أروع ما قرأت وليس من أروع ما قرأت

فوزى فراج في الإثنين ٠٢ - يونيو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

أروع ما قرأت وليس من أروع ما قرأت

لكى نأخذ قسطا بسيطا من الراحة من عملية فحص التاريخ والتأريخ المجهدة  ومن بعض المناقشات والجدل فى موضوعات لا ولم  ولن ينتج عنها أتفاق ما  بأى شكل من الأشكال, اعرض اليوم أروع ما قرأت من الشعر.

يدرك الجميع انه عندما يقول احدهم ان ذلك من أروع ما قرأت, فهو يعنى ان ما يشير اليه هو ( من ) أروع ما قرأ وليس أروع ما قرأ, ولذلك عندما كتبت العنوان رأيت ان أشير الى ذلك وأن أنوه ان القصيدة التى اتحدث عنها هى فى الواقع أروع ما قرأت, وليس من وجهة نظرى شخصيا مما قرأته أروع منها بل كنت ولا زلت اتمنى ان كانت تلك القصيدة هى من تأليفى ومن وحى خيالى, ولم اتمنى فى حياتى قصيدة أخرى غيرها, رغم ان هناك مالايحصى مما قرأته من أشعار رائعة , سواء من شعراء معروفين ولهم شهرتهم او من غيرهم ممن لا يعرفهم احد .

والشعر كفن مثلة مثل العديد من الفنون الأخرى, ليس له مقياس محدد يتفق عليه الجميع, فهو ليس رقم يمكن مقارنته الى الأرقام الأخرى او وزن او حجم او مساحة , بمكن قياسها ومقارنتها, ولكنه يعتمد كثيرا على خلفية القارئ, بل فى بعض الأحيان يعتمد على حالته النفسية التى تتغير مرات كثيرة ربما فى نفس اليوم وخلال ساعات قليلة, فما يفضله الأن قد يفضل غيره فى وقت اخر من نفس اليوم.

والشعر فى الحقيقة أيضا ليس مجرد كلمات او عبارات او جمل لها رنين او وقع خاص, وليس قافية او وزن او تفعليلة , وليس حروفا مرصوصة بطريقة خاصة, مثله فى ذلك مثل الموسيقى, او الرسم  .....الخ , العبرة عادة تأتى فى الإنتاج الأخير المكتمل, وفى ما يأتى من رد الفعل الذى يحدثه فى احساس او مشاعر المشاهد او القارئ او السامع.

خلال الأربعون عاما الماضيه , قرأت الكثير من الشعر, كما كتبت بعضا منه, وكان لعدد كبير من الشعراء تأثيرا كبيرا على مشاعرى بل وعلى اسلوبى فى كتاباتى , ولكن كان لهذا الشاعر التأثير الأكبر, وبينما نسيت الكثير مما كتبته انا شخصيا  عندما فقدت الأوراق التى كتبت عليها قصائدى, غير انى لم انسى هذه القصيده, واعتبرتها دائما مقياسا اقيس به كل ما أقرأه من الأخرين او اكتبه, وهى قصيدة لشاعر ولنقل غير معروف , فللأسف الشديد لم ينال الشهرة التى كان هو اجدر بها من الأخرين, بل ربما لن يعرفه احد من الأخوة القراء ولن يميز قصيدته  احد, وكنوع من اثبات على ذلك, سوف لن اكتب اسمه, او حتى اسم القصيده, وسنرى كم من الأخوة الأخرين سوف يعرف اسم كاتب القصيدة او أسم الديوان التى نشرت به. انها القصيدة الوحيدة التى حفظتها عن ظهر قلب طوال اكثر من  الأربعون عاما الماضية. وقد قرأتها للمرة الأولى فى اوائل الستينات من القرن الماضى.

احب ان أشارك الاخوة والأخوات المتذوقين للشعر وربما ان كان لأيهم رأيا فيها , فسوف يسرنى ان اقرأه او إن تعرف عليها احد فإرجو ان يفصح عن ذلك. مع وافر تحياتى الى الجميع.

