ماذا قدم أهل القرآن للإسلام؟؟

نهرو طنطاوي في الأربعاء ٠٩ - يناير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

ماذا قدم أهل القرآن للإسلام؟؟

بدايةً أهنئ كل سكان الأرض بأعيادهم وكل عام والجميع بخير.

ورداً على الكثير من الرسائل التي وصلتني من القراء الكرام والتي يسألونني فيها عن سبب انقطاعي عن الكتابة. أقول: أنا لم انقطع عن الكتابة يوما، فقد انقطعت فقط عن النشر وذلك لانشغالي بكتابي الجديد: (هل تمكن الإنسان من العثور على الله؟). وكتابي الآخر: (مكونات الإنسان) ولا أعلم متى سأنتهي منهما.

وأتقدم بخالص تحياتي للأستاذ الدكتور أحمد صبحي منصور الذي أكن له كل مودة احترام&ie;، آملا فيه أن يتقبل هو وأهل القرآن مقالي هذا بقبول حسن وبصدر رحب.

فلدي بعض التعليقات والنقد على السجال الذي دار منذ فترة بين الدكتور صبحي منصور والدكتور كامل النجار والدكتورة وفاء سلطان على صفحات موقع (الحوار المتمدن) وإن جاء تعليقي ونقدي متأخرا بعض الشيء فذلك لانشغالي فيما أكتب، فانتهزت فرصة تفرغي بالأمس لكتابة هذه المداخلة.

أبدأ مقالي ببعض الفقرات التي وردت في السجال الذي دار بين كل من الدكتور أحمد صبحي منصور، والدكتور كامل النجار، والدكتورة وفاء سلطان، وبعدها يأتي تعليقي:

قالت الدكتورة وفاء سلطان رداً على الدكتور منصور:
(تزعم بأن ما حدث من جرائم بعد موت النبي بدءا بقتل ثلاثة من خلفائكم "الراشدين" مرورا بالفتوحات الإسلامية وحتى تاريخ اليوم، لا علاقة له بالإسلام وبتعاليمه "السمحة"، وهنا يواجهنا سؤالان:
ـ هل أفهم من كلامك بأن السيرة النبوية لمحمد كانت عطرة ولا غبار عليها؟!!
ـ هل أفهم من كلامك بأن الإسلام ولد ميتا، ولم تُفلح تعاليمه في هداية أتباعه؟ وإلاّ ما الذي حققه هذا الدين؟!!
بالنسبة للسؤال الأول: هل تعرف ما معنى كلمة "غزو" وفق قاموس اللغة العربية، وهل تعرف معنى كلمة "غنم" وفق ذلك القاموس؟
لماذا أطلق نبيك على حروبه "غزوات"، ولم يطلق عليها كلمة "دفاع" طالما كانت دفاعا عن نفسه ودينه؟ ولماذا لم يسميها حروبا؟!
لو فعل ذلك لكان الأمر أكثر قبولا، فقد يضطرّ الإنسان أن يحارب دفاعا عن نفسه، ولكن لا يستطيع أن يغزو دفاعا عن نفسه!
قد يتمكن أمثالك ـ وأقول "قد" رغم أن الأمر بالنسبة لي مستحيل ـ من أن ينكروا ما قاله محمد، لكن هل يستطيعون أن ينكروا ما فعله؟!!). انتهى.

وأضافت الدكتورة وفاء سلطان قائلة:
(ترفض الأحاديث، وتنصح بالقرآن؟!! ألم يقل القرآن: (وما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى). فلماذا لم يحمِ الله ما نُطق عن الهوى؟ ولماذا لم يردع الناس عن تلفيق تلك الأحاديث التي تسيء إلى سمعة نبيه؟! على حد زعمك، لم يُلفّق عن لسان أحد في العالم من أكاذيب كما لُفق عن لسان محمد، فأين الله من حماية دينه ونبيّه؟!! لا يبقى للرجل بعد موته إلاّ سمعته، فهل أنت فخور بسمعة نبيّك؟!! ذكرت في ردك الآية التي تقول: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) هل تستطيع أن تدلني على آثار النعمة التي جاء بها الإسلام منذ أن نزلت تلك الآية وحتى اليوم؟!! وإذا كنت ترفض أن تطلق على ماتراه من جرائم ـ منذ أن مات محمد وحتى اليوم ـ إسلاما، فأين هو الإسلام الذي رضاه لكم دينا؟!! ما الحكمة من أن يرسل الله دينا ثمّ يفشل في فرض تعاليمه "السمحة" على مدى أربعة عشر قرنا؟!! الكلمة الطيبة تبقى كشجرة طيبة أصلها ثابت وفروعها في السماء، وأمّا الخبيثة فتحرق الشجر والبشر والحجر! الواقع هو مرآة الكلمة، والتاريخ الإسلامي يُثبت إن كان الإسلام طيّبا أم خبيثا، فالتجربة خير برهان! لم يبق لدينا أخضر، يا سماحة الشيخ، وما زلت ترى الخبيث طيبا؟). انتهى

