التغيير السلمي في بلادنا .. مصر كمثال

عمرو اسماعيل في السبت ١٩ - يوليو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً


في معرض النقاش تحت مقال الدكتور عثمان المعنون د- منصور – وملفات حقوق الإنسان .. اعترضت علي اعتبار النظام الحاكم في مصر رغم اختلافي سياسيا معه يمارس جرائم ضد الانسانية أو جرائم حرب .. فلم يحدث في مصر لا تحت حكم عبد الناصر ولا السادات ولا مبارك .. أن تم قتل 20000 فما بالك ب200000 وهو العدد الذي تقدره الأمم المتحدة من قتلي في دارفور ولا تشريد الملايين من قراهم .. لم يحدث في مصر ما حدث في السودان ولا في العراق تحت حكم صدام .. لم تحدث أحداث مثل دارفور ولا حلبجة .. كما اعترضت رغم مطالبتي مثل الكثير من المصريين بنظام ديمقراطي دستوري يحترم حقوق الانسان بأي استدعاء لتدخل دولي في مصر لفرض هذه الاصلاحات .. لإيماني التام أن أي تدخل خارجي سوف يأتي بنتيجة عكسية تماما وأمامنا العراق خير دليل .. رغم أن الفرق كبير بين العراق تحت حكم صدام ومصر تحت حكم مبارك .. فمهما حدثت أو تحدث من تجاوزات أمنية في مصر ورغم اعتراضنا جميعا عليها .. فلم يحدث فيها قتل جماعي للمعارضين حتي من حمل السلاح منهم مثل أعضاء جماعة الجهاد والجماعة الاسلامية ممن قتلوا السادات وقاموا بعمليات ارهابية حقيره .. حتي هؤلاء لم يتم تصفيتهم .. بل تم محاكمتهم .. وأفرج عن الكثير منهم بعد قضاء فترة العقوبة ... رغم خطورة هذا الافراج .. مع وجود فارق مهم أيضا .. أن من يكشف عن التجاوزات الأمنية في مصر ..هم المصريون أنفسهم وصحف المعارضة ومنظمات حقوق الانسان التي تعمل بحرية داخل مصر وهو تطور مهم يؤكد أن مصر في الطريق السليم نحو التغير الديمقراطي السليم وأن هناك مساحة من الحرية لا بأس بها رغم مطالبيتنا بالمزيد .. وأن أي تدخل أجنبي سيجهض هذا التطور ويعطي قوي الاستبداد في مصر حتي تلك التي في المعارضة الفرصة لإجهاض أي تطور ديمقراطي بنفس الحجج التي مورست سابقا .. الحفاظ علي الكرامة الوطنية والاستقلال ولا ثوت يعلو علي صوت المعركة ..
لقد سألني الدكتور منصور سؤالا بسيطا ومحددا في معرض إجابتي أن أي معارضة سياسية ناجحة .. لابد أن تنبع من الداخل وتكون سلمية .. وأمامنا أمثلة عديدة في العالم تؤكد ذلك .. قائلا وسائلا في نفس الوقت
وما زلنا نطلب الاصلاح السلمى ، وبوسائل سياسية ومنها تدخل المجتمع الدولى سياسيا
فهل يوجد حل آخر عندك للتغيير السلمى ؟ وهل تستطيع أن تصلح به النظام المستبد بالسلطة منذ 1952
و أجيب نعم هناك حلول كثيرة واسأل في نفس الوقت .. كيف وماهي وسائل تدخل المجتمع الدولي سياسيا التي ستجبر النظام في مصر علي الاصلاح ..
وماهو هذا المجتمع الدولي ..هل هو الأمم المتحدة .. أم المنظمات الغير حكومية .. أم هي أمريكا التي أخذت علي عاتقها مسئولية التغيير في العراق .. فماذا كانت النتيجة .. قتل وصراع طائفي وديمقراطية زائفة لاتمت بالديمقراطية التي يتمتع بها المواطن الأمريكي بصلة ..
أمريكا تحترم حقوق الانسان نعم .. ولكن فقط داخل أرضها .. ولعل هذا سبب وجود معتقل جوانتاناموا في كوريا وليس أمريكا ..
التغيير السياسي السلمي النابع من الداخل هو فقط من يأتي بنتيجة .. مثلما حدث في كل دول العالم التي حدث فيها تحول ديمقراطي حقيقي ..
صدقني أي معارض سياسي يترك بلده ليؤلب علي نظامها الدول الأخري ... سيفقد مصداقيته داخل بلده مهما كانت نواياه سليمة ..
