ماذا تعني ... لقد مات موتة حسنة..!!!

رضا عبد الرحمن على في الجمعة ٠٣ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

ماذا تعني .... لقد مات موتة حسنة..!!!

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

يقول جل وعلا (تبارك الذي بيده الملك وهو عل كل شيء قديرـ الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور) الملك 2،1.

 

هذه الآيات توضح سبب خلق الإنسان ، وسبب حياته ، وأن الإنسان ما خلق إلا ليعبد الله (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) ، للإختبار أثناء حياته وتواجده في هذه الدنيا كما توضح آية 2 من سورة الملك وقد ينجح أو يرسب أي إنسان في اختبار الدنيا ، إذن يحكم الله  جل وعلا على كل إنسان من حيث الصلاح أو الفساد من خلال أعماله التي قام بها بإرادته في اختبار الدنيا ، ودون أن يجبره أحد عليها ، ولذلك سيحاسب كل إنسان عن كل ذرة أو مثقال ذرة يعملها في دنياه من خير أو شر ، وهذا قمة العدل من رب العباد أن يكون الجزاء من جنس العمل ، أو يكون الحساب على ما يقوم به الإنسان نفسه من أعمال خير أو شر ، (كل نفس بما كسبت رهينة) .

 

 

 

وهذه البداية أريد من خلالها الدخول لأمر خطير يسيطر على عقائد معظم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، وهو اختراعهم طقوسا عند  الموت  ثم جعلوا منها حكما أساسيا في  تحديد صلاح أو فساد بعض الناس ، بمعنى أوضح ، أصبح الموت في حادث طريق أو في حريق أو مشاجرة عقب مباراة كرة قدم ( شهادة ) صريحة يعترف بها الجميع ، وأصبح الموت في السفر دون الأهل والأصحاب ، والموت بسبب عملية جراحية أو داء في البطن (شهادة) ، وهذا فيما يخص سبب الموت ، وهناك طريقة أخرى يحكم من خلالها الناس على صلاح الميت ، وهي إذا رأوا وجهه أبيض أو أحمر أو كما يقولون وجهه مدور ومنور ، أو كما يقولون بالعامية المصرية (كانت ختمتة عسل) ، أنتشرت هذه الثقافة بين الناس على كافة المستويات الفقراء والأغنياء ، المتعلمون والمثقفون والجهلاء ، وباختصار من يموت بإحدى هذه الطرق يقال عنه أنه مات موتة حسنة ،و بالعامية (مات موتة حلوة) أو( مات موتة كويسة) أو (مات شهيد ) والله مات شهيد.

 

 

 

ومن الأمثلة التي شاهدتها بأم عيني : كنت ضمن المشيعين لإحدى الجنازات ، وكان سبب الوفاة موت شاب في سن الأربعين في حادث سيارة على الطريق ، وعندما وصلت الجثة إلى بيت الميت قامت النساء كالعادة بالصراخ والعويل ولطم الخدود ، ولكي يسكتوا هذا الفيضان من البكاء واللطم وشق الجيوب قال لهم أحد الحضور لقد مات شهيدا ، والله العظيم مات شهيد ، دي موتة حلوة والله العظيم موتة حلوة حد طايل يموت موتة زي دي .

 

وفي مرة أخرى خرج علينا المـُغـَسـِّل بعد أن قام بغسل الميت قائلاً إن جثته كانت ناصعة البياض ، ووجهه شديد البياض و منور وختمته زي الفل ، وشهد له بالصلاح لهذه الأسباب الجسدية التي لا علاقة لها بصلاح أو فساد العمل.

 

 

 

وانتشرت هذه الثقافة بين معظم المسلمين ثقافة لقد مات موتة حسنة أو مات موتة حلوة أو مات موتة كويسة ، لدرجة جعلت بعض الناس يدعون ربهم أن يميتهم مثل هذه الموتة ، وكأنها أصحبت سبيلا للنجاة في الآخرة وتناسوا آيات القرآن الكريم التي تدعو لعبادة الله بلا شريك والإيمان بقرآنه الكريم ، و الإكثار من العمل الصالح قدر ما يستطيع الإنسان لكي ينأى بنفسه من عذاب النار التي لا يدخلها إلا من ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، ويعتقدون أنهم سيدخلون الجنة بمجرد أن أحدهم مات بعيدا عن أهله أو بيته أو مات بوجع في بطنه أو مات أبيض الوجه ، وتناسوا أيضاً أن الجنة لا يدخلها إلا من أمن  بالله وعمل صالحا ، فهذه إحدى صور التدين السطحي الذي يضر المجتمع ، ويجعل أفراده يبحثون عن أوهام ليس لها أي وجود في دين الله ، ويستغنون بهذه الأوهام عن العبادة الخالصة لله جل وعلا ، كما يبتعدون كل البعد عن العمل الصالح الذي ينفعهم و ينفع الناس.

اجمالي القراءات 20373