وهذه بعض الفقرات من رد الدكتور كامل النجار على الدكتور صبحي منصور:
يقول د. كامل النجار:
(ويجب علينا أن نشد على يد الشيخ لأنه يملك من الشجاعة الأدبية ما يجعله يعترف بأن الفتحوحات الإسلامية كانت اعتداءً سافراً على الآمنين، عندما قال (عندما خرج الصحابة من المدينة لغزو بلاد لم تقم بالاعتداء عليهم، وحينما احتلوا تلك البلاد بعد نهب خيراتها وقتل ابنائها وسبى نسائها فان كل ما فعلوه يتناقض مع شريعة الاسلام. بل إنهم حين كانوا يعرضون على ضحاياهم الذين يغزونهم قبل الحرب أن يقبلوا واحدا من ثلاثة: إما الاسلام أو دفع الجزية أو الحرب فانهم كانوا يتناقضون مع ألف آية قرآنية تؤكد على انه لا إكراه فى الدين وأن لكل انسان حقه المطلق فى العقيدة و انه مسئول عن اختياره امام الله تعالى يوم القيامة. أى أن ما انتشر بسيف الفتوحات لم يكن الاسلام الحقيقى وانما استعمار واستيطان بالقوة أدى فيما بعد الى نشأة أديان ارضية رجعت بها الديانات السابقة الى الظهور تحت اسم الاسلام فقط.) انتهى

يعلق كامل النجار قائلاً:
(ولكن المشكلة فيما قاله الشيخ الدكتور أحمد صبحي منصور هي أن الفتوحات التي نشرت الإسلام بحد السيف لم تكن فقط ما قام به الصحابه، بل ما قام به نبي الإسلام نفسه. فقد كان يعرض على القبائل العربية الإسلام أو الجزية أو القتال والسبي. ويكفي أن نعلم أن مكة التي أبت أن تتبعه طوال السنين التي قضاها بها، وحتى السنة الثامنة من الهجرة، أسلمت في يوم واحد عندما دخلها بجيش قوامه عشرة آلاف رجل أو أكثر. فحيث فشل التبشير بالدين الجديد نجح السيف. وينسحب نفس الشيء على القبائل العربية الأخرى التي لم تحارب الرسول ولم تهاجم الإسلام ومع ذلك غزاها نبي الإسلام وحاصرها ورماها بالمنجنيق مثل قبائل ثقيف بالطائف. والروم الذين كانوا في منطقة تبوك لم يحاربوا الرسول ولم يتعرضوا للإسلام ومع ذلك غزاهم الرسول وفرض عليهم الجزية عندما رفضوا الإسلام. وفعل نفس الشيء مع نصارى دومة الجندل عندما أرسل إليهم عبد الرحمن بن عوف على رأس جيشٍ مسلم ونصحه أن يتزوج بنت مليكهم إذا أسلم. وما فعله الصحابة بعد ذلك لم يكن إلا اتباع سنة النبي العملية. فكامل النجار لايخلط بين الإسلام والمسلمين إنما يقرأ ما حدث ويحدث على أساس تطبيق ثقافة الإسلام التي تجب ما قبلها. وهذه هو القرآن يخبرنا أن الله يقسم بالخيول التي تغزو في الصباح الباكر "والعاديات ضبحا. فالموريات قدحا. فالمغيرات صبحا. أثرن به نقعا" (العاديات 1-4). فالخيول التي تغير في الصبح لم تكن خيول المدينة عندما هاجمها جيش الأحزاب في عقر دارها، بل هي الخيول التي تغير على دول الجوار التي لم تكن قد هاجمت الإسلام. وهذه هي ثقافة القرآن الجهادية).

ويضيف د. كامل النجار:
(يزعم الشيخ الدكتور أن الصحابة اخترعوا الأحاديث التي تبيح لهم غزو الآخرين وإخضاعهم للجزية، فقال (2 ـ وسنرد فيما بعد وبالتفصيل عن تناقض التشريعات بين الاسلام و المسلمين، ولكن نؤكد هنا أن تشريع المسلمين تناقض مع تشريع الاسلام لأنه قام على أساس تسويغ الفتوحات بأحاديث ضالة ينسبونها كذبا للنبى محمد عليه السلام، ومنها حديث (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله..) وهو الحديث الذى يخالف أكثر من ألف آية قرآنية تتحدث عن حرية العقيدة و تأكيد الوجه السلمى للاسلام التى اعتدوا فيها على من لم يعتد عليهم) انتهى

ويضيف كامل النجار قائلا:
(وفي محاولة لفصل سلوك المسلمين عن الإسلام، يقول الشيخ (1 ـ هناك فارق بين المبدأ وتطبيقه، فمن السهل أن تصدر الأوامر وتوضع الخطط والأفكار، ولكن تطبيقها يخضع لظروف الزمان والمكان وأهواء الانسان. يسرى هذا على النظريات والأفكار البشرية، فالشيوعية مثلا اختلفت رؤاها الفكرية بين لينين وتروتسكى، واختلفت تطبيقاتها مع الأصول الفكرية لما قاله ماركس، ثم إختلفت تطبيقاتها فيما بين الصين والاتحاد السوفيتى ويوغوسلافيا ورومانيا. الديمقراطية فكرتها واحدة ولكن تختلف تطبيقاتها فى دول أوربا وأمريكا. وحتى مصطلح العلمانية ومدى الفصل بين الدين والدولة لا يخلو من اختلاف نظرى وتطبيقى. هذا على المستوى البشرى الفكرى والعملى التطبيقى) انتهى.

