ادلة شريف هادي ترد على نفسها
رداً على مقال التواتر لشريف هادي

عمر أبو رصاع في الإثنين ٢٤ - مارس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً


الحمد لله الذي خلق من العدم و بعداً لمن خلق إفك الكلم

أما بعد

نشر السيد شريف هادي مقالاً مطولاً تحت عنوان "تواتر القرآن و تواتر الحديث"  و استخدم فيه لغة خطاب مجحفة بحق من حاورها و هي السيدة الفاضلة آية فانزلها منه منزلة التلميذ و وسمها بما كان سمته هو و أخذ عليها ما رأيناه منه لا له ، و قد انطلق فيما انطلق من مداخلة نشرتها اقتبس منها ما استهل به مقاله و هو : 

"أما بالنسبة لموضوع التواتر، فأعتقد إنه من التناقض أن تؤمنوا بأن القرآن وصنا بالتواتر وبدون تدليس ولا تخريب في حين أن الأحاديث التي وصلتنا بالتواتر أيضا اعتبرتم إنها محرفة وملفقة. فما الفرق إذا بين هذا التواتر وذاك؟ ولماذا يدلس البعض الأحاديث المتواترة في حين يحفظون القرآن المتواتر؟ وبعد حرب الفتنة والقتل، خلقوا أحاديثا تثبت علي ونسله وأخرى تثبت معاوية ونسله، فإن هذا حدث فما المانع إذا أن قام هؤلاء المدلسين حملة القرآن بإخفاء آيات تكرم هذا وذاك داخل القرآن بما إنهم هم حملة التواتر. لو أن القرآن متواترا فكيف نؤمن إذا بأن الرسول هو من كتبه وأشرف على كتابته؟ لقد وصلتنا الكثير من الروايات في البخاري وغيره والتي تدعي ضياع آيات كثيرة من القرآن بل أن البعض إلى زمننا هذا يعتقد أن المعوذتين دخيلة على القرآن وإنها دعاء كان يقرأه الرسول للحسن والحسين، أليس هذا نتاج التواتر المزعوم؟ هذا رأيي والله أعلم"

هذا هو الرأي ؛ فصحة القرآن و سلامته لا يقوم التواتر دليلاً عليها ، و إلا لكان هذا حجة على ما نقوله في صحة الحديث فلو صح هذا دليل هنا لصح هناك – كما ذكرت آية- و لكنه دليل متهافت لا يقوم بديلاً و سنرى معاً فصبر جميل و الله المستعان.

بداية لا بد من نكث ما تفضل به السيد شريف هادي رافعاً من شأن نفسه كعالم في الشرعيات واضعاً من شأن محاورته كجاهلة بها تحتاج لارشاده و لا يجوز لها ان تخوض فيما لا يراها أهل له ، ذلك انه قال :

"ولما كان هذا الكلام يحتوي على مغالطة كبيرة ، وسقطة لا يقع فيها باحث أو طالب علم ، إلا إذا كان نصيبه من العلم الشرعي بسيط ، ومع ذلك فإن هذا لا يقدح في إيمان الأخت الكريمة آية ، ولا في واسع ثقافتها ، ولكن لأننا في عصر لم يعطي للعلوم الشرعية حقها ، فاختلطت الأمور على بعض الدارسين والباحثين الذين ليس لهم خلفية شرعية كبيرة فضلا عن الخلفية التاريخية واللغوية ، كما أن هذا يؤكد ما ذهب إليه البعض هنا من أنه يجب التريث عند الخوض في دين الله وفي كتاب الله بغير علم ، حتى لا يصدق فيه قول الله سبحانه وتعالى"ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير" الحج8 ."


و هذا معناه ان كاتب هذا الكلام ضليع في ما يبحث راسخ في العلم و له خلفية شرعية كبيرة فضلاً عن خلفيته التاريخية و اللغوية بما أهله لأن يخوض فيما خاض، و منحه الدرجة التي تجعله يقول للفاضلة آية بعد ديباجة المعرفة التي يرى معها انه يجب التريث عند الخوض في الدين و كتاب الله بغير علم : "حيث أني أعتبر آية أختي أو ابنتي فلها علي حق النصح والأرشاد الواجب على الأخ أو الأب"


إذن فالمسألة تتجاوز حد الحوار الفكري فالحوار لا يكون نصحاً و إرشاداً بل بمقارعة الحجة بالحجة أي بالجدل و هنا الاخ شريف لا يجادل بل هو كما أصطنع لنا في ديباجته ينصح و يرشد أي يمارس ارشاداً ، فليس عبثاً ان تسمى المرجع الديني الفارسي بالمرشد العام !

