رد على مقال الأفعال والأعمال

Inactive User في الثلاثاء ٠٤ - مارس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

الرد على الأستاذ نيازى عز الدين

( سيكون كلام الأستاذ باللون الأحمر وردى المتواضع عليه باللون الأسود)فى بداية مقاله المعنون (ما الفرق بين الفعل والعمل فى القرآن ) يحاول الأستاذ نيازى عز الدين إستنباط معنى كلمة قوم فيقول : (( لخطورة هذا الموضوع أحب أن يضع القارئ في ذهنه قاعدة أعتبرها‎ ‎من ‏القواعد الثابتة لفهم كلمات القرآن التي علينا أن نفهمها من ذات القرآن، إذا‎ ‎دققنا مثلا في كلمة قوم التي تكررت في القرآن: 380 مرة، بإمكا&aumاننا أن ‏ندرك أنها قد‎ ‎وردت وهي تحمل معنيين مختلفين، يمكن أن نلاحظها في ‏النماذج القرآنية التالية‎:‎‏ ‏‏1- (القوم الكافرين) (القوم‎ ‎الظالمين) (القوم الصالحين) (القوم‎ ‎المجرميـن) ‏‏(القوم الخاسرون)‏‎. ‎‏ ‏‏(‏‎ ‎قوم يعلمون) ( قوم‏‎ ‎يفقهون) (قوم يؤمـنـون) ( قوم‏‎ ‎مســرفون) ( قوم ‏يسمعون) (قوم‎ ‎يعقـلــون)‏‎.‎‏ ‏‏2- ( قوم نوح) ( قوم هود) ( قوم‎ ‎صالح) ( قوم لوط) ( قوم عاد) ( قوم‏‎ ‎ثمود) ( قوم إبراهيم)‏‎.‎‏ ‏في المجموعة الأولى نجدها قد أتت بمعنى فريق أو مجموعة‎ ‎منسجمة ‏تجمعهم صفات مشتركة‎.‎‏ ‏بينما نراها في المجموعة الثانية قد أتت بمعنى قبيلة أوعشيرة‎ ‎كل رسول من ‏أولئك الرسل، مع غض النظر عن الإختلافات الموجودة بين أفراد القوم‎ ‎الواحد في العقيدة، كافرين كانوا أو مشركين أو مؤمنين‎.‎‏ ‏لذلك إذا قرأنا آية قرآنية تقول كما في الآية التالية: ‏‏(يا أيها الذين أمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى‎ ‎أن يكونوا خيـرا منهم ) ‏‏11-49‏‎.‎‏ ‏نفهم عندها أن كلمة قوم هنا تنتمي للمجموعة الأولى، وأتت تفيد‎ ‎معنى فريق ‏أو مجموعة من الناس يرون أنهم متميزون عن غيرهم، لذلك فهم‎ ‎يعطون ‏أنفسهم الحق بالسخرية من أفراد مجموعة أخرى يرون أنها أقل تميزا منهم‎.‎ ))
وأقول رداً على ذلك :

إن إطلاق المقاصد من كلمة ( قوم ) على عواهنها ليس دقيقاً بمعنى أن كلمة ( القوم الظالمين ) يمكن أن تتبدل لو كفوا عن الظلم واتبعوا الحق , فهى إذاً ليست صفة مطلقة لهم وتحيط بهم من مولدهم حتى مماتهم , وكذلك جملة ( القوم الصالحون ) لا يمكن أن تكون صفة ثابتة ثبات الجبل فقد يتغيروا بفعل الشيطان والعصيان ويتحولوا إلى قوم غير صاحين وبذلك تسقط عنهم صفة ( القوم الصالحون ) , فليست قاعدة إذاً أن نتخذ من كلمة ( قوم ) موضوع بحث ونسقط نتائج هذا البحث على كل كلمة ( قوم ) جاءت فى القرآن الكريم , ليس هذا فحسب , بل إن القوم الواحد كان يحتوى على القوم الظالمين ( أعداء الله ورسله ) والقوم الصالحين ( الذين آمنوا بالله ورسله ) , فقوم نوح مثلاً كان منهم ( القوم الكافرون ) وكان منهم ( القوم المؤمنون ) وهم جميعاً من قوم واحد هم قوم نوح.

