نظام الكفيل هو أقبح نظام لإستعباد البشر فى تاريخ البشرية

Inactive User في الأحد ٠٧ - سبتمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

(1) إنكسار الروح :

هل شعرت يومأ ما أنك ريشة تتقاذفها الرياح فى كل اتجاه لا يحميها من بطش الرياح والبرد والثلج جدار أو سقف أو بيت أو ملابس ؟؟ هل شعرت أنك غريب شريد تتمنى الموت فلا تموت ؟ هل رأيت الفضاء نارأ تحرق كل شىء حولك ؟ هل رأيت الماء سرابأ لا يروى ظمأك ولا يرد عطشك ولا يبرد نار قلبك ولا يطفىء شعلة حزنك؟
هل بحثت عن صديق فى ملايين الوجوه العابثة فلم يعبأ بك أحد ولم يهتم بك مخلوق ولم يعرك أى إنسان أى انتباه ؟ هل شعرت بصحراء القلوب وهجير النفوس وعطش الوحشة وألم الفراق وذل العيون وانكسار الروح وسط قلوب تحجرت ونفوس تسمرت ووجوه تبلدت وأحاسيس انعدمت ومشاعر احترقت ؟
هل كلمت نفسك كالمجنون وخاطبت الجدران والكراسى والأثاث كأنهم أشخاص ؟
هل وقفت اللقمة فى حلقك ورفضت النزول لأن ذكريات الأحبة وصور الأهل والأصدقاء والجيران وعبق الماضى يتراقصون أمام عينيك فيمنعون نزول الطعام من الحلق فتتحجر الدموع فى عينيك ويجف فمك وبلعومك فتشرب كثيرأ حتى تبتلع لقمة واحدة ثم تترك طعامك وترتد ى أى ثياب للخروج إلى شوارع ذلك المكان المخيف الذى صار بمثابة سجن واسع يضمك ويضم غيرك من الآلاف الذين تركوا الأهل والأحبة والجيران والأصدقاء سعيأ وراء رزق أوسع أو هربأ من إضطهاد بأى شكل فيجدون أنفسهم بين عشية أو ضحاها صرعى الغربة بكل مرارتها وتعاستها وشقائها
لو صادفتك قلوب طيبة فى الغربة وهى قليلة جدأ وشحيحة جدأ فسوف يكون محض صدفة لقاؤك بإنسان لم يزل يحتفظ ببقاياه كإنسان ولا زالت لديه بعض المشاعر القديمة والأحاسيس الكريمة سيقول لك ان عذاب الغربة الحقيقة فى العدة شهور الأولى أو السنة الأولى وبعدها ستتأقلم وتأخذ على الوضع وتنسى كل شىء وتبدأ حياة جديدة جميلة كأنك ولدت من جديد فإذا سألته عن عبق الماضى وحب الأهل والأبناء والأخوة والأصدقاء وتراب الوطن الغالى وخضرة الشجر وصوت الكروان المغرد صباحأ أو فى وقت الأصيل ولذة الهواء وقت السحر وجمال السير تحت ضوء القمر, قال لك سوف يكونون معك على التليفون والنت وسوف تنسى بالتدريج
مسكين وحزين أنت دائمأ أيها الإنسان المقهور الذى يزج به قدره التعيس نحو السفر والهجرة من أجل تحسين حاله أو هربأ من الإضطهاد فى بلده الحبيب أو طلبأ للعلم والمعرفة , تحاصرك قوانين السفر والهجرة بأنيابها الحادة فى بلاد الغرب وتحاصرك قوانين الكفيل فى بلاد العرب الشرقية الغنية بالنفط والتى يتوفر بها رزق جيد فلا أنت تملك قرارك لو سافرت شرقأ ولا تملك زمام أمرك لو سافرت غربأ ولو قررت عدم السفر هروبأ من تلك القوانين المتعجرفة لعشت بين فكى أسد هما الفقر والقهر , نعم تعيش فقيرأ بلا مال أو آمال أو أحلام وتعيش مقهورأ فى بلاد حرمت الفكرة الجديدة وجرمت الآراء السديدة فكبتت الأفواه وخيطت الشفاه فلك الله يا إنسان هذا العصر ويا وليد زمن القهر لك الله الذى لا تضيع عنده الحقائق ولا تسرق من خزائنه الوثائق ولا تشعل فى أملاكه الحرائق من أجل نصرة ظالم أو التستر على غاشم بهلك الزرع ويتسف الضرع ويبتلع الحقيقة فى أقل من دقيقة !!!
