فى احتفاله بالذكرى الثانية لإعادة الأفتتاح

محمد منصور في الثلاثاء ١٠ - أكتوبر - ٢٠٠٦ ١٢:٠٠ صباحاً

إحتفالا بالذكرى الثانية السنوية لإعادة إفتتاح المركز عقد مركز ابن خلدون مؤتمره السنوى حول الإصلاح السياسى والدينى فى الوطن العربى فى 30 يونيو 2005 وقد حضر المؤتمر حوالى 120 مفكر وناشط سياسى من مصر والعالم العربى وبقية دول العالم وتركز النقاش فى الجلسة الأولى حول المناخ الجديد الذى تشهده مصر فى طريق الإصلاح وفى الوقت الذى اتفق فيه الحضور على أن مصر تشهد نموا كبيرا من ناحية المعارضة السياسية ، إختلفت الآراء حول مدى وفاعلية المعارضة وحول قدرتها على تحرير مصر من الركود السياسى والإقتصادى الحالى وقد تركز النقاش فى موضوع الإصلاح السياسى حول ثلاث محاور هى تراكم العوائق والقيود والتى أفرزتها سنوات الإضطهاد وحول المناهج المطلوبه لدفع عملية الإصلاح وأخيرا حول دور المجتمع المدنى والمجتمع الدولى فى دفع مجهودات الديمقراطية وقد اتفق الحضور حول العوائق الأساسية التى تحول دون إنشاء ديمقراطية حقيقية ونظام تمثيلى حقيقى فقد خلقت الخمسون عاما الماضية والتى إتسمت بالإضطهاد والفساد المؤسسى نوعا من الجمود السياسى من جانب العامة وخلقت أيضا قطاع عام غير كفؤ وأحزاب سياسية ضعيفة ومجتمع مدنى ممزق وإعلام مقيد . وإذا لم يتم البحث عن حلول لتلك العيوب سيكون من المستحيل تحقيق تحول سلمى ديمقراطى فعال . ومما يزيد الأمر سوءا ان الركود الإقتصادى الذى تشهده مصر منذ نهاية التسعينيات أدى إلى إنتشار البطالة والفقر وعدم المساواة . وقد أدى ذلك الخلل الإجتماعى – الإقتصادى – إلى نمو التطرف الإسلامى وفى الوقت الذى نجد فيه عدم إجماع من جانب المشاركون حول تشخيص تلك الظواهر فقد إختلف المشاركون حول المنهج الأمثل لعلاجها فالمنهج الذى تتبناه معظم الأحزاب السياسة فى مصر والحركات السياسية مثل حركة كفاية غالبا ما يركز على مطالب محددة تساعد على الوصول غلى نظاما سياسيا أكثر إنفتاحا وليس الوصول إلى برنامج سياسى شامل للإصلاح ومن تلك المطالب التى تعمل من أجلها تلك المعارضة إلغاء قانون الطوارىء ومنع قوات الأمن من التدخل فى الحياة العامة ، فصل السلطات ، إنتخابات حرة نزيهة يشرف عليها القضاء وتعديل دستورى يقوم بإلغاء جميع القوانين القمعية مثل قانون الصحافة لسنة 96 وقانون الأحزاب السياسية لسنة 77 وقانون الجمعيات الأهلية لسنة 2002 بمعنى البدء الفورى فى عملية الإصلاح والتحول اليمقراطى .وعلى الناحية الأخرى فقد تبنى بعض الحضور منهجا أخر يرى أن الإصلاح الثقافى يجب ان يسبق أى محاولات للإصلاح السياسى فهم يرون أن المعتقدات الثقافية والدينية التقليدية التى تسود المجتمع تمثل عائقا فى طريق الإصلاح الديمقراطى لذلك فالحل الأمثل من وجهة نظرهم يتمثل فى زيادة الوعى لدى العامة ويتطلب إصلاحا دينيا وتعليميا . ويرى السيد بهى الدين حسن رئيس مركز القاهرة لحقوق الإنسان أنه بالرغم من ان المنهجين اللذين تم ذكرهما مقبولين جدا الا ان لن يتأتى لهم النجاح فى وجود علاقات القوى الغير متغيرة التى تسود المجتمع وفى ذلك الإطار قدم السيد بهى الدين حسن منهجا بديلا يركز على تغيير علاقات القوى وذلك عن طريق خلق جبهة موحدة تتكون من منظمات المجتمع المدنى وأحزاب المعارضة والتى يمكنها أن تشكل جبهة موازية للدولة فعندما تتكون تلك الجبهة فهى بالطبع ستستفيد من الضغط الدولى الإيجابى ومن مبادرات الإصلاح التى تم طرحها وبلا شك فإن المجهودات التى تبذل لتغيير القوانين القمعية ولتعليم الشعب معنى الديمقراطية لها ايضا القدرة على إحداث تغير فى علاقات القوى هذه . ومن الواضح أن الثلاثة مناهج التى تم إقتراحها مناهج متداخلة تؤدى إلى هدف واحد ولكن نجد أن هناك موارد محدودة لتحقيق تلك الأهداف التى تتطلب استراتيجية موحدة من جانب نشطاء الديمقراطية
.