بالإضافة إلى أن الأستاذ نيازى حين ضرب مثلاً بقوله تعالى ( لا يسخر قوم من قوم ... الآية ) فقد أسهب فى الحديث عن كلمة ( قوم ) الأولى التى تخص ( الساخرين ) وقال أنها تنتمى للمجموعة الأولى علماً بأن المجموعة الأولى التى ذكرها كان فيها ( القوم الظالمين ) , ( القوم الصالحين ) كما ذكر هو , فلم يعرفنا إلى اى فصيلة ينتمى هؤلاء القوم ؟ , والإغرب أن الأستاذ نيازى لم يعر كلمة ( قوم ) الثانية فى نفس الآية أى اهتمام وهم القوم المسخور منهم . والأعجب من ذلك كله هو عدم جدوى هذه المحاولة ( من وجهة نظرى ) فى الوصول لأى معنى أو تحديد أى مفهوم .

ثم ينتقل الأستاذ نيازى للحديث عن كلمة ( أمة ) ويغوص بنا فى أعماق سحيقة باحثاً عن شىء غير موجود من الأساس معتقداً أنه سيخرج من هذه الأعماق ومعه اللؤلؤ المكنون ولكن للأسف لقد عدت من قراءة مقاله خالى الوفاض وقد يكون ذلك لغباء منى أو قصور فى فهمى , يقول الأستاذ عن كلمة ( أمة ) :

((( بينما إذا بحثنا عن معنى كلمة أمة، ماذا نجد لها من معنى في‎ ‎القرآن الكريم؟ ‏نلاحظ مثلا قول الله تعالى بأن إبراهيم كان أمة‎.‎‏ ‏‏(‏‎ ‎إن إبراهيم كان أمة) 120-16‏‎.‎‏ ‏وهنا علينا أن نتساءل: كيف كان الرسول إبراهيم وحده أمة؟ ‏لكننا بالطبع لن نجد الجواب لذلك التساؤل أو غيره مهما بحثنا‎ ‎إلا في القرآن ‏العظيم‎: ‎
‏(‏‎ ‎أم تقولون إن أبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب .....* تلك أمة‏‎ ‎قد ‏خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعـمـلـون*) ‏‏140-141-2. ‏وقوله تعالى وهو يخاطب خاتم أنبيائه المرسلين: محمد عليه‎ ‎الصلاة ‏والسلام‎: ‎‏ ‏‏(‏‎ ‎كنتم خير أمة أخرجت‎ ‎للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن‎ ‎المنكر ‏وتؤمنون بالله)110-3‏‎.‎‏ ‏كل تلك الآيات السابقة تشير في القرآن، إلى مجموعة الرسل من‎ ‎نسل ‏إبراهيم الذين تعاقبوا وحملوا رسالات الله تعالى خلال آلاف السنين مابين‎ ‎إبراهيم ومحمد عليهم الصلاة والسلام أجمعين، وهؤلاء الأنبياء والرسل هم ‏الذين‎ ‎يشكلون تلك الأمة‎.‎‏ ‏لو لم نتبع هذا الأسلوب الخاص لفهم آيات القرآن لظننا كما تظن‎ ‎الأغلبية ‏اليوم أن المقصود به هي الأمة العربية أو الأمة الإسلامية بينما المقصود‎ ‎القرآني لا هذا ولا ذاك. ‏باتباع هذا الأسلوب في فهم كلمات القرآن، نكون فعلا قد أوجدنا‎ ‎طريقة ‏عملية وسهلة لفهم كلمات القرآن، مستنبطة من ذات القرآن، غفل عنها أغلب‎ ‎المسلمين لأنهم توقفوا بالفعل عن التفكر في آيات الله، ظنا أن السلف الصالح ‏قد أدى‎ ‎تلك المهمة وعلينا إتباع ما قالوه أو كتبوه كما رسخوا في فكرنا أننا ‏مهما بلغنا من‎ ‎العلم والذكاء لن نبلغ أبدا ما بلغه السلف الصالح، بالتالي نحن ‏أقل من أن ننتقد‎ ‎أو نصحح أي شيء قالوه أو رووه أو كتبوه‎.‎))))


وأقول :
يريد أستاذنا أن يوحى إلينا أن كلمة ( خير أمة أخرجت للناس ) ليس المقصود منها أمة الإسلام ( الذين اسلموا لربهم ) ولكن المقصود منه هم مجموعة الأنبياء والمرسلين الذين جاءوا من ظهر إبراهيم عليهم جميعاً الصلاة والسلام , أى أن الأستاذ يعتبر أن مفهومنا عن كلمة ( خير أمة ) كان وسيظل خاطئاً لو لم نقم بتصحيحه ليتماشى مع رؤيته لهذا الأمر وهو أن هذه الآيات وما شابهها تقصد رسل الله تعالى وأنبياءه من أول إبراهيم وحتى محمد عليهم السلام جميعاً .