ويعلق كامل النجار قائلاً:
(ما قاله الشيخ الدكتور فعلاً يسري على الأفكار أو النظريات البشرية لأن أصحابها يختلفون في مقدراتهم العقلية وفي وضوح تعبيرهم عن نظرياتهم، ولكن عندما نتحدث عن قرآن أتى من عند إله عالمٍ بكل شيء ويعرف ذكاء ونوعية الناس الذين خلقهم، فنتوقع أن يكتب أو يوحي هذا الإله قرآنه بلغة لا تقبل التأويل والاختلاف. أما أن يوحي قرآناً بلغة لا يعلم تأويلها إلا هو، أو بلغة يشرح فيها أوامره وتعليماته ومع ذلك يطبقها الناس تطبيقات مختلفة، يكون هذا الإله لا يختلف عن البشرفي شيء. ويجوز لنا أن نلومه كما نلوم ماركس أو لينين على ما يراه البعض أخطاءً في الفكر الشيوعي. وحتى البشر عندما يكتبون دساتير وقوانين بلادهم يحاولون جهدهم أن تكون مكتوبة بلغة لا تفتح مجالاً لتأويلات مختلفة تجعل من الدستور حبراً على ورق).

ويقول كامل النجار:
(يقول الشيخ الدكتور (1 ـ الاسلام أو أى دين أو أى منهج أخلاقى أو تشريعى هو مبادىء وأوامر ونواهى ونظم وقواعد كلها فى الأصل تنحو نحو ما ينبغى ان يكون. أما التطبيق البشرى فهو ما هو كائن فى الواقع من سلوكيات وأفعال. ولا يصح الخلط بين ما هو كائن وما ينبغى أن يكون.) انتهى
وحتى لو اقتنعنا أن التطبيق البشري هو ما هو كائن بينما الشرائع هي ما ينبغي أن يكون، ألا يعني عدم تطبيق هذه الشرائع الجميلة على مدى ألف وأربعمائة عام أنها شرائع رومانسية تدغدغ الحواس ولا يمكن تطبيقها، وبالتالي يكون الشارع قد خدع نفسه ورعاياه؟ وهناك مثل إنكليزي يقول عن الأشياء المرغوبة ولكن يستحيل تطبيقها، إنها "كعكة في السماء" Pie in the sky. وسوف تظل تعاليم الإسلام القليلة التي تدعو إلى حرية العقيدة ومساواة المؤمنين ببعضهم "كعكة في السماء") انتهى.

* تعليقي على ما سبق من سجال بين الدكتور منصور والدكتور كامل النجار والدكتورة وفاء سلطان على النحو التالي:

أرى أن (أهل القرآن) مشروع إصلاحي ديني فاشل، ولا أظن أن رأيي هذا سيغضب أحدا، خاصة من لديه نظر ثاقب وفكر ولب، ووصفي له بالفشل ليس مسبة أو شتيمة لأحد إنما هو: نتيجة عمل إنساني لم يوفق إلى إدراك الحق، أو إدراك الغاية المنشودة، وللفشل أسبابه وأكبر أسبابه التنازع، وقد حذر الله المسلمون الأوائل في حياة الرسول من الفشل حيث جاء في الكتاب الكريم: (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ). (46- الأنفال). والتنازع بين أهل القرآن حول آيات وكلمات ومواضيع القرآن أصبح في كل شيء وعلى كل شيء في نصوص القرآن، ولا يخفى هذا على فاقد البصر، ومقالات الموقع والتعليقات عليها خير برهان. فعدم اتفاق أهل القرآن على تبين شيء من القرآن أكبر دليل وأكبر شهادة على فشل هذا المشروع الإصلاحي الذي ابتدأه الدكتور صبحي منصور، وهذا لا يقلل من شأن الرجل ولا من شأن جهوده التي قام بها خلال سنوات عمره الطويلة. وفي رأيي الشخصي أن خلو جماعة أهل القرآن من أي منهج علمي أو عقلي يضبط بيانهم لنصوص القرآن ويضبط تطبيقه على أرض الواقع، سوف يجعلهم يتركون للأمة بعد عشرات السنين ميراثا وتراثا ضخما من التناقضات والاختلافات التي لا تقل ذرة عن التراث القديم الذي صنعه أهل السنة وأهل الشيعة، يا سيدي الدكتور المسلمون ليسوا بحاجة إلى تراث جديد فما لديهم من التراث يكفيهم لآلاف السنين في المستقبل، يا سيدي الدكتور المسلمون بحاجة إلى العقل والعلم والمنهج، فهل لديك منهج علمي لفهم نصوص القرآن يشرف عليه العقل ويضبطه. إن اختلاف جميع أهل القرآن على بيان نصوص القرآن وإدراكها يؤكد وجود خلل ما كبير يجب تداركه وإصلاحه.

