إن التوحيد إذا كمل فى القلب حبب اللــه لصاحبه الإيمان وزينه فى قلبه
التوحيد وشهادة " لا إلــه إلا اللـــــه "

محمد صادق في الأحد ٢٥ - مايو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً



                             التوحيد وشهادة " لا إلــه إلا اللـــــه "

التوحيد وشهادة لا إله إلا اللــه هما بمعنى واحد، فهو من باب عطف المترادفين. وعلى ذلك يكون معنى التوحيد بإختصار هو العلم والاعتراف بتفرد الرب بجميع صفات الكمال وإخلاص العبادة له وحده ويرجع ذلك إلا أمرين:
أولهما هو نفى الألوهية كلها عن غير اللــه، بأن يعلم ويعتقد أن لا يستحق الإلهية ولا شيئا من العبودية أحد من الخلق لا نبى مرسل ولا ملك مقرب ولا غيرهما، وأنه ليس لأحد من &Cceالخلق من ذلك حظ ولا نصيب.
وثانيهما هو إثبات الألوهية للــه تعالى وحده لا شريك له وتفرده بمعانى الألوهية كلها وهى صفات الكمال كلها. ولا يكفى هذا الاعتقاد وحده حتى يحققه العبد بإخلاص الدين كله للــه، فيقوم بالاسلام والإيمان والإحسان وبحقوق اللــه وحقوق خلقه قاصدا بذلك وجه اللـــه وطالبا رضوانه وثوابه.

أن اتخاذ أندادا يحبهم كحب اللـــه أو يطيعهم كطاعة اللـــه أو يعمل لهم كما يعمل للـــه ينافى معنى " لا إلــه إلا اللـــه " أشد المنافاة. أنه لا بد من إعتقاد وجوب عبادة اللــه وحده لا شريك له، ومن الاقرار بذلك اعتقادا ونطقا، ولا بد من القيام بعبودية اللــه وحده طاعة للــه وانقيادا ، ولا بد من البراءة مما ينافى ذلك عقدا وقولا وفعلا، بل لابد أن يتطابق العلم والاعتقاد والقول والعمل، فإن هذه الأشياء متلازمة متى تخلف واحد منها تخلفت البقية، واللــه أعلم.

الدعوة إلى شهادة " لا إلــه إلا اللـــه "
إنه لا يتم التوحيد حتى يكمل العبد جميع مراتبه ثم يسعى فى تكميل غيره، وهذا هو طريق جميع الأنبياء والرسل. فإنهم أول ما يدْعون قومهم إلى عبادة اللــه وحده، والرسول محمد (عليه السلام)  قام بهذه الدعوة أعظم قيام ودعا إلى سبيل ربه بالجكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتى هى أحسن، لم يفتر ولم يضعف حتى أقام اللــه الدين وهدى به الخلق لأن جميع الأعمال متوقفة فى صحتها وقبولها على التوحيد.
فكما أن على العبد أن يقوم بتوحيد اللــه فعليه أن يدعو العباد إلى اللــه بالتى هى أحسن. وإذا كانت الدعوة إلى اللــه وإلى شهادة أن لا إله إلا اللــه فرضا على كل أحد، كان الواجب على كل أحد بحسب مقدوره. قال تعالى " فاتقوا اللــه ما استطعتم " التغابن 16 .

توحيد الأسماء والصفات
وهو إعتقاد انفراد الرب - جل جلاله – بالكمال المطلق من جميع الوجوه بصفات العظمة والجلال والجمال التى لا يشاركه فيها مشرك بوجه من الوجوه وذلك بما أثبته اللــه لنفسه.
توحيد الربوبية
بأن يعتقد العبد أن اللــه هو الرب المنفرد بالخلق والرزق والتدبير الذى ربى جميع الخلق بالنعم وربى الأنبياء والرسل بالعقائد الصحيحة والأخلاق الحميدة والعلوم النافعة و الأعمال الصالحة.
توحيد الإلهية
وهو توحيد العبادة، وهوالعلم والإعتراف بأن اللــه ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين، وإفراده وحده بالعبادة كلها وإخلاص الدين للــه وحده. فإنه المألوه المعبود لما له من أوصاف العظمة والجلال ولما أسداه إلى خلقه من النعم فتوحده تعالى بصفات الكمال ونفرده بالربوبية يلزم منه أن لا يستحق العبادة أحد سواه. ومقصود دعوة الرسل من أولهم إلى آخرهم الدعوة إلى هذا التوحيد.
فجميع الكتب السماوية وجميع الرسل دعوا إلى هذا التوحيد ونهوا عن ضده من الشرك والتنديد، فإن القرءآن الكريم أمر به وفرضه وقرره أعظم تقريروبينه أعظم بيان.
فالتوحيد هو حق اللــه الواجب على العباد وهو أعظم أوامر الدين وأصل الأصول كلها واساس الأعمال.