الأمر جد خطير ولا يجب السكوت عليه , فالأستاذ يقول أن كلمة ( أمة ) فى قوله تعالى عن إبراهيم ( إن إبراهيم كان أمة ) معناها أنه يحمل فى ظهره أمة الأنبياء والمرسلين المقبلين حتى خاتمهم محمد (ص) وهذا من وجهة نظره معنى كلمة ( أمة ) التى وصف بها الله تعالى رسوله إبراهيم الخليل وليس معناها كما أفهم أن إبراهيم كان إيمانه كبيراً وعميقاً يعدل إيمان أمة من البشر .
كما يقول الأستاذ أن قوله تعالى ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) معناها ليس أمة الإسلام ولكن معناها مجموع الرسل والأنبياء الذين جاءوا من صلب إبى الأنبياء إبراهيم , وهو بذلك الفهم يستبعد أنبياء الله نوحاً , وهوداً , وصالحاً , وشعيباً , ولوطاً , وأى نبى أو رسول قبل إبراهيم .. يستبعدهم من أن يكونوا من خير أمة .. فهل يستقيم هذا التقسيم ؟ وهل يصلح هذا الظلم البين للرسل والأنبياء الذين سبقوا بعثة خليل الله إبراهيم ؟ وأين نضعهم فى أى أمة إذا تم إستبعادهم من تقسيمة الأستاذ نيازى ؟ أليسوا رسلاً وأنبياء من عند الله تعالى ولدينا تشريع من الله بعدم التفريق بينهم وبين أى رسول آخر .؟؟

ثم ينتقل بنا الأستاذ إلى الموضوع الأساسى وهو الفرق بين العمل والفعل فيقول :

والآن بعد تلك المقدمة بإمكاننا العودة إلى موضوعنا الأساسي‎ ‎لنعيد صياغته ‏كما يلي‎: ‎‏ ما الفرق بين الفعل والعمل بحسب‎ ‎كلمات القرآن؟ ‏لنعتمد في حصولنا على الأجوبة الصحيحة من خلال إعتمادنا على‎ ‎لغة ‏القرآن قبل الإعتماد على ماقاله المفسرون من السلف في كتب التفسير‎.‎‏ ‏دعنا ندقق في معاني كلمات الآية التالية‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لانضيع‎ ‎أجر من أحسن عملا *) ‏‏30-18‏‎.‎‏ ‏إن فكرنا في عبارة: ( إنا لا نضيع أجر من أحسن‏‎ ‎عملا ) التي أتت جوابا ‏لقوله تعالى‎: ‎‏ ‏‏(‏‎ ‎إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات‎ ‎‏)‏‎.‎‏ ‏نستنتج أن الله تعالى قد إستخدم كلمة: أجر، لكل من‎ ‎أحسن عمله في الدنيا‎.‎‏ ‏ونحن في حياتنا العملية نعلم أن كلمة العمل إذا إقترنت بكلمة‎ ‎الإحسان التي ‏تعني الإتقان في ألسنة عربية أخرى وتقترن عادة بكلمة الأجر ( أجرة‏‎ ‎العامل) الذي يقابل عادة ماقام به المؤمن من عمل صالح خدمة لفرد من ‏أفراد مجتمعه‎ ‎أو لمجموعة منهم‎.‎‏ ‏وكلمة الأجر(الأجرة) هذه التي تأتي عادة مقابل كل الأعمال‎ ‎تضعنا مباشرة ‏في مجال أجور العمل الصالح الذي يؤديه الناس مقابل أجور متفق عليها‏‎ ‎سلفا‎.‎
ما فهمته من هذا الكلام هو أن الأستاذ نيازى يريد أن يقول أن هناك أجراً فى الدنيا مقابل كل عمل يؤديه الإنسان , ويطبق نفس النظرية على مسألة الأجر الربانى للمؤمنين يوم العرض عليه .
ثم يواصل :