فلماذا لم يذكر لنا القرآن الكريم حادثة واحدة عن أي خلاف بين الرسول وصحابته أو بين صحابي وآخر حول فهم نص من نصوص القرآن؟؟، ذلك لأن القرآن نزل بلسانهم الذي لا يريد الدكتور منصور الرجوع إليه والاحتكام له، بل ويصر على أن هناك شيء اسمه مصطلحات القرآن في القرآن، هكذا وكأن القرآن هبط من السماء بلسان الله وليس بلسان العرب البشر. ولا علم لأحد بلسان الله سوى أهل القرآن

ولقد دهشت كثيرا من قول الدكتور صبحي منصور في ردوده على كامل النجار حين قال:
(ان القرآنيين ـ هم وحدهم ـ أصحاب الحجة القاطعة ضد ذلك التيار الحنبلى السائد والطاغى لأنهم بكل بساطة يثبتون تناقض ذلك التيار المتطرف مع الاسلام فى عقائده وتشريعاته وتراثه، وبالتالى يجردونه من شرعيته وحجته التى يستطيل بها على الآخرين.). انتهي. وقال كذلك: (لأن القرآنيين متمكنون من فهم الاسلام وتراثه ومن يجادلهم فى تخصصهم بغير علم سيخسر الكثير.).

يا سيدي الدكتور من أعطاك الحق وجماعتك في امتلاك هذه الحجة القاطعة من دون الناس جميعا، بل دعني أخبرك وهذه حقيقة مؤكده، إن كثيرا من غير المسلمين ومن الملحدين يفهمون كثيرا من نصوص القرآن أكثر من فهم أهل القرآن أنفسهم، ولكن يبدوا أن أهل القرآن قاموا باختطاف القرآن كغيرهم من الجماعات السلفية، دون أن يكلفوا أنفسهم بالبحث العلمي المنهجي العقلي عن كيفية وصول القرآن إليهم، ولا عمن جاء به، ولا عمن كتبه ولا عمن جمعه، ولا عن اللسان الذي نزل به، فأهل القرآن يشككون في كل شيء سوى القرآن، يشككون في التاريخ الإسلامي، ويشككون في ما يسمى بالسنة، ويشككون في السيرة وفي الصحابة وفي السلف، ويشككون في لسان العرب، لدرجة تشعر كل من يقرأ لهم، وكأن أهل القرآن قد عثروا على هذا القرآن في بطن جبل، أو في جوف كهف، أو ربما يكون الله قد أهبطه عليهم من السماء من دون الناس. وأصبح القرآن لدى أهل القرآن، مقطوع من شجرة، لا تاريخ له ولا سيرة ولا واقع ولا أصل ولا فصل ولا قوم نزل بلسانهم. بل إن أهل القرآن يرون أن الذين نزل عليهم القرآن أول مرة كانوا عصابة من القتلة والغزاة والمحتلين، لا عمل لهم سوى السلب والنهب والغزو والاستعمار، كما يدعي بعض الشياطين الذين نجحوا في جرك يا سيادة الدكتور إلى هذه الزلة الكبيرة.

سيدي الدكتور صبحي منصور، لقد نزل القرآن الكريم كما تعلم في واقع مغاير لواقعك بكل تفاصيله ومكوناته الثقافية وآلياته المعرفية، فقام به رجال ذلك الواقع قياما أعجز طغاة البشرية إلى اليوم رغم تقدمهم المادي، وتفوقهم العسكري والتقني، وبريقهم الحضاري، أن يصنعوا معشار ما صنع أجدادك المسلمين من الصحابة ومن جاء بعدهم بفضل الإسلام، دون أن يصحبوا معهم حاملات الطائرات العملاقة، أو الغواصات التي تخترق البحار، أو القنابل النووية المدمرة، أو أسلحة الفناء الشامل، فارجع البصر يا سيادة الدكتور إلى الإمبراطورية البريطانية والإمبراطورية الفرنسية والإمبراطورية الإيطالية وآخرهم الإمبراطورية الأمريكية، وانظر إلى ما يملكون من قوة وتقدم مادي وتقني وما لديهم من بريق حضاري، رغم كل ما لديهم وكل ما يملكون لكنهم لم يستطيعوا أن يبقوا في موضع قدم في دولة واحدة من كل دول العالم الفقيرة المنهكة التي استعمروها لعشرات السنين، وأخيرا لفظتهم تلك الشعوب المحتلة والمستعمرة وبصقت عليهم، فخرجوا منها منبوذون غير مأسوف عليهم. يا سيدي لكل زمان ومكان واقعه وظروفه الثقافية والاجتماعية والمعرفية التي تفرض على أهل ذلك الواقع ما يجب أن يفعلوه. فكيف تحاكم واقعا يختلف تمام الاختلاف مع واقعك الذي تعيش فيه في كافة تفاصيله ومكوناته.