بل اكثر من هذا فالموضوع ليس بسيط يا قوم فاحذروا انه خطر كما يقول الأب و الأخ المرشد!

لكن سياداته نسي او تناسى انه هنا يستنكر على بعض من يكتب في الموقع ما فعله بنفسه ، ذلك انه كتب بيده في غير موضع :


" أن مقالاتي عن الخمر والتي كنت أظن أنها حلال ما لم تسكر صاحبها ، ودخولي في نقاش كبير مع بعض الإخوة ، ولكنه كان نقاشا من أجل إظهار الحق لا فرض الرأي ، ولذلك أنتهى برجوع طرف عن رأيه السابق وهو (شخصي الضعيف) والإيمان بحرمة شرب الخمر أسكرت أم لم تسكر" فهل كان مقالك سقطة لا يجب ان يقع بها طالب علم فضلاً عن باحث؟!!!!!!!

قلت: بل جادلهم بالتي احسن و لو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك. 

ثم اين هي معرفتك المطلوبة للباحث فضلاً عن المرشد باللغة والقرآن و أنت تعلم الاخت آية كيف تستخدم كلمة خلق فتقول :
" قولك أختي الكريمة (خلقوا أحاديث) كان الأولى أن تقولي أختلقوا أحاديث ، فالاختلاق كذب وهم بقولهم أحاديث مفتراه قد كذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أما الخلق فهو أحداث من عدم وهم أحقر من أن يخلقون ولو ذبابة ، لذا لزم التنويه"


قلت : بل يجوز قولها خلقوا هنا ، و الخلق ليس لله وحده كما تتوهم فهل تدبرت ما قاله رب العزة في محكم التنزيل : {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}
و الخلق في كلام العرب ؛ خلق على مثال ابدعه صاحبه و خلق بمعنى التقدير كما في الآية آنفة الذكر ، فإذا كان الله قد نسب فعل الخلق لبشر و إنه هنا تماماً خلق الافك فهل خلق الحديث إلا خلق لإفك؟!!!!! و ما دام الخلق جاء في القرآن و نسب إلى انسان فقولك المتقدم بحصر الخلق في الاحداث من عدم قول خاطئ و ارشاد يحتاج إلى ارشاد و ترشيد و إلا كان الله حاشاه يقر لنفسه شركاء يخلقون من عدم.

أما لو أتينا لواسع علمك في التاريخ لرأينا العجب العجاب ، منه مثلاً قولك :

"انقسموا إلي أثني عشرية وزيدية وجعفرية وموسوية واسماعيلية وسبعوية وعلوية وفاطميه"


فلم يراعى فيه اولاً التراتب الزمني ذلك أن الزيدية أقدم من الاثني عشرية وهي منسوبة لزيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي و هو عم الامام جعفر الصادق ، كما انه لا يمكن التميز بين جعفرية و اثني عشرية فمن جعفر خرجت الجعفرية الاثني عشرية و الجعفرية الاسماعيلية و لكن ليس هناك فرقة ثالثة هي الجعفرية و هي غير الاثني عشرية و الاسماعيلية في آن.

و أصاب بالذهول و انا اقرأ هذه المعرفة التاريخية المعمقة هنا :


" قد بدأ عصر تدوين الحديث في أوائل الدولة العباسية ولم يكن قد دون من قبل"


فمعروف ان التدوين الرسمي بأمر الدولة قد بدأ في عهد الدولة الاموية لا العباسية و تحديداً في عهد عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم اي قبل انطلاق الدولة العباسية بحاولي 40 عاماً و هذا امر بالتدوين اي الجمع في دواوين بينما كانت كتابة الحديث و تناقله و روايته تمارس على نطاق واسع قبل هذا بكثير ، إلا ان كتابة الحديث بدأت من البدايات الأولى للدعوة و زامنتها تماماً كما كان يكتب القرآن وإن كنت تكذب الرواية عن صحيفة أحاديث عبد الله بن عمر لأن الصحيفة لم تصل إلينا فكأني بك تكذب نفسك في القرآن لأن النسخة الأصلية بخط النبي لم تصل إلينا أيضاً!!!!!

العجيب في تتبع السيد شريف هادي انه يقبل الدليل لرأيه و يعود فينكر ذات الدليل إن كان لرأي يعترض عليه فالتواتر مرفوض ان تعلق كدليل بالحديث و مقبول إن تعلق كدليل بالقرآن ، و الأثر الذي لم يصلنا غير موجود إن لم يؤمن هو بوجوده و موجود إن آمن هو بوجوده ، ناهيك عن ما ضمناه من امور في هذا المساق فإن للحديث بقية
 
                                                  -يتبع-

اجمالي القراءات 14250