الآن دعنا ندقق في آيات أخرى فيها وعد من الله تعالى للمؤمنين‎ ‎الذين قاموا ‏خلال حياتهم في الأرض بأعمال صالحة مقابل أجور قبضوها من ‏مستخدميهم في‎ ‎الحياة الدنيا‎.‎‏ ‏‎ ‎كيف يعبر سبحانه عن ذلك في القرآن المعجز في سهولة الفهم‎ ‎والحفظ في ‏الذاكرة‎: ‎‏ ‏‏(‏‎ ‎وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات‎ ‎فيوفيهم أجورهم )57-3. ‏نلاحظ أن الله تعالى قد إستخدم في تلك الآية أيضا كلمة: ( أجورهم‏‎ ‎‏) إن ‏أحببنا أن نعلم كيف سيوفي سبحانه أجور العاملين والعمال من‎ ‎المؤمنين، هل ‏ستكون نقدا أم عينا؟ علينا أن ندقق في أيات أخرى مثل قوله تعالى‎:‎‏ ‏‏(... ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها‎ ‎بما كنتم تعملون *) 43-7‏‎.‎‏ ‏نلاحظ في الآية السابقة أن وراثة جنة الرضوان في الآخرة لا‎ ‎تكون إلا ‏مقابل الأعمال الصالحة التي قام بها الإنسان وهو مؤمن‎. ‎‏ ‏أي أن العمل الصالح مع الإيمان يكونان المبدأ والأساس لوراثة‏‎ ‎جنة ‏الرضوان كأجرة للمؤمن في مقابل مساهمته بعمله الذي كان في الأصل ‏مصدر رزقه على‎ ‎بناء جنة المؤمنين الأولى في الأرض‎. ‎‏ ‏إذ أن توريث الأرض في الحياة الدنيا لا تكون إلا للعاملين‎ ‎المصلحين ‏المتقنين لأعمالهم يرثونها عن قوم أصيب أفراده بالكسل والإهمال مع ‏التوقف‎ ‎عن التفكير والإبداع والعمل المثمر الصالح، لتكون من نصيب قوم ‏آخر غيرهم كان‎ ‎أفراده أنشط وأعلم كما حصل مثلا للهنود الحمر القدماء ‏الذين سلبت منهم أرضهم بإذن‎ ‎الله تعالى ليورثها سبحانه للقادمين الجدد ‏الذين قدموا إلى تلك الأرض من كل بقاع‎ ‎العالم، ليعملوا فيها بنشاط أعمالا ‏صالحة ومفيدة للناس، ليبنوا على أرضها حضارتهم‎ ‎التي هي جنتهم الأولى‎: ‎‏(‏‎ ....‎أن الأرض يرثها عبادي الصالحون *) 105- 21‏‎.‎ أقول :

يريد الأستاذ هنا أن يعقد مقارنة بين الأجر الذى يتقاضاه الإنسان فى حياته الدنيا وبين مقابل قيامه بعمل ما , وبين أجر الله تعالى لعباده الأبرار الذين جمعوا بين صالح العمل وبين كمال العبودية لله تعالى وهو هنا ( الأستاذ نيازى) يريد أن يستغل المثل التقريبى الذى يضربه الله عز وجل لعباده بأن موعدهم الجنة لو أصلحوا العمل والعبادة لله تعالى فيقوم بتشبيه هذا الأجر الربانى ( الخلود فى الجنة ) بتلك القروش أو الجنيهات التى يتقاضاها الإنسان مقابل وظيفته الدنيوية , وهو تشبيه غير بليغ ولا محل له من الإعراب فهيهات وشتان بين أجر الله تعالى للصالحين المصلحين وبين أجر البشر لبعضهم بما فى ذلك من حدوث ملايين المظالم والإنتهاكات لحقوق العاملين وحرمانهم أحياناً كثيرة من التأمين الصحى والمعاش الإحتماعى وملايين الحالات من إضطهاد المدير لمرؤسيه وهى كلها أمور لا يمكن تشبيهها بأجر الله تعالى رب العدل والقسط والميزان المستقيم .

ثم يتطرق الأستاذ لضرب مثل فى غاية الظلم وهو القضاء على سكان أمريكا الأصليين على يد المحتلين ويعتبر بذلك أن الهنود الحمر كانوا كسالى خاملين يستحقوا الهزيمة والموت أما المحتل الغاصب فهو نشيط قوى يحب العمل الصالح فكان من حقه إحتلال أمريكا وقتل سكانها الأصليين ويعتبر الأستاذ أن ذلك الأمر حق مكتسب للغاصبين اللصوص , والمحزن المبكى أنه يعتبر أن هذا الإحتلال وتلك اللصوصية الواضحة قد حدثت بإذن الله تعالى .. ثم يستشهد للمحتل الغاصب بآية قرآنية تؤيده وتعضده فيذكر قوله تعالى ( أن الأرض يرثها عبادى الصالحون ) .... وهو حكم عجيب لو تعلمون .