سيدي الدكتور لقد قلت في مقال سابق لي بعنوان: (العقل العربي والعقل الغربي) وأعيد القول مرة أخرى: لقد برع الغرب بالفعل وبما لا يقبل مجالا للشك وبما لا يسبق له مثيل في تاريخ البشرية في التقدم العلمي والتقني والإنساني، ولكن هل هذا التقدم التقني والمادي والتكنولوجي استطاع أن يصلح من الشخصية الغربية التي يريدون ونجحوا بالفعل في جرك لتمجيدها وتقديسها، هل استطاع ذلك التقدم وذلك التحضر أن يكف شرورها عن بقية العالم؟؟ وهل نشر الغرب السلام والأمن في العالم بين شعوبه وشعوب العالم الأخرى؟؟، لقد بدأ الغرب عصر نهضته وحضارته بالاحتلال والاستعمار لغالبية شعوب الأرض وبالإبادة الجماعية لسكان أمريكا الأصليين (الهنود الحمر) حين بدأت الإمبراطوريات الغربية في الظهور واحدة تلو الأخرى الفرنسية والبريطانية والسوفيتية والفاشية والنازية, وأخيرا وليس آخرا الإمبراطورية الأمريكية.

فعلى الصعيد الخارجي قامت هذه الإمبراطوريات الغربية باستعمار الشعوب الفقيرة والمنهكة ونهب ثرواتها وامتصاص دماء شعوبها وتسخيرهم وإذلالهم وسفك دماء الملايين ظلما وعدوانا من أبناء تلك الشعوب, وقد مكث هذا الاستعمار وامتد لعشرات السنين, وقد حدث كل هذا تحت مظلة العلم والحضارة والحرية والديمقراطية واللادينية. هذا على الصعيد الخارجي، أما على الصعيد الداخلي فقد توج الغرب عصر حضارته وعلمه وتقدمه بحربين عالميتين بدءا من عام 1914 حتى عام 1945 واللتين راح ضحيتهما عشرات الملايين من العسكريين والمدنيين وأضعافهم من الجرحى والمعاقين, فهل اكتفى الغرب بذلك وشبعت غرائزه الوحشية؟، بل قام الغرب كذلك في خلال عصر النهضة والتنوير بتطوير أبشع وأفظع أنواع الأسلحة الكيماوية والجرثومية والنووية والذرية بحيث يكفي جزء قليل جدا من هذه الأسلحة أن يبيد الأرض ومن فيها وما فيها، ويحولها إلى كومة من الرماد, وما زال هذا الفناء المحقق يملأ مخازن وزارات دفاع العالم الحر المتحضر وما زال يعمل على تطويره حتى هذه اللحظة.

لقد قامت كل الإمبراطوريات الغربية مجتمعة باحتلال الكرة الأرضية حتى لم يبق شعب من شعوب العالم ولا دولة من دول العالم إلا وقد تم احتلاله من قبل الغرب المتحضر, ورغم هذه النهضة في الغرب ورغم هذا التنوير وهذه الحضارة وهذا التقدم وهذا العلم, رغم كل هذا لم يستطع الغرب أن يبقى ويذوب في الشعوب المستعمرة أو يذوب الشعوب المستعمرة فيه, فقد قامت كل شعوب الأرض شرقية أو غربية شمالية أو جنوبية مسلمة أو غير مسلمة بلفظ تلك الحضارة الغربية والبصق عليها رغم ما كانت تحمل هذه الجيوش المستعمرة من مباهج الحياة وبريق الحضارة إلى الشعوب المغلوبة, إلا أن تلك الشعوب لم تقبل هذا الغرب الممتلئ حضارة وتقدم والخاوي من كل القيم الروحية والأخلاقية والدينية.

فقد احتلت الإمبراطورية البريطانية الهند ما يقرب من مائة عام أو يزيد ومع ذلك لم تستطع الإمبراطورية البريطانية أن تدمج الشعب الهندي في هذه الحضارة ولم يستطع الشعب الهندي أن يتقبل هذا الجسم الغريب رغم عشرات السنين التي مكثها الاستعمار البريطاني في الهند إلا أن الشعب الهندي وقائده العظيم (المهاتما غاندي) قام ببصق ولفظ هذا الاحتلال الغربي المتحضر.

وهنا ينبغي للمرء أن يقف وقفة تأمل حول هذه الظاهرة وينبغي أن يطرح عليها الكثير من الأسئلة وأهم هذه الأسئلة وأكبرها، لماذا كل شعوب العالم التي استعمرها الغرب المتحضر لم تقبل التعايش والاندماج مع الغازي الغربي رغم كل ما يحمله من قوة عسكرية ومن ترف مادي وبريق حضاري؟؟. في اعتقادي أن السبب يرجع إلى أن هذه الحضارة الغربية رغم ما معها وما فيها من قوة ومن مباهج وبريق حضاري ومادي وتكنولوجي، إلا أنها حضارة مفلسة في الجانب القيمي والروحي والديني وبالتالي لم تسمح لهم الشعوب المغلوبة بالتعايش معهم أو الاندماج فيهم.

