القضاة و السياسة
للقضاء ميزة و ضريبة فهل يدفع القضاة الضريبة ؟

شادي طلعت في الجمعة ١٢ - سبتمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

لا زال القضاء المصري من وجهة نظر العديد من المصريين حصن من حصون الدفاع عن الحرية و حقوق المواطنين و جميعنا قد شغل بالقضاء منذ عام 2005 في ظل مطالبتهم بتمرير مشروع قانون السلطة القضائية الذي كان على هوى أعضاء نادي القضاة !
و قد وجد البعض أن من حق القضاة أن يكون لهم قانون مثل مشروع القانون الذي خرج من نادي القضاة و قد إعترض عليه البعض ، و لا أخفي أنني كنت واحدآ ممن وقفوا ضد مشروع قانون السلطة القضائية الذي خرج من عبائة نادي القضاة و موقفي هذا لم يكن غريبآ خاصة و أني محام و لا أننسى أنه وقت تعديل قانون المحاماة و المادة الخاصة برفع اتعاب المحاماة من خمسة جنيهات إلى خمسون جنيهآ و خمسة و سبعون جنيهآ ، إعترض على هذا التعديل رئيس نادي القضاة و هو نفسه الموجود حاليآ و أقصد طبعأ المستشار "زكريا عبد العزيز" و الذي قال أن مجلس الشعب كان يجب أن يرجع إلى نادي القضاة في هذه التعديلات و أن هذه الزيادات ستكون خطرآ على المحامين اللذين يجب أن يكون لديهم ميزانية محدودة و من الخطأ أن نرفع من دخل نقابة المحامين .
و وقت أن كنت أقول وجهة نظري و أرددها وقف ضدي الكثيرين من المحامين المهتمين بالعمل العام أثناء فترة أزمة القضاة الأخيرة و لكن لم يمر وقت طويل و حدثت مشكلة بين القضاة في الإسكندرية و المحامين كان على إثرها حبس أحد المحامين و التنكيل به بأوامر من القضاة و سبحان الله كان الرجل الذي بيده حل الأزمة في ذلك الوقت هو المستشار "محمود الخضيري" رئيس نادي قضاة الإسكندرية و نائب رئيس محكمة النقض و لم تفلح جميع محاولات المحامين بلجنة الحريات بالقاهرة لدى السيد المستشار لدرء الأزمة قبل أن تزيد في التفاقم !!!
وقتها علم كثير من المحامين أنني كنت على حق في موقفي من القضاة و أنني حينما طلبت أن قبل أن نعلن موقفنا تجاه القضاة بالتضامن أن نأتي أولآ بالقانون الصادر عن مجلس الشعب و القانون الخارج من نادي القضاة و أن نقارن فيما بينهما .
أرجوا أن تكون الصورة قد إتضحت إليكم بعض الشئ ، المهم لموضوعنا أن نجيب عن سؤالين هامين جدآ و هما هل يحصل القضاة في مصر على إمتيازات لا يتمتع بها غيرهم من الفصائل المهنية الأخرى ؟ و الإجابة نعم يتمتعون ، و السؤال الآخر هل يحظر على القضاة أشياء قد يتمتع بها غيرهم ؟ و الإجابة نعم و من هذه الأشياء يحظر على القضاة العمل في السياسية .
و لنتسائل معآ لماذا يحظر عليهم العمل السياسي ؟ و الإجابة لأن القاضي يجب أن يكون منزهآ عن أي هوى و هذه هي ضريبة مهنته السامية فلا يجوز له أن يكون نجمآ في سماء السياسة و لا يجب أن يكون لهم تصنيف سياسي فستكون أعظم مصيبة لدينا لو أننا صنفنا القضاة هذا ليبرالي و هذا إسلامي و هذا يساري !!!
فكيف سيأمن رجل ليبرالي على نفسه أن يصدر له حكم عادل مع خصم إسلامي أمام قاض إسلامي ! و كيف سيأمن شخص يساري مع خصم ليبرالي أن يصدر له حكم عادل من قاض ليبرالي ! بالتأكيد لن يأمن أي منا على نفسه في ظل خوض القضاة في أمور السياسة .
و لو كان أحد القضاة يهوى العمل بالسياسة فعليه أولآ أن يتقدم بإستقالته ثم يعمل بالسياسة أما و أن يتحدث بالسياسة و هو قابع على كرسي القضاء فهذا ليس من حقه أبدآ و لن يكون من حقه في يوم ما .
و الواقع أنني قد تعجبت منذ فترة قريبة جدآ حينما علمت أن المستشار "محمود الخضيري" هو المنسق العام للحملة الشعبية لفك الحصار عن غزة !!!
و الأعجب أن هذه الحملة تضم قضاة آخريين و أتسائل أليست هذه الحملة هي عمل من أعمال السياسة و كيف نستبعدها و نقول أنها ليست من أعمال السياسة و المسألة معقدة سياسيآ جدآ و فيها صراعات دولية على مستوى مرتفع جدآ فهناك صراع فلسطيني بين فتح و حماس و هناك صراع عربي إسرائيلي و هناك أطماع دولية كبيرة قد لا يعلمها إلا السياسيين فلماذا يقحم القضاة أنفسهم في مثل هذا العمل ! و كيف من الأساس يتم السماح لهم من قبل الدولة بمثل هذا العمل ! و هل مصر ليس فيها من السياسين من يؤدي هذا العمل ؟
و أعود إلى سؤال آخر كيف سيأمن شخص يهودي على نزاع مع آخر فلسطيني بأن يصدر له حكم عادل أمام قاض إشترك في مثل هذه الحملة !!! أيآ كان النزاع تجاريآ أم مدنيآ أم جنائيآ بالطبع لن يكون هناك ثقة في الحكم العادل حتى و إن كان حكم عادل و ليس منا أحد بحكمة و عدل رسول الله "ص" الذي كان يحكم لليهود ما دام الحق معهم .
في النهاية أقول ليت القضاة لا يشغلون أنفسهم إلا بقضايا المواطنين فقط فلدينا ما يفوق العشرة ملاين دعوى قضائية مقسمين على عدد لا يتجاوز الخمسة آلاف قاض ! أي أن القضاة حقآ غير متفرغون لأي عمل آخر فكيف لهم أن يشغلوا أنفسهم بما هو ليس من حقهم !!!
و ختامآ أقول لك الله يا مصر .

 

 


shadytal@hotmail.com

 

 

 

اجمالي القراءات 10340