ثم يواصل :

‏‎ ) ‎وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم، وأرضا لم تطئوها...*) 27-33‏‎.‎‏ ‏‎ ‎وليرث المؤمنون منهم في مقابل ماعملوا وبنوا جنة الآخرة أجرا‎ ‎من ربهم ‏الكريم‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ..... ‎ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما‎ ‎كنتم تعملون *) 43-7‏‎. ‎‏ ‏قد يعترض القارئ قائلا: لكن أغلب الأميركيين من النصارى‎ ‎الكافرين، ‏فكيف يدخلون الجنة وهم ليسوا من المسلمين؟ ‏أقول له ألم تقرأ قوله تعالى في القرآن الكريم‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى‎ ‎والصابئين من آمن بالله واليوم ‏الآخر وعمل‎ ‎صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف‎ ‎عليهم ولا هم ‏يحزنون*) 62- 2‏‎.‎‏ ‏أو كما قال سبحانه‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف‎ ‎عليهم ولاهم ‏يحزنون*) 69-5‏‎.‎‏ ‏أو قوله تعالى‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين من آمن‎ ‎وأصلح فلا خوف ‏عليهم ولا هم‎ ‎يحزنون*) 48-6‏‎. ‎‏ ‏أو قوله سبحانه في موضع آخر‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف‎ ‎عليهم ولا هم يحزنون* ‏أولئك أصحاب الجنة خالدين‎ ‎فيها جزاء بما كانوا يعملون*) 13-14-46‏‎.‎
وكما نرى في كل تلك الآيات، فإن دخول الجنة سواء كان في الدنيا أو ‏ستكون في‎ ‎الآخرة هي في الحالتين مقابل عمل المؤمنين الصالح في الأرض ‏الدنيوية وليس مقابل عباداتهم وكثرة دعائهم وابتهالاتهم‏‎.‎

يقوم الأستاذ هنا بخلط الأوراق , وإدخال الحابل مع النابل ويعتبر أن الغزاة الذين سرقوا أمريكا من سكانها الأصليين وقتلوهم وذبحوهم يعتبرهم من عباد الله الصالحين الذين يصلحون فى الأرض بعد إفسادها ويؤكد مستميتاً أن مصير هؤلاء هو جنة الخلد لأنهم بنوا جنتهم الأرضية فى أرض أمريكا على دماء الهنود الحمر , ولأن الله ( من وجهة نظر الأستاذ نيازى ) يجازى الناس بالخلود فى الجنة مقابل ما قدموه من صناعات وزراعات واختراعات , وهذا هو السبب الوحيد للحصول على الأجر وليس العبادات .

ويؤكد الأستاذ جازماً أن العبادات ليس لها أجور , فالصلاة والصيام والحج والزكاة والتسبيح وذكر الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم كل ذلك بدون مقابل فى رأى الأستاذ , وهو بذلك قد نسى أو تناسى أن الحياة كانت بدائية منذ قرنين فقط من الزمان وأن الصناعات والإختراعات الحديثة هى حديثة , وأن السابقين من البشر لم يصنعوا سوى بعض الأدوات البسيطة وكانت الزراعة وتربية الحيوانات هى أكبر نشاطاتهم , فهل يتساوى هؤلاء مع صناع الحضارة الحديثة ؟

ثم من الذى أعطى للأستاذ نيازى كل تلك المفاتيح ليتكلم بها وكأنها ملك له أو وحى أوحى إليه من السماء من دون البشر ؟؟ لقد أنتهى الوحى السماوى بانتهاء خاتم الرسالات المباركات وبوفاة خاتم الأنبياء والمرسلين عليهم جميعاً الصلاة والسلام  .