وقد ناقش المؤتمر أيضا دور القوى الغربية فى الضغط من أجل الديمقراطية فى العالم العربى وطبقا لما أعلنه ممثلين عن منظمة الوقفية الأهلية للديمقراطية(NED) ومنظمة ويست منيستر فونداشين للديمقراطية ( ) فإن تطبيق الديمقراطية فى العالم العربى وخاصة فى مصر أصبح أولوية من أولويات الغرب وأكد المتحدثون على أن مجهودات الديمقراطية يجب أن تنبع من الداخل حتى تكون ديمقراطية ناجحة وأن الدور الغربى يتركز فى تشجيع وتقوية المجهودات الداخلية التى تبذل فى ذلك الإتجاه وهنا العديد من الجهات فى العالم العربى التى يساورها الشك بخصوص نية الغرب وترفض جميع أشكال المساعدات التى ينظرون عليها على أنها تدخل وقد أشار الكثير من المشاركون إلى الدعم الغربى وخصوصا الدعم الأمريكى الذى كان دائما ما يساند الأنظمة العربية المستبدة التى تنتهك حقوق الإنسان تحت مسمى الحرب ضد الإرهاب إضافى إلى إحتلال امريكا للعراق وإلى دعمها الغير مشروط لإسرائيل وامتدادا لوجهة النظر هذه فإن الغرب ينظر إليه على أنه تقوده مصالحه ولم يصبح لاعبا شرعيا يحدد ويرسم مستقبل العالم العربى . ويرى مشاركون آخرون أن الدور الغربى يمكن أن يصبح دورا إيجابيا يساند ويدفع المجهودات التى تبذل من أجل الإصلاح فى الشرق الأوسط ففى ذلك الإطار رأى بعض المشاركون أن الوقفة الثابتة التى إتخذتها الولايات المتحدة ضد الإنظمة العربية الديكتاتورية أتاحت هامش من الحرية للمجتمع المدنى والقوى المعارضة فى الشرق الأوسط وساعدت على كسر حاجز الخوف ومع ذلك فإن الأصوات التى تدعو إلى الإستعانة بالدعم الغربى ترى أن ذلك الدعم يجب أن يكون مشروطا بمعنى أن يتاح للقوى المحلية الفرصة لتحديد الأوليات وأن تظل فى موقع القيادة ويرى المشاركون ضرورة عقد حوار ما بين المنظمات الحكومية والغير حكومية من ناحية وبين المنظمات المحلية والدولية من ناحية أخرى للوصول إلى عملية إصلاح سلمية وسوف

يسمح ذلك الحوار بعقد مناقشات بين القوى الغربية التى تمتلك القوة لتقديم المساعدات ومنعها وذلك للضغط على الأنظمة الغير مستعدة لتطبيق الديمقراطية
.