من فضائل التوحيد
أنه السبب الأعظم لتفريج كربات الدنيا والآخرة، أنه يمنع الخلود فى النار إذا كان فى القلب منه أدنى حبة خردل فما إذا كمل فى القلب فإنه يمنع من دخول النار بالكلية.
وأيضا، أنه يحصل لصاحبه الهدى الكامل والأمن التام فى الدنيا والآخرة. وأنه السبب الوحيد لنيل رضا اللــه وثوابه. وأن جميع الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة متوقفة فى قبولها وفى كمالها وفى ترتب الثواب عليها على التوحيد، فكلما قوى التوحيد والإخلاص للــه كملت هذه الأمور وتمت.
ومن فضائله أنه يسهل على العبد فعل الخيرات وترك المنكرات ويسليه عن المصيبات، فالمخلص فى إيمانه وتوحيده تخف عليه الطاعات لما يرجو من ثواب ربه ورضوانه ويهون عليه ما تهواه النفس من المعاصى لما يخشى من سخطه وعقابه. ومن أهم الفضائل أنه يحرر العبد من رق المخلوقين والتعلق بهم وخوفهم ورجائهم والعمل لأجلهم، وهذا هو الإيمان الحق.ويكون مع ذلك متألها متعبدا للــه لا يرجو سواه ولا يخشى إلا إياه ولا ينيب إلا إليه وبذلك يتم فلاحه ويتحقق نجاحه.

إن التوحيد إذا كمل فى القلب حبب اللــه لصاحبه الإيمان وزينه فى قلبه وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان. أن اللــه تكفل لأهله – حزب اللــه – بالفتح والنصر فى الدنيا والعز والشرف وحصول الهداية والتيسير لليسرى وإصلاح الأحوال والتسديد فى الأقوال والأفعال.
فمن حقق توحيده بأن امتلأ قلبه من الإيمان والتوحيد الخالص وصدقته الأعمال بأن انقادت لأوامر اللــه طائعة منيبة مخبتة إلى اللــه، ولم يجرح ذلك بالإصرار على شئ من المعاصى، فهذا الذى وعد اللــه بدخوله الجنة - بمشيئة اللــه -
ومن أهم ما يدل فى تحقيقه كمال القنوت للــه وقوة التوكل عليه سبحانه، بحيث لا يلتفت القلب إلى المخلوقين فى شأن من شئونه، ولا يستشرف إليهم بقلبه، ولا يسألهم بلسان مقاله أو حاله، بل يكون ظاهره وباطنه وأقواله وأفعاله وحبه وبغضه، وجميع أحواله كلها مقصودا بها وجه اللــه متبعا فيها رسول اللــه – رسالته الخاتمة.
والناس فى هذا المقام درجات " ولكل درجات مما عملوا" الأنعام 132 وليس تحقيق التوحيد بالتمنى ولا بالدعاوى الخالية من الحقائق، ولا بالحلى العاطلة، وإنما ذلك بما وقر فى القلوب من عقائد الإيمان وحقائق الإحسان وصدقته الأخلاق الحميدة والأعمال الصالحة. واللــه أعلم

إذا كان على عهد النبى عليه السلام، ممن انتسب إلى الإسلام من مرق منه، فليعلم أن المنتسب إلى الاسلام فى هذه الأزمنة قد يمرق أيضا من الإسلام لأسباب منها:
الغلو فى بعض المشايخ والدعاة، فكل من غلا فى نبى أو رجل صالح وجعل فيه نوعا من الإلهية مثل أن يقول يا سيدى فلان... أو أغثنى أو أرزقنى أو أنا حسبك، ونحو هذه الأقوال، فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه. فإن اللـه سبحانه وتعالى إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب ليُعبد وحده لا شريك له ولا يدعى معه إله آخرن وخاصة فى مساجد اللــه ، والذين يدعون مع اللــه آلهة أخرى لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق أو تنزل المطر أو تنبت النبات، وإنما كانوا يعبدونهم أو يعبدون قبورهم أو صورهم يقولون " ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى اللــه زلفى " الزمر 3 " ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند اللــه " يونس 18 فبعث اللــه سبحانه رسله تنهى أن يُدعْى أحد من دونه، لا دعاء عبادة ولا دعاء إستغاثة. ومن جعل بينه وبين اللــه وسائط فقد خرج عن مضمون " لا إله إلا اللـــه ".

طلب الحوائج من الموتى والإستغاذة بهم والتوجه إليهم، هذا أصل الشرك، فإن الميت قد إنقطع عمله وصلته بالأحياء وهو لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا فضلا عمن اسغاث به أو سأله أن يشفع له إلى اللــه هذا من جهله بالشافع والمشفوع عنده.
وعلى وجه الخصوص المبالغة والغلو فى تعظيم رسول اللــه وخاتم النبيين عليه السلام، الحج إلى قبره، والسجود له، والطواف به، واعتقاد أنه يعلم الغيب، وأنه يعطى ويمنع، ويملك لمن استغاث به من دون اللــه الضر والنفع، وأنه يقضى حوائج السائلين، ويفرج كربات المكروبين، وانه يشفع فيمن يشاء، ويدخل الجنة من يشاء، فدعوى المبالغة فى هذا التعظيم مبالغة فى الشرك وانسلاخ من جملة الدين.

ولننظر إلى قول اللـــه سبحانه وتعالى: سورة فاطر
" يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ (13) إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14)

وباللــه التوفيق


اجمالي القراءات 13686