ثم يواصل :

تلك الآيات تبرهن لنا حقيقة فهمنا للدين عن آبائنا كان بشكل‎ ‎معكوس، حيث ‏لم يذكروا لنا أي شيء عن العمل ولا عن الأعمال، بل لم يفرقوا لنا أصلا ‏بين‎ ‎الفعل والعمل إلى هذا اليوم. بل اعتبروا في الأحاديث التي نسبوها ‏للرسول الكريم أن الصلاة عمل، وحك الأذن عمل، وهكذا نسبوا كل الأفعال ‏للعمل. ‏نتيجة ذلك التجهيل الذي كان وراءه بعض شياطين الإنس، من‏‎ ‎الحاسدين ‏الحاقدين، يستطيع كل مبصر منا أن يرى، كيف سهل حكامنا سيطرة الغرب ‏على‎ ‎ثرواتنا، ممهدين السبيل بدلا من تحويل شعوبهم إلى جماهير واعية ‏متعلمة ومنتجة تركوا الموضوع لرغبة المستعمرين الذين أبقوها جموعا ‏جاهلة‎ ‎مستهلكة لما تنتجه الشعوب الواعية الأخرى والقاطنة حولنا من ‏الجهات الأربع: شرقا وغربا‎ ‎وشمالا وجنوبا، دون أن يفكر أحدنا ليتساءل: ‏كيف يمكن أن نحول شعوبنا‎ ‎المتشرذمة، إلى أمة منتجة، مثل الصين او ‏اليابان أو كوريا، التي نهضت من غفوتها وسبقت‏‎ ‎غيرها من دول أوربا ‏الناهضة خلال عشرات السنين، لتصنع بأيديها على الأقل كل‎ ‎إحتياجاتها ‏اليومية من أدوية وملابس وأدوات ثم لتلتفت بعدها لصناعة الآلات ‏والعربات‎ ‎والقطارات والسفن والطائرات ووسائل الإتصال، والأسلحة ‏المختلفة للدفاع عن نفسها‎ ‎وأرضها وكرامتها‎.‎

يتطرق الأستاذ هنا لموضوع غاية فى العجب فيتهم الصلاة والوضوء والعبادات بأنها ليست أعمال ولكنها ( حسب تأويله ) أفعال وأن الجناة الحاقدين قد فهمونا أنها أعمال ولذلك ضعنا وصرنا حفاة وعراة وذيولاً للأمم ولن تقوم لنا قائمة طالما نعتبر أن العبادات أعمال وليست افعال وطالما لم نتبع تأويل الأستاذ نيازى ونقتفى أثره ونقسم له صباحاً ومساءاً أن العبادات أفعال وليست أعمال !!!!!!!!!!

ومن عجب عجاب أن يقوم الكاتب بهذه الثورة العارمة على بعض الألفاظ ويحملها نتيجة تخلف الأمة ويعطى شهادة براءة للظلمة والمجرمين وسارقى مقدرات الشعوب على مدى عشرات القرون , ويعفيهم من جرائمهم بكل سهولة ويسر ويحمل كل هذا العبأ الجسيم لهؤلاء الطغاة ( حسب رأيه ) الذين فهموا الناس أن العبادات أفعال وليست أعمال .

وكأن هذا هو السبب الذى جعل العرب المسلمين (خصوصاً ) يتخلفون عن ركب الحضارة , لأنهم لو فهموا كما فهم الأستاذ نيازى أن الله تعالى يدخل الناس الجنة فقط وأؤكد فقط بسبب ما يقدمونه من أعمال وصناعات وزراعات واختراعات , ولكن العبادات التى هى أفعال لا تقدم ولا تؤخر وليست لها أى ميزان تقييمى عند الله تعالى وسبحان الله وتعالى عما يصفون .

أستاذى الكريم قل لى بالله عليك كيف نفهم الآيات القرآنية التالية التى أكد فيها الله تعالى أن الصلاة والصيام والزكاة والصدقات والحج والتسابيح ( العبادات ) لها أجر عظيم فى الدنيا والآخرة وإليك بعضها :

) (( مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )) البقرة 261
(5) (( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ )) الأنبياء 47
2) (( وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ )) المائدة 12
(( وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ )) هود 114
(( وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )) البقرة 110
7)(( لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِِ والضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ )) البقرة 177
(( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ )) البقرة 277
(( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ )) البقرة 197

أكتفى بهذه الآيات الكريمة لكى أثبت أن للعبادة أجر عظيم وأنها طريق المؤمنين للتقوى وأن الجنة أعدت للمتقين , ولكن النار أعدت للكافرين .