لماذا تعقدت عملية السفر والهجرة لدرجة طلوع الروح وانكسارها ؟ أين روح النص فى قوانين السفر والهجرة وكيف يحكم على مهاجر بنسيان أعز احبابه الذين عاش من أجلهم وتغلغل حبهم فى قلبه وضميره ووجدانه ولماذا تكون الأفضلية دائمأ لمن يملك المال وكلنا يعلم آلاف الطرق التى يمتلك بها المال ولكنه مفضل دائمأ حتى فى الدول التى تتشدق بدعم الحريات بكل أشكالها فإنهم يكذبون وليجرب أحدكم محاولة الهجرة لدولة من تلك الدول حيث يدخل فى متاهات ونفقات رهيبة وتكون النتيجة رفض طلبه بسبب عدم ملكيته لحسابات بنكية تكفيه لعدة سنوات مع أسرته من مأكل ومشرب وملبس وعلاج وخلافه أى أنه لا مكان لفقير فى تلك الدول حتى لو كان عالمأ أو مبدعأ أو عملأقأ فى مجال عمله ولكن العصمة عندهم لمن يملك المال بغض النظر من أين اكتسبه
دموع الغرباء تتساقط كل لحظة على فراق ذويهم وأحبابهم وأهلهم وأصدقائهم وعدم قدرة المغترب على استقدامهم بعد أن تعقدت القوانين أمامه بشكل مفزع وصار ينظر للإنسان نظرات تلعثمية ويفترض دائمأ أنه مجرم أو إرهابى أو مسافر لتفجير شىء ما فى بلد ما فى وقت ما , تهمة تلتصق الآن بأى إنسان بحجة مكافحة الإرهاب العالمى وكأن إفتراض الشر والسوء أصبح القاعدة حتى يثبت العكس فتعقدت الأمور وأظلمت الدنيا واسودت كل القلوب حول المغترب سواء كان مسافرأ للعمل أو مهاجرأ أو حتى للدراسة
وفى بلاد العرب الشرقية التى أغناها الله تعالى من فضله وأفاض عليهم من خزائنه التى لا تنفد , ألم يئن الأوان للتخلص من نظام الكفيل فى الجزيرة العربية وهو نظام أقرب للعبودية وإذلال الإنسان من أن يكون نظامأ إنسانيأ يحفظ كرامة الإنسان وإنسانيته , حيث يكون لذلك الكفيل كل الحق فى إستقدام المكفول وتشغيله بعقد وبنود من نار وفرض الشروط الكثيرة والأكيدة على الطرف الثانى ( المكفول ) مع شروط قليلة جدأ على الطرف الأول ( الكفيل) ولدى ألاف الأمثلة لأشخاص ذاقوا الذل والعذاب والهوان بسبب خلافات نشأت بينهم وبين كفيلهم وبسبب عناد الكفيل وعدم إكتراث مكاتب العمل بتلك القضايا تتحطم قلوب وتهدم أحلام وتتدمر أسر ويعانى المكفول ( كأنه عبد ذليل ) أمرّ الأمرّين للحصول حتى على تأشيرة خروج فلا يجد ويدفع الثمن سنوات شقاء وذل من عمره لا يمكن تعويضه عنها إلا بحبل من الله وحبل من الناس
ألم يحن الوقت بعد لإلغاء نظام الكفيل فى الدول العربية والذى يتسبب فى ذل العامل الغريب وتدمير نفسيته حيث يؤخذ منه جواز سفره من أول يوم لوصوله ويستبدل بإقامة ولوكره العامل كفيله لسبب معين أو كره العمل أو تعب نفسيأ ورغب فى العودة لوطنه تكون الطامة الكبرى فى عدد كبير من البنود التى تلزمه بدفع غرامة كبيرة فوق طاقته فيضطر للبقاء قسرأ فى مكان لا يطيق البقاء به أليس ذلك ظلمأ مروعأ وقهرأ قاتلأ وهتكأ فاضحأ لكرامة الإنسان الذى كرمه رب العالمين ؟؟ كما تحكم عليه بالبقاء عدة شهور بمكانه حتى يعثر الكفيل على عامل يحل محله أو ينتظر سنة رغم أنفه يعمل فى مكان يكرهه تنفيذأ للقوانين التى فرضها الكفيل فى عقده
لماذا لا تكون هناك حرية كاملة للعامل فى أن يستمر فى عمله لو راق له أو يتركه لو كرهه ؟؟ إنها أبسط حقوق الأنسان فى حرية الإختيار إذ كيف يعمل الإنسان مجبرأ فى مكان ما أو دولة ما وهو يرفض ذلك العمل
