين . إلى أن بدأت  محنة الأستاذ الدكتور – منصور – فى جامعة الأزهر  -بمنعه من نشر المبحث الدينى فى رسالته للدكتوراة عن (التصوف فى العصر المملوكى فى مصر) ، ثم تطورت المحنة بعد ذلك إلى أن تحولت إلى محاكمته على مجموعة من مؤلفاته و كتبه وأبحاثه على رأسها كتابه (الأنبياء فى القرآن الكريم) ، ونتج عنها  إيقافه عن العمل  اثناء التحقيق، واستغرق ذلك بضع سنوات ، ثم صدر قرار بفصله من العمل نهائيًا من جامعة الأزهر ، إلا أن هذه المحنة وتعنت مشايخ الأزهر وعلى رأسهم الشيخ طنطاوى (شيخ الأزهر الحالى ) جعلته يعيد قراءة القرآن مرة آخرى بقلب آوعقل آخرين ، عقل وقلب الباحث عن إجابة لسؤال خطير وهو، (هل هذا القرآن حقاً كتاب رب العالمين ،أم أنه من تأليف محمد بن عبدالله ؟؟؟) فخرج بإقتناع و بإيمان لن يتزعزع ونتيجة  هى ، أن هذا الكتاب لا يمكن أن يكون كتاباً بشرياً ، ولا يمكن لمحمد بن عبدالله  - أن  يكون قد ألف  فيه حرفاً واحداً ،إذً فهو كتاب رب العالمين الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ...ثم عاد لنفس السؤال ليجيب عن حقيقة السنة أو الروايات التى كان يتشكك فى بعضها ،وهل هى من عند محمد بن عبدالله – حقاً؟؟ وهل هى جزءاً من الدين لا يمكن الفكاك منه ؟؟  فخرج من دراسته التاريخية لمتنها وسندها وتاريخها ،أن محمد بن عبدالله (عليه الصلاة والسلام ) برىء منها ، وأنها لا تمت للإسلام بصلة ، وأنها متناقضة مع القرآن الكريم تناقضاً تاماً وصريحاً ، ، وأن أئمتها متناقضون فيما بينهم تناقضاً كبيراً ، وأن  بٌعد  المسافة والشقة بينهما لاحدود لها ، وأنها متناقضة فيما بينها تناقضات صارخة. فصدق فيها قول الله تعالى (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً [النساء : 82]..إذن فإن الروايات والسنة هى مادة تعبر عن ثقافة عصرها ولا صلة لها بالإسلام ، وإنما ترتبط بظروفها ومكانها وزمانها فقط كأى علم من علوم علم الكلام التى  تنشأ فى أى زمان وأى مكان .  ومن هنا تاكد له أنه عليه أن يصدع بحقيقة مفادها (القرآن وكفى ) ، وبعد أن كان الخلاف على بعض المتناقضات فى فهم بعض آيات القرآن الكريم ،وعدد من الروايات ،أصبح الموضوع هو إعادة قراءة وإكتشاف القرآن الكريم  ،والمناداة بجعله دستوراً أوحداً للإسلام ، وقطع الصلة بينه وبين الروايات نهائيا . وأصبحت محاولات الصلح والموائمة بينه وبين مشايخ الأزهر مرفوضة ، وأنه لن يعود إلى الجامعة إلا ومعه هذا الفكر الجديد ،و لديه الحرية  الكاملة فى الصدع به والدعوة إليه . وكانت النتيجة أنه فصل من عمله فى الجامعة . ولكنه ثبت على الحق ونادى بدعوة القرآن وكفى بين أصدقاءه وزملاءه وبعضاً من تلامذته .والحمد لله وجد أذاناً صاغية من بعضهم ،فشاركوه الراى وبدأوا فى الحديث عنها (رغم الإضطهادات والإعتقالات )  ،ثم بكتابات عبر الصحف ،ثم باحاديث عبر التلفاز (كلما تيسر ) .ثم تطور الأمر إلى أن أصبح هناك فريق من أصحاب الفكر القرآنى  متخصصاً   فى الفقه القرآنى ،وفى الروايات والتفسير  ،وفى علوم الفقه  ومصطلحه ، وقد صبروا وصابروا إلى أن إخترقوا الفكر السنى وفضحوه بالحجة والبرهان  أمام أهله وأمام الناس ،حتى أصبح الفكر السنى إضحوكة بفتاويه  ومرجعياته لدى المفكرين والمثقفين (الغير سنيين ) ولدى العامة والبسطاء ، وتحولت القضية من  السؤال عن هل هناك روايات ضعيفة وموضوعة فى الحديث أم لا؟؟ إلى  هل هناك سنة محمدية (روايات ) اصلاً أم لا؟؟ وهل حقاً كتاب  البخارى منزلاً من عند الله ؟ أم أنه مجموعة من الأكاذيب إخترعها إبن برزريه ؟؟؟

أى أن الفكر السنى أصبح يصارع البقاء ،وأصبحت مؤسساته الرسمية بملايينها ومليارتها تجيش الجيوش لتحميه  من إشعاعات أقلام الرصاص القرآنية ، لأنه فقد مصداقيتة ومرجعيتة الدينية والعقلية لسقوط حجته وبرهانه  ...

 وعلى الجانب الآخر ،تشعب الفكر القرآنى  فى دعوته وإنتشاره إلى التصدى إلى دعاة الدولة الدينية من أحفاد السلفية والوهابية والإخوان ، وتفنيد دعوتهم و مزاعمهم فى الوصول إلى الحكم بإمتطائهم ظهور الناس عبر شعارات دينية ما أنزل الله بها من سلطان .

ثم نادى الفكر القرآنى أيضا  إلى دعم حقوق الإنسان ودولة المواطنة وحقوق الأقليات والمرأة ، على قواعد قرآنية  ثابتة راسخة لا ريب فيها ،فاصلة بين كتاب الله وبين أوهام الشياطين وتشريعاتهم من رواة الأحاديث .

ثم اصبح الفكر القرآنى  اكثر إنتشاراً وإستحواذاً على إهتمام فئة آخرى من المثقفين والمفكرين والمستشرقين العلمانيين   داخل العالم العربى وغيره من البلاد الغربية .فمنهم من تعامل معه  وتدبره  وناقشه بحيادية ،فأنصفه ودافع عنه  واعتبره الصورة المضيئة للفكر الإسلامى  الحديث ، وأنه يقدم الإسلام بصورة أكثر إنسانية، وأكثر توافقا مع الليبرالية والحياة المدنية وما سموها (بأنسنة الإسلام )  . ومن هذا الفريق - المفكر المصرى العلمانى الدكتور فرج فودة (يرحمه الله) والأستاذ الكريم الفاضل الدكتور – عادل العمرى – الذى نشر له الدكتور منصور –بحثه القيم على موقعكم المبارك تحت عنوان (هذا هو النقد المتحضر الذى نريده ونستفيد منه ) .

