أولآ - الحزب الوطني
مأساتي مع ثلاثة أحزاب - الوطني - الناصري - الغد - جزء 1 الــوطــنــي

شادي طلعت في السبت ٢٦ - يناير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

حينما استمع الى احاديث الساسة و تحليلاتهم للأوضاع السياسية ليس في مصر أو في المنطقة العربية و انما في العالم كله ، اشعر و كأنني أمام خطط أمريكية و كأن أمريكا قد أعدت خطة من مئات السنين حتى تجني ثمارها بعدما تمر تلك السنين ، و الواقع أني في بداية الأمر كنت اصدق كل ما يقال عن هذا المارد الأمريكي الذي يعمل لمصلحة شعبه لمئات السنين إلا أنني لشغفي بالعمل السياسي قررت أن أقترب من هذا العالم و أن أكون واحدا منه لأسباب كثيرة منها أنني كنت اريد أن أعرف كيف يخطط أصحاب القرار ، و كيف تخطط القوى المعارضة للنظام و ما هي مناهج البحث و الدراسة لدى كليهما ، و ما هي القيمة الحقيقية ممن كنت أستنمع اليهم قبل انغماسي في العمل السياسي ، كلها كانت أسئلة تملأني شغفا للمعرفة و أصبح لدي حب استطلاع رهيب بدأ معي منذ سن الثالثة عشر عاما  قد يكون قد بدأ معي مبكرا ، و قد تكون هذه المرحلة طبيعية للتفكير في تلك الأمور ، المهم أنني كنت شغوفا جدا بالرئيس جمال عبد الناصر و الواقع ان ابي رحمة الله عليه قد ترك لي مكتبة لا بأس بها و تحتوي على الكثير عن مرحلة ما بعد الثورة ، و قد كنت أقرأ لطرف واحد و وجهة نظر واحدة فأصبحت مولعا بجمال عبد الناصر ، و بدأت أخرج عن مكتبتي بعدما حفظت ما فيها و أقرأ المزيد من نفس وجهة النظر ، و لا أخفي عليكم لطالما تمنيت أن أعلن عن ناصريتي ، في و قت كان الناس يسخرون مني كلما أعلنت عن حبي للرجل ، الذي استطاع ان يقف أمام أكبر قوى دولية و ليس هذا فحسب و إنما كان أيضا يملي شروطه ، إلا أن أكثر الناس كانت تسير بمبدأ - إللي فات مات و إحنا ولاد إنهارده ،  المهم أنني كنت شغوفا جدا بجمال عبد الناصر ، و في نفس الوقت كنت قارئا جيدا لجريدة الوفد تلك الصحيفة التي كنت كلما قرأتها أشعر أنها تتحدث بلساني ، و لم آخذ عليها الا أنها كانت ضد / جمال عبد الناصر ، و لكن ظل للراحل مصطفى شردي ، رئيس تحرير الوفد مكان في قلبي ، و عندما توفي حزنت عليه حزنا شديدا ، و لا زلت أدعوا له بالرحمة ، المهم أن أمنيتي قد تحققت بعد ذلك ، و إذ بالأستاذ / ضياء الدين داود يعود من جديد الى العمل السياسي و يؤسس الحزب العربي الديمقراطي الناصري ، و فرحت جدا بهذا الأمر ، و الحقيقة أن الأمر الأول الذي ملأ قلبي فرحا هو أنني سأجد أشخاصا مثلي يحبون جمال عبد الناصر " حيث أني كنت أشعر بغربة عن كل من كانوا حولي سواء أهلي أم أقاربي . و بعد إنتهائي من الثانوية العامة عام 1993 قررت الإنضمام الى الحزب الناصري إلا أنه كانت هناك عقبة أمامي ، و لم تكن تلك العقبة هينة ، إذ أنها كانت تهديد و وعيد من أبي ، إذا ما إنضممت الى الحزب الناصري ، فصرفت نظري عن الفكرة ، لكني لم أستطع منع نفسي عن العمل السياسي فقررت الإنضمام الى الحزب الحاكم ، لأمارس العمل السياسي من نافذة قد لا يتوعدني أبي ، إذا ما نظرت منها و ملأت استمارة الحزب الوطني و أستلمت كارنيه الحزب و جلست لأول مره مع مسؤل الشباب بالحزب الحاكم في القسم الذي أنا تابع له و لأول مره أجد نفسي أتحدث في السياسة دون أي تهديد أو وعيد و قال لي ذلك المسؤل بالحزب الحاكم " أنت حظك حلو قوي ، لأنك بكره ستقابل كلا من وزير الأوقاف ، و مفتي الجمهورية و كان وقتها د . سيد طنطاوي ، و د . مفيد شهاب " و في الواقع أن المفاجأة كانت مذهلة و شعرت وقتها بقيمة الحزب الوطني الذي حقق لي طموحي بسرعة لم أكن أتخيلها ، و سألته متى هذا اللقاء فقال لي غدأ بالإستاد الساعة الثامنة مساءا ، و ذهبت الى منزلي و كلي شغف لأن يمر الوقت سريعا فها أنا أتقابل مع أصحاب القرار و أتحاور معهم ، و بالفعل مر الوقت و ذهبت الى اللقاء ، فإذا بي أجد نفسي مصدوما بمشهد كان علي كالصاعقة ، حيث أنني وجدت ما يقرب من ألف شخص و وجدت نفسي في مؤتمر للحزب الوطني و أنا واحدا ممن يقفون ، و وجدت من حولي يصفقون على أي شيئ لا أعلم ؟ ثم و جدت مسؤل الحزب الوطني يأتيني و يصافحني قائلآ إيه رأيك فقلت له أنت أخبرتني بأنني سألتقي مع هؤلاء الضيوف مع مجموعة من الشباب فأين هو اللقاء من ذلك المؤتمر ، فقال لي هذا هو ما وعدتك به فها انت ترى أصحاب القرار أمامك ، و كأنه يتحدث عن أنبياء ! فاستنفرني هذا الأمر جدا و خرجت من الإستاد و أنا كلي حسرة و ندم و أسى ، و قررت أن لا أعود الى الحزب الوطني أبدآ ، إلا أنني بعدها بحوالي شهر مضى فوجئت بالشخص المسؤل بالحزب الوطني يطلبني على الهاتف المنزلي و يقول لي " يا سيدي ما تزعلش من المرة اللي فاتت  بس إنا لازم أشوفك بكرة الساعة 10 صباحا علشان في شغل مهم جدآ محتاجلك " فتعجبت و إنبهرت و إمتلأ قلبي فرحا بما سمعت و قلت أخيرا بدأ الحزب الوطني في معرفة سبب إنضمامي إليه و سيكون لي في هذا الحزب مكان لأنه قد قدرني و ذهبت في الموعد الساعة العاشرة صباحا من اليوم التالي الى مقر الحزب ، و كنت سعيدا جدا لأن الحزب الوطني يطلب مساعدتي و مشاركتي ، حقا أنني لم أكن أعلم ما هي نوعية المشاركة ، و لكن مجرد الطلب كان يزيد من ثقتي في نفسي - المهم أنني ذهبت الى اللقاء الثاني , و إذا بي أجد منظرآ غريبا ، وهو أنني قد وجدت شبابا آخر غيري و تقريبا تحت سن العشرين مثلي في ذلك الوقت ، ذكورآ و إناثا ثم جائني هذا المسؤل بالحزب الوطني و رحب بي و بدأ يعرفني على الشباب الموجود و كان عددنا حوالي عشرين شخصا و قال لنا نحن بصدد إستفتاء جديد على رئاسة الجمهورية ، و يجب أن نفعل ما بوسعنا حتى ينجح الرئيس في الإستفتاء  ذهب عقلي وقتها الى أنني يمكن أن أتقابل مع الرئيس و لكن سرعان ما أفقت من الوهم حيث أني من وقت قريب لم أستطع أن أتقابل مع وزير فكيف لي بمقابلة الرئيس ، المهم أنني كنت أظن أنه سيكون هناك حوارا أو نقاشا أو خطة عمل تشعرني بأني قريب ممن هم في السلطة و ليس هم في واد و الشعب في واد آخر ، المهم كان في رأسي العديد من الأسئلة للشخص المسؤل بالحزب إلا أنني لم أتمكن من سؤاله ، لأننا فجأة و جدنا سيارات تصرخ بآلات التنبيه عاليا فذهب هذا المسؤل و نظر اليها شرفة الحزب ، ثم عاد و قال لنا الآتي ستنقسمون الى خمس مجموعات ، كل مجموعة من اربع أفراد و بالفعل قام هو بالتقسيم ثم أمر السعاة فإذا بهم يأتون بأكياس كبيرة و وجدته يمسك بتلك الأكياس و يخرج ما فيها و يوزعه علينا فعلمت أنه قميص أو تيشرت ـ فظننت أنه هدية من الحزب الوطني ، و بعد أن قام بتوزيع التيشرتات علينا قال أنتم خمس مجموعات المجموعة الأولى ستركب السيارة الأولى و المجموعة الثانية في السيارة الثانية و هكذا ، ثم طلب من الجميع إرتداء التيشرت و فتحت التيشرت فوجدت أن عليه إسم الرئيس من الأمام ومن الخلف ثم ذهبت الى الشرفة لألقي نظرة على السيارة التي سأركبها فإذا بي أجد أن كل السيارات هي سيارات نصف نقل، و بعدها وجدت المسؤل يقوم بتوزيع الأعلام على الشباب و حينما اقترب مني قلت له " قف " فقال لي ماذا بك ، فسلمته التيشرت و قلت له لقد أغضبتني و صدقني هذه آخر مرة سأدخل فيها هذا المكان فقال لي إن لم تفعل مثلما نفعل جميعا فلن تأتي معنا الى معسكراتنا ، فقلت له و من قال لك أنني اتيت حتى أفوز بمعسكر أو رحلة أو حتى مال ، انني يا هذا قد أتيت بحثا عن ذاتي و لكني لم أجدها هنا ، و الواقع أنني أعتقد أنه لم يفهمني ، و خرجت من الحزب الوطني متخذا قرارا أنني لن أعود اليه ، و ظل كارنيه عضويتي بالحزب الوطني ساريا بعدها لعدة أعوام حتى تقدمت بإستقالتي من الحزب الوطني قبل إنضمامي للحزب الناصري بعدما التقيت بالأستاذ / ضياء الدين داود رئيس الحزب ، و سيكون حديثي القادم عن تجربتي مع الحزب الناصري .

SHADYTAL@HOTMAIL.COM

اجمالي القراءات 10814