أنظروا معى يا سادتى الكرام ويا سيداتى الفاضلات كيف يكون إنكسار الروح فى بلاد الحرية التى تملك فيها جواز سفرك وكامل قرارك فى العودة لبلادك وقارنوا بين هذا الإنكسار وبين إنكسار الروح لإنسان يعيش فى بلاد تسحب منه جواز سفره فى أول لحظة يصل فيها لمقر عمله وتعطيه إقامة ( هوية) بدلأ منه ويفقد قراره وحريته فى العودة لبلاده عندما يحتاج لذلك أو يحب فعل ذلك فهو ممنوع من الحركة إلا بأمر من الكفيل الذى يتصرف فيه ويتحكم فيه كيفما يشاء وهناك آلاف الأمثلة لأشخاص ذاقوا ذل الإستعباد ومرارة الهوان والحرمان على أيدى من يكفلونهم بسبب بعض الخلافات البسيطة ففقدوا حريتهم وفقدوا سلام النفس وكرامة الإنسان وعاشوا فى غربتهم أذلاء تتقاذفهم رياح الموت ولا يموتون ويلتاع الأهل والأحبة بلوعة فراقهم فلا يحصلون على ما يريدون حتى يتنازل السيد الكفيل ويمن ويحن على المكفول وينزل من سمائه وعرشه وكبريائه ويوافق له على أبسط حقوقه فى العودة السهلة لبلاده بعد أن يذرف المكفول دموعأ تغرق الأرض وتروى ظمأ الصحراء على فراق الأهل والأحبة ومن ظلم الظالمين وعبث العابثين ,
أليس لهذه القوانين وتلك اللوائح قلب يحس باحتراق الغريب وموته البطىء يوميأ ودمعه الذى لا ينقطع ؟؟ الا يمكن لهذه القوانين أن تعتدل وتستقيم وتستوعب الآخر اللاجىء من أجل لقمة عيش مريرة يطلبها لنفسه ولأهله ؟ ألم يئن لهؤلاء الذين يسنون تلك القوانين أن يكون لهم قلوب يعقلون بها أو أعين يبصرون بها أو آذان يسمعون بها ؟ فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور
أين نحن من قول الشاعر الحر هاشم الرفاعى حين صاح فى وجه جلاديه
أهوى الحياة كريمة لا قبد لا إرهاب لا استخفاف بالإنسان
فإذا سقطت سقطت أحمل عزتى يغلى دم الأحرار فى شريانى
ثم أين نحن من قول جبران خليل جبران حين ثار على الجمود والتردى وعبادة الماضى والتمسك بعادات وقوانين بالية فقال يخاطب نفسه :
هو ذا الفجر فقومى ننصرف
عن دبار ما لنا فيها صديق
ما عسى يرجو نبات يختلف
زهره عن كل ورد وشقيق
وجديد القلب أنى يأتلف
مع قلوب كل ما فيها عتيق
هو ذا الصبح ينادى فاسمعى
وهلمى نقتفى خطواته
قد كفانا من مساء يدعى
أن نور الصبح من آياته
ستظل أرواح كثيرة تنكسر كل يوم بسبب ما شرعه بنو البشر من لوائح وقوانين اقل ما يقال عنها أنها تهدر كرامة الإنسان وتقتل سعادته وتحرق سلامه وتصيبه بظلم فادح لا يحصاه إلا الله تعالى الذى لا تضيع عنده المظالم وقريبأ جدأ يحكم الله فى كل من تعرض بظلم لأخيه الإنسان حتى لو كان يخالفه الدين أو العقيدة أو الجنس أو اللون وسيدفع كل الذين كسروا ارواح الأبرياء على أعتاب قلوبهم الصلبة ثمنأ يعلم الله العظيم مقداره وقدره
(2) أنا وااكفيل والزمن طويل

ألظلم ظلمات يوم القيامة وكلمة الظلم مشتقة من الفعل( يظلم - ظلم ) ومعناها فى القرآن إنقاص حق من الحقوق الطبيعية لإنسان معين فى زمان معين ومكان معين وقد ذكر الله تعالى فى كتابه العظيم القرآن الكريم قوله تعالى فى سورة الكهف : ( كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئأ ) أى لم تنقص من الكمية الطبيعية التى إعتاد صاحب البستانين أن يجنيها من محصول فى كل موسم فمن يحرم إنسانأ من قول رأيه بحرية فى موضوع ما فإنه يظلمه ومن يسجن بريئأ دون سبب أو حجة قوية أو برهان مقنع فهو ظالم لأنه يسلبه حريته التى منّ الله عليه بها ومن يهن إنسانأ بالسب أو الضرب أو التجريح فهو ظالم ومن يغتاب إنسانأ فى شرفه أو رجولته أو ضميره أو ذمته فهو ظالم ومن يسلب مالأ أو عقارأ أو ارضأ أو دارأ من إنسان فهو ظالم ومن يقهر إنسانأ بسبب ما يملك من سلطة فيذله أو ينقص من قدره أو يحتقره أو يهن إنسانيته فهو ظالم . ومن يتكبر على العباد ويتعالى عليهم بماله أو صحته أو جاهه أو سلطانه فهو ظالم ومن يعتقد أنه فوق الناس وقبلهم فى كل شىء فهو ظالم ومن يفرض على مضطر شروطأ صعبة وهو يعلم أنه سيقبلها مضطرأ بسبب شدته وحاجته وظرفه الصعب ووقته الراهن فهو ظالم ومن يتعد حدود الأدب مع الغير فى نقاش أو جدال أو كلام أو جيرة فى ارض أو بيت أو سفر فى طريق فهو ظالم وقال تعالى واصفأ من ينقص الله تعالى أعظم حقوقه وهو أن يعبد بلا شريك فقال عنه ( إن الشرك لظلم عظيم ) , ثم قال ( ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح فى مكان سحيق ) , لأن المشرك يعتدى على وحدانية الله خالق الكون فيعبد معه آلهة أخرى ليس لها أى حق فى هذه العبادة بل إنها مخلوق من مخلوقات الله العظيم مثل الحجر والشجر والبقر والنار والعجل والأموات والأضرحة وغيرها من الأوثان . تخيلوا ايها السادة أن نظام الكفيل فى الجزيرة العربية يحمل كل أنواع الظلم التى ذكرتها آنفأ فالمغترب القادم للعمل فى الخليج يترك أهله ولا يحق له إستقدامهم إلا بعد وقت معين ولا بد أن يكون من أصحاب الكوادر العلمية كالمدرس والمهندس والطبيب ألخ 00أما العامل العادى فلا يحق له مطلقأ أن يستقدم أهله بحال من الأحوال , ثم تفرض على المغترب بنودأ من نار وساعات عمل لا يمكنه التقصير فيها ورواتب صغيرة لا تساوى يومأ واحدأ من غربته وذله وبعد ه عن الأهل والأحبة ويا ويله لو اختلف مع كفيله أو عصى أمرأ من أوامره أو قصر فى أداء جزء يسير من واجبه , وهناك آلاف الأمثلة لأناس ظلموا وهضمت حقوقهم وأكلت رواتبهم بيد السيد الكفيل المتكبر المتعالى على خلق الله سبحانه وتعالى وأعرف اشخاصأ كانوا يتقاضون جزءأ يسيرأ من رواتبهم طوال عامين والكفيل يؤجل دفع الباقى حتى نهاية مدة العقد فلا يفى لهم بحقهم ولا نصفه ولا ربعه ويضطرون للمغادرة دون أن ينبسوا بحرف رغبة فى العودة مهما كان الثمن , واعرف اشخاصأ آخرين يريدون نقل كفالتهم لكفيل آخر بعد أن ذاقوا الأمرين مع الكفيل الأول فيكون الرفض هو النتيجة الطبيعية وعندما يشكو المغترب مظالمه فى مكاتب العمل تطول المسألة بشكل يدعو المغترب لليأس من الحصول على حقوقه فتتحول أمنيته إلى مجرد موافقة الكفيل على سفره وعودته لبلده عن طريق تأشيرة خروج نهائى كلمة كفيل جاءت من الفعل (يكفل – كفل ) وقد ذكرت فى القرآن العظيم فى عدة مواضع منها على سبيل المثال : ( ونادى مناد أيتها العير إنكم لسارقون , قالوا واقبلوا عليهم ماذا تفقدون , قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به كفيل ) سورة يوسف أى انا مسئول عن إعطائه حمل البعير عندما يكشف لنا عن سر إختفاء الصواع ومكانه يعنى الكفالة مسئولية الكفيل عن من يكفله وقال تعالى عن مريم البتول : ( وما كنت معهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم ) أى يكون مسئولأ عنها وعن الإنفاق عليها وتربيتها وتعليمها وتمريضها والإهتمام بكامل شئونها لأنها كانت طفلة صغيرة , كما قال تعالى على لسان أخت موسى حين رفض المرضعات وكانوا يبحثون له عن مرضعة فقالت أخته التى كانت تتابع تحركاته فى النهر وفى قصر الفرعون وتتحسس أخباره قالت لهم ( هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون ) أى تدلهم على سيدة ترضعه وترعاه وتهتم بطعامه وشرابه وصحته لأنه كان طفلأ لا يستطيع فعل شىء لنفسه أى أن الكفالة تكون للشخص الحديث فى السن الذى لا يعرف مصالح نفسه ولا يستطيع القيام بأعباء حياته اليومية بمفرده إلا بمساعدة كفيل يكفله ويهتم به وبمصالحه وصحته وطعامه وشرابه وعلاجه ونومه ويقظته . نظام الكفيل فى الجزيرة العربية يعتمد الصفتين السابقتين بمعنى أنه يتعامل مع الغريب كأنه فاقد للأهليه ولا يعرف مصالحه ويحتاج لمن يأخذ بيده وينصح له ويقف إلى جواره وإلى هنا والمعنى معقول حيث أن الغريب أعمى ولو كان بصيرأ كما يقول المثل المصرى ولكن الكارثة أن الكفيل يظلم المكفول فى معظم الأحيان ولا نقول فى كل الأحيان حتى لا ننكر وجود الطيبين وأصحاب النفوس الكريمة ولكن الغالب على نظام الكفيل هو الظلم وهضم الحق وانتقاص الكرامة الإنسانية لدرجة تجعل الغريب المكفول تدور به الدنيا ويلف حول نفسه ولا يجد منقذأ له أو مجيرأ غير مكاتب العمل وقوانينها المطاطة التى قد يهرب الكفيل منها شهورأ أو سنينأ عتدما يشكوه المكفول فى