 ومنه من هاجمه بعنف وبشدة  مثل الدكتور – كامل النجار – فرد عليه الدكتور منصور – بسلسلة من المقالات تحت عنوان (هذا العلمانى الضحية صريع السلفية ) . واعتقد انه بعد هذه السلسلة أعاد قراءة جزءاً من الفكر القرآنى مرة آخرى فتغيرت  طريقته وصياغته فى الكتابة عن الإسلام بعض الشىء .حتى كتب مقالة متأثرا فيها بالفكر القرآنى ،  حاول  فيها التفرقة بين الله وبين نبيه ورسوله محمد بن عبدالله (عليه الصلاة والسلام ) ، وبين القرآن الكريم والبخارى ، متسائلاً فى بدايتها ونهايتها قائلاً (أيهما أعظم عند المسلم  - الله – أم محمد؟؟) . ضارباً بعضاً من الأمثلة على الفوارق بين القرآن والروايات فى موضوعات  العقائد ، وعلم الغيب ، وحرية العقيدة ، وحد الردة ، وعقوبة الزانى  ،وأصل القتال فى الإسلام ، ساخراً أيضا من  فتاوى شيوخ السلفية واهل السنة والجماعة .وسنورد لكم مقالته كاملة فى نهاية المقالة .

وكذلك اثر القرآنيون بكتاباتهم وحواراتهم الشخصية على بعض المتشددين من العلمانين .الغربين كأمثال الصحافى ( دانيال بيبس ) وكثير من زملاءه فى تغيير نظرتهم  السابقة المتشددة ولغة خطابهم عن  الإسلام كدين سماوى /إلى التفريق بينه  وبين المسلمين وسلوكياتهم .

 وهذا كله يعتبر دليلاً قوياً واضحاً على نجاح موقع أهل القرآن وكتاباته وكتابه  ومعقبيه فى التاثير  على كثير من  المسلمين المتكلمين بالعربية  القارئين له .

وعلى نجاحه فى إقناع بعض المفكرين والمثقفين الغربيين  فى  التفرقة بين الإسلام والمسلمين ، حتى أصبحوا يلجأون للموقع وأهله للتعرف على الإسلام وعدالته بعيداً عن الفكر السنى المشوه كما يقولون .

إلا أنه ما زال هناك فريق من العلمانين  يمزج بين الإسلام والمسلمين ،ويخلط بين القرآن والبخارى ،وأقوال  الفقهاء والشيوخ والمتطرفين وآيات القرآن  ، ويضعهم جميعا فى سلة فكرية واحدة .

ومن هؤلاء الكاتب – نضال الصالح . الذى كتب مقالة  تحت عنوان ( موقف الفكر الدينى من الآخر ومن حقوق الإنسان ) سننشرها فى ذيل مقالتنا

 نلخص لكم بعضاً مما فهمناه منها .فيقول عن  - اليهودية والمسيحية والإسلام ما يلى .

الفكر الدينى مبنى على طرد الاخر  من الفردوس الموعود فى الدنيا والآخرة . فاليهود يبنون عقيدتهم على طرد الآخر وقتله ،لأنهم الأخيار وما عداهم فهم من سلالة النجاسات وأبنائها .ولذلك وجب أن يكون هناك حائل بين أبناء اليهود وغيرهم ،ولا يتأتى هذا الحائل سوى بقتلهم والتخلص منهم . ثم يقول ان المسيحية أخذت هذه القاعدة وجعلتها مرجعية وغطاءاً شرعياص لها فى غزواتها الإستعمارية .

ثم جاء المسلمون وأعتبروا أن اية السيف من سورة التوبة هى الاية الحاكمة الناسخة لكل ايات الرحمة والسلام فى القرآن ، مستدلاً  على ذلك بتفسيرات إبن كثير – وكتابات محمد عبدالسلام فرج – فى كتابه ( االجهاد الفريضة الغائبة) . ثم إنتقل إلى الحديث عن الخطاب الإسلامى  وموقفه من حقوق الإنسان – معتبراً إياه خطاباً متنازعاً بين طرفين أحدهما يدعو للحرية وحقوق الإنسان فى القرآن ،والآخر يدعو للقتل لمن يخرج عن الإسلام فى أقوال الفقهاء والمحدثين  . ثم يستدل ايضا على تاييد وجهة نظره بأفعل المتطرفين  حول العالم ،معتبراً أن هذا يعتبر فكراً عاماً عشش فى خلايا المجتمعات الإسلامية .

وبملاحظة سريعة وتعقيبا على ما قاله فى مقالته ندرك أنه – إما أنه لم يقرأ شيئاً للقرآنيين ، وإما أنه فى خصومة شديدة مع الاديان السماوية جميعا ً ، نسأل الله له الخلاص منها ،وله ولنا الهدى والهداية لدينه الحنيف .

فيا أهل القرآن  كتبت لكم هذه المقالة لترو بأعينكم تأثير كتاباتكم وأقوالكم ، وإنتشارها بين جموع المثقفين والمفكرين بكل أطيافهم ، ولتوقنوا ولتتأكدوا بأن الله متم نوره ولو كره الكارهون .