أما بالنسبة لمحور الإصلاح الدينى فقد أكد كلا من المفكر الإسلامى جمال البنا والدكتور محمد شحرور على ضرورة فتح باب الإجتهاد إستنادا إلى القرآن الكريم كمرجعية رئيسية لفهم القيم الأساسية للإسلام بما يتوافق مع روح العصر وثقافة حقوق الإنسان .وأكد المتحدثان أن تطور الإسلام توقف عند المدارس السنية الأربعة التى أنشأت منذ أكثر من الف عام ونتيجة لذلك فما زال المسلمون تحكمهم قواعد جامدة غير كافية لمواجهة ظروف وتحديات الحياة العصرية وأكد المشاركون أن الأحاديث والفقة يجب أن ينظر اليهما على أنهما مناهج زمانية مرتبطة بعصر بعينه ولا يمكن إعتبارها قواعد أبدية تحكم وتوجه المسلمين وأضاف المتحدثان أن المؤسسات الدينية مثل الأزهر قد إنحرفت عن تعاليم الإسلام السمحة عندما تصر على إحتكار الكلام بإسم الإسلام وعندما تصر على إنكار حق جموع المسلمين فى إستخدام العقل لتفسير وتطبيق القيم الإسلامية لمجابهة التحديات الحالية ولتوضيح أولوية إستخدام المنطق والعقل على التراث الإسلامى وضرب الإستاذ جمال البنا مثلا من التاريخ حول وجوب الإجتهاد حتى وإن أدى ذلك إلى تعطيل بعض حدود الله حينما قام الخليفة عمر بن الخطاب بإبطال حد السرقة فى عام المجاعة كما أكد المحاضرون على أنه فى ظل تعنت الأزهريون وتوقفهم عن الإجتهاد أصبح الأزهر أرض خصبة للتعصب وعدم التسامح بالرغم من أن القرآن يحث على حرية الإعتقاد والتسامح ومن الواضح أن ما سبق ذكره يدلل على أن الإصلاح الشامل يحدث بعد عمل إصلاح ثقافى ودينى وذلك لأن الأيدلوجية المعاصرة والتفسيرات والممارسات الإسلامية تمثل عائقا رئيسيا أمام التقدم والديمقراطية وتخل مواطنا سلبيا لديه الإستعداد لتحدى ومسائلة السلطة

وفى النهاية صدرعن المؤتمر إعلان ختامى أكد على الدور المهم الذى يجب أن تلعبه كافة الأطراف والمؤسسات السياسية والأمنية والإعلامية الحكومية وغير الحكومية لكى تتحمل مسئولياتها الوطنية فى تهيئة أجواء سياسية مؤسسية مستقرة قادرة على إستيعاب كافة أجهزة الدولة أثناء عملية التحول الديمقراطي كما صدرت عن المؤتمر مجموعة من التوصيات فى قضية الإصلاح السياسى أهمها

* الالغاء الفورى لجميع قوانين الطوارئ والقوانين المقيدة للحريات والافراج عن جميع المعتقلين السياسيين، وفى هذا الاطار أعلن الحضور ترحيبهم بالتحرك الديمقراطي الشجاع الذى قام به السيد عمر البشير اليوم ( 30 يونيو 2005) فى السودان ملبيا هذه المطالب.
* الاستجابة لمطالب القضاة المصريين فى المطالبة بالاستقلال عن السلطتين التنفيذية والتشريعية و الاشراف القضائي الكامل على العملية الانتخابية في جميع مراحلها وعلى جميع مراكز الانتخاب الرئيسية والفرعية.
* رفع كافة القيود المفروضة على الأحزاب والجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني المصرية فى التحرك و التنظيم والاحتجاج و التظاهرالسلمى مما يتيح للقوى السياسية المختلفة حق التعبير السلمى عن مطالبها ومصالحها للرأى العام سواء مباشرة بالحملات الانتخابية او بالمظاهرات العامة او عن طريق وسائل الاعلام الرسمية وغير الرسمية.