مظلمة معينة ويدفع المغترب شهورأ أو سنينأ من عمره بحثأ وراء حقه وقد بفلس بسبب عجزه عن الحصول عليه فيضطر للتنازل عنه بل ودفع مبالغ أخرى للكفيل من أجل نقل كفالته إلى رجل آخر يتوسم فيه المغترب خيرأ وقد يخيب ظنه ليكتشف صفات سيئة وبشعة فى الكفيل الجديد وقد يظلمه ويهضم حقوقه مرة أخرى فيسقط فى يده ويتوه المغترب فى حلقة مفرغة لا تنتهى من العذاب المهين . يقول أحد المغتربين ( م . خ . م ) مصرى الجنسية : سافرت على كفالة أحدهم فى دولة من دول الخليج وعملت لديه اربع سنوات وكان يعطينى جزءأ صغيرأ من راتبى أنفق بصعوبة على نفسى وأرسل لزوجتى مبلغأ صغيرأ كل شهر وكان يوهمنى أنه يوفر المبلغ لى وكلما طالبته بكامل راتبى قال لى إنت مخونى وما مآمن لى ياخى ؟ فأحرج منه وأضطر للصبر أملأ فى صدقه , وفى نهاية المدة كان لى عنده خمسون ألفأ وبدأت أطلب حقى وهو يزوغ منى ويموه ويتحجج بحجج واهية وعرفت أنه لا يريد دفع الحق وشكوته عند معارفه فلم يعبأ بهم ثم أخيرأ لجأت لمكتب العمل الذى لم ينصفنى لمدة عام كامل بسبب المماطلة من الكفيل وتحضير أوراق وهمية يثبت بها حصولى على أكثر من حقوقى ثم وصل به الأمر لتهديدى بتلفيق جريمة لى تتسبب فى سجنى إلى الأبد فلا أعود لأهلى مدى الحياة , وأخيرأ بعد سماع نصائح الأصدقاء عملت معه مصالحة ووقعت على أننى استلمت كافة حقوقى فى مقابل أن يسمح لى بتأشيرة خروج نهائى ويعطينى جواز سفرى لأعود إلى أولادى صفر اليدين بلا مال وبلا صحة ونفسيتى محطمة ولأننى ليس لى وظيفة فى مصر فلا أدرى ماذا أفعل هنا وشعرت أننى أمام شخص منهار يفضل الموت على الحياة فلا هو منصوف فى وطنه ولا منصوف فى غربته , بالله عليكم ماذا يفعل هذا الإنسان أيها السادة ؟؟ ألا يمكن لأصحاب الأيادى البيضاء النقية وهم بالفعل موجودون فى دول الخليج ولا يمكن إنكار فضلهم أن يتقدموا بلوائح تلغى نظام الكفيل وتعيد للمغتربين حقوقهم وتحترم آدمية الإنسان وكرامته وتقدر أنه خارج من وطنه بحثأ عن لقمة عيش حلال تاركأ كل أحبابه وأبنائه وأهله زارفأ دمعأ غزيرأ على فراقهم مسافرأ متوسمأ خيرأ فيمن يسافر إليهم فتقابله طامة الكفيل وأخلاقه وشروطه وتعسفه وأحيانأ قليلة جدأ يكون الكفيل رجلأ طيبأ وهذا وارد طبعأ , ولكننا نبحث عن تشريع يحفظ حقوق المغتربين ويحترم آدميتهم وكرامتهم , فهل إلى سبيل من خروج ؟؟؟

(3) هذه بضاعتكم ردت إليكم


طبيب مصرى سافر للعمل فى إحدى دول الخليج وكان حظه أن المنطقة التى نزل بها للعمل متشددة دينياً إلى ابعد حد يمكن أن يتخيله إنسان , وصاحبنا – الطبيب – كان مسلماً عاديأ يصلى الفرائض ولكن ليس بانتظام وأحيانأ يؤخر بعضها أو يجمع عدة فروض بسبب عمله أو لأى سبب آخر ولكنه فى النهاية كان ينام مسبحاً ذاكرا لربه شاكرأ لأنعمه وكان ممن يؤمنون أن الدين لله تعالى هو وحده الذى يحاسب عباده على أعمالهم , كما كان متحررأ فكريأ فهو يشاهد الأفلام التلفزيزنية والمسلسلات والأغانى والفيديو كليب وأحيانأ تقع يده على شريط ثقافى فيشاهده خلسة دون أن يراه أحد ثم يستغفر ربه على هذا الذنب المشين .
كان يصوم رمضان كأى مسلم ويحلق لحيته فتظل ناعمة ملساء لعدة ايام ويضع الكريمات والبارفانات ويرتدى ما يشاء من بناطيل وقمصان وبلوفرات وبدلات وغيرها , ويستعمل منذ طفولته فرشاة اسنان لتنظيف أسنانه ثلاثة مرات يوميأ , ولكنه – كما حكى – كان يحب عمله جدأ ويقوم به على أكمل وجه ويجاهد قدر الإمكان ليصبح طبيباً مرموقا وناجحاً , وكان أهل الحارة يحبونه حباً شديداً ويقدرونه وهو بينهم يعيش أخاً للجميع وفى معظم الأحيان يوقع عليهم الكشف الطبى أخوية – يعنى بدون أجر- لشعوره بأنهم جميعاً مثل أهله وكم قدموا له من خيرات ومواقف نبيلة شهمة فى حياته الماضية وهو طبعاً يقدر ذلك أعظم تقدير.
