فى الرد على الاستاذ نهرو طنطاوى

رضا عبد الرحمن على في الخميس ١٠ - يناير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

فى الرد على الاستاذ نهرو طنطاوى

رضا عبد الرحمن على 
 

كتب الأستاذ نهرو طنطاوي ـ مقالا طويلا جدا يهاجم فيه الدكتور أحمد صبحى منصور و القرآنيين بعنوان ( ماذا قدم أهل القرآن للاسلام ) وقد هاجم فيه القرآنيين ومنهجهم ، والدكتور احمد منصور ، ونشر مقاله فى موقع اهل القرآن ، وقام الكثيرون بالرد ، وبدأت الرد عليه انا أيضا بالتعليق كما فعل الاساتذة ولكن طال التعليق فجعلته مقالا بالكامل .

في البداية أنا مدرس فى الأزهر مثل الاستاذ نهرو طنطاوى ، ولكن هناك فرق بيننا فى السن لأنى تخرجت منذ عدة أعوام و يتهيأ لى انه تخرج من قبلى بكثير من الاعوام. والفارق الأكبر بيننا أننى اجعل نفسى فى مرحلة التلمذة مع أننى أكتب منذ نفس الفترة التى بدأ فيها الاستاذ نهرو يكتب على الانترنت . الفارق انه يكتب كانه عالم بلغ مرحلة الاجتهاد بحيث يناطح الأساتذة الكبار ويتهجم عليهم بدون أن يصل الى مستواهم بينما أنا احاول الاستفادة من علمهم ، وحتى لو اختلفت معهم فبكل احترام اختلف معهم وأحاول أن أتعلم منهم.

يبدأ الأستاذ نهرو مقاله بسؤال اجابته معروفة فيقول : ماذا قدم اهل القرآن للاسلام ؟ والاجابة معروفة ولكنها لا تعجبه . فاهل القرآن قدموا أعظم خدمة للاسلام وهى تبرئته من جرائم المسلمين الارهابيين ، والتدليل الحاسم على الفصل التام بين الاسلام وبين المسلمين وتاريخهم و تراثهم حتى ان الدكتور احمد صبحى منصور يثبت أن للمسلمين مخترعات دينية او اديان ارضية تقوم على وحى زائف . وهذا يعنى أنهم منفصلون عن الاسلام وان افعالهم بالخير او بالشر منسوبة لهم و ليس الى الاسلام . هذه اكبر خدمة للاسلام لأن كل الغرب يتهم الاسلام بالتطرف و الارهاب و التعصب ، وكل ما فى اسامة بن لادن من مساوىء يقولونها عن الاسلام .. فهل هذا يصح ؟


بعد هذا نرى الاستاذ نهرو ينقل فقرات كاملة من ردود الدكتور كامل النجار و الدكتورة وفاء سلطان ، وكان المفروض أن يأتى أولا بآراء الدكتور أحمد صبحى منصور ثم ردهم عليه حتى يوازن القارىء بين حجته وحجتهم . ولكنه لم يفعل لسبب بسيط أنه منحاز للدكتور كامل النجار و الدكتورة وفاء سلطان ، وهذا ليس بالغريب لأن ردود الدكتور أحمد صبحى منصور لا ترد على العلمانيين الملحدين فقط ولكن ترد أيضا على السلفيين ، وهذا يتضح من عنوان مقالات الدكتور أحمد ( هذا العلمانى الضحية صريع السلفية ) والتى أثبت فيها أن العلمانيين الملحدين يسيرون على منهج السلفيين فى شيئين اثنين هما اعتبار القرآن حمال أوجه ، و الخلط بين الاسلام و المسلمين.


وفى الرد على منهج العلمانيين و السلفيين أثبت الدكتور أحمد صبحى منصور بأدلة لا تقبل الشك ولم يستطع احد مناقشتها أن هناك مصطلحات خاصة بالقرآن و أن هناك فاصلا بين الاسلام و المسلمين بحيث لا يمكن الخلط بينهما.
وبالتالى فان مقالات الدكتور احمد منصور أوجعت الاستاذ نهرو فكتب منحازا للعلمانيين الملحدين لأنه يشاركهم نفس المنهج فى تأويل القرآن حسب الهوى و فى اعتبار الاسلام مسئولا عن اعمال المسلمين .