* تطبيق كافة المعايير الدولية المتفق عليها من أجل ضمان انتخابات حرة نزيهة وعادلة، بما يشمل ذلك السماح للجمعيات الأهلية المحلية بالمراقبة على الانتخابات والسماح لغيرها من الهيئات الدولية أيضا بالرقابة ، بما يشمله ذلك من مراجعة القوائم الانتخابية ومراقبة التسجيل والتصويت والفرز، وتوضيح الاجراءات الخاصة بهم واستبدال الصناديق الخشبية بأخرى شفافة، وتدريب وتوعية المواطنين بأهداف العملية الانتخابية... الخ.
* ادانة التدخل السافر للأجهزة الأمنية فى الحياة العامة ، وخصوصا فى شئون المؤسسات الصحفية والاعلامية و أعمال المؤسسات الحزبية والأكاديمية والمنظمات الأهلية. ان الكف عن ذلك لا يتفق فقط مع المواثيق الدولية لحقوق الانسان ، ولكنه أيضا سيحول دون اعتقال الناشطين السياسيين لمنعهم من الممارسة السياسية تحت دعاوى ملفقة ، كما حدث مؤخرا مع د. أيمن نور، ومئات المعتقلين من الاخوان المسلمين وغيرهم من أعضاء حركة كفاية المصرية.
* التأكيد على أهمية الدعم الدولى و الاقليمي للمجهودات المحلية فى قضايا حقوق الانسان و التحول الديمقراطي بما يشمله ذلك من تفعيل الحوار السياسي بين جميع الاطراف الحكومية والأهلية والقوى السياسية والدينية فى اطار يلتزم به الجميع بقيم ومبادئ الحوار الديمقراطي الكاملة.
* التأكيد على ضمان شفافية و محاسبة الآداء الحكومي بصورة عامة و خاصة فيما يتعلق بقضايا الميزانية العامة للدولة وأوجه الانفاق ومحاربة الفساد والمحسوبية عن طريق تفعيل و دعم الدور الرقابي للمجالس التشريعية وإتاحة المعلومات كاملة للجماهير. وهو ما يساعد على مواجهة مشاكل البطالة و تفعيل دور القطاع الخاص
.
وفى الإصلاح الدينى أوصى المؤتمربـــ
:
* استكمال العمل على تنفيذ توصيات مؤتمر "الاسلام والاصلاح" الذى عقده مركز ابن خلدون فى اكتوبر 2004 من ضرورة طرح مشاريع نسقية معرفية جديدة تجرى مناقشتها فى ورش عمل متخصصة.
* ضرورة مساعدة المفكرين المجتهدين المستقلين فى سعيهم نحو خلق مدرسة اجتهاد جديدة تحمل مشاعل تجديد الفكر الديني بعيدا عن المؤسسات الدينية التي تحتكر الحديث بإسم الدين.
* شجع المشاركون على اعتماد النص القرآني مرجعية حاكمة لمختلف مصادر التراث الإسلامي الأخرى.
* أكد المشاركون على ايمانهم بأن الدين الاسلامي الحنيف يعلى من قيم الحرية والعدل والتسامح والحوار العقلاني البناء مع الآخر ولهذا فقد دعى المشاركون إلى ضرورة إجراء حوار عام موسع مع القوى الدولية المهتمة و تيارات الإسلام السياسي السلمي فى الداخل والخارج بغرض توحيد الروؤى والمواقف فى قضية الاصلاح الديني.
* أكد المشاركون على أهمية إدماج الحركات الإسلامية في عملية الاصلاح السياسي ، وتمكين الحركات المعتدلة منها من المشاركة السياسية بشرط قبولها بالديمقراطية كخيار استراتيجي وأقرارها المبادئ الأساسية التي يقوم عليها المجتمع المدني والدولة المدنية الحديثة.
* العمل على تعديل المناهج الدينية بحيث تنقى من النصوص التى قد تدفع الى كراهية الآخر على أساس ديني أو عرقى أو ثقافي وفى المقابل يجرى تشجيع هذه المناهج للدعوة الى روح التسامح وقبول الآخر.
* اعداد ونشر وتوزيع أعمال و توصيات هذا المؤتمر على أكبر نطاق ممكن فى وسائل الاعلام المرئية والمسموعة و المقروءة
اجمالي القراءات 11603