وهنا تكمن المفارقة والتمايز بين الاستعمار الغربي وبين الغزو العربي الإسلامي، حيث إن الاستعمار الغربي لم يكن لدية أي رصيد في مجال الروح والدين والقيم الدينية حتى يستطيع من خلاله الاندماج والذوبان مع الشعوب المستعمرة، وذلك على عكس الغزو الإسلامي الذي كان لا يملك ذلك الرصيد الضخم والمذهل من القوة والعلوم والتقنية والحضارة الذي كان يمتلكه الغرب وقت استعماره لشعوب العالم، فرغم فساد الأنظمة السياسية في التاريخ الإسلامي إلا أن الغزو الإسلامي كان لديه رصيدا روحيا ودينيا ضخما استطاع من خلاله أن يندمج مع الشعوب المستعمرة ويذوب فيها وتذوب فيه، أصبحنا لا نفرق بين العربي والمصري والتركي والهندي والسوري.

وما أريد قوله هو أن العالم الغربي يختبئ وراء قوته المادية وحضارته البراقة وليس لديه ما يقدمه للناس في عالم الروح وفي عالم القيم الإنسانية والدينية للعالم الخارجي، نعم فالغرب قيمه عنصرية لا تبذل إلا للرجل الغربي الأبيض، وإن ألقى بفتات المال والطعام للعالم الخارجي فلأجل مصلحته وحسب. إن القيم الإنسانية والدينية التي يشترك فيها جميع أتباع الأديان على السواء، تلك القيم التي تردع من ظلم الآخرين، وبدونها لن يستطيع الغرب أن يندمج بحضارته مع أي من شعوب الأرض، فقد أخطأ الغرب حين ظن أن الإنسان يمكنه العيش فقط بالمادة وبريقها الحضاري، ولا أدل على ذلك مما حدث في فيتنام وما يحدث الآن في أفغانستان والعراق وفلسطين.

سيدي الدكتور منصور، لقد ادعى بعض الشياطين ممن يرتادون موقعك وأن تعلمهم جيداً: أن الإسلام والفتوحات الإسلامية قد أجبرت أهل تلك البلدان على اعتناق الإسلام عنوة وكرها وبحد السيف، وهذا ادعاء باطل. وإلا كيف تفسر لي وجود وانتشار كثير من أهل الكتاب اليهود والنصارى في شتى البلدان التي فتحها المسلمون بالآلاف وعشرات الآلاف ومئات الآلاف بل والملايين كما في بعض البلدان كمصر مثلا، فمصر يوجد بها حوالي عشرة ملايين مسيحي حسب إحصاءات بعض الأقباط أنفسهم، فالمسيحيون واليهود اليوم منتشرون في كل البلدان العربية والإسلامية وكما هم على دياناتهم، وتنتشر معابدهم وكنائسهم التراثية الممتد تاريخها إلى مئات السنين قبل ظهور الإسلام، فلم يتعرض لها المسلمون بالهدم أو الإزالة حتى في أشد عصور الدولة الإسلامية همجية وتطرف وتخلف، فمثلا في بلدتي (القوصية) التابعة لمحافظة أسيوط يتواجد الدير المحرق والذي يرجع تاريخه لأكثر من ألفي عام حسب ما قيل لي وقد زرت هذا الدير أكثر من مرة، وهو دير يمتد على مساحة شاسعة من الأرض التابعة له والتي تقدر بحوالي 3000 فدان حسبما ذكر لي بعض أصدقائي المسيحيين، بل إن القرية التي يتواجد فيها ذلك الدير تحمل اسمه (قرية الدير المحرق) وفي مصر مئات الكنائس والأديرة التي يعود تاريخها لمئات السنين وباقية كما هي شامخة بأبراجها وأجراسها الضاربة في عنان السماء والتي يستطيع كل الناس أن يروها أثناء تواجدهم في وسائل المواصلات كالمترو والطائرة والسيارة والماشي على قدميه في محافظة القاهرة والإسكندرية و أسيوط ومرسى مطروح وكل محافظات مصر، وكذلك في معظم البلدان العربية كسوريا ولبنان وتونس والمغرب والجزائر والكويت وليبيا وفلسطين والأردن والعراق وتركيا وغيرها من البلدان، وهنا يحق للمتسائل أن يسأل لماذا أبقى المسلمون الغزاة الناشرون دينهم بحد السيف كما يزعمون الشياطين والذين فتحوا مصر وغيرها من البلدان، لماذا أبقوا على أهل هذه البلدان الأصليين ولم يغيروا دياناتهم بالقوة ولم يهدموا معابدهم وكنائسهم كما يدعي الشياطين ظلما وتلفيقا وحقدا؟ ولماذا لم يقوموا معهم بعمليات التطهير العرقي كما فعل مسيحيوا الأندلس مع المسلمين حين طردوهم منها؟ أليس سؤالا مشروعا يحتاج إلى إجابة عادلة؟