----مقالة الدكتور – كامل النجار

أيهما أعظم عند المسلم... الله أم محمد؟الإنسان منذ أن عرف الحياة على هذه الأرض تعلّم أن يتعرف على الأشياء المحيطة به عن طريق البصر، ولكنه بعد فترة من الزمان عرف أن البصر قد يخدعه أحيانا فيظهر له السراب كالماء. وعندئذ تعلّم أن يتأكد مما يرى باللمس إن كان ذلك ممكناً، فاللمس هو الاختبار الحقيقي لوجود الأشياء. وتعلّم كذلك أن يستفيد من حاسة الشم لتنبهه إلى اقترابه من فريسة أو حيوان مفترس. وأضاف إلى ذخيرته حاسة الذوق وحاسة السمع، وبذا أصبح مهيئاً لحماية نفسه وكسب قوته. فالأشياء التي لا يعرفها بواحدة من هذه الحواس أصبحت أشياء فوق الطبيعة المحسوسة، أي ميتافيزيقية. وخبرة الإنسان في هذا المجال ما زالت ضيقة. ولذلك عندما أتاح اكتشاف الزراعة للإنسان الاستقرار وأعطاه الوقت للتفكير في ما وراء الطبيعة، اخترع الإنسان منظومة الآلهة السماوية. ولكن رغم هذا الاختراع ظل يتمسح بأصنامه وقدّم لها القرابين لا بقصد الحماية من تلك الأحجار وإنما لأنه جعلها وسيلة تسعى بينه وبين تلك القوى المهولة في السماء التي سماها بعدة أسماء حسب الزمان والمكان. ورجل الصحراء البدوي في القرن السابع لم يختلف كثيراً عن الإنسان البدائي في تفكيره وطرق اتصاله بالقوى الميتافيزيقية فاستعمل اللات والعزى للتعبير عن تلك القوى التي سماها "الله" أو "أل إله". ولأن الإنسان بطبيعته يعتمد على حاسة البصر أولاً ليرى الأشياء ثم على حاسة اللمس للتأكد من حقيقة الشيء المريء، أصبح اللمس يعني اطمئنان الفؤاد بالنسبة له. وعندما يلمس الإنسان جسماً، سواءً أكان جسم أمه وهو صغير يرضع، أو جسم محبوبه وهو كبير، يشعر بالاطمئنان والراحة النفسية.
ولما جاء محمد بدينه الجديد وحطّم أصنام قريش ولم يعد لهم ما يلمسون، استعاض المسلمون وقتها بلمس محمد والحديث معه للتأكد أنه سوف يكون الصلة بينهم وبين تلك القوى المخفية في فراغ السماء. ولأن محمد كان يتعامل معهم في حياتهم اليومية ويحل مشاكلهم ويحكم بينهم بما أنزل الله (حسب زعمه) ويوزع عليهم الغنائم والسبايا، أي بمعنى آخر أصبح يرزقهم، فقد أصبح محمد أيقونةً تمثل الله للمسلمين. ولذلك عندما مات محمد بُهت المسلمون ولم يصدقوا موته لأن الإله لا يموت. وحتى صناديد الإسلام من أمثال عمر بن الخطاب لم يصدقوا لدرجة أن عمر استل سيفه وأقسم ليقطعن رأس من يقول إن محمداً قد مات. وجاء أبو بكر وقال مقولته الشهيرة "من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت". وهم جميعاً كانوا يعبدون الله ولكن بتجسيده في محمد.
وبعد أن تأكد المسلمون أن محمداً قد مات واختفي من مسرح الأحداث، كان لابد لهم من شخص يرونه أو يسمعونه ليتأكدوا من استمرارية دينهم. وجاء البخاري ومسلم وغيرهم من مرتزقة الحديث وحشوا رؤوس المسلمين بآلاف الأحاديث الموضوعة والمنسوبة لمحمد مما أعطى المسلمين راحة نفسية ناتجة عن سماع أقوال محمد وكأنهم يسمعون صوته، وبالتالي فهو ما زال معهم. فالبخاري جعلهم يتمادون في عبادة محمد الذي يمثل لهم تلك القوى الغائبة، وقدسوا البخاري لأنه حفظ لهم أقوال معبودهم.
وبما أن الجهل الذي جعل الإنسان البدائي يخترع منظومة الأديان ما زال مستمراً في الأمة الإسلامية، سواء في العامة أو في الشيوخ الذين لم يدرسوا حرفاً واحداً خارج القرآن والأحاديث والسيرة والفقه، وسموا أنفسهم "علماء" و ورثة الأنبياء، ظل محمد هو الممثل الشرعي لله والبخاري هو الممثل الشرعي لمحمد. ولذلك ما يقوله البخاري وإن تعارض تعارضاً تاماً مع العقل، يقبله المسلم وشيخه دون أي نقاش أو تفسير. ولنضرب لكم مثلاً:
يقول رب السماء ورب محمد في القرآن:
يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعاً فينبئكم بما كنتم تعملون (المائدة 105)
إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئا ولهم عذاب أليم (آل عمران 177)
ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله ألا يجعل لهم حظاً في الآخرة ولهم عذاب عظيم (آل عمران 176)
إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا ( النساء 137)
قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون. لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعفُ عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين (التوبة 65- 66)
وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإن الله لغني حميد ( إبراهيم 28)
ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ( آل عمران – 97)
وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ( الكهف 29)
ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين (يونس 99)
إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم (محمد 25)
كل هذه الآيات القرآنية تقول بحرية المعتقد، ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر لأن كفرهم لن يضر الله شيئاً. حتى الذين آمنوا ثم كفروا ثم رجعوا وآمنوا مرة أخرى ثم كفروا وازدادوا كفراً، لم يقل القرآن اقتلوهم ولم يقتلهم محمد، لأنه لو كان قد فعل ذلك لما استطاعوا أن يرجعوا إلى الإسلام ثم يكفروا مرة أخرى ثم يزدادوا كفراً. ولكن رب القرآن بعيدٌ في عليائه لا تراه العين ولا تلمسه اليد والبخاري محسوس ويتكلم معهم ويلمسونه فيجلب لهم الراحة النفسية. فإذاً ما يقوله البخاري لابد أن يُنزل السكينة على قلوب المؤمنين. البخاري قال: قال رسول الله: "من بدّل دينه فأقتلوه". ونفهم من هذا الحديث أن الله ذو وجهين، يقول لنا شيئاً ثم يقول لمحمد شيئاً آخراً ويطلب منه أن يخبرنا به في شكل حديث. فالآية التي تقول (لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) جاءت في سورة التوبة التي نزلت حوالي سنة سبعة هجرية، أي هي من آخر السور التي نزلت من القرآن وقال الله فيها للذين كفروا بعد إيمانهم إنه سوف يعفو عن بعضهم ويعذب بعضهم، فلو جاء محمد بعد ذلك وقال: من بدل دينه فاقتلوه، فلن يخامرني أي شك بأن الله ذو وجهين ويتحدث بلسانين. لماذا لم يقل في القرآن "من بدل دينه فاقتلوه"؟ فهو قد قال (وما فرطنا في الكتاب من شيء). ولكنّ المسلمين تجاهلوا صريح القرآن المكرر عدة مرات وجعلوا عقاب المرتد أن يُقتل بعد الاستتابة. بل ذهب بعضهم أبعد من ذلك وقالوا إن الذي يولد في أسرة مسلمة ثم يرتد، لا يُستتاب، ويستتاب من اعتنق الإسلام عن كبر. وهذا القول يبصق في وجه المنطق. لو كنا سوف نقتل من يخرج من الإسلام، فالأولى بالقتل الشخص الذي اعتنق الإسلام في الكبر بعد أن شرحوه له وأفهموه أنه لا يستطيع الخروج منه بعد أن يعتنقه.، أما الشخص الذي فرض عليه أبواه الإسلام وهو طفل ولم يكن له الخيار في الأمر، من الواجب أن نسمح له أن يقرر بعد أن يكبر إذا كان يود أن يستمر في اعتناق الإسلام أم يرغب في الخروج منه. والأدهى من ذلك أن مرتزقة الإسلام لم يكتفوا بالبخاري بل أضافوا أحكاماً جديدة اخترعوها هم قياساً على البخاري وقالوا إن المسلم الذي ينكر شيئاً معلوماً من الدين بالضرورة، أو يشتم محمد أو آل بيته، يُعتبر مرتداً ويُقتل ولا تُقبل توبته ، رغم أنه يقول لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله. وقد نفهم لو كان محمد هو الله أو ابن الله فلا نشتمه ولا نشتم أخفاده، ولكن محمد الذي قال عنه القرآن (وما أنا إلا بشرٌ يوحى إليّ) فكيف نقدّس البشر ومن بعده نقدس زوجاته وأحفاده؟ هل ظل الله يوحي إليهم كما أوحى إلى أسباط بني إسرائيل؟ أم أنها عبادة الأصنام في شكلها الحديث؟
القرآن يقول في سورة النساء، وهي مدنية ونزلت بعد البقرة، أي في حوالي سنة أربع أو خمس هجرية، أي قبل موت محمد بحوالي خمس أو ست سنوات:
واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعةً منكم فإن شهدوا فامسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً (آية 15). والفاحشة هنا تعني الزنا لأن القرآن استعملها في ثلاث آيات عن قوم لوط وقال (ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين) (الأعراف 80)، وكلنا يعرف ماذا كان يفعل قوم لوط. وقال كذلك (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشةً) (الإسراء 32). وكذلك (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ماقد سلف إنه كان فاحشةً) (النساء 22). فكلها آيات تربط بين النكاح والفاحشة. وقال كذلك (والذين إذا فعلوا فاحشةً أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم) (آل عمران 135) أي الذين زنوا في السر ولم يكتشف أمرهم فتذكروا الله واستغفروا، غفر لهم. فإذاً ليس هناك شك في أن القرآن قصد بالفاحشة الزنا وقال عن المرأة التي ترتكب هذا الإثم أن يحبسوها في بيتها إلى أن يتوفاها الموت أو يجعل الله لها مخرجاً، ربما يكون بالزواج. وحتى يؤكد لنا القرآن مقصده قال في سورة النور (والزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) (النور 2). وسورة النور هي آخر سورة نزلت من القرآن ويُفترض أن يكون الله قد أنزل فيها أحدث قوانينه وأوامره. ولكن البخاري أقرب إلى الشيوخ من الله الذي في السماء. والبخاري أتى بحديث يقول: قال رسول الله: "الولد للفراش وللعاهر الحجر". وفجأة أصبح المسلمون يطبقون شريعة اليهود الذين حاربهم محمد لأنهم لم يتبعوه وقال عنهم القرآن إنهم من المغضوب عليهم ولعنهم مراراً. فإذا كان اليهود يتبعون شريعة مزورة وملعونين في القرآن، كيف يطبق المسلمون تلك الشريعة؟ وبناءً على حديث البخاري اصبح الرجم هو عقاب الزنا وانتهى العمل بالحبس في البيوت وبالجلد للمتزوجين. فالمسلمون طبقوا أقبح عقوبة عرفها الإنسان في تاريخه الطويل بناءً على ما قاله لهم البخاري نقلاً عن محمد، وتجاهلوا كلام الله الصريح الذي قال الزانية والزاني عقابهم الجلد ولم يحدد إذا كان الزاني متزوجاً أو أعزباً. هل كان الله عاجزاً عن إيضاح الفرق بين المتزوج والعازب، أم نسي أن يذكر هذا الفارق المهم، أم تغافل عنه وترك المهمة لشيوخ الإسلام ليحددوها لنا وهو لم يفرط في الكتاب من شيء؟
بالنسبة للمثلية الجنسية عند الرجال فالقرآن يقول (واللذان يأتيانها منكم فأذوهما فإن تابا وأصلحا فاعرضوا عنهما إن الله كان تواباً رحيماً) (النساء 16). فالأمر واضح بالأذى الذي هو الضرب. فإن تابا فلا سلطان لأحد عليهما، يعني أتركوهما وشأنهما. ولكن أهل الحديث لا تعوزهم الحيل في الوصول إلى محمد بأسانيد وطرق أخرى، فقد رووا (عن غسَّان بْن مُضر، عَن سعِيد بْنِ يَزِيد، عَن أَبِي نَضرةَ قَالَ: سُئِلَ ابْن عَباسٍ: ما حدُّ اللّوطِيِّ؟ قَالَ: يُنْظَرُ أَعْلَى بِنَاء فِي القَرية فَيُرْمَى منه مُنَكَّساً، ثُمَّ يُتْبَعُ بِالحِجَارَةِ) (المصنف في الحديث والآثار لابن أبي شيبة، ج4، كتاب الحدود). وقال جُريج عن عطاء في الرجل يأتي الرجل، قال: (سنته سنة المرأة) (نفس المصدر والصفحة). فإذاً أصبح عقاب اللوطي هو الرجم رغم أن رب القرآن يقول (آذوهما فإن تابا وأصلحا فاعرضوا عنهما).
يقول القرآن (قل يا أيها الكافرون. لا أعبد ما تعبدون. ولا أنتم عابدون ما أعبد. ولا أنا عابد ما عبدتم. ولا أنتم عابدون ما أعبد. لكم دينكم ولي دين) (الكافرون 1-6). يكرر القرآن، إلى حد الملل، عبارات "ما أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد" وهذا يعني أن للمسلمين دينهم ولليهود دينهم وللمسيحيين دينهم وللبوذيين كذلك وغيرهم. ثم في سورة البقرة المدنية بعد أن استتب لمحمد الأمر، قال لهم القرآن (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) (البقرة 256). فالقرآن هنا كفل الحرية الدينية للناس. ولكن البخاري أقرب وحديثه أجمل (كما كانت موائد معاوية أدسم والصلاة خلف على أكمل بالنسبة لأبي هريرة)، فقد روي عن أبي هريرة (نحن خير الناس للناس نسوقهم بالسلاسل إلى الإسلام ) (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، ج4، سورة آل عمران، الآية 110). وبهذا الحديث أصبح إجبار الناس على الدخول في الإسلام أمراً مسلماً به. وقد يقول قائل إن القرآن نفسه قال قاتلوهم (حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون). ولكن حتى في هذه الآية فقد ترك القرآن للناس خيار دفع الجزية ليظلوا على دينهم، بينما يقول أبو هريرة نسوقهم غصباً عنهم إلى الإسلام مكبلين بالسلاسل. وهذا ما فعله المسلمون في غزواتهم في شمال إفريقية وفي آسيا. أجبروا الناس على الدخول في الإسلام أو القتل. فمرة أخرى يعلو قول البخاري وأبي هريرة على القرآن.
يقول القرآن عن غير المسلمين الذين لم يحاربوا المسلمين في الدين ولم يخرجوهم من ديارهم (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) (الممتحنة 8). ومعروف أن الفارسيين والهنود وأهل اليمن وأهل مصر الأصليين وغيرهم لم يحاربوا المسلمين في دينهم ولم يخرجوا أحداً من دياره، فالواجب على المسلمين أن يبروهم ويحسنوا إليهم لأن ربهم يحب المحسنين. ولكن الشيخ البخاري روى أن المسلم (لا يُسّلِمُ ابتداءً على كافر لقوله عليه الصلاة والسلام لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه) (تفسير روح المعاني للألوسي، سورة النساء، الآية 86). ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن أعياد غير المسلمين: (كذلك نهوا عن معاونتهم على أعيادهم باهداء او مبايعة وقالوا انه لا يحل للمسلمين ان يبيعوا للنصارى شيئا من مصلحة عيدهم لا لحما ولا دما ولا ثوبا ولا يعارون دابة ولا يعاونون على شيء من دينهم لان ذلك من تعظيم شركهم وعونهم على كفرهم) (الفتاوى الكبري، ج25، باب إخراج الزكاة). وشيوخ السعودية منعوا حتى بيع الزهور الحمراء لأنه يذكر الناس بعيد الحب الذي يحتفل به المسيحيون، بل منعوا حتى إهداء الزهور للمرضى لأنها عادة النصارى. فحديث محمد يعلو على القرآن وعلى العلاقات الإنسانية التي تبوح بالحب للآخر، خاصةً إذا رواه البخاري.
والقرآن يأمر محمد أن يقول (قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ماشاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون) (الأعراف 188). فالقرآن يقول محمد لا يعلم الغيب وهو بشر لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرا. ولكن مرتزقة الحديث جعلوه يعلم الغيب وينبيء أصحابه بما سوف يحدث، وصنفوا أحاديث عديدة مثل (ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة.) فمحمد هنا قد علم الغيب الذي سوف يحدث بعد آلاف السنين. ولم يكتفوا بذلك بل خلقوا له من المعجزات ما يفوق معجزات جميع الأنبياء مجتمعين رغم أن القرآن قال لهم عندما طالبوا محمد بإنزال المعجزات (وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذّب بها الأولون) (الإسراء 59). والغريب أن أحد شيوخ المعتزلة الذي توفي في عام 409 هجرية واسمه عبد الله بن محمد بن أبي علان، قاضي الأهواز، صنّف كتاباً جمع فيه فضائل النبي وذكر له ألف معجزة (النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، لجمال الدين أبو المحاسن بن تغري بردي، حوادث سنة 409).
ألا يتضح من هذا السرد متى وثنية هؤلاء القوم التي تجعل محمد بن عبد الله يتفوق على ربه في الأحكام؟ القرآن يقول محمد لا يعلم الغيب والبخاري وبقية المسلمين يؤمنون بأنه يعلم الغيب. القرآن يقول اجلدوا الزاني والبخاري يقول محمد قال ارجموه، فيرجموه. وهذا مجرد غيض من فيض من التناقض بين ما يقوله القرآن وبين ما يقوله مرتزقة الحديث عن محمد فيعمل به السلمون لأن محمد هو معبودهم الأول الذي يتبركون ببوله وببصاقه ويقتتلون على ما يقع على الأرض من شعره أو غلامة أظافره حين يحلق رأسه أو يقلّم أظافره، ويسلمون عليه في قبره ويقول لهم ابن تيمية أنه يرد عليهم السلام، رغم أنه بشرٌ ميتٌ. فالمرتبة الأولي في إيمان المسلم يحتلها محمد ويأتي بعده الأولياء مثل السيدة زينب وأئمة المذهب الشيعي، ثم يأتي الله في المرتبة الثالثة.