كان لم يتزوج بعد وقد مر عليه الزمن فكبر فى السن حتى ناهز الأربعين من عمره ولكنه كان ينظر إليه كأنه فى الثلاثين من شدة حيويته ونشوة شبابه وقوة شخصيته , ظل يحلم بعقد عمل إلى دول النفط يرفع من مستواه المادى ليجد بنت الحلال التى تحتاج لكم هائل من الأموال حتى ترضى عنه وتتزوجه , وأخيرأ وجد عقد العمل ودفع فيه تحويشة العمر وسافر على حسابه بالطريق البرى فقد كانت هذه إحدى شروط السيد الكفيل الذى يمتلك المستوصف الخاص , وفى طريقه للسفر ذاق الأمرين من الأوتوبيس وطول الطريق وشقاء السفر والحر والحسرة على فراق الأهل والأصدقاء والجيران والأحبة ولم يجد فى طريقه صديقاً مخلصأ يأنس به أو رفيقاً حنوناً يشكو له وجع الغربة التى يشعر بنارها تلسع قلبه رغم أنه لم يزل بعد فى أراضى بلده الحبيب مصر ولم يعبر بعد إلى الجانب الآخر .
وصل الرجل إلى مقر عمله وهناك قابلوه مقابلة حسنة وأوصلوه إلى مسكنه الجماعى ( لأنه أعزب ) وكان بصحبته إلى مسكنه زميل له يعمل هناك منذ عامين وقد تأقلم ( على حد زعمه ) مع الوضع هناك حيث أن المنطقة التى بها المستوصف أهلها متشددون للغاية خاصة فى الشكليات الدينية فمثلأ حذره زميله من حلق لحيته لأنها ستكون مشكلة لو حلقها كلما راح أو جاء , كما طلب منه أن يحف الشارب وأن يرتدى جلباباً لا يصل للأرض وأن يحمل فى جيبه مسواكاً يدعك به أسنانه قبل كل صلاة وأن يقيم جميع فرائض الصلاة فى المسجد وعندما يسمع المؤذن لا بد أن يهرول للمسجد ولا يتأخر أبداً وإلا تعرض لمساءلة ( المطوعين ) وهم مسؤولون عن جمع الناس من الشوارع والمحلات والمنازل لأداء الصلاة ولو لاحظوا عليك – لازال الكلام من الزميل موجهاً للطبيب المصرى – أنك تتأخر عن أداء الصلاة فهى طامة كبرى , وإذا دعيت فى عزومة أو أكلت أمام الناس فى مطعم فعليك تناول طعامك بيدك اليمين ولا تستخدم اليد اليسرى فى ذلك أبدأ , وأن تشرب المياه على ثلاث مرات وتسمى قبل كل مرة وتحمد الله بعد كل مرة , وبالنسبة لتليفونك المحمول عندما تشترى تليفون وخط حذارى من وضع موسيقى أو أغنية كنغمة فى التليفون وإلا تعرضت هنا لمساءلات المطوعين الذين سيتتبعونك أولاً بأول ويرصدون حركاتك لحظة بلحظة , وبطبيعة الحال فقد كان لديك طبق ( دش) تستقبل به القنوات التلفزيونية فى مصر , أما هنا فحذارى من محاولة تركيب طبق فقد كسروا هذا العام أكثر من عشرين طبق وحكم بالجلد على من حاول تكرار محاولة تركيب الدش أو التلاعب عليهم بأى شكل من الأشكال فلديهم عيون تأتى لهم بالأسرار من كل مكان وساعتها لن يرحموك.

كل ذلك وأخونا الطبيب الجديد ينظر لزميله وقد فغر فاهه وفتح عينيه وصار نفسه سريعاً من الخوف والرعب والإنزعاج , كيف ذلك وما هذا الرعب الذى تريد أن تقنعنى به ؟ أنا أصلى ولكن معظم الفروض فى المنزل أو العمل ومعظم الأحيان أقوم بتأخير الفرض لعذر يعلمه الله ربى وأحياناً أجمع فرضين وأحياناً أخرى يضيع منى فرض أو إثنان ولا أقضيهما , أما عن اللحية فأنا لم أطلق لحيتى طوال عمرى الماضى فكيف أطلقها اليوم ولماذا ؟ وبالنسبة للمسواك فطوال عمرى أستخدم معجون الأسنان , وبالنسبة للجلباب فلن ألبسه أبدأ فأنا متعود على البنطلون والقميص وغيره , وبالنسبة لأكلى باليد اليمين والشرب على ثلاث مرات فلم أتعود على ذلك , فقال له زميله : لا بد أن تؤقلم نفسك على ذلك كما فعلنا جميعاً وليس مهماً أن تكون مقتنعاً يا صديقى فهى فترة وستمر !!