يا سيدي الدكتور لقد أنصف القمص زكريا بطرس تاريخ المسلمين أيما إنصاف، وهو من أكبر المناوئين للإسلام والمسلمين، في الوقت الذي تخذله أنت وأتباعك وتتبرؤوا منه بل وتشعرون بالخجل تجاهه. وأقدم لسيادتك شهادة شاهد من أهلها: يقول القمص زكريا بطرس في كتابه (تاريخ انشقاق الكنائس) حول نتائج انشقاق الكنائس ما يلي: (كان نتيجة لهذا الانشقاق أن اضطهد قياصرة القسطنطينية الكنيسة المصرية وذلك لأن أولئك الأباطرة كان من مصلحتهم أن لا يكون هناك انشقاق في إمبراطوريتهم ولذلك حاولوا بشتى الطرق أن يثنوا الكنيسة المصرية عن إيمانها ولكن باءت محاولتها بالفشل وأخيرا أرسل أولئك الأباطرة بطاركة من قبلهم إلى الإسكندرية ليحلوا محل البطاركة الأقباط وعرف أولئك البطاركة المعينين من قبل الملك بالبطاركة "الملكيين" وطبيعي كانوا من أنصار مجمع خلقيدونية).ثم يتابع القمص زكريا بطرس كلامه قائلا :(وبهذا أصبح في مصر بطريركان أحدهما يختاره الأرثوذكس الأقباط والآخر يرسله القيصر ليكون بطريركا للملكيين. وكان الأقباط يرسمون بطريركهم سراُ وكان لا يسمح لهم بدخول الإسكندرية. وظل الحال على هذا الوضع حتى دخول العرب "المسلمون" مصر. وتخلص الأقباط من سلطة الرومان وبطاركة الروم الملكيين). انتهى كلام القمص ذكريا بطرس.
http://www.servant13.net/history/index.htm
أليست هذه شهادة حق أنطقها الله على لسان أكبر المناهضين والحاقدين على الإسلام في وقتنا الحالي؟ حيث شهد بأن الذين حرروا الأقباط من ظلم واضطهاد الرومان المسيحيين أبناء دينهم كان المسلمون والفتح الإسلامي لمصر.

لقد أحاط أهل القرآن، (القرآن الكريم) بهالة من القداسة الإلهية تحول معها القرآن إلى وثن يعبده أهل القرآن من دون الله، بل أصبح القرآن لدى أهل القرآن ديناً لا يمثل إلا ذاته، ولم يستطع أحد في تاريخ الإسلام تمثيل القرآن أو الإسلام على أرض الواقع وفق رأي الدكتور منصور، ولا حتى النبي الذي جاء به، كما جاء ذلك في إحدى مقالات الدكتور صبحي منصور بعنوان: (النبي نفسه لا يجسد الإسلام فكيف بالمسلمين؟). وإذا كان دين الإسلام الذي نزل به القرآن لم يمثله أحد على أرض الواقع قط، لا أتباعه المسلمين، ولا حتى نبيهم الذي نزل عليه القرآن من السماء، فمن يا ترى سيقوم بتمثيل القرآن على أرض الواقع؟؟. (أهل القرآن الدكتور منصور وجماعته)؟؟ وإذا كان القرآن لا يمكن لأحد تمثيله ولا تمثيل الدين الذي نزل به، فما فائدة نزوله إذاً؟؟ بل ما فائدة تلاوة القرآن وقراءته؟؟. بل ما فائدة نزوله من السماء أصلاً؟؟، وإذا كان الله في سابق علمه يعلم أن أحداً لا يستطيع تمثيل القرآن ولا تمثيل الإسلام واقعاً على الأرض، فما حكمته سبحانه في إنزال كتاب عصي على امتثال البشر بكتاب كهذا؟؟.

سيدي الدكتور منصور، القرآن كتاب ليس كما يتخيله معظم الناس، كتاب إلهي بمعنى أن مكونات هذا الكتاب إلهية لا يمكن لبشر الوصول لبيان حقيقة أحكامه أو امتثال تعاليمه، يا سيدي إن الكتب والرسالات الإلهية، أو ما يسميها الناس بالكتب والرسالات السماوية، أو الكتب المقدسة، هي رسالات وكتب لم تنزل من السماء بكلماتها وحروفها ومعانيها عل الإطلاق، وليست تلك الرسالات إلهية بمعنى أن الله تكلم بها أو نزلت بلسان الله، وليست مقدسة كما يعتقد الكثير من الناس جهلا منهم وظنا، إنما الكتب الإلهية أو السماوية هي كتب كتبها الرسل والأنبياء بأيديهم وبلسان قومهم. والقرآن بكلماته المكتوبة المقروءة ومعانيه المفهومة كلها أفعال بشرية محضة، كتبه النبي محمد وصاغها بلسانه العربي البشري نقلا عن الوحي الذي قذفه الله في قلبه، وقد فصلت هذا الموضوع تفصيلا دقيقا وافيا في كتابي: (هل تمكن الإنسان من العثور على الله) والذي سوف أنشره قريبا. سيدي الدكتور مصلحة الإنسان أي إنسان وحقوقه مقدمة على حقوق القرآن وحقوق الله لو أدركنا القرآن وتبيناه حق البيان.