 

------مقالة الأستاذ – نضال الصالح

(موقف الفكر الدينى من الآخر ومن حقوق الإنسان)

الفكر الديني بمجملة يرفض الآخر باعتباره خارج عن دينه الذي يدعوه دين الله. فاليهودية تقوم على فكر التلمود الذي يقسم العالم إلى يهود وأغيار أو غوييم. ويحظر على اليهود التعامل مع الأغيار بأي شكل كان، فلا يبايعهم ولا يصاهرهم ولا يهديهم ولا يقبل منهم الهدايا ولا يسعى إلى مساعدتهم أو علاجهم ولا إلى إنقاذهم إن رآهم في خطر.

 الأغيار في نظر التلمود هم دنسون مثل الإفرازات "البول والبراز" منذ طفولتهم فولد الأغيار يكون دنسا كالسيلان عندما يبلغ العمر تسع سنوات ويوما،لأنه في نظر التلمود يكون عندئذ قادرأ على ممارسة الجنس أما بنت الأغيار فتكون دنسة كالسيلان منذ أن تبلغ من العمر ثلاث سنين ويوما لأنها تكون منذ ذلك العمر ملائمة لممارسة الجنس وصالحة للزواج.( عبودة زرة 36 ب)  أما إناث الأغيار فهن في رأي التلمود" طامثات أي دنسات منذ ولادتهن وإلى الأبد"( عبودة زره 36 ب) . وفي مكان آخر يقول التلمود على لسان يهوه : أحتقر كل شعوب العالم لأنني خلقتهم من بذرة نجسة، أما أنتم بني إسرائيل فلقد خلقتكم من بذرة كريمة.anhum/tanhumabobr nši 13(16a).     وليس عجيبا بعد هذا أن نسمع من رابيو اليهود ومن قادتهم تصريحات ملئها العنصرية وكراهية الغير. فالأب الروحي لليهود الأصوليين في إسرائيل الرابي كوك الإبن كتب يقول:" الفرق بين نفس اليهودي بقوتهها ومبادئها وداخلها ونفس الغريب لأكبر بكثير من الفرق بين نفس الغريب والحيوان. لأن الفرق بين الأخيرين فرق في الكم أما بين اليهودي والغريب ففرق في النوع. إن أفعال الغريب ولو كانت تظهر الخير فهي أفعال شيطانية أما أفعال اليهودي ولو كانت تظهر الشر فهي أفعال من الله.( عن مقال لإسرائيل شامير نشر على موقعه الألكتروني). 

الديانة المسيحية تؤمن بالتوارة بكتابية العهد القديم والعهد الجديد. العهد القديم يحث على إبادة الآخر كقوله على لسان موسى لقومه:" فالآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال  وكل امرأة عرفت رجلا بمضاجعة ذكر اقتلوها ."  عدد 31  /  7-18  ".  كما قام يشوع التوراتي خليفة موسى  بعملية الإبادة الجماعية لسكان فلسطين حيث تحدثنا التوراة باعتزاز  كيف استولى يشوع على مدينة أريحا وقام بقتل كل من فيها من بشر و دابة ،وذلك  بمباركة الرب يهوه وإرشاداته وتقول على لسان يهوه: " وحرموا كل ما في المدينة من رجل وامرأة من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف  " يشوع : 6  / 21 . و تابع  يشوع عملية الإبادة والقتل الجماعي مع بقية المدن. قال الرب ليشوع : " قم واصعد إلى عاي، فتفعل بعاي وملكها كما فعلت بأريحا وملكها، غير أن غنيمتها و بهائمها تنهبونها لنفوسكم … وضربوهم حتى لم يبق منهم شارد ولا منفلت " يشوع : 8  . و تتابع التوراة مسيرة القتل والنهب فتقول: " ذلك اليوم ، استولى يشوع على مقيدة وفعل بملك مقيدة كما فعل بملك أريحا . ثم اجتاز يشوع من مقيدة وكل إسرائيل معه إلى بتة، فدفعها الرب هي أيضا بيد إسرائيل مع ملكها ، فضربها بحد السيف ، وكل نفس بها ولم يبق بها شاردا … ثم اجتاز يشوع وكل إسرائيل معه إلى لخيش … فضربها بحد السيف وكل نفس بها…  ثم  اجتاز يشوع وكل إسرائيل معه من لخيش إلى عجلون، فنزلوا عليها وحاربوها ،وأخذوها في ذلك اليوم  و ضربوها بحد السيف، وحرم كل نفس بها في ذلك اليوم، حسب كل ما فعل بلخيش. ثم صعد يشوع و جميع إسرائيل معه من عجلون إلى حبرون و حاربوها،وأخذوها وضربوها بحد السيف مع ملكها،و كل مدنها،وكل نفس بها .  لم يبق شاردا حسب كل ما فعل بعجلون فحرمها وكل نفس بها ."يشوع 10 /  34 - 36.