تعجب الطبيب من كلام زميله إذ أنه لم يتعود على فعل شىء بغير قناعة كاملة فقال له ولكننى غير قانع بما تقول فأنا أعلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يطلق لحيته مثل بقية القوم وحتى كان يطلقها قبل أن يبعث نبياً لأنها كانت عادة متبعة لقلة الحلاقين وصعوبة الحلاقة وأسباب أخرى وأما عن المسواك فقد كان النبى يقصد نظافة الفم والأسنان وطهارة رائحتهما ولم تكن فى زمنه فرشاة أسنان أو معجون يكافح الجير أو التسوس ولو عاش النبى فى زماننا لاستخدم المعجون والفرشاة لأنه أطهر خلق الله تعالى ,
راح صاحبنا – الطبيب الجديد – فى جدال عقيم مع زميله الذى تأقلم على الوضع وصار قطعة من أهل المكان بكل صفاتهم حتى يعيش ويكسب قرشين يعود بهما لأهله سالماً غانماً , ولكن بطل قصتنا كان مشاكساً ومجادلاً أكثر من اللازم , وعندما وصلوا لمسكنه دخل وودعه زميله وتمنى له الخير والتوفيق , ودخل صاحبنا مسكنه ورأسه يدور فيما سمعه من تحذيرات إقشعر منها بدنه , ونام ليلته من شدة الإرهاق واستيقظ صباحاً على كلاكس سيارة المستوصف ليذهب لإكمال الإجراءات فقام على الفور وفى بضع دقائق جهز نفسه ونزل للسائق وغادرا المكان متوجهين للمستوصف حيث قابل المدير الذى سلم عليه بحرارة شديدة ورحب به , ولكنه بعد فترة قصيرة بدأ يتحدث معه عن اللحية والشارب والجلباب والمسواك والإلتزام بآداب السنة النبوية , ولم يحاول صاحبنا جدال المدير كما فعل أمس مع زميله ولكنه وعده بأن يكون عند حسن ظنه , وتكررنفس الموقف مع كل من قابلهم من أطباء وممرضين وعمال فى المستوصف فالكل يلتزم بنفس الأشياء التى حدثه فيها صاحبه بالأمس , ولكن صاحبنا له رأى مخالف فهو يرى أن هذا تدخل من هؤلاء بينه وبين الله تعالى وأنه لا يجب أن يفعل إلا ما يؤمن به ولا يؤدى إلا ما يقتنع به ولكنه الآن وجد نفسه مجبرا على فعل أشياء لم تخطر له ببال , بل إنه كان يضيق ذرعاً بمن يشبههم فى مصر ولا يحاول مطلقاً أن يناقشهم لعلمه بتعصبهم وتشددهم بل وتطرفهم الذى وصل أحياناً لإتهام الغير ملتحين بالكفر ومعاداة سنة الرسول وغير ذلك من فكر متطرف عجيب , فكيف يعيش وسط هؤلاء ؟ وهل فعلاً سيطلق لحيته ؟ ويرتدى جلبابأ ويحمل مسواكاً ويأكل فقط بيمينه وكأن اليد الشمال بنت حرام ؟ وكيف يستيقظ مبكرا لصلاة الفجر وقد تعود على صلاة الصبح بعد أن يصحو على مهله ؟ وماذا سيكون موقفه لو أحداً من المطوعين تعرض له ؟ إن كلامهم مطاع وهم يحكمون الناس ويتحكمون فيهم فكيف يعيش هنا وقد كان يعيش فى كامل حريته فى مصر لا يسأله أحد عن صلاته أو صيامه أو عباداته أو ملابسه أو لحيته أو شاربه أو طريقة طعامه باليد اليمين أو الشمال أو بكليهما , وعن غسل أسنانه بالمسواك أو بالفرشاة وغيرهما ,
بحر متلاطم من الأفكار المتزاحمة المشتتة .... هل يعود من أول أسبوع إلى مصر ؟ هل يسمع كلامهم وينفذ تعاليمهم ؟ ويلغى عقله وقناعته التى عاش بها ؟ وماذا سيقول عنه الأهل والجيران والزملاء لو عاد بهذه السرعة , سيتهمونه بالفشل وعدم الرجولة وعدم القدرة على تحمل الغربة وفراق الأهل
, والأصعب من ذلك سيضيع عليه ما أنفقه من مال قد اقترض نصفه للحصول على العقد والسفر فماذا سيكون موقفه ؟ لقد أقنع نفسه أن يصبر حتى ولو عدة أشهر لتعويض مخاسره فى هذه الرحلة التى بدت تعيسة من أول لحظاتها ,
ومرت الأيام وبدأت لحيته فى النمو حتى استطالت وقصر شاربه , ولبس جلبابا أبيض ووضع المسواك فى جيبه وواظب على الصلاة فى مواعيدها واكتشف أنه عندما يذهب لصلاة الظهر فى الثانية عشرة فإن الإمام يقيم الصلاة بعد خمس وأربعين دقيقة ويصلى فى ربع ساعة وبذلك يضيع من وقت عمله ساعة كلما ذهب لصلاة فرض من الفروض , وصار فى نظرهم الشيخ التائب والعابد الزاهد فكانوا يكنون له كل الإحترام والتقدير بعد أن غير من نفسه بنسبة 360 درجة , وهو فى داخله غير قانع بأى شىء يفعله .