أستاذي وسيدي الدكتور صبحي منصور ما يحزنني حقاً، أن شخصا بحجم الدكتور منصور، استطاع الشياطين من أذناب الغرب وعبيده، بل نجحوا في جرك إلى التبرؤ من تاريخك الإسلامي، بل نجحوا في جرك إلى سب ولعن من كان سببا في اعتناقك لهذا الدين الذي تدين به الآن (الإسلام)، وما يزيدني ألما وحزنا أن بعضا من هؤلاء الشياطين يرتادون موقعكم ويكتبون فيه تحت لافتات عريضة يغنون بها على ليلاهم.

ما كان ظني قط أن ينجر الشيخ العجوز المخضرم الدكتور منصور إلى ذلك الشراك أو الفخ الذي نصبه له الشيطان الذي يقطن موقع أهل القرآن منذ البداية، بمكره وخبثه ودهائه، حتى طفق على الشيخ من خناجر الوفاء، وشواكيش النجار، ذلك الشيطان الذي لا تخفى عوراته ومثالبه على كل ذي بصر وبصيرة من قراء مقالاته، ذلك الشيطان الذي يقول في كل (كتاباته) للإنسان اكفر. وحين يكفر الإنسان يقول الشيطان إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين. فهل من المعقول أن الدكتور منصور لا يرى ذلك الشيطان كما يراه هو وقبيله؟. لا أظن.

الجميع يسمع بالنظرية التي تقول: (الهجوم خير وسيلة للدفاع). إلا أن إخواني أهل القرآن وعلى رأسهم الدكتور منصور قاموا بإحداث نظرية جديدة تقول: (الهروب والتنصل والتبرؤ من التاريخ الإسلامي ورجاله ومن الصحابة ومما روي عن الرسول من أحداث وأقوال والهجوم على كل هذا، هو خير وسيلة للدفاع). بل لقد وصل الأمر إلى أن قال الدكتور منصور في إحدى مقالاته -كما سبق وأن ذكرت- أن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام: (لا يمثل الإسلام). وإذا كان الأمر كذلك، وإذا كان النبي لا يمثل الإسلام، وإذا كان صحابته من بعده لا يمثلون الإسلام، بل وإذا كان جميع من انتسبوا إلى الإسلام لا يمثلون الإسلام فمن يمثله إذاً؟؟ أهل القرآن وحسب؟؟.

وبهذا يكون الدكتور منصور وبعض مريديه من السذج وقليلي العلم والإدراك بل محترفي الهتاف بحق وبباطل، قد وقعوا في شراك وفخ لم يسبقهم إليه أحد من أمم الأرض قاطبة، إذ لم نسمع ولم نتلوا قط أن أحدا من شعوب الأرض تبرأ من تاريخه ورجاله ونبيه الذي مازال يؤمن به. فالولايات المتحدة الأمريكية ما تزال تفخر بتاريخها الدموي مع الهنود الحمر حتى الآن وترفض الاعتذار عنه، والفرنسيين ما زالوا يفخرون بتاريخهم الاستعماري ويفخرون به، ويرفضون الاعتذار عنه، والجزائر التي قتل الفرنسيون فيها أكثر من مليون شخص خير شاهد. بل وإن أعجب فعجبي من بعض من ينتسبون إلى الإسلام في موقع أهل القرآن يسب ويلعن من جاء بالإسلام وأدخله إلى مصر، بل والعجب الأكبر أن هؤلاء الأشخاص مازالوا يتمسكون بالإسلام ويدافعون عنه في الوقت الذي يلعنون اليوم والشخص الذي أدخل الإسلام إلى بلادهم فتحا أو غزوا. فهل كان عمرو بن العاص هذا العربي البدوي لولا الإسلام هل كان يفكر أو يخطر له يوما على بال أن يجهز جيشا ويذهب به إلى مصر ليغزوها أو يفتحها لولا الإسلام؟؟. كفاكم جلدا للذات، كفاكم جلدا للذات.

إن طائفة أهل القرآن في نظريتهم التي ما سبقهم إليها أحد قط في تاريخ الشعوب، يؤكدون أن التاريخ الإسلامي كله لم يأت بخير على الإطلاق للبشرية، بل ليس لرجل واحد من رجال الإسلام الأوائل فضيلة ولا منقبة، بل لم يوجد في التاريخ الإسلامي كله منذ مبدأه وحتى منتهاه شخصا واحدا استطاع أن يمثل الإسلام أو يفهم الإسلام أو يعبر عن الإسلام حتى الرسول محمد عليه الصلاة والسلام نفسه. كما زعم الدكتور منصور في إحدى مقالاته.

أهذا ما استطاع أهل القرآن أن يقدموه للإسلام، وماذا أبقى الشيخ منصور وجماعته لغير المسلمين حتى يقدموه إلى للإسلام؟؟؟؟؟؟؟.

اجمالي القراءات 34178