دعوة لتحريض الإخوان المسلمين ضد المرشد العام

محمد عبد المجيد في الأحد ٢٠ - أبريل - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً


أوسلو في 19 ابريل 2008
يخطيء من يظن بأن الإسلام دينُ الطاعة العمياء لكل من يتولى القيادةَ أو الزعامة، فصناعةُ العبودية المختارة هي مهمة الطغاة، أما الأحرار فيصنعهم دين جعل التكليف في الدنيا مرتبطا ارتباطا وثيقا بأسمى مشاعر العبودية للخالق، والتحرر من المخلوق.
الأمر ليس لغزا يحتفظ بسره فضيلة المرشد العام، وليس خطة تم وضعها لعلها تخرج إلى الجهر والتحقيق بعد عقود أو قرون طويلة.
إن الخطأ الذي ترتكبه قيادة الإخوان المسلمين هي أنها تخلط لعبة السياسة مع مطالب الجماهير، وتناست أن أعضاء الجماعة أيضا هُم من الشعب، وأكثرهم تضرر من حكم مبارك، وعشرات الآلاف منهم ينتظرون على دموع لا تتوقف عودة العائل أو الأخ أو الأب أو الشقيق من سجون البغيّ والظلم والفساد.
القائد المُحَنّك والذكي هو الذي ينصت لنبضات أعضاء جماعته ولو كان يفصله عنهم سبعون ميلا، وكل القرائن والشواهد تشير إلى أن أعضاء الجماعة لم يعودوا مقتنعين بتلك المبررات التي تقول بأن الوقت غير مناسب، وأن فوضى قد تعم البلادَ بعد القضاء على الطاغية مبارك، وأن السلطة لن تهادن إنْف شعرت بأن أجلها لم تعد فيه غير ساعات معدودات.
المرشد العام للإخوان المسلمين أمام اختيار واحد وهو الانضمام للشعب المصري، فإذا كان الدكتور أيمن نور في زنزانة بعدما ظن إثر زيارته للمرشد العام أنه سيحميه ...
وإذا أمعنت السلطة الباغية في التعذيب والتحدي، وأصدرت أحكاما عسكرية على أعضاء من الجماعة في مقابل براءة لتجار الدم الفاسد..
وإذا استجدى المناضل مجدي أحمد حسين زميلَ النضال السيد محمد مهدي عاكف، ومع ذلك فالمرشد العام يرى أن مناهضة مبارك وازاحته من على صدورنا ليست مهمته، فيتم محاصرة المسجد، ويصرخ مئات من المعتصمين، ولكن المرشد العام للإخوان المسلمين يملك الكلمة العليا، ومفتاح السر، كما كان آية الله روح الله الخوميني يفعل، فيعلن على أعضاء جماعته بأن الوقت لم يَِحِنْ بعد، ويمكن أن نترك مبارك حتى تمتد طوابير الخبز من أسوان إلى الاسكندرية، ويتسول نصف أفراد الشعب، ويتحول النصف الآخر إلى مقيمين دائمين في أقبية سجون مبارك.
فإن الأمر يبدو أنه سيخرج عن طوع اللعبة السياسية إلى غضب المحرومين والمضطهَدين والمظلومين.
إذا أقنع فضيلةُ المرشد العام أبناء وبنات وزوجات وأمهات المعتقلين بأن هذا أمر الله، وأنه يرى المستقبل والفوضى في الانضمام للعصيان المدني، فإن المرشد هنا يكون قد أحرق أهم أوراق الاخوان المسلمين وهي الانضمام إلى الشعب.. أي الانحياز إلى الله.
إن مصر تغلي، ومصير كل بنات البلد لن يختلف عن مصير إسراء عبد الفتاح، أي اختطاف، ولنضرب رؤوسنا في الحائط.
أتي حين من الدهر كانت( وامعتصماه ) تحرك جبالا، وأما الآن فعشرون أو ثلاثون ألف معتقل تسمع صراخ تعذيبهم السماوات السبع ومن فيهن، ومع ذلك فالمرشد العام يرى أن الوقت غير مناسب، واذهبوا أنتم وربكم فقاتلوا إنا هاهنا قاعدون.
هل نفهم أن فضيلة المرشد العام يخشى أن يتم اعتقاله وضربه وتعذيبه إنْ هو وافق على العصيان المدني في 4 مايو؟
الإخوان المسلمون أمام التحدي الأكبر والنهائي قبيل سقوط تمثال حسني مبارك، إما أن تطمئن كل القوى الناصرية والقبطية والنسائية واليسارية والحرة والمستقلة والمفكرين وغيرهم أن الإخوان المسلمين هم مصريون قبل أي شيء آخر، وأن من أنحاز إلى الوطن كمن عبَدَ اللهَ في أجمل صور العبادة، أو أنْ يخسر الإخوان المسلمون ملايين المتعاطفين معهم أو المنخرطين بينهم، فالمرشد العام يقرأ المستقبل، ويرى أن زيادة جرعة عذابات السجناء والمعتقلين فيها ابتلاء وصبر وإيمان، أما هو فلن يقترب منه مبارك أو ابنه طالما عثر في الدين أو خارجه على تبريرات ( الوقت غير ملائم )، فهي الكلمة التي يرقص لها الطاغية، ويحتفل بها زبانية النظام.
خيار واحد أمام المرشد العام فلعبة السياسة قد تنقلب على الساحر، وإذا تمكن الإخوان المسلمون من الدخول في العصيان المدني بلغة التسامح، والمواطنة، وأن لا فرق بين مصري وآخر إلا بالكفاءة والشفافية والصدق، وأن الأقباط لا يختلفون في حقوق وواجبات المواطنة عن المسلمين ( بدون أي استثناءات مهما صغرت )، وأن الإخوان المسلمين سيحترمون العهود والمواثيق مع دول العالم ، وأنهم مع المصريين في صناعة زمن جميل، وديمقراطية وحرية واستقلال وكرامة مواطن، وأنهم ملتزمون بالبيان العالمي لحقوق الانسان، فإن الجماعة ستربح رضا الله، ومحبة الشعب، وتأييد الجماهير، وتعاطف حتى المختلفين عنهم دينيا.
أمام المرشد العام وقت قصير لينحاز إلى السماء، وينهي عصر الطاغية الشرس، ويعجّل في الافراج عن أعضاء وضعوا ثقتهم فيه ولم يخذلوه.
المرشد العام للإخوان المسلمين لا يمكن أن يكون مع الجانبين في نفس الوقت، إما الملائكة أو الشياطين.
المرشد العام يعرف أن كلمة واحدة منه قادرة على أن تنقذ أبناءه وأحبابه ومواطنيه وأناسا وضعوا كل الثقة فيه.
أما لو تعلل، ووضع أصابعه في أذنيه لئلا يسمع صراخ المظلومين فلن يمر وقت طويل حتى يتدافع مئات الآلاف من الإخوان المسلمين منسحبين نهائيا من الجماعة للانضام إلى حزب لم يتأسس بعد .. إنه حزب يذوب عشقا في مصر.. إنهم أحباب إسراء عبد الفتاح.

بيانات العصيان المدني في 4 مايو والتعقيبات والأفكار على الموقع التالي
http://againstmoubarak.jeeran.com/archive/2007/4/202015.html

محمد عبد المجيد
رئيس تحرير مجلة طائر الشمال
أوسلو النرويج
Taeralshmal@gmail.com

اجمالي القراءات 9525