 لقد فهم المسيحيون ما ورد في العهد القديم من أمر بالإبادة على أنه أمر إلهي دائم يعطيهم التسويغ العقدي من أجل إبادة شعوب البلاد التي قاموا  باحتلالها. لقد قدمت نصوص العهد القديم هذه ومثيلاتها الدعم المعتقدي لعدد من المشاريع الاستعمارية في مختلف مناطق العالم مثل أمريكا الجنوبية في القرون الوسطى وأفريقية في القرنين التاسع عشر والعشرين وفي فلسطين في القرنين التاسع عشر وإلى يومنا هذا. لقد وظفت تلك النصوص لدعم الاستعمار في مناطق عديدة وفي فترات مختلفة حيث كانت الشعوب الأصلية للبلدان المستعمرة تشبه بالحثيين والكنعانيين وآخرين من شعوب التوراة التي أمر إله التوراة بإبادتها كما كان المستعمرون يشبهون أنفسهم بشعب إسرائيل التوراتي الذي تسلم أمرا إلهيا بإبادة كل السكان الذين انتصر عليهم. ويمكن العثور على جذور التسويغ البابوي للعنف في أفكار القديس أغسطين الذي لجأ إلى العهد القديم ليظهر أن من الممكن أن يأمر به الرب مباشرة. لقد كانت الحرب التي شنت باسم الرب حربا عادلة بامتياز.

 

لقد اتفق فقهاء الفكر الديني الإسلامي على تسمية الآية الخامسة من سورة التوبة، التي تسمى سورة براءة أيضا بآية السيف. وقالوا أنها نسخت كل ما قبلها من الآيات التي تدعوا للسلم والتعايش مع "الكفار". لقد خلق التفسير الحرفي لهذه الآية إلى جانب الآيه 29 وقلعهما من سياقهما التاريخي فكرا عدوانيا في غاية الخطورة لا نزال نعاني منه لحد الآن وسوف نعاني منه إلى أمد طويل. 
لقد أمرت آية السيف المسلمين بقتل المشركين أينما وجدوهم (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم). ويفسر المفسرون الآية بأن "لا ترفعوا السيف عن رقاب المشركين . فإن تابوا أي أسلموا. خلوا سبيلهم. (انظر تفسير الجلالين).ويدعم إبن كثير تفسيره بحديث نبوي رواه البخاري يقول:أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويأتوا الزكاة، فإذا شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله واستقبلوا قبلتنا وأكلوا ذبيحتنا وصلوا صلاتنا فقد حرمت علينا دمائهم وأموالهم.

 وهذا يعني أن القتل يشمل أهل الكتاب، حيث أنهم لا يؤمنون برسالة محمد ولا يقيموا صلاة المسلمين ولا يستقبلوا قبلتهم ولايأتوا الزكاة . ونفس الأمر وجهته للمسلمين الآية (73) (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير). والآية (123) (يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين). وحسب تفسير الجلالين وإبن كثير فإن معنى كلمة (يلونكم من الكفار) هو: الأقرب فالأقرب من الكفار، ولهذا بدأ الرسول بقتال المشركين في جزيرة العرب ولما فرغ منهم شرع في قتال أهل الكتاب فتجهز لغزو الروم وهكذا.
وينقل أحد القادة الإسلاميين في مصر المدعو محمد عبدالسلام فرج  آراء المفسرين في هذه الآية، في كتابه (الجهاد الفريضة الغائبة.) فيقول: (قال الحافظ ابن كثير في تفسير الآية: قال الضحاك بن مزاحم: أنها نسخت كلًّ عهدٍ بين النبي ? وبين أحدٍ من المشركين، وكل عقد وكل مدة. وقال العوفي عن ابن عباس: في هذه الآية لم يبق لأحد من المشركين عهدٌ ولا ذمةٌ منذ نزلت براءة. وقال الحسين بن فضل فيها: آية السيف هذه نسخت كل آية في القرآن فيها ذكر الإعراض والصبر على أذى الأعداء. فالعجب ممن يستدل بالآيات المنسوخة على ترك القتال والجهاد. وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن حزم في الناسخ والمنسوخ } باب الإعراض عن المشركين { : في مائة وأربع عشرة آية في ثمان وأربعين سورة، نسخ الكل بقوله عز وجل ? .. فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ..?).
وسورة التوبة أو براءة هي السورة الوحيدة في القرآن التي لا تبدأ بالتسمية بالله (بسم الله الرحمن الرحيم) بخلاف كل السور الأخرى. ويشرح تفسير الجلالين سبب ذلك فيقول: (ولم تُكتب فيها البسملة لأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر بذلك. كما يؤخذ في حديث رواه الحاكم، وأخرج في معناه عن علي: أن البسملة أمان وهي نزلت لرفع الأمن بالسيف. وعن حذيفة: إنكم تسمّونها سورة التوبة وهي  سورة العذاب

الخطاب الديني الإسلامي وحقوق الإنسان يتعارضان ويتناقضان تماما، ففي الوقت الذي تعطي فيه لائحة حقوق الإنسان للفرد حرية الفكر والرأي والعقيدة واختيار دينه وتغيره ساعة يشاء والتعبير عن كل ذلك بشتى الوسائل فإن الخطاب الديني يعاقب أي رأي يخرج عن إطاره ويعاقب بالموت من تسوله نفسه الخروج عن إطار الفكر الديني وخطابه.

 الدين الحق في رأي علماء الفكر الإسلامي هو الاسلام وفق فهمهم, الدين المنزل من رب العالمين الخالص من البدع والتحريف وهو دين الإسلام الحنيف الذي لا يقبل الله من أحد سواه، {إِنَّ الدّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلَـٰمُ} [عمران:19]، {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإسْلَـٰمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ} [عمران:85].