ثم يسترسل الأستاذ فيقول :

أغلبنا اليوم، كأفراد من شعوب مسلمة، مازلنا في مرحلة‎ ‎الرعي والزراعة ‏البدائية، وهذا لا يصنفنا اليوم في سلم الحضارة الفعلية بأكثر من‎ ‎تصنيف ‏الهنود الحمرالذين كانوا في مثل حالنا تقريبا قبل مئات السنين، ونحن إن‎ ‎بقينا نائمين كما نحن اليوم في القرن الحادي والعشرين، لن يكون مصيرنا ‏أفضل من‎ ‎مصيرهم‎.‎‏ ‏فلسطين كانت البداية ثم الجولان كانت فقط العضة الأولى من‎ ‎تفاحة سوريا، ‏والعراق هي التفاحة الحالية ألا نرى ماذا يجري حولنا في لبنان وغزة‎ ‎والضفة الغربية من فلسطين، وما يجري في السودان من محاولات تقسيم ‏وما يجري في‎ ‎الصومال، فماذا ننتظر؟ ‏لا يمكن أن نكون من الصالحين إن لم نصلح أنفسنا أولا‎.‎‏ ‏ولن تصلح نفوسنا إن لم نصلح ديننا بالعودة إلى قرآننا المهجور،‎ ‎ليس من ‏أجل التغني به ولا من أجل كتابة الحجب بآياته بل من أجل أن يكون منهجا‎ ‎ونورا نستضيء به لتعلم علوم الدنيا قبل علوم الآخرة، ومن أجل بناء جنتنا ‏الأولى‎ ‎على أرضنا قبل أن يورثها ربنا لغيرنا نتيجة تواكلنا‎ ‎وكسلنا‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎إن الأرض لله يورثها من يشاء من‎ ‎عباده...*) 128-7‏‎.‎‏ ‏‏(‏‎ ‎أن الأرض يرثها عبادي‎ ‎الصالحون...*) 105-21‏‎.‎‏ ‏‏(‏‎ ‎والذين آمنوا وعملوا الصالحات، لا‎ ‎نكلف نفسا إلا وسعها، أولائك أصحاب ‏الجنة‎ ‎هم فيها خالدون*) 42-7‏‎.‎‏ ‏علينا أن نعترف أننا لسنا من المصلحين، بدليل تحوله سبحانه‎ ‎عنا، إذ لم يعد ‏ينصرنا على أعدائنا في معاركنا، كما بدأ سبحانه يبدل لنا نعمه‎ ‎الأولى من ‏الإتحاد والصحة والعلم والقوة والغنى إلى نقم كثيرة منها: التفرق‎ ‎والمرض ‏والجهل والضعف والفقر التي سكنت واستقرت في بلاد المسلمين‎ ‎وأصبحت ‏من الأمراض المستعصية فيها‎.‎
هذه دعوة للعمل والإنجاز والتقدم لا ننكرها على الأستاذ ولكن فيها جلداً خطيراً للذات يمكن أن يؤدى لليأس والقنوط فنزداد انحداراً وتخلفاً وجهلاً , ولكن ما لفت نظرى فعلاً هو قول الأستاذ :

علينا أن نعترف أننا لسنا من المصلحين، بدليل تحوله سبحانه‎ ‎عنا، إذ لم يعد ‏ينصرنا على أعدائنا في معاركنا، كما بدأ سبحانه يبدل لنا نعمه‎ ‎الأولى من ‏الإتحاد والصحة والعلم والقوة والغنى إلى نقم كثيرة منها: التفرق‎ ‎والمرض ‏والجهل والضعف والفقر التي سكنت واستقرت في بلاد المسلمين‎ ‎وأصبحت ‏من الأمراض المستعصية فيها‎.‎
وهو قول له العجب فكيف علم الأستاذ أننا لم نعد ( كعرب ) من المصلحين ؟ وكيف عمم هذا الحكم الخطير الذى هو من أعمال الله تعالى ؟ ثم هل أوحى الله إليه أنه سبحانه قد تحول عنا ولم يعد ينظر إلينا ؟ ألم يتذكر أن الله تعالى يعلم المصلح من المفسد ؟ هل تريد أن تقول أن عالمنا العربى الذى يربو على 300 مليون نسمة كله فاسد ومفسد فى الارض فاستحق غضب الله وتحول الله عنه ؟ وأنهم جميعاً مرضى وجهلة ومتخلفون ؟؟ أليس هذا الحكم جائراًً إلى حد كبير ومتسرعاً ؟

وهل تريد أن تفهمنى أن العرب فقط هم الذين لم يشتركوا فى صناعة الحضارة الحديثة ؟ وأن بقية شعوب العالم قد ساهمت فيها ؟