------------------------------------------------------------------

 

يا أخى , هذى يدى لا قيد فيها
وحديد الغلِ لا يربط ساقى
أفأبدو لك حرا؟
عجبا, لكننى أحمل نفسى
وأحث الخطو فى غير إنطلاق
وأجر الساق جرا
وكأنى لست حرا
وكأنى مستنيم لوثاقى

قسوة الصحراء أدمت قدمى
وأنا ابحث عن قيدى الخفى
وشممت الطين يسرى فى دمى
فتضاءلت لضعفى الأدمى
وتأملت ضياع القافلة
والرمال القاحلة
فبكيت
وأنا فى لهفة من حب عيشى
فى هجير التيه أمشى
وخيوط وقوى تجذبنى وفق هواها
فأنا عبد خطاها
ورضاى................
خدعة من كبريائى المرغمة
ومناى..................
خمرة تسكر ضعفى
كم ملأت الكأس منها متعبا
فتعللت بنفسى
وأنا أحمل كأسى

روحى البيضاء حيرى فى دياجى بدنى
كلما شاءت فناء فى الوجود
عاقها الجسم فناءت بالقيود
كم أرادت ان تكون
قطرة يلقى بها الفجر لأوراق الزهور
او غناءا مرسلا عبر الفضاء
او نسيما كالنسيم
او شعاعا
فإذا همت بأن تتركنى
أثقلتها رعدة فى بدنى
فمضت تلعننى
هكذا تجذبنى الأرض اليها رغم أنفى
وغدا تصرع طيفى
وغدا تحضننى

أوتدرى يا أخى مأساة حبى
إسأل الصفصافة العجفاء تنبى
عن حبيبين هناك التقيا فى أمسيه
وعلى شوق التلاق
إستناما لعناق
وأفاقا, فإذا الطهر دماء
وإذا ترنيمه الحب بكاء
إسأل الصفصافة العجفاء تنبى
قد دفنا طهرنا فى وحل من جسدينا
قد دفنا طهرنا بالرغم منا
إنه الوحش الذى يعوى سنينا
إنها عربدة الشهوة فينا
إنه ضعف الثرى

هكذا تتبعنى لعنة قيدى الأدمى
هكذا تتبعنى صورة ضعفى
كان لى رب عبدته
كنت فى امسى عرفته
من أبى
ثم فكرت لكى أعرف ربى بيقيين
وتفقدت إلهى بعد حين
فإذا بى قد فقدته
قد فقدته !!!
غير أنى , كلما تشدو الطيور
كلما يعبر نعش للقبور
كلما يولد يوم او يموت
كلما تبسم زهره
كلما يعزف جدول
كلما يحدث هذا او سواه
يقشعر القلب إذ يبدو الإله
بينما يحضرنى قول ابى
وأنا بعد صبى

إننى أرسل عينى بعيدا
ثم أرتد كليلا عند غايه
لم لا أجتاز هاتيك الحدودا
لما لا انفذ عبر اللانهايه
لم لا املك ذاتى
اننى جئت لأمر ما كما تبصرنى
ربما جئت لأمر ما بنفس غير نفسى
أنا لا أختار كأسى
اى قيد شدنى من عدمى
دون ان يسألنى ما أربى
اى قيد شدنى من عدمى
وأتى بى هاهنا يلعب بى
أنا لا املك شيئا فى وجودى
كل شيئ يا أخى حتى وجودى
لا تصدق اننى رب فعالى وخلالى
بل انا عبد فعالى وخلالى
وهى من صنع الطريق
أولسنا برقيق!!!
نحن اسرى فى قيود مارده
فى قيود من دمانا الآدمية
من زمان ومكان
من قدر
أفتدرى لما ضعنا ياأخى
أفتدرى لم لا نملك فى الأرض إتجاها
ما أنا حر ولا انت طليق فى مداها
نحن نمشى فى قيود لا نراها

يا أخى هذى يدى لاقيد فيها
وحديد الغل لا يربط ساقى
أفأبدو لك حرا
عجبا ...لكننى احمل نفسى
وأحث الخطو فى غير انطلاق
وأجر الساق جرا
وكأنى لست حرا
وكأنى مستنيم لوثاق

اجمالي القراءات 16908