وبعد هذا يتهم الاستاذ نهرو القرآنيين انهم يعتبرون القرآن وثنا . ولماذا ينسى انه هو و بقية السلفيين يعتبرون البخارى و كتب الأحاديث أوثانا ؟ ولماذا ينسى أنه هو والسلفيين يعتبرون الصحابة أوثانا ..

طبيعي أن نقدس القرآن لأننا نعتقد انه كلام الله تعالى ، ولكن ليس من الطبيعى ان نقدس البشر وكلام البشر و أفعال البشر . ليس عيبا ان نقدس القرآن بل هو واجبنا وعقيدتنا ، ولكن العيب ان نقدس كتب التراث وتاريخ المسلمين .
ويأتى الاستاذ نهرو ليتهم الدكتور أحمد صبحى منصور بأنه ينكر التاريخ الاسلامى .

فكيف يكون الدكتور منصور منكرا للتاريخ الاسلامى وهو متخصص فيه ؟ وكيف ينكر التاريخ الاسلامى و له فيه مؤلفات بالعشرات ومقالات بالمئات ؟
انه يهاجم الدكتور منصور لأنه ينتقد تاريخ المسلمين و يهاجم الصحابة ويعتبر ذلك انكارا للتاريخ الاسلامى. وهنا اتوقف مع كلمته انكار التاريخ الاسلامى ، و أقارنها باتهام المباحث للدكتور منصور بانكار السنة . بمعنى أن الاستاذ نهرو يعتبر التاريخ الاسلامى مثل السنة ، وكما يجب على الناس الايمان بالسنة اذن يجب عليهم ايضا الايمان بالتاريخ الاسلامى ، ويجب عليهم عدم نقده تنفيذا للاحاديث التى تنهى عن انتقاد الصحابة والتي تعلمناها في الازهر.


و انا والحمد لله لا أومن بهذه الأحاديث التى تقول (اصحابى كالنجوم بايهم اقتديتم اهتديتم ) ، ( لا تتخذوا أصحابى غرضا بعدى) ولكن الاستاذ نهرو يجعل تاريخ الصحابة دينا ومن يناقشه او يهاجمه فقد انكره .
والاستاذ نهرو ينسى ان عمل المصلح هو فى تحرى العيوب و المساوىء لعلاجها ، وكفانا تقديسا للصحابة منذ 14 قرنا فوصلنا الى الحضيض ، و لا يزال هناك الملايين من الكتاب يقدسون الصحابة و يدافعون عنهم ويتجاهلون الفتنة الكبرى وتقاتل الصحابة مع بعضهم . فهل إذا جاء صوت وحيد هو صوت الدكتور احمد صبحى منصور يهاجم المساوىء التى فعلها الصحابة و يستشهد بالتاريخ و بالقرآن ، ويفعل ذلك لاصلاح المسلمين .
ألا يكون قد قدم خدمة الى الاسلام و المسلمين ؟ وإذن ما الذى يغضب الاستاذ نهرو فى هذا ؟


والاستاذ نهرو لا يقرأ ما كتبه الدكتور أحمد صبحى منصور ، وهو يؤكد دائما على الفصل بين الاسلام و المسلمين ، وعلى المنهج العلمى فى قراءة وفهم القرآن وعلى المنهج العلمى فى بحث التراث ..
هذا كله مذكور فى مقالات عديدة و فتاوى منشورة بموقع اهل القرآن ، و اقول اننى أحفظها من كثرة قراءتى لها لأن أساس تكوين الكاتب ان يكون له منهج فى البحث و الكتابة ، وهذا ما أحرص عليه عندما أقرأ مقالا أو بحثا للدكتور أحمد صبحى منصور ثم أقوم بينى و بين نفسى بتطبيق منهجه على مقالاته وابحاثه فأستفيد واتعلم كيفية البحث و اسلوب كتابة المقال.


وكنت أريد للأستاذ نهرو أن يتعلم من استاذه كما وصف هو نفسه الدكتور منصور ـ ولكن مع الأسف يتطاول على استاذه ويتهمه بعدم المنهجية ثم يتناقض مع نفسه ويهاجم منهج الدكتور احمد فى فهم القرآن من خلال مصطلحاته . يعنى مرة يقول ليس لهم منهج ثم مرة ثانية يهاجم منهجهم ..


