العطف بالواو فى القرآن يفيد التوضيح
لمحات منيرة

منيرة حسين في الخميس ١٤ - فبراير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً



العطف بالواو يفيد التوضيح والبيان

تعلمنا ان العطف بالواو يفيد المغايرة والاختلاف ، مثل : جاء محمد وابراهيم يعنى ان محمد شخص آخر غير ابراهيم ، فالعطف بالواو يفيد المغايرة . هذا ما تعلمناه فى النحو ..
ولكن العطف هنا لايفيد المغايرة والاختلاف وانما يفيد اشتراك محمد وابراهيم فى وقوع فعل واحد هو المجئ . أى أن كليهما ( محمد وابراهيم ) جاءا.
فإذا قلت ضربت محمدا وابراهيم ، فإن عطف ابراهيم بالواو على محمد يفيد اشتراكهما فى الضرب الواقع عليهما ، وان قلت نجح محمد وابراهيم فكلاهما نجح ، وان قلت مررت بمحمد وابراهيم أى مررت بهما معا. وهذا معنى المشاركة فى الفعل .

وآيات القرآن الكريم مليئة بالعطف بالواو من هذه النوعية ، ولكن مع استخدام العطف بالواو أيضا للمزيد من التوضيح والشرح والتفصيل بعد اشتراك المعطوف والمعطوف عليه فى شىء واحد.وهذا من وسائل القرآن الكريم فى البيان و التبيين فهو كتاب مبين ، اى يشرح نفسه بنفسه ويفسر كلماته فى داخله ، وبطرق مختلفة منها استخدام (واو ) العطف.

ونعطى لذلك امثلة :
يقول تعالى(ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين ) (الأنبياء 48)
فقد اوتى موسى وهارون التوراة فقط ، ولكنها موصوفة هنا بثلاثة صفات هى الفرقان والضياء والذكر ، وكلها صفات لموصوف واحد وهو التوراة . فالعطف بالواو جاء بصفتين هما (ضياء وذكرا ) وعطفهما بالواو على كلمة الفرقان (الفرقان وضياء وذكرا للمتقين ). واشترك الجميع فى فعل واحد هو (آتينا )أى (ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين ).
فالتوراة لم يذكرها الله تعالى هنا بالاسم ، ولكن وصفها بصفات ثلاث هى الفرقان والضياء والذكر ، والعطف هنا يعنى شرح معنى التوراة وتفسيرها وتفصيل معناها.

والاية التالية تقول(الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون) ( الانبياء 49) فالذين يخشون ربهم هم نفسهم الذين يشفقون ويخافون من الساعة. وهنا اشتراك فى الصفات ( الخشية والاشفاق من قدوم يوم القيامة ) والموصوف بهما واحد هم (الذين ) المشار اليهم فى الاية السابقة بالمتقين (ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين ) (الأنبياء 48).
والعطف بالواو بين جزئى الآية يشرح المراد ، بمعنى ان خشية الله تعالى بالغيب تعنى الاشفاق والخوف من قدوم الساعة التى هى أكبر الغيبيات التى تكلم عنها القرآن الكريم والكتب السماوية السابقة.

وهذا الفهم لحقائق العطف بالواو يعطينا مفتاحا نفهم به حقائق القرآن الغائبة عنا ، وهى كثيرة ، ومنها ما نسىء فهمه ، مثل قوله تعالى (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من اموالهم ) (النساء 34)
فالتفضيل هنا معناه الانفاق ، وحيث يقوم الرجل بالانفاق على زوجته فإنه يستحق القوامة عليها ،والقوامة هى المسؤلية والرعاية.
وليس فى النسق القرآنى تفضيل مطلق للرجل على المرأة ولكن التفضيل مرتبط بمسؤلية الانفاق الذى يعنى الرعاية والمسؤلية .
وبمعنى أخر فالتفضيل معناه فى القرآن مخالف لمعناه عندنا ، فهو عند الله تعالى مشروط بالمسئولية ، وكلما زادت مسئوليتك زاد فضلك ، و تستحق هذا الفضل إذا نجحت فى القيام بمسئوليتك . ولهذا نفهم تفضيل البشر على كثير من الخلق ،لأن البشر مكلفون بمهمة ولهم فيها تمام الحرية ، والحرية تعنى المسئولية.























اجمالي القراءات 12071