وحفظ الدين في رأيهم هو أهمُّ مقاصد الشريعة الإسلامية، ولا يمكن أن يكون هذا المقصد العظيم معرَّضاً للضياع والتحريف والتبديل؛ لأن في ذلك ضياعاً للمقاصد الأخرى وخراباً للدنيا بأسرها.

 الردة في منطوق الفكر الديني، هي أخطر جريمة تهدِّد دين الإنسان وتنقضه، ودين الإنسان بطبيعة الحال هو الدين الإسلامي كما فصله علماء الفكر الديني.

قال البعلي( المطلع على أبواب المقنع (ص 378).: "الردة الإتيان بما يخرج به عن الإسلام إما نطقاً وإما اعتقاداً وإما شكاً و قال ابن تيمية: "وليس من السيئات ما يمحو جميع الحسنات إلا الردة.

(مجموع الفتاوى (11/700).

وعقوبة الردة هي الموت وعن ابن عباس أن النبي محمد ص قال ( من بدل دينه فاقتلوه) أخرجه البخاري في استتابة المرتدين، باب: حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم (6922). وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة). أخرجه البخاري في الديات (6878)، ومسلم في القسامة والمحاربين (1676).وقال ابن قدامة: "وأجمع أهل العلم على وجوب قتل المرتدين. المغني (12/264). ويقول ابن تيمية في الحكمة من قتل المرتد: "فإنه لو لم يُقتَل لكان الداخلُ في الدين يخرج منه، فقتلُه حفظٌ لأهل الدين وللدين، فإن ذلك يمنع من النقص ويمنعهم من الخروج عنه" مجموع الفتاوى (20/102). ويقول عبد القادر عودة: "وتُعاقب الشريعةُ على الردة بالقتل لأنها تقع ضدَّ الدين الإسلامي وعليه يقوم النظام الاجتماعي للجماعة، فالتساهل في هذه الجريمة يؤدي إلى زعزعة هذا النظام ومن ثمَّ عوقب عليها بأشد العقوبات استئصالاً للمجرم من المجتمع وحماية للنظام الاجتماعي من ناحية ومنعاً للجريمة وزجراً عنها من ناحية أخرى، ولا شك أن عقوبة القتل أقدر العقوبات على صرف الناس عن الجريمة، ومهما كانت العوامل الدافعة إلى الجريمة فإن عقوبة القتل تولِّد غالباً في نفس الإنسان من العوامل الصارفة عن الجريمة ما يكبت العوامل الدافعة إليها ويمنع من ارتكاب الجريمة في أغلب الأحوال" التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي (1/661، 662).

واذا لـم يـكـن الـمرتد عن الاسلام مولود من مسلمين او من مسلم فانه يؤمر بالتوبة ,فان تاب قبلت توبته ولم تجر عليه تلك الاحكام , واما اذا لم يتب جرت عليه الأحكام. أما المولود من مسلمين أو من مسلم فيقام عليه الحد وهو الموت. ويرفض الفكر الديني مقولة ان حكم المرتد هو نوع من الارهاب العقائدي والفكري, خـصـوصا أن اولئك المرتدين الذين وجب عليهم الحد هم الذين ولدوا من ابوين مسلمين وترعرعوا في محيط اسلامي , فانه من البعيد جدا انـهـم لـم يـتعرفوا على محتوى الاسلام , وعليه فان ارتدادهم عن الاسلام اقرب ما يكون الى سؤ القصد والخيانة منه الى الاشتباه وعدم إدراك الحقيقة , وهـدفـهـم من ذلك زلزلة اعتقادالمسلمين باسلامهم وايمانهم فمثل هؤلاء يستحقون جزاء الارتداد. فهم في الحقيقة يعلنون عن ثورتهم ضد الحكم الاسـلامـي ,وعـليه فمن الواضح ان هذه الصرامة والشدة في حقهم ليست خالية من الدليل , كماانها لاتـتـنـافى ابدا مع حرية الراي والعقيدة(كذا). والسكوت عن المرتدين يشكل خطرا على الإسلام ويسمح لأعدائه بالتمرد عليه. ويعتبر الفكر الديني أن الردة عن الإسلام ليست مجرد موقف فكري، بل هى أيضاً تغير للولاء وتبديل للهوية وتحويل للانتماء. فالمرتد ينقل ولاءه وانتماءه من أمة إلى أمة أخرى فهو يخلع نفسه من أمة الإسلام التى كان عضواً فى جسدها وينقم بعقله وقلبه وإرادته إلى خصومها ويعبر عن ذلك الحديث النبوى بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه: (التارك لدينه المفارق للجماعة) رواه مسلم  ، وكلمة المفارق للجماعة وصف كاشف لا منشئ ، فكل مرتد عن دينه مفارق للجماعة.

الفكر الديني يعتبر إن التهاون فى عقوبة المرتد ، يعرض المجتمع كله للخطر ويفتح عليه باب فتنة لا يعلم عواقبها إلا الله سبحانه. فلا يلبث المرتد أن يغرر بغيره ، وخصوصاً من الضعفاء والبسطاء من الناس ، وتتكون جماعة مناوئة للأمة تستبيح لنفسها الاستعانة بأعداء الأمة عليها وبذلك تقع فى صراع وتمزق فكرى واجتماعى وسياسى ، وقد يتطور إلى صراع دموى بل حرب أهلية تأكل الأخضر واليابس.(كذا)
جمهور من الفقهاء قالوا بوجوب استتابة المرتد قبل تنفيذ العقوبة فيه ومنحه مدة حددها بعض الفقهاء بثلاثة أيام وبعضهم بأقل وبعضهم بأكثر ومنهم من قال لا يُستتاب أبداً . والمقصود بهذه الاستتابة إعطاؤه فرصة ليراجع نفسه عسى أن تزول عنه الشبهة وتقوم عليه الحُجة ويكلف العلماء بالرد على ما فى نفسه من شبهة حتى تقوم عليه الحُجة إن كان يطلب الحقيقة بإخلاص وإن كان له هوى أو يعمل لحساب آخرين..

لقد بين علماء المسلمين من المذاهب الاربعة أنواع الردة فقال النووي الشافعي في كتابه روضة الطالبين ما نصه :" الردة : وهي قطع الإسلام ، ويحصل ذلك تارة ‏بالقول الذي هو كفر وتارة بالفعل ، وتحصل الردة بالقول الذي هو كفر سواء صدر عن اعتقاد أو ‏عناد أو استهزاء " و قال الشيخ محمد عليش المالكي في كتابه منح الجليل ما نصه :" وسواء كفر ( أي المرتد) بقول صريح في الكفر كقوله: ‏كفرت بالله أو برسول الله أو بالقرءان ، أو: الإله اثنان أو ثلاثة ، أو : العزير ابن الله ، أو بلفظه ‏يقتضيه أي يستلزم اللفظ للكفر استلزاما بينا كجحد مشروعية شىء مجمع عليه معلوم من الدين ‏بالضرورة ، فإنه يستلزم تكذيب القرءان أو الرسول ، وكاعتقاد جسمية الله أو تحيزه" . و قال الفقيه ابن عابدين الحنفي في رد المحتار على الدر المختار ما نصه :" قوله: وركنها إجراء كلمة ‏الكفر على اللسان، هذا بالنسبة إلى الظاهر الذي يحكم به الحاكم، وإلا فقد تكون بدونه كما لو ‏عرض له اعتقاد باطل أو نوى ان يكفر بعد حين" ‏. و قال البهوتي الحنبلي في شرح كتابه منتهى الإرادات ما نصه :" باب حكم المرتد : وهو لغة الراجع قال ‏الله تعالى : ﴿ ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين (21)﴾ [ سورة المائدة /  وشرعا ‏من كفر ولو كان مميزا بنطق أو اعتقاد أو فعل أو شك طوعا ولو كان هازلا بعد إسلامه ".