و الواضح ان الاستاذ نهرو مغتاظ من الانتقاد العلمى الذى يوجهه الدكتور احمد صبحى منصور للصحابة ـ وهو مغتاظ أكثر لأنه لا يستطيع الرد على الأدلة العلمية للدكتور منصور المتخصص فى التاريخ الاسلامى منذ ثلاثين عاما ، ومن أجل غيظه فهو يعتقد أن الدكتور منصور يكفر بالتاريخ الاسلامى كله لأنه يهاجمه كله ، ونسى الاستاذ نهرو كما قلت ان العمل الاصلاحى يتطلب التركيز على العيوب لاصلاحها ، ولكن من ناحية أخرى فالدكتور منصور هو أفضل من يدافع عن تاريخ المسلمين عندما يقترب منه بعض الناس بالهجوم غير المعزز بالدليل .


وأنا هنا أتذكر مقالا مشهورا للدكتور منصور هاجم فيه صديقا له ورفيقا فى النضال والدفاع عن الأقباط هو الاستاذ مجدى خليل الذى كتب يهاجم الاسلام و المسلمين ويقول انهم طيلة تاريخهم لم يطبقوا حرية الرأى فكتب الدكتور أحمد صبحى منصور مقالته المشهورة ( فى تسامح المسلمين ) وفيها يقول (ربما فهم الاستاذ مجدى خليل خطأ أن تخصصى فى نقد تاريخ المسلمين يعنى أن كل هذا التاريخ شر وعدوان. لذا قال (وما يقوله سعيد العشماوى وجمال البنا وأحمد صبحي منصور وغيرهم عن حق المسلم في ترك دينه بكل حرية يظل كلاما فى الهواء ليس له اي سند تاريخي، فالآيات القرآنية مثل "لا أكره في الدين" ،"ومن شاء فليؤمن ومن يشاء فليكفر" لم تطبق إطلاقا طوال التاريخ الإسلامي.)


أقول أنه شيخ أزهري وهب حياته لاصلاح المسلمين بالاسلام. والمصلح كالطبيب لا يبحث إلا فى الأمراض والعلل، لا يوجد طبيب يعالج الصحة ، وإنما يتعامل مع المرض ، وكذلك المصلح يركز على العيوب والسيئات ليعالجها ، وهذا ما يفعله حين يتعرض لما يراه سيئات في تاريخ المسلمين وتراثهم التشريعى وأديانهم الأرضية ، فيبحثها أصوليا وتراثيا وتاريخيا ، ثم يعرضها على القرآن الكريم موضحا ما ينبغى أن يكون. أي أنه كباحث تاريخي يبحث الموضوع بمنهجية تاريخية ،ثم بمنهجية إصلاحية يعرضها على القرآن الكريم موضحا مدى اختلافها أو تناقضها مع كتاب الله تعالى العزيز.



هذا لا يعنى إطلاقا خلو تاريخ المسلمين وتراثهم من نواحى ايجابية مضيئة ، بل هى الجانب الأغلب فى معظمه ، وأعتقد أنه يستطيع أن يكتب فيه بالتحليل المنصف عشرات المؤلفات ، ولكن لن يفيد ذلك الاصلاح شيئا ، بل سيفيد أكثر دعاة الحركة التى تسعى بالمسلمين للحياة فى هذا الماضى المنتهى وتعتبره دينا، فمهما كان الماضى بسيئاته وحسناته فهو لمجرد العظة والاعتبار وليس لأن نحيا فيه ، طبقا للقاعدة القرآنية التى تكررت مرتين لتؤكد أنه تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون ( سورة البقرة 134، 141 ). أعتقد أن قسوة الدكتور منصور أحيانا في نقد تاريخ المسلمين وتراثهم تنبع من إدراكه عظمة الإسلام وكيف ينبغي للمسلمين أن يرتفعوا الى مستواه ما استطاعوا ، وأنه إذا كان الآخرون يرتكبون الخطأ فإن الخطأ لا يبررالخطأ ، وأن ما فى القرآن الكريم ـ إذا فهمناه بمصطلحاته وبمنهجيته التشريعية ـ أولى بالاتباع والتطبيق. )


لو قرا الاستاذ نهرو هذا الكلام بعقل متفتح لصحا ضميره ..
أرجو أن يرجع الاستاذ نهرو الى ضميره و يتخلص من عبادة الذات ، ويتعلم من استاذه بدلا من ان يهاجمه .

اجمالي القراءات 7643