ألم تقرأ عن علماء عرب فى الطب والفضاء والفيزياء والكيمياء والعلوم والأدب وغيرها ؟ كلهم ساهموا فى إغناء الحضارة الحديثة فلماذا كل هذا الظلم والتحامل ؟
هل كل ذلك لأنهم لم يطبقوا نهجك السماوى فى تأويل القرآن ولم يقولوا أن العبادات أفعال لا يجازى الله بها وأن الجنة مصير الصناع والزراع والتجار حتى لو كفروا أو الحدوا أو فجروا وحاربوا كل القيم والمثل العليا ؟

بعد ذلك يسترسل الأستاذ فى مقاله ويطيل بإطناب شديد حتى يثبت وجهة نظره ويؤيد نظريته حتى وصل إلى حرمان الملائكة من الأجور مقابل ما أدوه من عبادات وما نفذوه من تعليمات ربهم لأن ما فعلوه كان ( أفعالاً ) ولم يكن ( أعمالاً ) ولست أدرى من أين جاء بتلك الأحكام السماوية والتشريعات الربانية والعلوم الغيبية ؟

لم يقف الأمر هنا , بل تطرق لأعمال الرسل والأنبياء وأن بلاغهم لرسالات ربهم هى أفعال وليست أعمال ولذلك فلا أجر لهم .. وأساله هنا إذا كنت يا أستاذ قد حكمت ( ولله الحكم ) بحرمان الأنبياء والمرسلين من الأجر لأن تكسيرهم للأصنام وعباداتهم لله وتبليغهم لرسالات ربهم كانت أفعالاً ولم تكن أعمالاً فما مصيرهم وخصوصاً أن معظمهم تفرغ لتلك الدعوة لله تعالى وكان بعضهم ملوكاً وترك بعضهم عمله الأصلى ليتفرغ للوحى وتبليغ رسالة ربه ؟؟

ثم لا ينسى أن يتحدث عن الأعمال الحلال مثل الزراعة والتجارة والصناة , وهى التى ستدخل أصحابها الجنة , ثم يتحدث عن الأعمال الحرام كفتح بيوت للدعارة وبيع الخمور ويؤكد بما لايدع مجالاً للشك أن ارباب الأعمال الحرام سيجنون الشر والعار فى دنياهم بأنهم سيفاجؤن بأبنائهم يعملون فى الدعارة أو يدمنون الخمور وكأن هذا الحكم عام وكامل ونهائى ولا رجعة فيه ولا إستثناء منه .

يقول الله تعالى :
(( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا )) الفرقان 23
(( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ )) فصلت 46
وأفهم من هاتين الآيتين الكريميتن أن الأفعال شريحة من الأعمال وأن الله تعالى سوف يعطى الإنسان الصالح أجره على افعاله وأعماله سواء كانت عبادات أو أعمال الإنسان فى الأرض ( وظيفته) وأن الأية الولى توضح ضياع مجهود الكافرين بالله تعالى واليوم الآخر مهما اخترعوا أو صنعوا أو زرعوا , والآية الثانية تؤكد أن العمل الصالح يكون لصالح الإنسان نفسه فى دنياه وآخرته وهى مسألة لا يتسع المجال لتفصيلها فى مقال صغير.

من رأيى أن الأستاذ لم يوفق فى مقاله هذا ( مع كامل إحترامى له ولحقه فى عرض إجتهاده ) , كما لم يوفق فى مقالاته السابقة عن تشكيل القرآن والنسىء وغيره , وأعتقد أنه يأتى لهذا الموقع بفكر غريب لا أوافق عليه ولا أشاركه فيه ( كأحد كتاب الموقع وقد لا يكون لرأيى أى أهمية ولكننى أعرضه لوجه الله تعالى ) , وأن حجته داحضة وأنه يستشهد بآيات قرآنية فى غير مواضعها الصحيحة وأنه يلوى عنق الآيات ليخدم فكرته وأنه يدخل على القرآن بفكر مسبق وقد يكون مستورداً من حضارات وديانات أخرى فهو ( أى هذا الفكر) من وجهة نظرى لا يعدو كونه فكراً غريباً لا يمكن أن يلقى صدى إلا عند السطحيين الذين اتخذوا القرآن عضين .
أللهم نور قلوبنا بالقرآن العظيم

اجمالي القراءات 12289