و من الردة سب الله اوأحد من رسله او القرآن او الملائكة او شعيرة من شعائر الدين الإسلامي او تحريم الحلال البين كالنكاح و البيع و الشراء أو تحليل الحرام البين كشرب الخمر أو السرقة. كذلك من الردة السجود للصنم او الشمس أو القمر أما السجود لإنسان فان كان على وجه العبادة فكفر. و من الردة ايضا اعتقاد ان الله علمه لا يشمل الكليات او الجزئيات او انه عاجز عن شيء او انه يشبه شيئا من خلقه او محتاج الى شيء من خلقه. من وقع في الردة بطل نكاحه و صيامه و تيممه وحبطت كل أعماله و إن مات على ردته فلا يرث و لا يورَّث و لا يغسَّل ولا يكفَّن ولا يصلّى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين.( مقتبس من عدد من الموسوعات الإسلامية الألكترونية وعلى الإنترنت)

الموقف من الردة هذا متفق عليه في الفكر الإسلامي ومن قبل جميع أطياف هذا الفكر ولو طبق بحرفيته لسبب في قتل نصف الأمة أو يزيد. حتى الشيخ القرضاوي الذي يحلوا للبعض وصفه بشيخ المعتدلين يخلق الأسباب والعلل لعقوبة القتل لما يدعى بجريمة الردة. ففي الوقت الذي يتحدث فيه عن حرية الدين في الإسلام ويردد الآيات" لكم دينكم ولي دين" فإنه عندما يصل إلى موضوع الردة يقول أنه إذا أراد أحد أن يكفر بالإسلام فيلكفر فهو حر ولكن إذا أراد أن ينشر هذا الكفر بين الناس فسيصبح عنئذ خطرا على الأمن القومي. وكل دين وكل مجتمع يعمل على حماية نفسه وحماية الأسس العامة حتى لا يتعرض المجتمع للتفكك والإنهيار. وهو يؤكد على معنى الحديث النبوي"التارك لدينه المفارق للجماعة" بأنه يعني تغير الولاء وتغير الإنتماء وليس من حق أي مجتمع أن يفتح الباب لأن في ذلك خطر على الأمة.(موقع القرضاوي الألكتروني_ من حديث له على قناة الجزيرة)

القرضاوي إذن كغيره من رموز الفكر الديني يعتبر الخروج من بوتقة الفكر الديني الإسلامي خيانه وعقوبتها الموت. كأنما الإنتماء للأمة والوطن لا يكون إلا بالإنتماء للفكر الديني والموافقة على كامل منطوقه. وكأنما أحد الشروط للوطنية والإلتزام بها وحب الوطن والدفاع عنه لا تكون إلا بالإنتماء لهذا الفكر والإلتزام به. فإذا أردت أن تكون لا دينيا أو مسيحيا أو بوذيا أو حتى مسلما رأيك مخالف لدوغمة الفكر الديني وأن تكون في نفس الوقت مؤمنا بربك، وطنيا مخلصا لوطنك وأمتك وتراثك، فهذا غير مسموح به على الإطلاق فإنتمائك للأمة والوطن يكون من خلال إنتمائك لمنظومة الفكر الديني. والقرضاوي نفسه الذي خلق الأسباب التبريرية لقتل ما يسمى بالمرتد، وقع في ذات الحفرة التي وافق على حفرها لغيره، حيث اتهمه فريق من نفس الفكر بالكفر والردة عن دين محمد بسبب بعض فتاويه التي أثارت مجموعات مختلفة من رموز الفكر الديني.  

من هذا كله نرى أن الخطاب الديني يعارض معارضة تامة حقوق الإنسان من حرية فكر وعقيدة ويرفض الديموقراطية الفكرية والسياسية رفضا قاطعا. الخطاب الديني الإسلامي يعطي الحق للقائمين علئ هذا الخطاب بقتل أي شخص تقع عليه صفة المرتد سواء كفر ( أي المرتد) بقول صريح في الكفر كقوله: ‏كفرت بالله أو برسول الله أو بالقرءان ، أو: الإله اثنان أو ثلاثة ، أو : العزير ابن الله ، أ&ae"> إذن عندما يأتي الغلاة والمتعصبون ودعاة الإرهاب ويجعلون من هذا الفكر سندا شرعيا لدعواتهم وإرهابهم فهم لم يأتوا من فراغ فلقد تشبعوا منذ صغرهم من فكر عدائي زرع في وعي الأمة منذ مئات السنين. ولا يمكنك أن تأتي اليوم وتتنصل من هؤلاء وتدعوهم بالإرهابيين والقتلة وغلاة الأمة وفي نفس الوقت تقوم بطبع وتوزيع الكتب والمؤلفات التي تدعو إلى أن آية السيف قد ألغت كل ما قبلها من آيات التعايش مع الغير وحللت محللها.لا يمكنك اليوم أن تتنصل من هؤلاء ومن أعمالهم وأفكارهم وأنت في نفس الوقت تدعوا لنفس الفكر وتعلن أو توافق على القول بأن آية السيف قد ألغت كل ما قبلها من آيات التسامح والمصالحة.

 إنه مأزق فكري وأخلاقي متشبع بالنفاق والإزدواجية. فإذا كان فكرنا الديني يعلن أن كل آيات التسامح والصفح وعدم الإكراه وحق الاختيار والتولي والإعراض عن الآخرين الذين يدعوهم الفكر الديني كفارا أو مشركين، سواء كانوا من أهل الكتاب أو من أهل فكر مختلف،  قد ألغيت ونسخت. فكيف لنا أن نجد أسسا للعيش المشترك مع الآخرين؟ كيف يمكننا أن ننزع فتيل الحقد والكراهية والحرب والدمار من قلوب شباب يائس قد تشبع منذ صغرة بهذا الفكر.؟

رفض الآخر ليس حكرا على الغلاة والمتشددين من الإسلاميين، إنه جزء من فكر عام يعشش في خلايا وعي المجتمعات الإسلامية بمختلف طبقاتها، حكاما أو محكومين.

 

اجمالي القراءات 19764