التغيير السلمي والنضال الحقيقي هو مع المواطن المصري البسيط قبل النظام .. تعريف هذا المواطن بحقوقه السياسية ومعني الديمقراطية ومعني حقوق الانسان وحرية العقيدة ..
هل تعتقد أن المواطن في بلادنا يؤمن حقيقة بالديمقراطية .. أم أنه مشروع مستبد ..
هل يؤمن بالحرية واحترام حقوق الانسان كما تفهمها سيادتكم أو أفهمها أنا بعد هذه الفترة الطويلة من تغييب عقله باسم الدين ..
هل تعتقد انك سيدي الفاضل لو عرضت قضيتك أمام هذا المواطن في الوقت الحالي وعرض النظام قضيته ضدك .. أنك أو جميع أهل القرآن منكرين للسنة .. ماذا تتوقع أن يكون رد فعله .. هل سيؤيدك أم يؤيد النظام ..
النضال الحقيقي هو ليس تغيير النظام الحالي تفييرا حادا .. ولكن قبل هذا كله .. تغيير المفاهيم السائدة أولا في بلادنا عن الديمقراطية وحقوق الانسان وحرية العقيدة ..
قبل أن نستطيع تغيير رد فعل أي ناخب بسيط في مصر لشعار الاسلام هو الحل .. الذي يجعله ينتخب اي حزب أو شخص يرفع هذا الشعار دون النظر الي البرنامج أو مقومات المرشج الحقيقية .. فأي تغيير حاد سيؤدي الي نتائج عكسية تماما ..
ولآشرح هذا الموقف أكثر ... صدقني أنا متأكد .. فأنا شخصيا أعاني من نفس المشكلة بسبب أرائي السياسية والدينية .. معاناة أهل القرآن الحقيقية في مصر .. ليست من النظام ولكن من الشعب والمجتمع المحيط الذي لم يصل بعد الي النضج الكافي ليتقبل أرائهم أو حتي حقهم البسيط في الإيمان بهذه الآراء والدعوة السلمية لها .. ولعلني شبه متأكد أن السبب الحقيقي لاعتقال القرآنيين في مصر هو شكاوي المواطنين العاديين المتأثرين بالفكر الديني التقليدي في مصر ضدهم .. وعلاقتهم الشخصية بكم كمناضل سياسي ... الخطر الحقيقي عليهم هم المتطرفين الاسلاميين و جماعة الاخوان وهم من يحركون القضايا ضدهم .. أكثر من السلطة .. النظام في مصر يضطر الي إظهار أنه يفعل شيئا .. ليمتص غضب هؤلاء ..
أنا متأكد واعذرني علي صراحتي ... أن المعاناة الحقيقية لمعتقلي أهل القرآن في مصر الآن بعد الافراج عنهم هي معاناة وعزلة اجتماعية نتيجة أرائهم التي لا يستطيع المحيطين تقبلها بسهولة .. نتيجه غسيل المخ الذي تعرضوا اليه سنين طويلة .. هذه هي أهم مهمة لأي مناضل سياسي في مصر الآن .زيادة وعي المواطن المصري أو العربي بحقوقه السياسية ومعني حرية العقيدة ومعني حقوق الانسان .. ضابط أمن الدولة بل ومبارك نفسه هو في النهاية هذا المواطن .. هو منا ومن مفاهيمنا ..
الحقيقة المؤسفة أن النظام في مصر عندما يأتي الأمر الي حقوق الانسان و حرية العقيدة هو أكثر تقدمية من الشعب نفسه .. لجنة السياسات والنخب الثقافية المرتبطة بها هي أكثر تقدمية من غالبية الشعب الذي يستطيع الإخوان والمتاجرين بالدين والقومية السيطرة عليه بسهولة تامة .. مثلما سيطر المعممون علي الشعب في العراق رغم وجود الجيش الأمريكي علي الآرض ... الذي انتصر واستفاد من التدخل الأمريكي في العراق هم الملالي والشيوخ .. من الشيعة والسنة .. ولم تنتصر الديمقراطية ..
التغيير المفاجئ في مصر وخاصة لو كان له اي علاقة بتدخل خارحي .. لن يؤدي إلا الي سيطرة التطرف و الأصولية .. وسيبعد أمل التحول الديمقراطي الحقيقي سنينا طويله ..
التغيير الحاد في مصر الآن ستكون نتيجته الوحيدة استبدال مستبد بآخر ... والمستبد الجديد سيكون أكثر عنفا بمراحل ..
إني أدعو الي طبخ التغيير علي نار هادئة ... لنضمن أنه سيكون تغييرا الي الأفضل وليس الأسوأ .. كما حدث في العراق ..

عمرو اسماعيل

اجمالي القراءات 8109