كان المستوصف مقسوماً قسمين , قسم للرجال يقوم عليه أطباء وعمال وممرضون , وقسم للنساء يقوم عليه طبيبات وممرضات وعاملات , ولأن صاحبنا كان طبياً عاماً وكان يعمل فى دوام منفصل بذاته ليلاً فقد يأتى له الجميع بما فيهم النساء للكشف عليهم , وكانت أى سيدة تأتى طبعاً منقبة ويحضر معها زوجها أو أبوها أو أخوها ( محرم ) بفتح الميم والراء لأنه لا يصح أن تخرج وحدها وكنت أستدعى ممرضة من الجانب النسائى لكى تقوم بوضع السماعة على صدر المريضة بيدها هى وليس بيدى وكنت لا أجرؤ على سؤال المريضة عن مرضها لأن صوتها عورة فكنت أتوجه بالسؤال لزوجها أو محرمها فيرد هو ويشرح ما تعانى منه , وبالطبع التشخيص لا يمكن أن يكون صحيحا لأن هناك أعراض تكون فى العيينن ( بياض العين مثلأ لو تحول للأصفر ) والوجه ( شحوب الوجه مثلاً يدل على الأنيميا ) والشفتين ( هناك أمراض لا تعرف إلا من لون الشفتين ) والعنق ( أمراض الغدة الدرقية والغدد اللمفاوية العنقية ) لا بد أن يدقق الطبيب فيها حتى يصل لتشحيص سليم , فكان صاحبنا يضطر لكتابة روشتة علاج كبيرة لانه كان يخمن ( يتوقع ) التشخيص وهو غير متأكد منه !!!!!.
فى أحد الأيام لم يقم لصلاة الفجر فقد كان جنباً , وجاء المطوع لباب مسكنه وقال له ((الصلاة الصلاة )) فرد بسرعة : حاضر أنا قادم ودخل الحمام وهو شبه نائم واغتسل بماء سخن لأنه لم يتحمل الماء العادى وقتها وخرج فوراً لصلاة الفجر حتى لا يتعرض لعقاب المطوعين فأصيب بنوبة برد حادة ظل يعالج منه أسبوعين من إحتقان بالزور ونزلة شعبية حادة وارتفاع بالحرارة وخلافه ومع ذلك كانوا يمرون عليه لصلاة الفجر أثناء مرضه فيذهب للصلاة خوفاً منهم وهو مريض .
مما رآه من عجائب أنه فى أول ايامه هناك مدّ يده لجاره المصلى وقال له : تقبل الله وحاول السلام عليه فرفض جاره فى الصلاة السلام عليه أو حتى الرد عليه فحزن حزناً شديداً وسأل إمام المسجد عن هذا التصرف فقال له : السلام بعد الصلاة لم يرد فى السنة يا أخى !!!!
فاض الكيل بعد أربعة أشهر من وصوله وجاء موعد إمتحان وزارة الصحة الذى يدخله أى طبيب جديد فقرر أن يرسب فيه ليهرب من هناك وقد كان , فظهرت نتيجته وكان راسباً رغم أنه تكلف مبلغأ كبيرأ من المال رسوم دخول هذا الإمتحان ولكن الرسوب فيه كان فرصته الوحيدة للفرار والعودة لبلده , وقرر العودة رغم إلحاح المدير عليه بالبقاء وأن من حقه دخول الإختبار مرة أخرى فرفض وصمم على العودة لمصر , وحصل منهم على تأشيرة خروج نهائى وعاد أيضاً بالأتوبيس , وعندما وطأت قدماه ارض مصر سجد لله تعالى وقبل أرض وطنه الحبيب وقال لو عشت متسولاً هنا أفضل من الحياة هناك ألف مرة ,
وعندما وصل منزله وسلم على أهله بكى بكاءاً مراً وبكوا جميعاً من أجله ثم نام يومين ليرتاح من وعثاء السفر , وفى صباح اليوم الثالث حلق لحيته ذات الشعر الكثيف ونعّمها تمامأ مثل أيام زمان , ثم وضع شعر لحيته فى خطاب كبير( مسوجربعلم الوصول ) ومعه ورقة مكتوب عليها ( هذه بضاعتكم ردت إليكم ) وأرسلها لمدير المستوصف وعندئذ , هدأ قلبه وبردت ناره , واستلم عمله فى بلده وفتح لنفسه صفحة جديدة .




اجمالي القراءات 17425